الجولاني يعطي الضوء الأخضر لروسيا ويمهد الطريق للأسد... ما فحوى كلمته الأخيرة؟
أطلَّ (أبو محمد الجولاني) القائد العام لـ (هيئة تحرير الشام) مرّة جديدة بعد سلسلة من الصور والزيارات التي تظهره بمظهر المنقذ والمخلّص لمدينة إدلب وما تبقى من المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد، أطلّ بكلمة مسجّلة يتحدث فيها عن إدلب وما يخطط لها وعن جهود جماعته في الدفاع عنها!!
هذه الإطلالة تزامنت مع وصول تسجيل صوتي لـ (أبي بكر البغدادي) يحمّس فيه أتباعه ويتحدّث عن مفهوم الدولة بالنسبة إليه، ولا ينسى الإشارة إلى مدينة إدلب ليدّعي أنّ لجنوده صولة فيها وجولة!
يأتي هذان الظهوران في وقت يتحدّث فيه الكثيرون عن معركة مرتقبة ستشنّها روسيا وجيش النظام والميليشيات المساندة لها على مدينة إدلب، ليتضح أنّ (الجولاني) و(البغدادي) يمهّدان الطريق للأسد، ويعطيان المبرر لروسيا بالهجوم، ويسبغان المنطقة بالسواد والإرهاب والغلوّ الذي أرهق الثورة السورية وجعلها تصل إلى ما هي عليه اليوم.
وقال (الجولاني) في كلمته المسجلة: "إنّ كافّة الفصائل اجتمعت ووضعت خطة للدفاع عن إدلب وتحصينها، وصدّ أيّ حملة مرتقبة من نظام الأسد". وأضاف بأنّه بدأ تنفيذ الخطة على عدّة مراحل، مشيرًا إلى أنّ بداية الخطة كانت بإخراج المليشيات الإيرانية من كفريا والفوعة.
هكذا يحاول (الجولاني) أن يسوّق لنفسه من جديد من خلال تصوير عملية إخلاء كفريا والفوعة على أنّها إنجاز كبير يحسب له، وانتصار مدروس مسبقًا !!
وركّز (الجولاني) أيضًا على مصير (هيئة تحرير الشام) معتبرًا أنّها "الشوكة التي تحاول الدول إزالتها"، وقال: إنّ موضوع تسليم السلاح لا يقبل أيّ نوعٍ من التفاوض. وهذه إشارة منه إلى أنّه لا يقبل بحلّ الهيئة، وأنّه مستعدّ لخوض المعارك من أجلها ولو كانت على حساب إدلب والمدنيين فيها. وقد نقلت (شبكة إباء الإخبارية) عن (الجولاني) قوله: "إنّ سلاح الهيئة خط أحمر، ولا يقبل المساومة، ولن يوضع يومًا ما على طاولة المفاوضات".
كما تحدّث (الجولاني) عن إطلاق حملات أمنية على من سمّاهم "الخوارج، وتفكيك خلاياهم"، مضيفًا أنّه جرى اعتقال "رؤوس المصالحات" مع النظام في الشمال، وأنّ ما حصل في الجنوب السوري، "لن يُسمح بأن يمرر في الشمال".
واعتبر الباحث (عباس شريفة) على قناته الخاصة على تلغرام أنّ (الجولاني) يريد أن يخفي جريمته في صناعة الغلاة وتثخينهم، بخديعة أنّ جهازه الأمني يقوم اليوم بتفكيك خلاياهم، وكأنّ الحرب ليست بين غلاة وغلاة.
وأشار (الجولاني) في كلمته إلى أنّه جرى تقسيم الأدوار عبر غرفة عمليات مشتركة للفصائل. مشيرًا إلى أنّ (هيئة تحرير الشام) "تمدّ يدها لباقي الفصائل من أجل التنسيق والتعاون". وذلك بعدما كان يقاتل الثوار ويسرق أسلحتهم ويتهمهم بالعمالة والخيانة والعلمانية والانبطاح للجهات الخارجية !!!
وعن موقف (هيئة تحرير الشام) من نقاط المراقبة التركية والتشكيك بها قال (الجولاني): "لا يمكن الاعتماد على النقاط التركية في الشمال، فالمواقف السياسية يمكن أن تتغيّر بين اللحظة والأخرى". وذلك في رسالة واضحة منه إلى رفض الوجود التركي، وقد اعتبر (عباس شريفة) أنّ الجولاني يلمح لمفاصلة تركيا، و"قد بدأ حملة تكفير ممنهجة من الموجّهين الشرعيين في مقرّاته لأردوغان والحكومة التركية، متناسيًا أنّه هو من أشرف على نشر نقاط المراقبة التركية"!
ومن أولئك المطبّلين لـ (الجولاني) والمحرّضين على النقاط التركية مفتي الدم (أبو اليقظان المصري) إذ قال على قناة التلغرام الخاصة به: "نموذج الجيش الوطني تحت الرقابة التركية استوى على سوقه في ريف حلب الشمالي، وقد رأينا فيه وأد الجهاد وانتشار الفساد وتنحية الحاكمية، وليس لنا خيار في إدلب إلا الجهاد وفضح أصحاب هذا المشروع الاستسلامي".
أما (عبد الله المحيسني) فقد تلقى كلمة الجولاني بالترحيب فقال: "استمعت لكلمة الشيخ أبي محمد الجولاني حفظه الله والتي هي تهنئة بمناسبة عيد الأضحى .. تحدّث فيها عن معاني مهمّة، ولعلّ أبرزها ما يتعلق بأنّ الساحة إن ذهبت فستذهب على الجميع، وأنّنا اليوم أحوج ما نكون لرصّ الصفوف ورأب الصدع، وأنّ الرهان اليوم على سلاح المجاهدين أن لا يفلتوه من أيديهم مهما كلّف الثمن، وهي معاني موفّقة".
لا يخفى على أحد أنّ ظهور (الجولاني) في هذه المرحلة الحرجة، وأنّ تعليقات رؤوس الغلو على ما يجري في إدلب وفي الساحة السورية رسائل واضحة إلى روسيا للبدء بعملية عسكرية على ما تبقى من المناطق الخارجة عن نظام الأسد، وبذلك يمكن القول: إنّ الجولاني وأعوانه يعطون الضوء لروسيا ويمهّدون الطريق للنظام السوري للهجوم على إدلب كما فعل صاحبهم البغدادي عندما استدعى القوات الغازية وفتح أبواب الموصل لتتحول إلى ركام!
إضافة تعليق جديد