في ظلال السنة 1 - شرح حديث: (إِذَا كَفَّرَ الرَّجُلُ أَخَاهُ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا)
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: )مَنْ قَالَ لِأَخِيهِ يَا كَافِرٌ فَقَدْ بَاءَ بِهَا أَحَدُهُمَا)رواه مالك في كِتَابُ الْكَلَامِ، باب ما يكره من الكلام، رقم (1)، وأحمد برقم (5914)..
قال ابن عبد البر رحمه الله:
"إِذَا قِيلَ لِلْمُؤْمِنِ يَا كَافِرُ فَقَدْ بَاءَ قَائِلُ ذَلِكَ بِوِزْرِ الْكَلِمَةِ، وَاحْتَمَلَ إِثْمًا مُبِينًا وَبُهْتَانًا عَظِيمًا، إِلَّا أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِتَرْكٍ مَا يَكُونُ بِهِ الْإِيمَانُ.
وَفَائِدَةُ هَذَا الْحَدِيثِ: النَّهْيُ عَنْ تَكْفِيرِ الْمُؤْمِنِ وَتَفْسِيقِهِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وجل: {وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} [الْحُجُرَاتِ: 11]، فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ لِأَخِيهِ يَا كَافِرُ يَا فَاسِقُ"الاستذكار (8/548-549)..
وقال أيضًا:
"الْمَعْنَى فِيهِ عِنْدَ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْأَثَرِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ: النَّهْيُ عَنْ أَنْ يُكَّفِرَ الْمُسْلِمُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ بِذَنْبٍ أَوْ بِتَأْوِيلٍ لَا يُخْرِجُهُ مِنَ الْإِسْلَامِ عِنْدَ الْجَمِيعِ، فَوَرَدَ النَّهْيُ عَنْ تَكْفِيرِ الْمُسْلِمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ بِلَفْظِ الْخَبَرِ دُونَ لَفْظِ النَّهْيِ، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَمَعْرُوفٌ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ"التمهيد (17/14-15)..
إضافة تعليق جديد