في مرحلة حرجة من مراحل الثورة هيئة تحرير الشام تواصل اعتقالاتها للثوار
دأبت (هيئة تحرير الشام) على ملاحقة الناشطين الثوريين والعسكريين المعارضين لها، فخطفت الكثيرين وعاقبت آخرين بالسجن والقتل بعد أن أسندت إليهم تهمًا مختلفة، فقد أطلق الجولاني العنان لأجهزته الأمنية ولعصابات الخطف والسرقة، فسيطرت الهيئة على الناس والمناطق التي يقطنون فيها بالعنف والإرهاب، ولم يسلم من حملات الاعتقال أحد، حتى طالت النازحين والمهجّرين من ديارهم، منهم نازحو داريا ومضايا والزبداني، فقد سبق أن قامت (تحرير الشام) باعتقال مقاتلين مهجّرين من فصائل القلمون الشرقي الذين هُجّروا إلى مدينة إدلب، من دون تحديد السبب من قيامها بهذا الفعل.
وهذا ليس غريبًا على أفعال الغلاة وسياستهم في إسكات الناس وتغييب كلمة الحق، فهذا نهج جبهة النصرة، الاسم الأول لتحرير الشام، إذ شنت في وقت سابق حملات اعتقال عشوائية وتعسفية ضد عدد من الفصائل في مناطق مختلفة سيطرت عليها، وها هي اليوم تكمل خدمتها للنظام في ريف حلب وإدلب، فتعتقل المجاهدين والناشطين الثوريين وكل من يخالف سياستها وأفكارها الغالية.
نذكر من ذلك:
إقدام (هيئة تحرير الشام) في 25 آب الماضي على اختطاف الناشط الإعلامي (أحمد الحلبي) المهجّر من الغوطة الشرقية إلى إدلب، حيث قامت مجموعة من (تحرير الشام) باعتراض طريقه وخطفه، وترك زوجته الحامل في الطريق وحدها بالقرب من بلدة سرمدا شمال إدلب.
وفي آب أيضًا دهمت مجموعة تابعة لـ (تحرير الشام) منزل الشاب (خالد عبد الكريم العثمان) في قرية الشيخ مصطفى بريف إدلب الجنوبي، حيث قاموا باختطافه واقتياده إلى جهة مجهولة.
ونتيجة هذه الاعتقالات العشوائية المتكررة أصدر مجلس شورى مدينة سرمين بيانًا حذّر فيه (تحرير الشام) من مغبّة التجاوزات الحاصلة في المدينة إثر الاعتقالات المتكررة، وطالب البيان وقف تلك التجاوزات وإعادة الحقوق المسلوبة من قِبَل عناصر الهيئة إلى الأهالي، والإفراج عن المعتقلين لديها، وإنهاء تلك الحملات والتجاوزات.
إلّا أن (تحرير الشام) لم تلتفت إلى البيانات وغضب الأهالي، فقامت مجموعة تابعة لفرع العقاب باختطاف (عبد الجبار التامر) من قرية احسم بجبل الزاوية، وهو ناشط في المجال المدني يسعى إلى توحيد جهود المجالس المحلية في جبل الزاوية.
وكذلك اختطفت هيئة تحرير الشام (زياد ندّاف) رئيس المجلس المحلي في مدينة مورك بحماة، بتنسيق مع حكومة الإنقاذ، فأصدر مجلس محافظة حماة الحرة بيانًا قال فيه: "أرسل مخفر خان شيخون الذي يتبع لحكومة الإنقاذ مذكرة تبليغ للسيد (زياد ندّاف) عضو مجلس محافظة حماة ورئيس المجلس المحلي في مدينة مورك، وبعد حضوره يوم الإثنين 3-9-2018م إلى المخفر تم توقيفه واعتقاله من قِبَل الجهاز الأمني في هيئة تحرير الشام، ومن ثم نقله إلى مكان غير معروف وبدون معرفة الأسباب".
وأدان المجلس في بيانه هذا العمل "غير المسؤول" وحمّل (هيئة تحرير الشام) وحكومة الإنقاذ المسؤولية وطالب بعدم التعرض لـ (زياد نداف) وإطلاق سراحه بشكل فوري.
وفي ذات اليوم قامت مجموعة من عصابات (هيئة تحرير الشام) باعتقال الناشط الإعلامي (مروان الحميد) في مدينة كفرنبل، ونقله إلى سجن العقاب من دون تحديد الأسباب، وعلى إثر ذلك شهدت بلدة كفرومة غرب مدينة معرّة النعمان في ريف إدلب توترًا كبيرًا، إذ ردَّ الأهالي على الحادثة باعتقال عناصر يتبعون لتحرير الشام في بلدتهم.
ثم تتابعت حملات الخطف والاعتقال فقامت مجموعة تابعة لهيئة تحرير الشام في 4 أيلول بخطف القاضي (محمد نور حميدي) بعد أن دهمت مزرعته في بلدة اسقاط بالقرب من مدينة سلقين غرب إدلب.
وبعد يوم واحد تابعت هيئة تحرير الشام إجرامها فأعدمت ابن مدينة طيبة الإمام الشاب (بشار عبد الرحمن) البالغ من العمر 19 عامًا، بعد شهرين من اختطافه من مكان عمله، من دون معرفة الأسباب التي دفعت هيئة تحرير الشام إلى اختطافه وإعدامه.
ثم أقدمت (تحرير الشام) صباح الإثنين 10 أيلول 2018م على خطف الشيخ (عبد الوهاب الخطيب) إمام جامع التقوى في مدينة كفرنبل بريف إدلب الجنوبي من أمام منزله، لتقتاده إلى سجن العقاب سيئ الصيت. وقد قامت بهذا الاختطاف بعد توجيه سلسلة من التهديدات للشيخ بمنعه من الخطابة في الجامع، والسبب هو أن خطبه تحرض الناس على الهيئة.
وفي 15 أيلول خطفت هيئة تحرير الشام (زاهر الشب) و (أحمد مروان القصير) من أبناء مدينة معرّة مصرين بريف إدلب. ثم أقدمت عناصر من فرع سجن العقاب على خطف (بلال قنطار) و (محمد قنطار) من قرية عين لاروز بعد أن قاموا بإطلاق النار على سيارتهما في كمين على طريق أرنبا عين لاروز.
وفي يوم الاثنين 17 أيلول قامت مجموعة من عناصر هيئة تحرير الشام باقتحام منزل الشيخ (أبو خالد الأحمد) إمام وخطيب مسجد أهل السنّة في قرية أطمة، واقتادوه عدّة ساعات ليخرج وعلى جسده آثار تعذيب واضحة. في حين قامت المجموعة ذاتها باعتقال الشيخ (مالك العبد الله) إمام وخطيب مسجد الفاروق في قرية أطمة، واقتادوه إلى أحد أفرعها الأمنية، حيث لايزال مصيره مجهولًا. وبحسب مصادر محلّية فإن أسباب الاعتقال ترجع إلى رفض الشيخين تنفيذ تعليمات وتوجيهات تحرير الشام بالدعوة إلى مظاهرات تحت رايتها، ورفض جمع التبرعات لها في مسجديهما.
هذا وتتزامن حوادث الاعتقالات التي تشنها (تحرير الشام) في مرحلة حرجة تمرّ بها الثورة السورية، وفي وقت تستعد فيه الفصائل الثورية لمواجهة الهجمة المحتملة من قبل روسيا وقوات النظام على مدينة إدلب، إلا أن (تحرير الشام) تستمر على مسيرتها في خدمة النظام باختطاف المجاهدين وتعطيل عجلة الثورة، محاوِلَةً تكرار ما فعلته في مدينة حلب عندما هاجمت الفصائل الثورية واستولت على مقراتها وسَرَقت أسلحتها.
إضافة تعليق جديد