السبت 21 ديسمبر 2024 الموافق 19 جمادي الثاني 1446 هـ

العدل خلق عظيم لا يعرفه الغلاة

18 ربيع اول 1439 هـ


عدد الزيارات : 14750
موقع على بصيرة


لتحميل الملف كاملاً.. اضغط هنا


 

العدل في اللغة:

العَدْل: ما قام في النفوس أَنه مُسْتقيم، وهو ضِدُّ الجَوْر. وعَدَل عليه في القضيَّة، فهو عادِلٌ، وبَسَطَ الوالي عَدْلَه ومَعْدِلَته. وفي أَسماء الله سبحانه: العَدْل، هو الذي لا يَمِيلُ به الهوى فيَجورَ في الحكم، والعَدْلُ: الحُكْم بالحق، يقال: هو يَقْضي بالحق ويَعْدِلُ. وهو حَكَمٌ عادِلٌ: ذو مَعْدَلة في حكمه. والعَدْلُ من الناس: المَرْضِيُّ قولُه وحُكْمُه. وقال الباهلي: رجل عَدْلٌ وعادِلٌ جائز الشهادةمادة (ع د ل) لسان العرب..

 

العدل في الاصطلاح:

كل تعريفات العدل لا تخرج عن المعنى اللغوي، فمما جاء في تعريفه:

  • العدل: هو الصراط المستقيم المتوسط بين طرفي الإفراط والتفريط المُومَى به إلى جميع الواجبات في الاعتقاد والأخلاق والعبوديةالإتقان في علوم القرآن للسيوطي (3/182)..
  • العدل: هو محافظة الشيء على الحدِّ الذي جُعل له، ووضعُه موضعَهتأويلات أهل السنة لأبي المنصور الماتريدي (4/401)..
  • العدل: القسط اللازم للاستواء، أي استعمال الأمور في مواضعها، وأوقاتها ووجوهها، ومقاديرها من غير سرف ولا تقصير أو تقديم وتأخيرتهذيب الأخلاق للجاحظ، ص (24)..

 

العدل قيمة عظيمة:

العدل قيمة ثابتة في المجتمع الرباني وحاجة أساسية، بغيابه تختل الموازين وتضيع الحقوق، وهو ركن أصيل في أخلاق المسلم، ليقوم بأداء الأمانة التي يحملها، قال تعالى: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا﴾[الأحزاب: 72]. قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: "إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة"مجموع الفتاوى (28/63).، ويقال: الدنيا تدوم مع العدل والكفر، ولا تدوم مع الظلم والإسلام.

 وإنّ المجاهد هو أَولى الناس بهذا الخُلُق، ذلك أنّه يعرض للعالم صورة الداعية إلى الله المدافع عن دين الله، ولا سيّما أنّ الجهاد هو لتحقيق العدل أساسًا، ولإخراج النّاس من عبادة العباد الى عبادة ربّ العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فلا بدّ من أن يكون المجاهد في سبيل الله متصفًا بهذا الخلق الرفيع، مبتعدًا عن الظلم.

فالمسلم مطالبٌ بالعدل لأنّ الربَّ الذي يعبده والذي بيده ملكوت السماوات والأرض متصفٌ بالعدل، بل وحرَّم الظلم على نفسه، كما جاء في حديث أبي ذر رضِي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: (يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا)صحيح مسلم: (2577)..         

وقال جل شأنه: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾[الأنعام: 115]. قال ابن كثير: "فكلّ ما أخبر به فحق لا مريةَ فيه ولا شكّ، وكلّ ما أمر به فهو العدل الذي لا عدلَ سواه"تفسير ابن كثير: (3/322)..

والعدل أمر الله لعباده وللدعاة إليه، قال سبحانه: ﴿فَلِذلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ﴾[الشورى:15]. وقال تعالى: ﴿فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾[المائدة:42].

وقال جل جلاله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾[النحل:90]. وقال سبحانه: ﴿قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ﴾[الأعراف: 29]. وقال عز شأنه: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾[النساء: 58].

من أجل ذلك ألقى الإسلام مسؤولية تحقيق العدل ودفع الظلم على جميع المسلمين، فقال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوا الظَّالِمَ فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّه بِعِقَابٍ مِنْهُ)رواه الترمذي (2168)، وصححه الألباني. وقد بشَّر النبي -صلى الله عليه وسلم- العادلين والمقسطين في هذه الدنيا بالفوز والفلاح يوم القيامة، فعن عبد الله بن عمرو قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ، عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا)صحيح مسلم: (1827)..

 

عموم العدل:

وتطبيق العدل لا يكون على المسلمين فحسب، بل يجب أن يطبق المسلم والمجاهدُ العدلَ على جميع الناس، فيشمل حتى العدو الـمُبْغَض، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾[المائدة:8]. قال ابن عاشور: "وذلك أنّ العدل هو ملاك كبح النّفس عن الشهوة وذلك ملاك التّقوى"التحرير والتنوير: (6/136)..

وقال تعالى: ﴿وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾[المائدة:2].

 

العدل يشمل غير المسلمين:

 وكان من عدل الإسلام أن شرَّع للمسلمين التعامل الحسن مع غير المسلمين، ونهاهم عن ضدِّه، قال تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾[الممتحنة:8]. وفي الحديث عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا)البخاري: (6914)..

 

العدل يشمل جميع فئات المجتمع:

 العدل يشمل القريبَ والبعيدَ، والنفسَ أيضًا، والله سبحانه يحذّرنا من مغبَّة الجور في هذه المواطن، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾[النساء:135].

 

العدل يشمل الغني والفقير والشريف والوضيع:

 في قصة المرأة المخزومية التي سرَقت، مثالٌ لعدل الإسلام مع الجميع، وأنّهُ لا عاطفةَ فيه، فلا يتأثر بجنسيّة أو عرق أو نسب، فعَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الَّتِي سَرَقَتْ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ، فَقَالُوا: مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالُوا: وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، حِبُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأُتِيَ بِهَا رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَلَّمَهُ فِيهَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ؟، فَقَالَ لَهُ أُسَامَةُ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللهِ، فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ، قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاخْتَطَبَ، فَأَثْنَى عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمِ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمِ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَإِنِّي وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا، ثُمَّ أَمَرَ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ الَّتِي سَرَقَتْ فَقُطِعَتْ يَدُهَا)صحيح البخاري: (3475)، صحيح مسلم: (1699)..

 

العدل يشمل حالتي السلم والحرب:

 فالعدل في الإسلام لا يقتصر على حالتي السلم والرضا، بل العدل كذلك في حالات الرضا والغضب والسلم والحرب، قال الله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾[البقرة:190]. فالجهاد لا يعني بحال من الأحوال الاعتداء ومجاوزة العدل.

 

العدل في حالة الغضب:

"فالعدل هو التوسط في الأمور بين طرفيْ الإفراط والتفريط في حال الغضب وحال الرضا، فلا يستفزّه الغضب فيجور على من يغضب عليه أو مطلقًا، بحيث يسلبه غضبه من تمييزه الحق من الباطل، ولا يميل به رضاه عمن يحكم له أن يجور على خصمه، أو مطلقًا بحيث يسلبه رضاه النباهة عن المحقّ من المبطل فيكون فعله تبعًا للنفس لا للحق، وهذا أمر عزيز استواء المرء في حالتي رضاه وغضبه"التنوير شرح الجامع الصغير، الأمير الصنعاني: (5/147)..

وقد كان من دعائه عليه الصلاة والسلام: سؤال الله -تعالى- التوفيق لقول الحق في الرضا والغضب: (اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ، وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ، أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الْوَفَاةَ خَيْرًا لِي، اللَّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ، وَأَسْأَلُكَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَأَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ، وَأَسْأَلُكَ قُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضَاءَ بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَأَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ)رواه النسائي برقم (1305)..

 

صور من عدل المسلمين:

من أمثلة عدله صلى الله عليه وسلم: معاملته لصفوان بن أُمية، وذلك بعد فتح مكة، حين توجَّه إلى حُنين، وكان صفوان آنذاك مشركًا، واحتاج الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى بعض الدروع للقتال في حُنين، وكان صفوان من تجَّار السلاح في مكة، فما كان من الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أن قال: (يا صَفوانُ، هل عندَكِ من سلاحٍ؟ قال: عَارِيَّةً أم غصباً؟ قال: لا، بَلْ عاريَّةٌ، فأعاره ما بين الثلاثين إلى الأربعين دِرعًا، وغزا رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- حُنينًا، فلما هُزِمَ المشركون جُمِعَتْ درُوعُ صفوانَ، ففَقَدَ منها أدراعًا، فقال رسولُ الله -صلَّى الله عليه وسلم- لصفوان: إنَّا قَدْ فقَدْنا مِنْ أدراعِكَ أدراعًا، فهل نَغْرَمُ لكَ؟ قال: لا يا رسولَ الله، لأن في قلبي اليوم ما لم يكن يومئذ)أخرجه أبو داود (3563) وحسّنه الأرنؤوط. والعاريَّة -بتشديد الياء وقد تخفَّف-أي: مردودة والمعنى أستعيرها وأردها. وقوله: "لأنّ في قلبي اليوم ما لم يكن يومئذ" أي: في قلبي اليوم من الإسلام. قال أبو داود: "وكان أعاره قبل أن يُسلم ثم أسلم"..

فلم يأخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه الدروع من صفوان قهرًا ولا ظلمًا، رغم أنه كان مهزومًا مقهورًا في ذلك الوقت من فتْح مكة، ومع أنّه كان ما يزال على شركه وكفره، إلا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- طلَب منه هذه الدروع على سبيل الاستعارة.

ومن أمثلة العدل: "أنه لما جمع هِرَقلَ للمسلمين الجموع، وبلغ المسلمين إقبالهم إليهم لوقعة اليرموك، ردّوا عَلَى أهل حمص ما كانوا أخذوا منهم منَ الخراجأصل الخراج: ما يخرج من الأرض، ويطلق على الأجرة والإتاوة أو الضريبة التي تؤخذ من أموال الناس على الغلّة الحاصلة من الشيء، كغلة الدار أو الدابة أو العبد. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "الخراج بالضمان". وللخراج معنيان، عام وهو: الأموال التي تتولى الدولة جبايتها وصرفها في مصارفها، كالجزية وغيرها.  وخاص وهو: الوظيفة "الضريبة" التي يفرضها إمام المسلمين على الأرض الخراجية النامية.وقالوا: قَدْ شغلنا عن نصرتكم والدفع عنكم، فأنتم عَلَى أمركم، فقال أهل حمص: لَولايتُكم وعدلُكم أحبُّ إلينا مما كنّا فيه منَ الظلم والغشم، ولندفعَنَّ جندَ هرقل عن المدينة مع عملكم، ونهض اليهود فقالوا: والتوراة لا يدخل عامل هرقل مدينة حمص إلا أن نُغلب ونُجهد، فأغلقوا الأبواب وحرسوها وكذلك فعل أهل المدن الَّتِي صولحت منَ النصارى واليهود، وقالوا: إن ظهر الروم وأتباعهم عَلَى المسلمين صرنا إِلَى ما كنا عَلَيْهِ، وإلا فإنّا عَلَى أمرنا ما بقي للمسلمين عدد، فلما هزم اللَّه الكفرة وأظهر المسلمين فتحوا مدنهم وأخرجوا المقلسين فلعبوا وأدوا الخراج"فتوح البلدان للبلاذري، ص (139)..

فأيُّ عدلٍ هذا الذي رأوه من المسلمين! وما هذا الذي دفع المسلمين إلى إعادة أموال الخراج بعد أن أخذوها! إنه الإسلام وحده.

ومنها: "لما استخلف عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيزِ وفد عَلَيْهِ قوم من أهل سمرقند فرفعوا إليه أنّ قتيبةَ دخل مدينتهم وأسكنها المسلمين عَلَى غدر! فكتب عُمَر إِلَى عامله يأمره أن ينصب لهم قاضيًا ينظر فيما ذكروا، فإن قضى بإخراج المسلمين أُخرجوا. فنصب لهم جُميع بن حاضر الباجي، فحكم بإخراج المسلمين عَلَى أن ينابذوهم عَلَى سواء، فكرِهَ أهل مدينة سمرقند الحرب وأقرّوا المسلمين فأقاموا بَيْنَ أظهرهم"المصدر السابق، ص (407)..

هذا هو عدل الإسلام يعمُّ الحياة برمّتها، فلا مداهنةَ لقوي، ولا جورَ على عدو، ولا تغاضي عن ظلم في الحرب وتراخٍ وشططٍ في السلم. ولذلك كان العدل سببًا في دخول الناس في الإسلام أفواجًا وفتح الكثير من البلاد وسيادة المسلمين.

 

حرمة الظلم:

عن أبي ذرٍّ الغفاري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربّه عز وجل أنه قال: (يا عبادي! إنِّي حَرَّمتُ الظُّلْمَ على نفسي، وجعلتُهُ بينكُمْ مُحَرَّمًا فلا تَظَالموا...)"صحيح مسلم (2577)..

لقد نزَّه الله -سبحانه وتعالى- نفسه عن الظلم، وحرَّمه على نفسه، لأنَّه مُنافٍ لكماله جلَّ وعلا، وكذلك حرمَّه على عباده، ونهاهم عن التظالم فيما بينهم، وذلك بسبب عواقبه السيئة على أنفسهم ومجتمعاتهم، فما ظهر الظلم في مجتمعٍ إلا وتداعى بنيانه وأخذه الله بعذابٍ شديدٍ، قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾[هود:102].

ولذلك حذَّر الإسلامُ من اتباع الهوى وعنّف القاسطين وهم الظالمين الجائرين المعْتَدين المتَعَدّين لحدود الله، قال الله عزَّ وجلَّ: ﴿وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا﴾[الجن: 15]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: وَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ، وَاثْنَانِ فِي النَّارِ، فَأَمَّا الَّذِي فِي الْجَنَّةِ فَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ، وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَجَارَ فِي الْحُكْمِ، فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ)رواه أبو داوود (3573) وصححه، والترمذي (1322)، وابن ماجة (2315)..

وقال صلى الله عليه وسلم: (المسلمُ أَخو المسْلِم، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يُسْلِمُه، وَمَنْ كَانَ في حَاجَةِ أَخِيه كَانَ اللَّهُ في حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عن مسلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً من كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)البخاري (2310)، مسلم (2580) عن عبد الله بن عمر.وقد عقد الإمام النووي بابًا في كتابه "رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين" سمّاه: "باب تحريم الظلم والأمر بردِّ المظالم".

الجَوْر من صفات الخوارج والغلاة:

الجور لغة: نقيضُ العَدْلِ، جارَ يَجُورُ جَوْراً. وقوم جَوَرَةٌ وجارَةٌ أَي ظَلَمَةٌ. والجَوْرْ: ضِدُّ القصدِ. والجَوْرُ: تركُ القصدِ في السير، والفعل جارَ يَجُورُ، وكل ما مال، فقد جارَلسان العرب، مادة: (ج و ر)..

الجور اصطلاحًا: الخروج عن الاعتدال في جميع الأمور والسرف والتقصير، وأخذ الأموال من غير وجهها، والمطالبة بما لا يجب من الحقوق الواجبة، وفعل الأشياء في غير مواضعهاتهذيب الأخلاق للجاحظ، ص (28)..

ومن صور جور الغلاة في عصرنا: ما نراه من تصرفات تنظيم (القاعدة) وفروعها، وتنظيم (داعش)، من الحكم على العديد من المسلمين وقادة المجاهدين بالرِّدَّة والكفر، وقتلهم وتعذيبهم بشُبهاتٍ واهيةٍ لا تُعدُّ مِن أسباب الكفر، وكذلك الجور في تطبيق الأحكام والحدود الشرعية، والحكم بمصادرة أموال النّصارى وممتلكاتهم.

- الحكم على المسلمين بالكفر والردة:

إنّ قضية التكفير من المسائل العظمى التي أساء الغلاة فهمها، على الرغم من أنّ العلماء قد وضعوا لها ضوابط كثيرة تجنب الوقوع في الإفراط والتفريط، لما لها من آثار خطيرة على أكثر من مستوى. ويُقدِّم كلٌ من تنظيميْ (القاعدة) و (داعش) وما خرج منهما نموذجًا عن سوء فهم قضية التكفير وسوء فهم الأحكام الشرعية وضوابطها وطريقة تطبيقها، فهم قد حكموا على بلاد المسلمين وديارهم بأنها ديار كفر وردّة، وحكموا على العديد من المسلمين وقادة المجاهدين بالرِّدَّة والكفر، بشُبهاتٍ واهيةٍ لا تُعدُّ مِن أسباب الكفر، كالتّعامل مع الكتائب الأخرى المخالفة لهم، أو موالاة الكفّار، ونحو ذلك. ثمّ انتقلوا من هذا الحكم إلى استحلال الدماء المعصومة بالقتل والتعذيب.

وإذا ما عُدنا إلى ما يُسمّى بـ (دولة العراق الإسلامية) نجد أنّ أميرها (أبا عمر البغدادي) يحكم بالردَّة على المجلس السياسي للمقاومة العراقية الذي يتكون من (الجيش الإسلامي) في العراق، و(جماعة أنصار السنة – الهيئة الشرعية)، و(الجبهة الإسلامية للمقاومة العراقية -جامع)، و(حركة المقاومة الإسلامية –حماس العراق). ويوجّه إليهم خطابًا في كلمته الصوتية (وعد الله) يقول فيه: "فإن أبيتم التوبة قبل القدرة عليكم فوالله لَقتلُ المرتد أحبُّ إليّ من مئة رأس صليبية، وقد علمتم قوّة بأسنا وطول ذراعنا، وأن عباءة الرافضي وخشبة صليب المحتل لن تجدي لكم نفعًا"

وكذلك جاء في كلمة المتحدث باسم تنظيم (داعش) (أبي محمد العدناني) (يا قومنا أجيبوا داعي الله) يقول: "نجدّد دعوتنا لجنود الفصائل في الشام وليبيا، ندعوهم ليتفكّروا مليًّا قبل أن يُقدموا على قتال الدولة الإسلامية التي تحكم بما أنزل الله، تذكّرْ أيها المفتون قبل أن تُقْدِمَ على قتالها أنّه لا يوجد على وجه الأرض بقعةٌ يُطبق فيها شرع الله والحكم فيها كلّه لله سوى أراضي الدولة الإسلامية، تذكّرْ أنّك إن استطعت أن تأخذ منها شبرًا أو قريةً أو مدينةً سيُستبدلُ فيها حكم الله بحكم البشر، ثم اسأل نفسك، ما حكم مَنْ يستبدل أو يتسبّب باستبدال حكم الله بحكم البشر؟ نعم، إنّك تكفر بذلك، فاحذرْ، فإنك بقتال الدولة الإسلامية تقعُ بالكفر من حيث تدري أو لا تدري" وقد نشرت (مجلة دابق) بعد كلمة (العدناني) مقالًا بعنوان: (هل محاربة الخلافة ردّة؟) أكّدت فيه هذا الحكم الجائر، ووصفت الفصائل المجاهدة بالطوائف الممتنعة عن تطبيق الشريعة!

وكذلك جاء في كلمة (أبي محمد العدناني) (الرائد لا يكذب أهله) قوله: "إنّ دولة الإسلام في العراق والشام تعلن أن الائتلاف والمجلس الوطني مع هيئة الأركان والمجلس العسكري هي طائفة ردّة وكفر، وقد أعلنوا حربًا ضد الدولة الاسلامية، لذا فكلّ من ينتمي لهذه الكيانات فهو هدفٌ مشروعٌ لنا في كل مكان، مالم يُعلن على الملأ تبرؤه من هذه الطائفة وقتال المجاهدين".

واعتبرت (داعش) الجيش الحرّ طائفةَ ردّة بإطلاق، واستباحت أموال جنوده ودماءهم، فقد جاء في مجلة (دابق)، العدد العاشر، رمضان، 1436هـ في سياق الحديث عن فصائل الجيش الحر: "ثمّ بعد ذلك هو وكبار قادته يتعاونون مع الجيش الحر المرتد".

وكذلك حكمت (داعش) بالردّة على (جبهة النصرة-جبهة فتح الشام) شريكتها في الطريق والفكر والأدبيات، وعلى ثوار ومجاهدي ليبيا، وعلى (حركة حماس) و(كتائب عز الدين القسام) في فسلطين، فقد سرد (أبو عمر البغدادي) في تسجيلٍ له عددًا من نواقض الإسلام التي وقعت فيها (حماس)، ذكر منها: "دخول العملية السياسية في ظل دستور وضعي، والاعتراف الضمني بإسرائيل، وإظهار احترام قرارات الأمم المتحدة، والتحالف مع الأنظمة العربية المرتدّة، وعدم الحكم بالشريعة بعد التمكين في غزة، وإطلاق حرمة الدم الفلسطيني"بيان بعنوان: الدين النصيحة، مؤسسة الفرقان..

وتتبنى (جبهة النصرة-جبهة فتح الشام) الحكم ذاته، وليس هذا غريبًا منها، فهي التي خرجت من رحم (دولة العراق الإسلامية)، وتبنّى (أبو محمد الجولاني) الأدبيات ذاتها، فقد قال عند قدومه إلى سورية: "وما وددت الخروج من العراق قبل أن أرى رايات الإسلام تُرفع خفَّاقة عاليةً على أرض الرافدين، لقد تشرفت بصحبة العديد من أهل الصلاح بالعراق نحسبهم كذلك، لإعلان كلمة الله تحت راية دولة العراق الإسلامية".

ولذلك عملت (جبهة النصرة) على شيطنة الثوار والفصائل، ثم تكفيرهم والاعتداء عليهم، وهي بذلك تنحو نحو (داعش)، ولكنها تدير عملياتها بدهاء، وقد دعا (أبو فراس السوري) مسؤول المعاهد الشرعية والناطق الرسمي السابق في (جبهة النصرة) في مقال له إلى قمع المخالفين للجبهة الذين وصفهم بالمرتدين العملاء الرويبضة، ووصف كل من يرفع علم الثورة السورية بـالطُغام، وشنّ هجومًا على الفصائل الثورية، واتهما بالترويج لمشاريع الكفّار والمرتدين والتسويق لها، كما وصف -في مقال آخر- (ميثاقَ الشرف الثوري) الذي أصدرته الفصائل الثورية بـالضلالات. وقال: "إن هذا الميثاق لم يتمَّ إصداره إلا استجابةً لأنظمة الكفر والردة".

يقول (أبو فراس السوري) في مقاله (أنا النذير العريان): "يخادعون الناس ويقولون (مشروع أمّة) ثم يفسّرون ذلك إذا اضطروا إلى مشروع سوريا فقط ترابًا وثوّارًا، وأخشى أن يأتي الوقت الذي تختصر فيه الأمّة إلى مدينة كذا أو مذا، إنّ هذا التلاعب للوصول إلى تحسين أطروحات أهل الكفر والردة، الذي يقوم به السمَّاعون ليقدموها عن طريقهم بشكل أطروحة إسلامية، فيحسنونها ويقدّمونها وكأنّهم هم أصحابها، وفي الحقيقة ما هم إلا رسلٌ للمرتدين! وفي أحسن الأحوال ببغاوات يردّدون أطروحات المنافقين والمرتدين، يجعل هؤلاء السمَّاعين جزءً من الحرب على الإسلام ... فالملاحظ أنّه في كل مرة يقبل السمَّاعون كلام المنافقين والكافرين والثقافات والفلسفات والأطروحات الوافدة ويصنعون ذات أنواط ... ولم يكن لمشاريع الكفر أن تنفذ إلينا إلا عبر السمَّاعين، لا عبر طابور المرتدين العلمانيين والليبراليين اللادينيين وأحزابه".

وبالرجوع إلى أدبيات ومنتجات زعماء القاعدة وقادتها طيلة السنوات السابقة بشتى فروعها في أفغانستان والجزيرة العربية واليمن وأفريقيا، نجد الأمثلة الكثيرة على الغلو في التكفير، واستباحة الدماء والأموال بهذه الأحكام.

 

- التعذيب في السجون:

شكّلت سجون الغلاة مصدر رعب للأهالي في المناطق التي يسيطرون عليها، وقد اشتُهرت بسجّانيها وجلّاديها القساة، ومعاملتها السيئة للغاية، حتى أنّها تشابه سجون النظام السوري المجرم، فقد أدانت المفوضة العليا لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة (نافي بيلاي) تعميم التعذيب في سجون الأسد، معربة عن الأسف لوقوعه أيضًا في معتقلات (تنظيم دولة العراق والشام- داعش)!

 وهنا نعرض شهادة (أبو صفية اليمني) العنصر السابق في جبهة النصرة الذي وضع في سجن (تنظيم الدولة) وهو لا يعلم ما هي تهمته، فقد تحدث (اليمني) عن شاب كان يُعذَّب من قبل عمه المسؤول العام عن الاستخبارات في الدولة، وأضاف: كان في سجن الرجال امرأتان تهمتهما أنهما عميلتان، إحداهما عُلِّقت 13 ساعة وعُذّبت، والثانية وُضعت في الدولاب.

 ويضيف اليمني بأن طرق التعذيب عند (تنظيم الدولة) تختلف باختلاف الحالات، إما بالضرب في الأماكن التي قد تسبب كسورًا داخلية أو رضُوضًا قوية، مثل المفاصل وعظام الفخذ، والظهر والصدر، أو ما يسمونه بـ(الشبْح)، أو التغريق بالماء، واستخدام الدولاب والضرب من خلاله، فلكل حالة من حالات التحقيق وسيلة للتعذيب، بل قد تجتمع كل الأساليب في شخص واحد.

كما أكّد أنّ السجانين داخل السجن يجرون التجارب الكيميائية على المساجين، من خلال مسؤول السجن (أبي محمد الفرنسي)، فقد جرّبوا مادتين على بعض المساجين ممن يقولون إنهم محكوم عليهم بالإعدام، وقد كان مفعول هاتين المادتين قويًا على بعضهم، فقد أُغمي على أحدهم مباشرة بعد شمه هذه المواد، وآخر قامت المواد بتعطيل كليتيه، وثالث قامت هذه المواد بحرق أنفه حتى أصبحت أرنبتهُ سوداء وحُرق بلعومه وصدره. كما يقوم السّجانون كذلك برش الغاز الخانق لإسكات المساجين من حين لآخر.

وقد وصف (اليمني) السجون بأنها عبارة عن مقابر جماعية وفردية، وأنّ حالها مزرية من الناحية الصحية، فالسجون رطبة جدًا، وهناك من الحشرات ما يكفي لقتل فيل، ناهيك عن القمل والبراغيث التي يشهد الله أنها تعمل الجرب، على حدِّ قوله.

وأكد (أبو صفية اليمني) أنّ التعذيب في هذه السجون تعذيب ممنهج مرتّب له مسبقًا من الناحية الإدارية، وتقوم اللجنة الشرعية بالدولة بتدريس وتلقين الفتاوى للشباب مسبقًا للردّ على من يعترض على فعلهم وعلى جواز الأمر شرعًا.

وعن الصلاة: أكد (أبو صفية) أنّهم ينهون المساجين عن الصلاة في السجون، ومَنْ يطلب منهم الوضوء للصلاة يقال له: تيمم. موضّحًا أنّه سمع من الشيخ (أبي شعيب المصري)، أحد الجهاديين المصريين الذين قتلهم التنظيم لانشقاقه عنه، أنّه حينما كان في سجون الرقة سمع أحدهم يقول للسجان أو المحقق: فكَّ يدي لكي أصلي، وقد كانت يده موثوقة إلى أعلى، فقال له: صلِّ قائمًاانظر مداخلة أبي صفية اليمني على قناة الجزيرة والحديث عن اعتقاله في سجون تنظيم الدولة  https://www.youtube.com/watch?v=lU0y94Ysbb0.

وفي سجون (جبهة النصرة) لا يختلف الوضع عمَّا عليه في سجون (داعش)، ففي ريف إدلب اشتُهرت معتقلات وسجون (العقاب) التابعة للتنظيم، والتي أغلب معتقليها من المناهضين لفكر (القاعدة) والمتهمين بالتخابر مع النظام أو مع جهات أجنبية.

وقد أفاد (المرصد السوري لحقوق الإنسان) بأنّ (جبهة النصرة) أفرجت عن أحد المواطنين المعتقلين في معتقلاتها بمناطق سيطرتها في ريف إدلب الجنوبي تموز 2015، بعد تعرضه لتعذيب من قبل عناصر (النصرة)، وكان الشاب قد اعتقل قبل نحو شهرين بتهمة بيع وشراء سلاح من الصحوات والمرتدين، حيث عمدت (جبهة النصرة) إلى نقله إلى أحد المعتقلات ومن ثم اقتياده إلى محكمة لـ (جبهة النصرة) في منطقة اعتقاله بريف إدلب، ليقوم عناصر (النصرة) بنقله إلى أحد السجون السرية، حيث تعرض الشاب المعتقل للتعذيب الشديد والضرب المبرح، إضافة لزجه داخل زنزانة إفرادية عبارة عن مرحاض، ومن ثم أعطوه بعدها القرآن الكريم ليقرأ فيه، وأكّدت المصادر لنشطاء المرصد أنّ عناصر (جبهة النصرة) كانوا يقدمون للشاب الذي يعاني من مرض السكري، القليل من الماء الطعام المقتصر في معظم الأوقات على التمرالمرصد السوري لحقوق الإنسان، http://www.syriahr.com/2015/07/19/%D8%B4%D8%A7%D8%A8-%D9%85%D9%81%D8%B1%....

وكذلك قضى (مضر عبد العزيز ديوب) تحت التعذيب في سجن (المحكمة الشرعية) التابعة لـ (جبهة النصرة) بمدينة خان شيخون جنوب إدلب، وذلك بعد اعتقاله منذ نحو 15 يومًا للتحقيق في تهمة نُسبت إليه من قِبل أحد أقاربه، وتسلَّم ذووه جثمانه 16/2/2015 وعليها آثار تعذيب واضحة، على الرغم من كبر سنه الذي تعدى 50 عامًاالمصدر: https://www.enabbaladi.net/archives/27873.

 

ومن الأدلة الأخرى على وحشية تنظيمات الغلاة وعدائها للثورة: قامت (جبهة فتح الشام) بتسليم جثة القيادي في كتيبة مغاوير حماة (أبو علي جبالة) لذويه 28 أيلول 2016 بعد وفاته تحت التعذيب في سجن (العقاب) التابع للجبهة في ريف إدلب.

ونقل ناشطون تسجيلًا مصورًا تظهر فيه آثار التعذيب التي أدت إلى وفاة (جبالة) وقد تركزت الكدمات وآثار التعذيب على الركبتين والصدرالمصدر: http://www.zaitonmag.com/?p=25086.

 

وفي سجون (هيئة تحرير الشام): قُتل الشاب (محمود الكفت) -وهو نازح إلى مدينة إدلب- في 13 حزيران 2017 تحت التعذيب، بعد أكثر من أسبوع على اعتقاله لغايات شخصية، حيث قُتل على يد الأمير في الجبهة المنضم حديثًا إليها: (أبو حيدر قعدة)، وذلك بعد أن قام الأخير باعتقاله من منزله بريف إدلبالمصدر: الاتحاد برس  http://aletihadpress.com/2017/06/14/%D9%85%D9%82%D8%AA%D9%84-%D8%B4%D8%A....

 

إنّ عمليات التعذيب التي يقوم بها الغلاة هي جزء من سياستهم في التعامل مع المتهمين، وقد ظهرت عندهم أساليب وحشية من التعذيب والقتل، سواء بالذبح بالسكين كما هو عند (القاعدة) و(داعش)، أو بالقتل بطرق همجية كالحرق والإغراق والتفجير كما عند (داعش). والعجيب في الأمر أنّهم يدّعون أنّ هذه الأعمال الوحشية سنّة نبوية! وليست كذلك البتّة، لكنّها سنّة الخوارج الأولين، فقد جاء في كتب التاريخ والسِّير أنهم: "ذبحوا عبد الله بن خبّاب -رضي الله عنهما-كما تُذبح الشاة، ثمّ قرّبوا أمّ ولده، فبقروا عمّا في بطنِهاانظر مقال: (ما حكم ذبح أسرى الأعداء بالسكين؟ وهل هو فعلاً سنة نبوية يمكن اتباعها؟) alabasirah.com/node/278 ، وكذلك مقال: (حرق أسرى الأعداء لا يجوز، وليس سنّة تتّبع) موقع على بصيرة http://alabasirah.com/node/481.

 

- الجور في مسألة الحدود:

رفعت تنظيمات الغلاة شعار تطبيق الحدود، وزعمت أنّها الوحيدة التي تقوم بذلك، واتخذتها شعارًا تروّج بها لنفسها على أنها التطبيق الشرعي للإسلام، لكنّها وقعت في ذلك بأخطاء جسيمة، من أهمّها:

  1. إقامة الحدود زمن الحرب وقبل استقرار الأمر واستتباب الأمن، زعمًا منهم أن الواجب إقامة  الحدود "ولو تمكّنوا ساعة من نهار". مع أن الفتوى لدى جمعٍ مِن أهل العلم: عدم إقامة الحدود في الحرب، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تُقْطَعُ الأيْدِي في الغَزْوِ) قال الترمذي: "والعملُ على هذا عند بعض أهل العلم منهم الأوزاعي، ألا يقامَ الحدُّ في الغزو بحضرة العدوِّ، مخافةَ أنْ يلحق مَن يُقام عليه الحدُّ بالعدو"سنن الترمذي، كتاب الحدود: (1450)..

وفي سنن سعيد بن منصورحديث رقم: (2500).: أنّ عُمرَ بن الخطاب -رضي الله عنه- كتب إلى النّاس: "أنْ لا يجلدنّ أميرُ جيشٍ ولا سريةٍ رجلًا مِن المسلمين حدًّا وهو غازٍ حتى يقطع الدّربَ قافلًا، لئلّا تحمله حميّةُ الشّيطانِ، فيلحقَ بالكفّار".

  1. مخالفة الشرع في سنّ العقوبات وإقامة الحدود، حيث عمل الغلاة على تنفيذ الحدود -بزعمهم- بصورة منفّرة، فيها الكثير من التجاوزات في الكيفية والموضع والمقدار.

فمن ذلك: تنفيذ قطع يد السارق بالساطور، وما فيه مِن تعدٍّ على الحدّ المشروع بتهشيم عظم السّاعد، بينما الطريقة الشرعية هي قطع اليد بالسّكّين مِن المفصل.

ومن ذلك: تنفيذ حدّ القتل بصورٍ تأنف منها النّفوسُ السّوية، كاتخاذ الذّبح عادةً في إعدام الكثير ممّن حُكم عليهم بالإعدام. والتّفنُّن في القتل بالحرق، أو الإغراق، أو التّفجير وغيرها، مما لم يظهر إلا عند كبار الطّغاة والمجرمين. ولم يتوقف الأمرُ عند مجرد الذبح أو القتل بهذه الطرق الشّنيعة، بل رافقه تعذيب المقتولين بالقول والفعل، وتهديدهم بالذّبح، والسخرية منهم قبل ذلك، ومنع المعتقلين، والمقتولين مِن الصّلاة، أو حلق لحاهم بزعم أنهم مرتدّون لا يستفيدون مِن صلاتهم.

وكذلك حمل الرؤوس والعبث بها، ونصبها، والتّباهي بها، وتصويرها، وركلها بالأقدام، والسّخرية منهاانظر كتاب (شبهات تنظيم الدولة والرد عليها) د. عماد الدين خيتي، (ص: 115) وما بعدها. ومقال (هل تقام الحدود والعقوبات في المناطق المحررة من سوريا في الوقت الحالي) موقع على بصيرة  http://alabasirah.com/node/280. وقد عمل تنظيم (الدولة الإسلامية) على قطع رؤوس الرجال والنساء، وشملت عمليات الذبح عسكريين وأطباء وعلماء وعمال إغاثة وصحفيين، وأشخاصًا من عامّة الناس لمجرّد الشكّ بأنهم يخالفون التنظيم.

ومن صور الجور في مسألة الحدود عند تنظيم (القاعدة): الحكم الذي أصدرته دار القضاء التابعة لـ (جبهة النصرة) بحق مواطن سوري في بلدة خان شيخون بمحافظة إدلب عندما أمرت بجلده 80 جلدة لأنه سبّ "دين الكهرباء"!

وقد جاء في بيان المحكمة بخصوص الحكم المذكور: أنّ المدعى عليه أقدم على سبّ الدين! وهذا العمل ردّة عن دين الله يُخرج صاحبه من الإسلام إلى الكفر والعياذ بالله، فيكون حدّه القتل إذا لم يرجع عن ذلك ويعلن توبته على الملأ، وفي حال أعلن توبته فإنّ حكمه التعزير: بجلده ثمانين جلدة، وحلق راسه، وسجنه ثلاثة أيام، ثم إطلاق سراحه.

 

 

  1. الأخذ بالشبهة وعدم التثبت من صدق الدعاوي وصحة الأحكام، فظهر أنّ الكثيرين ممن أقيمت عليهم هذه العقوبات لم تثبت عليهم في محاكم شرعية، وأنّ الذين كانوا يقومون بهذه الأحكام عناصرهم أو قادتهم الميدانيون، بل حتى محاكمهم أثبتت عدم مهنيتها ومصداقيتها، فقد تقلّد قضاءهم شباب يجهلون الأحكام القضائية من غير رقيب أو حسيب، فتنكبوا شرع الله في أنفسهم وذويهم، وليس في الأموال فقط، بل في أخطر المظالم وهي الدماءانظر مقال: (شبهات المتعاطفين مع دولة البغدادي)، موقع على بصيرة  http://alabasirah.com/node/302.

 

  1. الاعتداء على النساء والأطفال من باب المعاملة بالمثل كما يزعمون، وإباحة قتل المسلمين الآمنين بحجة (التترس) في تفجيراتهم وعملياتهم التي يقومون بهاانظر مقال: (حكم قتل نساء وأطفال الأعداء من باب المعاملة بالمثل)، موقع على بصيرة  http://alabasirah.com/node/271.

 

  1. الضرائب الجديدة والتنظيمات القمعية التي طبقوها في مناطقهم، فقد زاد تنظيم داعش من الضرائب والغرامات التي يفرضها على السكان في مناطق سيطرته، ولجأ إلى ضرائب جديدة مستحدثة، وقد أظهر هذا تقرير نشرته مؤسسة  (IHS) الأميركيةأحد مراكز الدراسات الاقتصادية المتخصصة في الولايات المتحدة، ويتخذ من ولاية كولارادو مركزاً له، وهو يختص بتزويد أصحاب القرار والشركات والحكومات بالمعلومات والتحليلات الاقتصادية التي تساعد في اتخاذ القرارات الصحيحة والمناسبة لهم، كما يقدم الاستشارات لعدد كبير من المؤسسات حول العالم.، وقالت المؤسسة: إنّ التنظيم يعاني من أزمة مالية خانقة وأوضاع اقتصادية متدهورة نتيجة خسارة مساحات واسعة من الأراضي التي كانت تحت سيطرته. وتشكل ضرائب تنظيم داعش نحو 50% من الإيرادات الشهرية، وانخفضت مؤخراً إلى 23% من الإيرادات، مما أدى إلى رفع قيمة الضرائب.

وأكّد التقرير أنّ الشاحنات التي تمر بأراضي "داعش" يُفرض عليها مبلغ يتراوح بين 600 دولار إلى 700 دولار، فيما كان يتم استيفاء ضريبة على ذلك في العام الماضي تُقدر بـ 300 دولار فقط.

ووفقاً للتقرير فإنّ التنظيم أدخل إلى نظامه الضريبي أنواعًا جديدة من الغرامات منذ ديسمبر 2015، وتشمل غرامات على اللحية، وعلى ترك أبواب البيوت مفتوحة، وعلى تركيب الصحون اللاقطة (الدش)، كما يفرض مقاتلو التنظيم غرامات على اللباس وبطاقات الهوية والتدخينانظر مقال (تعرف على الضرائب التي يفرضها داعش في سوريا والعراق)، موقع الاقتصادي http://www.aliqtisadi.ps/article/20120/.

وكذلك تعتمد القاعدة في سورية على مصادر تمويل في مقدمتها الضرائب والأتاوات التي تفرضها على الأهالي، لضمان الحصول على مورد ثابت، إضافة إلى الضرائب على بعض المواد التي تدخل من مناطق النظام إلى المناطق المحررة كالغاز والبنزين.

 وشكلت "هيئة تحرير الشام" دائرةَ "النقد وحماية المستهلك" وقد طالب عناصر الدائرة الصرافين والعاملين في الحوالات المالية بضريبة قدرها 10 آلاف دولار لترخيص محلات الصرافة، مع دفع مبلغ 200 دولار شهريًا مقابل حمايتهم من النهب والسرقةالمصدر:  https://www.baladi-news.com/ar/news/details/19250/%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%....

 

- ظلم غير المسلمين:

بعد أن سيطر تنظيم (داعش) على مساحات شاسعة من العراق وسورية، اعتبر النّصارى المقيمين في المناطق التي سيطر عليهم محاربين، فتّعامل معهم بناءً على ذلك باستحلال دمائهم وأموالهم، وخيّرهم بين الدخول في الإسلام أو دفع الجزيةالجزية: ضريبة يسيرة جدًّا يدفعها أهلُ الكتاب بصفة عامة -ويدفعها المجوس في آراء أغلب الفقهاء، والمشركون في رأي بعضهم- نظير أن يُدافع عنهم المسلمون، وإن فشل المسلمون في الدفاع عنهم تُرَدُّ إليهم جزيتُهم، وقد تكرَّر هذا في التاريخ الإسلامي كثيرًا.أو القتل، ثم قام بتشريد الآلاف منهم وتهجيرهم والاستيلاء على بيوتهم وممتلكاتهم.

فعندما سيطرت داعش على مدينة الموصل بتاريخ 10 حزيران 2014م بعد انسحاب الجيش العراقي منها، واجه النصارى ظروفًا صعبة بسبب عدم استقرار الوضع الأمني وتهديدهم، فوضعت داعش علامات على ممتلكات النصارى، وبدأت بفرض (الجزية) على التجّار النصارى المتبقين، بحسب ما قال سكان نصارى وسلطات دينية لـ (هيومن رايتس ووتش).

وفي يوم 12 تموز نشرت داعش بيانًا خاصًا بنصارى الموصل ووزعت المنشورات الورقية وأعلنت عبر مكبرات الصوت عن تخيير النصارى ما بين الدخول في الإسلام أو دفع الجزية أو القتل، ثم صدر بيان جديد بتاريخ 17 تموز حُدّد فيه مدة 42 ساعة لخروج النصارى من المدينة ومصادرة ممتلكاتهم، ومن لا يخرج فسيتعرض للقتل.

كما تعرض "الإيزيديون" في العراق إلى إبادة جماعية من قبل تنظيم داعش بعد الحرب التي نشبت في إقليم كردستان في شمال العراق، حيث انسحبت "البشمركة" من إقليم "سنجار" ليسيطر عليها تنظيم داعش بتاريخ 4 آب 2014م فقتل عددًا كبيرًا من الإيزيديين يصل إلى 5,000 شخص وقام بخطف العديد من النساء الإيزيديات على أنّهن سبايا، في حين هرب البقية إلى جبل سنجار، وحوصروا هناك لعدة أيام، ومات العديد منهم بسبب الجوع والعطش والمرض.

وسبق أن قالت لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في سورية: إنّ تنظيم داعش ما زال يرتكب إبادة جماعية بحق الأقلية الإيزيدية في العراق، ونقلت رويترز عن اللجنة: "الإبادة الجماعية مستمرة ولم يتم التصدي لها إلى حدّ بعيد رغم التزام الدول بمنع الجريمة ومعاقبة المجرمين".

وأوضحت: "أنّ آلاف الرجال والصبية من الإيزيديين ما زالوا مختفين، والتنظيم الإرهابي يواصل تعريض نحو ثلاثة آلاف امرأة وفتاة في سورية لعنف مروّع، يتضمن الاغتصاب والضرب الوحشي يوميًا".

وذكر بيان أصدرته المديرية العامة لشؤون الإيزيديين التابعة لوزارة الأوقاف في حكومة إقليم كردستان بتاريخ 2-8-2017م أنّ "عدد الإيزيديين في العراق قبل اجتياح تنظيم داعش لقرى سنجار ونواحيها كان 550,000 نزح منهم 360,000 وقتل 1293، فيما أورد التقرير أنّ عدد الاطفال الذين يُتّموا من الأب 1759 طفلًا، ومن الأم 407 طفلًا، ومن كليهما 359 طفلًا، وما يزال 220 طفلًا يعيشون بلا أب وأم، كون أنّ أباءهم وأمهاتهم مختطفون لدى التنظيم".

وأضاف البيان أنّه "تم العثور على 43 مقبرة جماعية حتى الآن في سنجار والقرى والنواحي التابعة لها".

وجاء في البيان: أنّ "إجمالي عدد المختطفين الإيزيديين هو 6417 عدد الذكور منهم 2870 والإناث 3547".

ويشترك تنظيم القاعدة مع تنظيم داعش في نظرته لغير المسلمين وطريقة التعامل معهم، فكلا التنظيمين يستند إلى مفاهيم وأدبيات واحدة، ومنذ أيام القاعدة الأولى، "في 23 فبراير 1988، شارك أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، في توقيع وإصدار فتوى تحت اسم الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين أعلنوا فيها: "إنّ حكم قتل الأمريكيين وحلفائهم مدنيين وعسكريين، فرض عين على كل مسلم في كل بلد متى تيسر له ذلك، حتى يتحرر المسجد الأقصى والمسجد الحرام من قبضتهم. وحتى تخرج جيوشهم من كل أرض الإسلام، مسلولة الحدّ، كسيرة الجناح، عاجزة عن تهديد أي مسلم، وذلك وفقا لقول الله: ﴿وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً﴾، وقوله: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ﴾"https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%86%D8%B8%D9%8A%D9%85_%D8%A7%D9%8....

 وبهذا الفهم يتعامل تنظيم القاعدة مع النصارى في سورية، فقد نشر المرصد السوري لحقوق الإنسان خبرًا مفاده أنّ عناصر يتبعون لهيئة تحرير الشام قاموا بمصادرة منزل يعود ملكيته لشخص من أتباع الديانة المسيحية ويقطنه مستأجر مع عائلته، وأضاف أنّ 4 عناصر من هيئة تحرير الشام من جنسية عربية، استغلوا خروج الرجل القاطن في المنزل مع عائلته وقاموا بكسر أقفاله وتغييرها ومصادرة المنزل، ليعود مستأجر المنزل ويتشاجر مع العناصر الأربعة الذين منعوا الرجل من دخول المنزل وأخذوا ممتلكاته الموجودة بداخله وأخبروه بأنّ أميرهم سمح لهم بمصادرة المنزل العائدة ملكيته لرجل من الديانة المسيحية، وسيصادرون جميع المنازل التي تعود ملكيتها لأشخاص من الديانة المسيحية في المنطقة، وأضافوا بأنّهم مهاجرون ولن يجلسوا في الشارع، فيما وردت معلومات للمرصد تؤكد أنّ هيئة تحرير الشام أعادت المنزل للمستأجرhttp://www.syriahr.com/2017/08/11/%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%8A%D8%A7%D8%A1-%....

 

- جور الغلاة على الشعوب بتحميلها مشاريعهم:

تتعامل تنظيمات الغلاة مع المسلمين على أنّهم رعية تحت سلطانها، وتعتبر نفسها نائبةً عن الأمّة الإسلامية في الحكم وفهم الدين وتطبيقه، فتوظّف نفسها للتخطيط ورسم المشاريع للأمة، وتحكم على كلّ من يخرج عن الدائرة التي ترسمها بالردّة عن دين الله، وبمفارقة الجماعة، ولذلك ترى أنّ من حقّها أن تفرض على الأمة حروبًا وإن كانت غير متكافئة، وأن تستجلب عليها الأعداء من كل حدَبٍ وصوب، ثم تستنفر الشباب باسم الجهاد لتدخلهم في حربٍ لا يُعرف من يقودها ولا تُعرف رايتها، على الرغم من أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أيّها النّاسُ، لا تتمنّوا لقاء العدوّ، وسَلوا الله العافيةَ، فإذا لقيتموهم فاصبروا)"صحيح البخاري: (2966)، صحيح مسلم: (1742).

وما دخلت هذه التنظيمات في جهاد شعب إلا أفسدته، وجلبت على أهله الخراب والدمار.

فالقاعدة -وانطلاقًا من أرض أفغانستان التي استضافتها وآوتها- أعلنت الحرب على أمريكا من دون أن تستشير أحدًا من الشعب الأفغاني أو علمائه أو قادته، فـ "نتج عن أحداث 11 أيلول تدمير أفغانستان، وإسقاط حكومة طالبان، وما تبعها من مآسٍ لا توصف، ثم انسحبت القاعدة منها إلى إيران والعراق وغيرها.

وفي العراق: دمّرت (القاعدة) التجربة الجهادية، وأسهمت في تدمير مناطق أهل السنة، وزيادة نفوذ الرافضة، ثم تخلّت عن تنظيم (الدولة) لمّا فقدت السيطرة عليه وانسحبت منه.

وفي الدول الخليجية: قامت بالعديد من العمليات التي ترتب عليها كوارث كبيرة دينية واجتماعية ثم انسحبت عند فشلها"تصور الغلاة للدولة في الإسلام، (ص: 40-41)..

أما في التجربة السورية: فقد دخلت جماعات الغلو إلى سورية مع بداية ثورتها المباركة، فأفسدتها وطبعتها بالغلو والإرهاب. فأما "داعش" فلا يخفى على أحد ما قامت وتقوم به من إفساد وتخريب وقتل للمسلمين وتسليم أرضهم التي يحررونها للنظام. وأما (جبهة النصرة) فقد عملت منذ الأيام الأولى في سورية على تمويه نفسها بغية خداع الشعب وتوريطه بمشروعها التكفيري، فاعتمدت على إخفاء انتمائها إلى (تنظيم القاعدة)، من أجل تسهيل عملية انخراطها في الشعب السوري، حتى أعلن (أبو محمد الجولاني) في 24 كانون الثاني 2012 عن تبعية (جبهة النصرة) لتنظيم القاعدة. وهذا يعني عزم (جبهة النصرة) على إقامة (إمارة إسلامية) على منهج القاعدة، وجعل سورية منطلقًا لشنّ عمليات في بلدان أخرى، وقد ظهرت بعض التسريبات التي فيها تصريحهم بذلك، مما دفع أهل العلم للتحذير من منهجهم وصنيعهم الذي لن يجلب إلى سوريا إلا مزيدًا من الدمار.

وليس لدى جماعات الغلو هذه أي غضاضة بعد كل ما فعلوه في سوريا أن ينسحبوا منها -إذا لم ينجحوا في تحقيق بُغيتهم- ليبحثوا عن بلد آخر يستأنفون فيه مشروعهم! "فبعد كل تصريحات الجولاني عن الإمارة على منهاج النبوة، وعدم القبول بأي حل إلا ما يراه و يعتقده، قال عبر معرّف أبو عمار الشامي بتغريدة بتاريخ: 11/1/2016م معبرًا عن سهولة التخلي عن هذه التجربة: "لا يعيب الثبات على الدين أن يكون المنتهى الجبال والأودية"المصدر السابق، (ص: 40-41)..

 

استراتيجية جماعات الغلو في إقامة مشروعها:

هذه الجماعات تمتاز بأنَّها "لا تستطيع إقامة مشروعها بنفسها، فهو غير قابل للوجود في المجتمعات المستقرة، لذا تبحث في المجتمعات التي تنهار السلطة فيها، أو تضعف، أو توجد فيها حروب، كأفغانستان، والعراق، والصومال، وموريتانيا وغيرها، لتنشئ مشروعها، فتتسلل إلى هذه المناطق، وتحاول بناء شعبية في كنف الجماعات الأخرى ثم تنقلب عليها"المصدر السابق، (ص: 30)، بتصرف يسير..

ومن أجل عملية استقطاب الناس وتوريطهم معها، تعمل على "إقناع الشعوب بالمشروع وتجنيدهم فيه عن طريق إغرائهم بتوفير الحاجيات المعيشية اليومية لهم، لتكوين بيئة حاضنة تحمل المشروع.

و الجولاني في مقابلته الثانية مع أحمد منصور على قناة الجزيرة بتاريخ 27/5/2015م يكرر بأنّه يقدم لقمة العيش والماء والكهرباء والأمن والأمور الخدمية الأخرى، ويذكر بها الناس لاكتساب الشعبية وإظهار نفسه مظهر المخلص وصمام الأمان في المناطق التي يسيطر عليها.

وكذلك تعمل (هيئة تحرير الشام) الوجه الجديد لـتنظيم (القاعدة) على تقديم بعض الخدمات الاجتماعية لترويج مشروعها في مدينة إدلب، لكسب تأييد البسطاء من الناس، وفرض نفسها في مجال العمل المدني، فقد وجه (أبو محمد الجولاني بتاريخ 20  آب 2017 دعوات لشخصيات ثورية معروفة، لمناقشة قضايا منها إقامة إدارة مدنية في إدلب وريفها وريف حلب. كل ذلك من أجل أن تستجلب (هيئة تحرير الشام) المزيد من الشباب لتدخلهم في محرقتها وتستغل تضحياتهم.

كما عمدت جماعات الغلو إلى ممارسة سياسية إعلامية احترافية تجاه الشعوب لإغرائها بالانضمام، وجذب أفراد الجماعات الأخرى، لذا فإنَّ غالب مصادر معلومات الشباب المغرر بهم هو ما تبثه منتجاتهم الإعلامية عالية الإتقان والحِرَفية فحسبانظر: تصور الغلاة للدولة في الإسلام، (ص: 34)..

وقد بيّن أبو بكر ناجي في كتابه (إدارة التوحش) أنّ الجانب الإعلامي يجب أن يسير جنبًا إلى جنب مع الجانب العسكري، وأنّ الاستراتيجية الإعلامية تستهدف وتركز على فئتين: فئة الشعوب بحيث تدفع أكبر عدد منهم للانضمام للجهاد والقيام بالدعم الإيجابي والتعاطف السلبي ممن لا يلتحق بالصف، الفئة الثانية جنود العدو أصحاب الرواتب الدنيا لدفعهم إلى الانضمام لصف المجاهدين أو على الأقل الفرار من خدمة العدو..إدارة التوحش، (ص: 21).. وعلى هذا النهج سار تنظيم القاعدة وتنظيم داعش في سورية والعراق.

ومن وسائل الجذب التي تستخدمها جماعات الغلو: الدعوة والتربية على المنهج من خلال افتتاح المعاهد وإقامة الدورات لتدريس مناهجها وكتبها وتقديم مرجعياتها الشرعية التي تخدم مشروعاها بعيدًا عن منهج علماء الأمة، وقد عمدت مؤخرًا إلى ترجمتها لعدة لغات ونشرها عبر شبكة الانترنتانظر: تصور الغلاة للدولة في الإسلام، (ص: 36)..

كما اعتمد الغلاة على الإيهام بأنهم الأكثر عددًا وتمثيلًا، وبالتالي فهم السلطة الشرعية التي ينبغي على الجميع الدخول تحتها ومبايعتها. فقد جاء في خطاب القاعدة في سورية (هيئة تحرير الشام) ردًا على تقرير مايكل راتني مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا: ".. نؤكد أن مشروع الهيئة مشروع أمة واحدة ... اجتمعت عليه قلوب الملايين، وتخندق في خندقه من يبغي الخير لأهله وبلده، واضح الرؤية، والهدف والمقصد"انظر: تصور الغلاة للدولة في الإسلام، (ص: 17)..

وتسعى تنظيمات الغلاة إلى زجّ الناس بمشروعها وتوريطهم به، وإكراههم على المشاركة في معاركها، واستقطابهم بحيث تجعل الناس تدخل المعركة شاءت أم أبت، واستراتيجيتها في ذلك إشعال المواجهة واستقدام الأعداء إلى بلاد المسلمين،، أو بتنفيذ عمليات متنوعة تتسبب في إعلان الأعداء الحرب الشاملة على المسلمين فيضطرون لحمل السلاح للدفاع عن أنفسهم، وقد ذكر الجولاني في مقابلته الثانية مع أحمد منصور على قناة الجزيرة بتاريخ 27/5/2015م استراتيجية القاعدة مع أمريكا في جرّها لبلاد المسلمين لقتالها بأحداث 11 أيلول / سبتمبر: "أراد [أي ابن لادن] أن يقاتل الأمريكان في عقر دارهم ثم يستجرّهم إلى أفغانستان، لأننا لا نستطيع أن نرسل جيوشًا إلى هناك ... كان عدّة أهداف ومنها أن يستجرّهم إلى حرب برية"انظر: المصدر السابق، (ص: 38)..

 

الخاتمة:

تبيّن أنّ للعدل قيمةً أساسية في الإسلام وفي أفعال المسلمين، وأنّه ضرورة لتحقيق استمرارية الدولة والمجتمع، وأمرٌ إلهي يجب الالتزام به وترك نقيضه الذي هو الظلم، ويتميز بالعموم فيشمل جميع الناس بلا تمييز، وفي التاريخ الإسلامي صور مشرقة كثيرة تقدم لنا الجانب العملي للعدل.

وبأهمية العدل وضرورة تحقيقه ظهرت خطورة الظلم وعاقبته الوخيمة على أكثر من مستوى.

ومن صور الظلم السوداء في العصر الحديث ما قامت به تنظيمات الغلاة بحق الأمة والمسلمين، من ذلك: حكمهم على المسلمين بالردة والكفر بعد أن قرروا أن ديارهم ديار كفر، ونتج من ذلك أيضًا الحكم على الفصائل الجهادية في العالم الإسلامي بالكفر والردة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تعدّاه إلى تبادل أحكام الردة والتكفير بين صفوف تنظيمات الغلاة نفسها، فحكم تنظيم "داعش" على "جبهة النصرة" و"جبهة فتح الشام" و"هيئة تحرير الشام": وجوه تنظيم القاعدة المختلفة، حكم عليهم جميعًا بالردة.

ومن الصور المظلمة لظلم الغلاة ما يحصل في سجونهم من تعذيب المسلمين وإهانتهم وإذلالهم وقتلهم بدم بارد، وكذلك ظلمهم الناس بسبب فهمهم الخاطئ لمسألة الحدود، إذ قدموها بصورة منفّرة مخالفة للشريعة، وتفنّنوا في القتل بالحرق والتفجير والإغراق والذبح بالسكين والصلب وقطع العروق، سائرين على نهج الخوارج الأولين.

وكذلك ظلموا المعاهدين من الذميين والمستأمنين باستباحة دمائهم وسرقة أموالهم وممتلكاتهم، بحجة عدم صحة عقد الذمة والأمان.

كما تسللت جماعات التطرف والغلاة إلى المناطق التي تنهار فيها السطلة وتشهد ثورات شعبية، فعملت على استقطاب الناس وظلمهم بتوريطهم بمشروعها المخالف للإسلام، من خلال الإغراء بتوفير الحاجات المعيشية وتقديم الخدمات الاجتماعية وممارسة سياسة إعلامية احترافية تخدع بها الناس.

1 - مادة (ع د ل) لسان العرب.
2 - الإتقان في علوم القرآن للسيوطي (3/182).
3 - تأويلات أهل السنة لأبي المنصور الماتريدي (4/401).
4 - تهذيب الأخلاق للجاحظ، ص (24).
5 - مجموع الفتاوى (28/63).
6 - صحيح مسلم: (2577).
7 - تفسير ابن كثير: (3/322).
8 - رواه الترمذي (2168)، وصححه الألباني.
9 - صحيح مسلم: (1827).
10 - التحرير والتنوير: (6/136).
11 - البخاري: (6914).
12 - صحيح البخاري: (3475)، صحيح مسلم: (1699).
13 - التنوير شرح الجامع الصغير، الأمير الصنعاني: (5/147).
14 - رواه النسائي برقم (1305).
15 - أخرجه أبو داود (3563) وحسّنه الأرنؤوط. والعاريَّة -بتشديد الياء وقد تخفَّف-أي: مردودة والمعنى أستعيرها وأردها. وقوله: "لأنّ في قلبي اليوم ما لم يكن يومئذ" أي: في قلبي اليوم من الإسلام. قال أبو داود: "وكان أعاره قبل أن يُسلم ثم أسلم".
16 - أصل الخراج: ما يخرج من الأرض، ويطلق على الأجرة والإتاوة أو الضريبة التي تؤخذ من أموال الناس على الغلّة الحاصلة من الشيء، كغلة الدار أو الدابة أو العبد. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "الخراج بالضمان". وللخراج معنيان، عام وهو: الأموال التي تتولى الدولة جبايتها وصرفها في مصارفها، كالجزية وغيرها.  وخاص وهو: الوظيفة "الضريبة" التي يفرضها إمام المسلمين على الأرض الخراجية النامية.
17 - فتوح البلدان للبلاذري، ص (139).
18 - المصدر السابق، ص (407).
19 - صحيح مسلم (2577).
20 - رواه أبو داوود (3573) وصححه، والترمذي (1322)، وابن ماجة (2315).
21 - البخاري (2310)، مسلم (2580) عن عبد الله بن عمر.
22 - لسان العرب، مادة: (ج و ر).
23 - تهذيب الأخلاق للجاحظ، ص (28).
24 - بيان بعنوان: الدين النصيحة، مؤسسة الفرقان.
25 - انظر مداخلة أبي صفية اليمني على قناة الجزيرة والحديث عن اعتقاله في سجون تنظيم الدولة  https://www.youtube.com/watch?v=lU0y94Ysbb0
26 - المرصد السوري لحقوق الإنسان، http://www.syriahr.com/2015/07/19/%D8%B4%D8%A7%D8%A8-%D9%85%D9%81%D8%B1%...
27 - المصدر: https://www.enabbaladi.net/archives/27873
28 - المصدر: http://www.zaitonmag.com/?p=25086
29 - المصدر: الاتحاد برس  http://aletihadpress.com/2017/06/14/%D9%85%D9%82%D8%AA%D9%84-%D8%B4%D8%A...
30 - انظر مقال: (ما حكم ذبح أسرى الأعداء بالسكين؟ وهل هو فعلاً سنة نبوية يمكن اتباعها؟) alabasirah.com/node/278 ، وكذلك مقال: (حرق أسرى الأعداء لا يجوز، وليس سنّة تتّبع) موقع على بصيرة http://alabasirah.com/node/481
31 - سنن الترمذي، كتاب الحدود: (1450).
32 - حديث رقم: (2500).
33 - انظر كتاب (شبهات تنظيم الدولة والرد عليها) د. عماد الدين خيتي، (ص: 115) وما بعدها. ومقال (هل تقام الحدود والعقوبات في المناطق المحررة من سوريا في الوقت الحالي) موقع على بصيرة  http://alabasirah.com/node/280
34 - انظر مقال: (شبهات المتعاطفين مع دولة البغدادي)، موقع على بصيرة  http://alabasirah.com/node/302
35 - انظر مقال: (حكم قتل نساء وأطفال الأعداء من باب المعاملة بالمثل)، موقع على بصيرة  http://alabasirah.com/node/271
36 - أحد مراكز الدراسات الاقتصادية المتخصصة في الولايات المتحدة، ويتخذ من ولاية كولارادو مركزاً له، وهو يختص بتزويد أصحاب القرار والشركات والحكومات بالمعلومات والتحليلات الاقتصادية التي تساعد في اتخاذ القرارات الصحيحة والمناسبة لهم، كما يقدم الاستشارات لعدد كبير من المؤسسات حول العالم.
37 - انظر مقال (تعرف على الضرائب التي يفرضها داعش في سوريا والعراق)، موقع الاقتصادي http://www.aliqtisadi.ps/article/20120/
38 - المصدر:  https://www.baladi-news.com/ar/news/details/19250/%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%...
39 - الجزية: ضريبة يسيرة جدًّا يدفعها أهلُ الكتاب بصفة عامة -ويدفعها المجوس في آراء أغلب الفقهاء، والمشركون في رأي بعضهم- نظير أن يُدافع عنهم المسلمون، وإن فشل المسلمون في الدفاع عنهم تُرَدُّ إليهم جزيتُهم، وقد تكرَّر هذا في التاريخ الإسلامي كثيرًا.
40 - https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%86%D8%B8%D9%8A%D9%85_%D8%A7%D9%8...
41 - http://www.syriahr.com/2017/08/11/%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%8A%D8%A7%D8%A1-%...
42 - صحيح البخاري: (2966)، صحيح مسلم: (1742).
43 - تصور الغلاة للدولة في الإسلام، (ص: 40-41).
44 - المصدر السابق، (ص: 40-41).
45 - المصدر السابق، (ص: 30)، بتصرف يسير.
46 - انظر: تصور الغلاة للدولة في الإسلام، (ص: 34).
47 - إدارة التوحش، (ص: 21).
48 - انظر: تصور الغلاة للدولة في الإسلام، (ص: 36).
49 - انظر: تصور الغلاة للدولة في الإسلام، (ص: 17).
50 - انظر: المصدر السابق، (ص: 38).
ملف للتنزيل: 

إضافة تعليق جديد