الجمعة 29 مارس 2024 الموافق 19 رمضان 1445 هـ

إضاءات فكرية

سؤال السيادة في الفكر الإسلامي المعاصر

11 رجب 1439 هـ


عدد الزيارات : 4836
فهد بن صالح العجلان

 

لمن السيادة في الدولة الإسلامية؟

يعدُّ هذا السؤال من أشهر الأسئلة المـُـثارة في الفكر السياسيّ الإسلاميّ المعاصر، ومنذ عشرات السنين ولا تزال الدّراسات المعاصرة تجيب عن هذا السؤال، وبإمكان المستقرئ لهذه الدراسات أن يستخرج مادة علميّة واسعة، وليس هذا كثيرًا على هذه القضية، فهي من القضايا المركزيّة في الفكر السياسيّ، بل هي الأساس لمعرفة غاية النظام السياسي، وأساس المشروعيّة فيه، والقبلة التي تتجه إليها القوانين كافّة في المجتمع.

لم يكن لهذا السؤال حضور في التراث الإسلاميّ بسبب أنّه أُثير بعد شيوع مفاهيم الفكر السياسيّ الغربيّ، حيث إنّ السيادة تعني: السلطة العليا التي لها حقّ إصدار القوانين، وإلزام النّاس بها جميعًا من دون أن تكون مقيّدة بشيء ولا أن تستمد مشروعيّتها من أحد، فهي سلطة واحدة مطلقة مقدسةانظر: تاريخ الفكر السياسي، لجان توشار (232و236)، تطور الفكر السياسي، لجورج سباين (3/556)، وتاريخ الفكر السياسي، لجان جاك شوفالييه (1/289)..

وقد نشأت فكرة السيادة نتيجة الصّراع الذي جرى في القرن السادس عشر الميلادي في فرنسا بين الملوك من جهة، والإقطاعيين والباباوات من جهة أخرى، فكانت هذه النظريّة سندًا فكريًا للملوك، لفرض سيطرتهم الداخليّة ضدّ الأمراء الإقطاعيين، ولفرض سيطرتهم الخارجية ضدّ الإمبراطور والبابا، وإذا كانت الكنيسة تتمتع بنظريّة الحقّ الإلهي لشرْعَنَةِ طاعتها وخضوع النّاس لها، فإنّ الملوك اتخذوا نظريّة السيادة سندًا شرعيًا لفرض طاعتهم، حيث صار الانضواء تحت الملك في تلك الحقبة عند عدد من الفلاسفة طوق نجاة للخلاص من التشرذم والانقسام الذي أحدثته الحروب الدينية، ثم تحوّلت السيادة بعد ذلك فانتقلت من المَلِكِ إلى الأمّة على يد الثورة الفرنسيّةانظر: تطور الفكر السياسي، لجورج سباين (3/549)، مبادئ نظام الحكم في الإسلام، لعبد الحميد متولي (171-172)، والدولة والسيادة في الفقه الإسلامي، لفتحي عبد الكريم (122-123)..

لهذا، ذهب عدد من المعاصرين إلى عدم الحاجة إلى طرح هذا السؤال في الفكر السياسيّ الإسلاميّ، فهو نشأ في ظلّ ظرف تاريخيّ واجتماعيّ مختلف، وبغرض تحقيق هدف معيّن، ولهذا فلا معنى لتكرار إعادة السؤال بعد انتهاء الحاجة منه في ظلّ مجتمع إسلاميّ لا يعاني إشكاليّة الإقطاع، ولا إشكاليّة السلطة الدينية التي كانت تسود التاريخ الأوروبيانظر: مبادئ نظام الحكم في الإسلام، لعبد الحميد متولي (171) وما بعدها، أصول نظام الحكم في الإسلام، لفؤاد عبد المنعم (115)، والدولة والسيادة في الفقه الإسلامي، لفتحي عبد الكريم.، خصوصًا "أنّ النظريّة الإسلاميّة لا تعرف مثل هذه السلطة المطلقة، وإنّما السلطة طِبقًا لها ترد عليها قيود مهمة"الدولة والسيادة في الفقه الإسلامي، لفتحي عبد الكريم (288).. فالشريعة إنّما عرفت السُّلطة والسلطان، أمّا السّيادة بهذا المعنى فـ "إنّ الاعتراف بالسّيادة لأيّ جهة إنسانيّة فكرة بعيدة عن الإسلام"فقه الشورى والاستشارة، لتوفيق الشاوي (574)..

ومع دقّة هذا الكلام وعمق نظرته، إلّا أنّ أكثر المعاصرين فضّلوا الإجابة عن هذا السؤال، والنّظر في مضمونه وحقيقته، والبحث عن إجابةٍ شافيةٍ له، بحسب ما يعرفون من أصول الفكر السياسيّ الإسلاميّ وقواعده.

ومن خلال تتبّع أجوبة المعاصرين نجدها تنحصر في ثلاثة اتجاهات رئيسية:

السيادة لله أو للشريعة، السيادة للأمة، والسيادة مزدوجة.

الاتجاه الأول: أنّ السيادة في الدولة الإسلاميّة لله أو للشريعة الإسلاميّة.

وقد ذهب إلى هذه الرؤية عدد غفير من المعاصرين، فمن أقوالهم مثلًا:

قال د.عبد الحكيم العيلي في "الحرّيات العامة" ص (215): "ومضمون ذلك: التفرقة بين السيادة وبين سلطة الحكم، فالسيادة بيد الله وحده، أما سلطة الحكم فهي مفوّضة إلى الأمّة تمارسها في حدود السيادة".

وقال د.فؤاد النادي في "نظرية الدولة في الفقه السياسيّ الإسلاميّ" ص (410): "ذلك يؤدي إلى عدم تردّدنا في نقض القول بأنّ الأمّة الإسلاميّة هي صاحبة السيادة، وأنّها منبع ومصدر السلطات في الدولة الإسلاميّة، ولا يخفف من هذه النتيجة –وهي رفض رأي أنّ الأمّة صاحبة السيادة ومصدرها- القول بأنّ هذه السيادة ترتبط بما قرره الشارع، بحيث تعدّ القواعد الشرعيّة الحدود الطبيعية التي لا يجوز لها أن تتخطاها، ذلك أنّ مثل هذا القول ينفي عن الأمّة بداهة أنّها صاحبة السيادة طالما أنّها لا تستطيع بمقتضى إرادتها العليا أن تضع قانونًا ملزمًا أو تقرّر أمرًا يخرج عن نطاق ما رسمه الشارع".

وقال د.صبحي عبده سعيد في "شرعية السلطة والنظام في حكم الإسلام" ص (69): "لا محل ولا مجال في ظلّ الإسلام ونظام الحكم فيه أن تُثار مسألة السيادة لمن تكون في المجتمع؟، لأنّ هذه السيادة تنعقد لله وحده، ولا يجترئ إنسان أن ينازعه هذا الاختصاص".

وقال الأستاذ محمد أسد في "نظام الحكم في الإسلام" ص (81): "أما الدولة الإسلاميّة ولو قامت كنتيجة لإرادة الشعب فظلّت خاضعة لإشرافه، فإنّما تستمد سيادتها من قبل الله، فإذا سادت وفق الشروط الشرعيّة فلها على رعاياها حق الطاعة والولاء".

وعدد غفير من الباحثين غيرهمانظر مثلًا: أبو الأعلى المودودي، الخلافة والملك (19و34و37)؛ أحمد محمد أمين، الدولة الإسلامية والمبادئ الدستورية الحديثة، ص (32)؛ وهبة الزحيلي، نظام الإسلام (188)؛ محمد العربي، دولة الرسول في المدينة (365)؛ صلاح الصاوي، نظرية السيادة (68)؛ عبد الكريم عثمان، النظام السياسي في الإسلام (118-119)؛ أبو المعاطي أبو الفتوح، حتمية الحل الإسلامي (65-66)؛ ضوء مفتاح غمق، السلطة التشريعية في نظام الحكم الإسلامي والنظم المعاصرة (33)؛ رائف النعيم، الشورى (24)؛ يعقوب المليجي، مبدأ الشورى (183-184)؛ محمد مفتي وسامي الوكيل، السيادة وثبات الأحكام (32)؛ إبراهيم محمد زين، السلطة في فكر المسلمين (31)؛ محمد فاروق النبهان، نظام الحكم في الإسلام (166)؛ يحيى السيد الصباحي، النظام الرئاسي الأمريكي والخلافة الإسلامية (534)؛ أحمد الحصري، الدولة وسياسة الحكم (126)؛ منظور الدين أحمد، النظريات السياسية الإسلامية في العصر الحديث (51)؛ سميح عاطف الزين، لمن الحكم؟ (164)؛ إسماعيل الكيلاني، لماذا يزيفون التاريخ ويعبثون بحقائقه؟ (272)؛ هشام أحمد عوض جعفر، الأبعاد السياسية لمفهوم الحاكمية (127)؛ صالح حسن سميع، أزمة الحرية السياسية في الوطن العربي (189)؛ علي محمد حسنين، رقابة الأمّة على الحكام (48-49)؛ جمال الدين عطية، مجلة المسلم المعاصر؛ عارف أبو عيد، السيادة في الإسلام (168)؛ د. علي يوسف الشكري، النظام الدستوري في الشريعة الإسلامية، ص (31)؛ عبد الحميد الأنصاري, الشورى وأثرها في الديمقراطية، ص (427)؛ محمد رأفت عثمان، رياسة الدولة في الفقه الإسلامي (387)؛ محمد سلام مدكور، معالم الدولة الإسلامية، ص (95)؛ توفيق الشاوي، فقه الشورى والاستشارة، (574)..

الاتجاه الثاني: أنّ السيادة أو مصدر السلطات هو للأمة، ومن أقوالهم هنا:

قال د.محمد ضياء الدين الريّس في "الإسلام والخلافة في العصر الحديث" ص (211): "فهي التي تقوم على الشورى في مبدئها وفي سيرها، وقانونها شرع الإسلام، والحاكم ليس إلا منفّذًا للشريعة، والأمّة هي صاحبة السيادة ومصدر السلطات".

وقال د. قحطان الدوري في "الشورى بين النظرية والتطبيق" ص (102): "الأمّة هي صاحبة السلطة العليا في البلاد، فهي الموجب الأول في العقد للإمام ولأعضاء مجلس الشورى، وهؤلاء هم الذين يمثلونها وينطقون باسمها، وهم الذين يسنّون القوانين على ضوء ما جاءت به الشريعة، ويسوسون النّاس بما يرضي الله ورسوله، والأمّة مشرفة عليهم ومراقبة لأعمالهم تعدّل الزيغ وتقوّم المعوج".

وقال الشيخ محمد بخيت المطيعي في "حقيقة الإسلام وأصول الحكم" ص (24): "ومن هنا تعلم أنّ المسلمين بعد وفاته -صلى الله عليه وسلم- ومبايعتهم أبا بكر على الوجه الذي حصل، كانوا أوّل من سنّ أنّ الأمّة مصدر جميع السلطات، وأنّها هي التي تختار من يحكمها بدين الإسلام، وشريعة الإسلام هي القانون الإلهي الذي وضع ذلك وجعله متبعًا في كل إمام وخليفة". وغيرهمانظر: محمد كامل ليلة، النظم السياسية (205)، سعد محمد خليل، تولية رئيس الدولة في الفكر السياسي الإسلامي والفكر السياسي الحديث (24)، محمد عمارة، الدولة الإسلامية بين العلمانية والسلطة الدينية (176)، عبد الغني بسيوني، النظم السياسية (58-59)، محمود حلمي، نظام الحكم الإسلامي مقارناً بنظم الحكم المعاصرة (40)، عبد الكريم زيدان، الفرد والدولة في الإسلام (28)، محمد يوسف موسى، نظام الحكم ص (77)، ومحمد معروف الدواليبي، الدولة والسلطة في الإسلام ص (43)..

أما الاتجاه الثالث فهو محاولة للتوفيق بين الرأيين والجمع بين الاتجاهين، فجعل هناك سيادة لله وسيادة للأمّة في الوقت نفسهانظر: النظريات السياسية الإسلامية لمحمد ضياء الدين الريس؛ نظام الحكم في عهد الخلفاء الراشدين لمحمد حمد الصمد (234)..

 

حقيقة الخلاف بين هذه الاتجاهات:

لن تجد عناءً حين تفحص هذه الاتجاهات لتصل إلى نتيجة ترى أنّها متفقة في المضمون وإن اختلفت في الصياغة، فليس ثَمَّ خلاف حقيقي بين هذه الاتجاهات، فهي تتفق جميعًا على أنّ للأمة سلطة في اختيار الحكومة التي تتولى أمرها، ولها سلطة على مراقبتها ومحاسبتها وخلعها، وليس لأحد أن يفرض على الأمّة ما لا تريد، غير أنّ هذه السلطة والسيادة مقيّدة بحدود الشريعة الإسلامية، فلا تستطيع أن تخالفها، ولا مشروعية لهذه المخالفة، فهذه السيادة محكومة قانونًا بسيادة وسلطة أعلى منها.

فهذه صورة المسألة عند الاتجاهات الثلاثة جميعًا، فمن قال: السيادة لله، قصد أنّ التشريع والطاعة المطلقة لله، وأما الأمّة فلها السلطان والحكم فيما لا يُعارض الشريعة. ومن قال: إنّ السيادة للأمة، فيعني: أنّ لها الاختيار فيما لا يتعارض مع الشريعة، فالمضمون متفق عليه والخلاف بينهما في تحديد مصطلح السيادة على أي شيء يكون؟ فهو خلاف في تنزيل مصطلح السيادة لا غير.

فقد "تناول الفكر الإسلامي المعاصر هذه المسألة فظهرت ثلاث نظريات: الأولى وترى أن السيادة للتشريع الإلهي، والثانية ترى أن السيادة للأمة، والثالثة أطلق عليها نظرية ازدواج السلطة، تقودنا جميعًا إلى سيادة للأمة الإسلاميّة مقيدة لصالح سيادة أسمى وأعلى منها مرتبة وهي سيادة التشريع المنزّل من عند الله"البيعة عند مفكري أهل السنة والعقد الاجتماعي في الفكر السياسي الحديث، لأحمد فؤاد عبد الجواد (347)..

وقد نبّه إلى كون الخلاف لفظيًا عدد من الباحثينانظر: السيادة في الإسلام، لعارف أبو عيد (168)، الخلافة الإسلامية بين نظم الحكم المعاصرة، لجمال المراكبي (417)، مبدأ المشروعية في النظام الإسلامي والأنظمة القانونية المعاصرة، لعبد الجليل محمد علي (224)، الأبعاد السياسية لمفهوم الحاكمية، لهشام أحمد عوض جعفر (134)، وأسس العلوم السياسية في ضوء العلوم الشرعية، لتوفيق الرصاص (37)..

وما دام أنّ الخلاف اصطلاحي، فهو مما يتوسع فيه، لهذا فـ "إذا أراد علماؤنا أن يصطلحوا على مفهوم جديد للسيادة لا يعرف الإطلاق ولا الأصالة ولا التفرّد ... إلى آخر ما عُرف من السيادة في الفكر الغربي، فلا مشاحّة في الاصطلاح، ويقال: سيادة مقيّدة بأحكام الشرع أو سيادة محكومة بضوابط الشريعة"نظرية السيادة لصلاح الصاوي (67)..

فما دام أنّ ثمَّ اتفاقًا على المضمون، فإنّ من يقرر بأنّ السيادة للشريعة لا يعارض -في واقع الأمر- من يقول بأنّ السيادة للأمّة، فهو يقول: "إذا كان لا بد من نسبة السيادة إلى جماعة أو هيئة من البشر فلا بد من التأكيد على أنّها سيادة نسبية محدودة بحدود الشريعة الإلهية"سيادة الشريعة الإسلامية في مصر، لتوفيق الشاوي (84)..

 

السيادة للشرع والسلطان للأمة:

وهذه صياغة معاصرة تجمع الاتجاهات جميعًا، فهي عبارة محكمة توضّح أنّ السلطة والحكم بيد الأمة، لكنّها مقيدة بالسيادة والتشريع الإلهي فلا تتعداه، فحقّ الأمّة في السلطة لا في السيادة، لأنّها محكومة، لهذا تجد الحديث عن الحكم والاختيار والسلطة والشورى والبيعة والنظام والحرية والرضا، يُقرن عند المؤلفين المعاصرين بأنه تحت شرع الله.

"فلا تعتبر البيعة شرعًا إلا برضا المسلمين ومشورتهم واتفاق غالبيتهم، لأنّها ابتداءً حقّ من حقوق الأمّة الإسلاميّة ترك الشرع لها اختيار من تريد أن يحكمها بالشرع"البيعة في الفكر السياسي الإسلامي، لمحمود الخالدي (109)..

"ليس من شك في أنّ الأمّة هي المكلّفة برعاية ذلك وتنفيذه، ولهذا يجب أن يكون سلطانها مطلقًا وسيادتها على بنيها عامّة غير مقيدة ولا محدودة إلا بما قيدها الله به وحدده لها"مناهج الحكم والقيادة في الإسلام، لأنور الجندي (27)..

"السلطة في النظام الإسلامي تخضع لقانون هو شريعة عامّة لا يملك الحُكّام مخالفتها، ولا تملك الأمّة ذاتها تعديلها أو تبديلها، وبذلك كانت الدولة الإسلاميّة التي أُقيمت في القرن السابع الميلادي أول دولة قانونية دستورية بالمعنى الصحيح"الدولة والسيادة في الفقه الإسلامي، لفتحي عبد الكريم (313)..

"وإنّما السلطة للأمّة تعطيها لجماعة بقيود، فليست سلطة مطلقة، وإنّما مقيدة بقيود مهمّة شرعية ورقابية وتأهيلية"الدولة الإسلامية بين التراث والمعاصرة، لتوفيق الواعي (61-62)..

"لا يستطيع الشعب تبديل وتعديل هذه القواعد، لأنّها ليست من صنعه، وإن كان قد ارتضى الخضوع لها والإيمان بها"تأصيل وتنظيم السلطة في التشريعات الوضعية والشريعة الإسلامية، لعدي زيد الكيلاني (145)..

فالأحكام الشرعيّة قيود قانونية لسلطة الأمة، لا تملك الخروج عنها ولا تجاوزها، لأنّ سلطتها مقيدة بسلطة شرعية أعلى منها.

 

حقيقة سيادة الأمة:

فحقيقة سيادة الأمّة التي تتفق عليها الاتجاهات جميعًا، أنّها سيادة تنفيذ للشرع، وليست سيادة تعلو عليها أو تنافسها أو تتخذ بديلة عنها:

"أساس حقّ الأمّة في الاختيار يكمن في كونها هي المخاطبة أصلًا بتنفيذ الشرع، ولتعذر قيامها بهذا الواجب بصورتها الجماعيّة، فإنها تُنيب من يقوم بهذا التنفيذ نيابة عنها وتحت إشرافها، ليقوم بتنفيذ ما هي مكلّفة به شرعًا"الدولة القانونية والنظام السياسي الإسلامي، لمنير البياتي (463)..

"هذه المسؤولية الضخمة الملقاة على عاتق الجماعة تقتضي أن يكون السلطان من حقّ الجماعة نفسها لتستعين به على تنفيذ ما هي مسؤولة عنه، وهو تنفيذ أحكام الشرع وإدارة شؤونها وفق هذه الأحكام"الفرد والدولة في الإسلام، لعبد الكريم زيدان (26)..

"رضاها أساس في صحة الولاية العامة، فمصدر سلطة الحاكم الأعلى في الدولة مستمدة من الشورى السياسية هذه أو الانتخاب الحر، ونعني بالسلطة هنا: سلطة تنفيذ شرع الله فيهم بما يستلزم ذلك من الاجتهاد التشريعي فيما لا نصّ فيه بالتفريع على مبادئه والمصالح الجدّية الحقيقية المعتبرة"خصائص التشريع الإسلامي، لفتحي الدريني (428)..

ومن يملك سيادة التنفيذ يملك التفويض، فالسلطة عقدٌ تفوّض الأمّة فيه من يحكمها بالشرع، فـ: "اختيار الخليفة من هذا الوجه يؤكد أنّ الخلافة ليست إلا عقد نيابة يتمّ بين الجماعة والخليفة، فتوكِل الجماعة إلى الخليفة أنْ يقوم فيها بأمر الله، وأنْ يدير شؤونها في حدود ما أنزل الله، ويقبل الخليفة أن يقوم بالأمر في الجماعة طِبقًا لما أمر الله"الإسلام وأوضاعنا السياسية، لعبد القادر عودة (99)..

فهي المخاطبة بالشريعة: "إن أساس حقّ الأمّة في انتخاب الخليفة، لأنّها هي المخاطبة في القرآن لتنفيذ أحكام الشرع وإقامة المجتمع السليم ونشر الإسلام في الآفاق، فالأمّة إذًا: مطالبة باختيار الحاكم من تحديد مسؤوليتها عن تنفيذ أحكام الإسلام، وهذه السلطة أوكلها إليها الشارع ثم كلّفها أن تختار خليفة عنها ليقوم عنها بمباشرة السلطة في تنفيذ ما هي مكلّفة به"نظام الحكم في الإسلام، لمنصور الرفاعي عبيد (66)..

"إذا كان الله -سبحانه وتعالى- هو أساس السلطة ومنبعها، فإنّ السلطة لا تستبدّ بأمرها طبقة مخصوصة، بل هي بأيدي عامة المسلمين، وهم الذين يتولّون أمرها، والقيام بشؤونها وفق ما تقتضيه أحكام الشريعة الإسلاميّة، فالإسلام يتيح حاكمية شعبية مقيدة تعمل في حدود السيادة الإلهية ونطاقها"النظام الدستوري في الإسلام، لمصطفى كمال وصفي (70)..

"الحاكم نائب عن الأمّة في تنفيذ حكم الله -سبحانه وتعالى- الذي اختارته، وهي التي تملك عزله، وهي التي وكّل إليها تقويمه إذا حاد، وتسديده إذا أخطأ"الشورى في ظل نظام حكم إسلامي، لعبد الرحمن عبد الخالق (82-83)..

"البيعة عقد، ثم إنّ هذا العقد وكالة، فالوكيل فيه هو الإمام، لأنّ النّاس يفوّضون إليه وظيفة رعاية شؤونهم والنظر فيها بما يحقق مصالحهم على وفق ما جاء به الشرع"أهل الحل والعقد في نظام الحكم الإسلامي، لعبد الله الطريقي (378).. وهذا يعني أنّ سيادة الأمّة سيادة مقيّدة:

"نادى القرآن بالحكم المقيّد بأمر الله، والمحكوم المنظوم بالشرعة الاجتماعية والأخلاقيّة، وأناط الرقابة على كل منهما لسلطة الأمّة الشورية"دستور الحكم والسلطة في القرآن والشرائع، لرفيق شنبور (21)..

"والحاكمية ليست مقيّدة لسلطة الدولة فقط، بل لسلطة الأغلبية في النظام الديمقراطي"الأبعاد السياسية لمفهوم الحاكمية، لهشام جعفر (204)..

"لأن الحاكم والمحكومين فيها مقيّدون بفكرة معيّنة، وبمجموعة من القيم الخلقية والتشريعية التي تكوّن إطارًا قانونيًا ملزمًا للجماعة بأسرها، ما جعلهم يطلقون عليها المبادئ فوق الدستورية"إرادة الأمّة في الفكر السياسي الإسلامي، لفضل الله محمد سلطح (120)..

"أما عن حدود سيادة الدولة، أو سيادة مجموع الأفراد المكوّنين للدولة الإسلاميّة، فهي الحدود التي فرضتها الشريعة الإسلاميّة، وللأمّة أن تضع أنظمتها وقوانينها في حدود هذه السيادة"أسس العلوم السياسية في ضوء الشريعة الإسلامية، لتوفيق الرصاص (37)..

"السلطة في الدولة الإسلاميّة إنْ كانت تستمد مشروعيتها وأساس وجودها من رضا الشعب واختياره وتوكيله إياها بالسهر على شؤونه، إلا أنّها مقيّدة بأن تحكم بما أنزل الله"أهداف ومجالات السلطة في الدولة الإسلامية، لفوزي طايل (299)..

"سياسة الدولة الإسلاميّة سياسة مقيّدة بحكم الشريعة الإسلاميّة، ذلك التقييد الذي لا يؤدي إلى تعطيل نصّ أو الخروج عليه أو مجافاة قاعدة من القواعد الإسلامية"معالم النظام السياسي في الإسلام، لمحمد الشحات الجندي (150)..

"وأما حدود سيادة الأمّة أو سيادة مجموع الأفراد المكونين للدولة الإسلامية، فهي القيود والحدود التي فرضتها الشريعة الإسلامية على ممارسة هذه السيادة، وليس للأمّة مجتمعة أو متفرقة، متفقة مع رئيس الدولة أو مختلفة معه، ممثلة في هيئة تأسيسية أو غير ممثلة، أنْ تتصرف فيما جعله الله حقًا للأفراد أو واجبًا على الأفراد أو الجماعات.. وللأمّة الإسلامية أن تكيّف نظمها وتضع القوانين والدساتير في حدود هذه السيادة"نظام الحكم الإسلامي مقارنًا بالنظم المعاصرة، لمحمود حلمي (40)..

"جعل -سبحانه وتعالى- الأمّة الإسلاميّة صاحبة السلطان في شؤونها ما دامت تستعمل ذلك السلطان في حدود الكتاب والّسنّة"الدين والدولة في الإسلام، للسنهوري (94)؛ بواسطة كتاب الإسلام والسياسة لمحمد عمارة..

وإذا كانت سيادة مقيدة، فإنّ مخالفة الشريعة تفقد السيادة شرعيتها، فلا يكون لها اعتبار:

"وبذلك تكون سيادة الأمّة مقيّدة بهذا التشريع الإلهي، فإذا تجاوزته فقدت مشروعيتها، وفي التحليل النهائي فإننا نجد أنفسنا أمام سيادة للأمّة الإسلامية مقيدة لصالح سيادة أسمى وأعلى منها مرتبة، وهي سيادة التشريع المنزّل من عند الله"مبدأ المشروعية في النظام الإسلامي والأنظمة القانونية المعاصرة، لعبد الجليل محمد علي (224)..

"يعتبر الالتزام بتحقيق ذلك الهدف في الدولة الإسلاميّة، هو الحدّ الأدنى اللازم لوجوب طاعة القائم على السلطة"شرعية السلطة في الإسلام، لعادل فتحي ثابت (294)..

"فلا تستطيع السلطة الحاكمة تجاوز الحدود المقررة في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يستطيع الأفراد أن يتواطؤوا أو يمالئوا حاكمًا على إهدار أحكام الشريعة"من أصول الفكر السياسي الإسلامي، لمحمد فتحي عثمان (419)..

"البيعة المرادة بالشرع انتخاب حقيقي، يعبّر فيه النّاس عن اختيارهم شخص الخليفة الذي سيتولى أمورهم، وطبيعي أن يلتزم المبايعون بالطّاعة ما التزم الخليفة بأحكام الدين وتقيد بها"قاعدة الشورى في مجتمع معاصر، لأحمد أبو شنب (74)..

"لا شرعيّة لتصرف يخالف كتاب الله أو سنته ولا ينسجم معهما"الحقوق والحريات في الشريعة الإسلامية، لرحيل غرايبة (442)..

"لقد أدرك الصحابة -رضي الله عنهم- هذا الأصل، وهو مبدأ مشروعيّة ما يصدر عن الإمام من أوامر، وأنّه لا بدّ لها أن تكون مشروعة غير مصادمة للكتاب والسنة، وإلّا فقدت قيمتها ووجب رفضها وعدم تنفيذها"الحرية أو الطوفان، لحاكم المطيري (67)..

 

السيادة بين الفكر الإسلامي والفكر الغربي:

لقد كان الفكر السياسيّ المعاصر واعيًا بالفرق الجذريّ بين مفهوم السيادة في الفكر الغربيّ ومفهومها في الفكر الإسلاميّ، فالقائلون بأنّ السيادة لله أو السيادة للأمة أو السيادة مزدوجة كانوا واعين بأنّ هذه السيادة – أيًا كانت- تختلف جذريًّا عن السيادة في الفكر الغربي، لأنّها سيادة مقيدة ليست مطلقة، وسيادة تستمد شرعيتها من الشريعة، وليست سامية ومستقلّة عنها، لهذا عقدوا المقارنة بين مفهوم السيادة في الفكر الغربي ومفهومها في الفكر الإسلامي، فأظهروا الفروق الجذريّة التي تكشف اختلاف السيادة في المنظومتين:

1. مصدر السيادة: "فمصدر السيادة في العقيدة هو الله، وفي النظريات الغربيّة فمردّها إلى الإرادة العامة للأمة"نظرية السيادة، لصلاح الصاوي (74)..

"الديمقراطية تصدر عن فكرة: أن الشعب سيد نفسه ليحكم نفسه بالمنهج الذي يراه مناسبًا، وهذا مغاير للإسلام رأسًا، لأنه قائم على التسليم لله وحده بسلطة التشريع"القيود الواردة على سلطة الدولة في الإسلام، لعبد الله الكيلاني (79)..

"السيادة في الديمقراطية الغربيّة تعني: أنّ إرادة الشعب هي العليا، وأنّها في أمور السياسة والحكم والتشريع تبرم ما تشاء وتنتقض ما تشاء، لا يحدّها في ذلك حدّ..، أما السيادة في الفكر السياسي الإسلاميّ فإنّها محدودة من جانب واحد ومطلقة من الجانب الآخر، ففي الجانب الأول يحدّها القرآن والسنة اللذان يعتبران من القواعد فوق الدستورية التي تلتزم السلطة التأسيسية باحترامها حين تضع الدستور"الشورى والديمقراطية، لعلي لاغا (129)..

في "حين أنّ الحكّام في الديمقراطية الغربيّة بإمكانهم أن يفعلوا باسم الأمّة ما يشاؤون، لأنّ إرادة الأمّة لا تعلوها إرادة"نظام الحكم في عهد الخلفاء الراشدين، لحمد محمد الصمد (234)..

 

2. أنّ سلطة الأمّة السياسية في الفكر الإسلاميّ تعمل في إطار الأحكام الإسلاميّة ولا اعتبار لها فيما خالف ذلك: "فالمبدأ الإسلاميّ يعمل في إطار الأحكام الإسلاميّة التي وردت بها النصوص الصحيحة الصريحة وما أجمعت عليه الأمة، بحيث لا تتعارض مع ما يمكن أن يطلق عليه النظام العام للإسلام، ولو تعارض فهو مجرد رأي مبدّد الأثر جملة وتفصيلًا"الدولة الإسلامية وسلطتها التشريعية، لحسن صبحي (241)..

"ومن ثَمَّ، فاجتهاد المسلمين إنّما هو داخل هذه المقاييس، ولكنّ الديمقراطية تترك للبشر حريّة وضع هذه المقاييس"الحكومة والدولة في الإسلام، لأحمد شلبي (56)..

بخلاف سلطة الأمّة في الفكر الغربيّ، فإنّها سلطة مطلقة لا يحدّها شيء من خارجها: "فإذا كانت سلطة الأمّة لا تملك الخروج عن هذه النصوص، ولا التعديل أو التبديل فيها، ولا الزيادة أو النقصان منها ولا نسخها، فإنها بذلك تختلف اختلافًا جوهريًّا عن سلطة الأمّة في الديمقراطيات الغربيّة، فسلطة الأمّة في هذه الديمقراطيات مطلقة، فالقرارات التي يصدرها المجلس الممثّل لها تصبح قانونًا واجب النفاذ وتجب له الطاعة، حتى إنْ جاءت مخالفة للقانون الأخلاقي، أو متعارضة مع المصالح الإنسانيّة العليا"الدولة والسيادة في الفقه الإسلامي، لفتحي عبد الكريم (319)..

"منطلق الأساس الفكريّ لمصطلح الديمقراطية يعطي أفراد المجتمع السياسي سلطات شبه مطلقة في رسم مناهج حياة الشعب في مدلولها الاجتماعي بالصورة التي يرضونها وعلى الطريقة التي يرونها دون حدود أو قيود إلا حدود الدستور، وحتى هذا الأخير يكون قابلًا للتغيير والتعديل ... أما في ظلّ الأساس الشرعيّ لمصطلح الشورى، فإنّ الجماعة السياسية تكون مقيدة في ثبوتها وفي دلالتها بالكتاب والسنة بما يتلاءم مع متغيرات الزمان والمكان"مبدأ الشورى قواعده وضماناته، لنزار عتيق (92)..

وأقوال كثيرة عند المعاصرين تقرر هذا المعنىانظر: الخلافة الإسلامية بين نظم الحكم المعاصرة، لجمال المراكبي (417)، نظام الحكم في الإسلام بين النظريات والتطبيق، لأحمد عبد الله مفتاح (432)، الأبعاد السياسية لمفهوم الحاكمية، لهشام جعفر (131)، المشاركة في الحياة السياسية في ظل أنظمة الحكم المعاصر، لمشير المصري (85)، مبدأ الشورى قواعده وضماناته، لنزار عتيق (92)، والمشاركة في الحياة السياسية في ظل أنظمة الحكم المعاصر، لمشير المصري (85)..

 

3. صلاحية التشريع في النُّظم السياسية المعاصرة تتسع لكل شيء لا يعارض الدستور، بل لها تعديل الدستور نفسه: "في الزمن المعاصر فإنّ السلطة التشريعية بإمكانها أن تشرّع ما تشاء من الأحكام فيما لا يتعارض مع الدستور، بل هي تملك عادة هذا التعديل في مواد الدستور طبقًا لإجراءات معيّنة، ولا يفوتنا في هذا المقام أن نذكر أنّ الهيئة التأسيسية في الأمّة لها الحق في أن تضمّن الدستور ما تشاء من الأحكام، ومعنى هذا أنّ الدستور ذاته عُرضة للتعديل جزئيًا أثناء الحياة النيابية، وكليًا عندما ترغب الأمّة في إيقاف العمل بالدستور ليحل محله دستور جديد.

وفي المقابل فإنّ القرآن الكريم دستور الأمّة الإسلامية إذا صح التعبير، وكذلك السنة النبوية الصحيحة، كلاهما ثابت لا تغيير فيهما ولا تبديل"الدولة الإسلامية وسلطتها التشريعية، لحسن صبحي (296)..

"ولكنه ليس كالنظام الديمقراطي الحديث في أنّ الشعب يملك التشريع وتعديل النظام كيف يشاء"النظام الدستوري في الإسلام، لمصطفى كمال وصفي (14)..

"أما سلطة البرلمان فهي مشرّعة الأبواب، فمن حقها التشريع المطلق في كافّة المجالات، وكل نظام فهو قابل للتغيير والتبديل"أهل الحل والعقد صفاتهم ووظائفهم، لعبد الله الطريقي (159-160)..

"أما سلطات المجلس النيابيّ في الديمقراطية المعاصرة فمطلقة، وإذا كان الدستور يقيدها، فإنّ الدستور نفسه قابل للتغيير، ولذلك يقال إنّ الأمّة مصدر السلطات في الديمقراطية المعاصرة على الإطلاق، ولكنّ في الدولة الإسلاميّة: فمصدر السلطات الكتاب والسنّة النبويّة، أي أن مصدر السلطة هو الشريعة الإسلاميّة، وإذا قلنا إنّ الأمّة الإسلاميّة مصدر السلطات فنضيف إلى ذلك أنها مقيدة بنصوص الشريعة"نظرية الخلافة في العصر الحديث، لإسماعيل محمد عيسى شاهين (رسالة دكتوراه) ص (260).. وأقوال أخرى كثيرةانظر: النظم الإسلامية والمذاهب المعاصرة، لحسن عويضة (227-228)، القيود الواردة على سلطة الدولة في الإسلام، لعبد الله الكيلاني (76-77)، في فقه السياسة، لإسماعيل الخطيب (139)، والخلافة والخلفاء الراشدون، لسالم البهنساوي (63)..

 

4. أنّ الدولة في الفكر الغربيّ تنشأ أولًا ثم تضع ما تشاء من القوانين، وأما في الفكر الإسلاميّ فهي إنّما نشأت طبقًا لمبادئ القانون الإسلاميّ، "فالدولة تنشأ أولًا، ثم يدور البحث في تكييف ما يلائمها، أمّا الدولة في الإسلام فإنها نشأت طبقاً لمبادئ القانون الإسلاميّ"معالم الدولة الإسلامية، لمحمد سلام مدكور (121)..

"المفهوم الإسلامي يخالف الديمقراطية في أساس وجودها، فالتشريع في الإسلام سابق على الأمّة وعلى الدولة، وهو يحكمها بتشريعه الإلهي ولا تحكمه هي بتشريعها الوضعي"القيود الواردة على سلطة الدولة في الإسلام، لعبد الله الكيلاني (76)..

لهذا فسيادة الأمّة في الفكر الغربيّ قائمة على تهميش الدين، بخلاف السيادة في الإسلام:

"تقوم الديمقراطية أساسًا على مبدأ فصل الدين عن المجتمع، وولادتها جاءت بعد مفارقة الدين"في فقه السياسة، لإسماعيل الخطيب (139)..

"كما أنّ هذه الديمقراطية تسعى لحكم الدنيا بقوانين وضعية على خلاف شرع الله، بمعنى أنها تسعى لتعديل حكم الله، أما نظام الحكم في الدولة الإسلاميّة فيسعى لحفظ الدّين ونشره وحمايته وحكم الدنيا به"الدولة ونظام الحكم في الإسلام، لحسن السيد بسيوني (102)..

فـ "معيار الصّواب في ظلّ هذه الشرعيّة يتمثّل في مدى تعبير المشرّع عن إرادة الأمة، ومدى تلبيته لأهوائها ورغائبها، ومدى خضوعه لقاعدة دستورية القوانين"نظرية السيادة، لصلاح الصاوي (79)..

 

الخلاصة:

هذه الاتجاهات والمواقف ترسم لنا معالم رؤية واضحة في فهم وإدراك (السيادة)، وأنّ عامّة المؤلفين في الفكر السياسيّ الإسلاميّ كانوا يسيرون على جادّة بيّنة ومتماسكة في التمييز بين السيادة في الفكر الغربيّ والفكر الإسلاميّ، غير أنّ ضغط المفاهيم الغربيّة قد شتّت الرؤية عند بعض الإسلاميين وأربك خطواتهم، فأصبحت تسير في طرق متناقضة، تسير على جادّة الفكر الإسلاميّ حينًا، وتأخذ من الفكر العَلمانيّ شيئًا آخر، وهي قصة سنرسم ملامحها ونحكي تفاصيلها في المقالة القادمة بإذن اللهينظر مقال: سؤال السيادة.. والإجابات المتعثِّرة، للمؤلّف، http://alabasirah.com/node/758.

 

المصدر: مجلة البيان العدد 303 ذو القعدة 1433هـ، سبتمبر 2012م.

1 - انظر: تاريخ الفكر السياسي، لجان توشار (232و236)، تطور الفكر السياسي، لجورج سباين (3/556)، وتاريخ الفكر السياسي، لجان جاك شوفالييه (1/289).
2 - انظر: تطور الفكر السياسي، لجورج سباين (3/549)، مبادئ نظام الحكم في الإسلام، لعبد الحميد متولي (171-172)، والدولة والسيادة في الفقه الإسلامي، لفتحي عبد الكريم (122-123).
3 - انظر: مبادئ نظام الحكم في الإسلام، لعبد الحميد متولي (171) وما بعدها، أصول نظام الحكم في الإسلام، لفؤاد عبد المنعم (115)، والدولة والسيادة في الفقه الإسلامي، لفتحي عبد الكريم.
4 - الدولة والسيادة في الفقه الإسلامي، لفتحي عبد الكريم (288).
5 - فقه الشورى والاستشارة، لتوفيق الشاوي (574).
6 - انظر مثلًا: أبو الأعلى المودودي، الخلافة والملك (19و34و37)؛ أحمد محمد أمين، الدولة الإسلامية والمبادئ الدستورية الحديثة، ص (32)؛ وهبة الزحيلي، نظام الإسلام (188)؛ محمد العربي، دولة الرسول في المدينة (365)؛ صلاح الصاوي، نظرية السيادة (68)؛ عبد الكريم عثمان، النظام السياسي في الإسلام (118-119)؛ أبو المعاطي أبو الفتوح، حتمية الحل الإسلامي (65-66)؛ ضوء مفتاح غمق، السلطة التشريعية في نظام الحكم الإسلامي والنظم المعاصرة (33)؛ رائف النعيم، الشورى (24)؛ يعقوب المليجي، مبدأ الشورى (183-184)؛ محمد مفتي وسامي الوكيل، السيادة وثبات الأحكام (32)؛ إبراهيم محمد زين، السلطة في فكر المسلمين (31)؛ محمد فاروق النبهان، نظام الحكم في الإسلام (166)؛ يحيى السيد الصباحي، النظام الرئاسي الأمريكي والخلافة الإسلامية (534)؛ أحمد الحصري، الدولة وسياسة الحكم (126)؛ منظور الدين أحمد، النظريات السياسية الإسلامية في العصر الحديث (51)؛ سميح عاطف الزين، لمن الحكم؟ (164)؛ إسماعيل الكيلاني، لماذا يزيفون التاريخ ويعبثون بحقائقه؟ (272)؛ هشام أحمد عوض جعفر، الأبعاد السياسية لمفهوم الحاكمية (127)؛ صالح حسن سميع، أزمة الحرية السياسية في الوطن العربي (189)؛ علي محمد حسنين، رقابة الأمّة على الحكام (48-49)؛ جمال الدين عطية، مجلة المسلم المعاصر؛ عارف أبو عيد، السيادة في الإسلام (168)؛ د. علي يوسف الشكري، النظام الدستوري في الشريعة الإسلامية، ص (31)؛ عبد الحميد الأنصاري, الشورى وأثرها في الديمقراطية، ص (427)؛ محمد رأفت عثمان، رياسة الدولة في الفقه الإسلامي (387)؛ محمد سلام مدكور، معالم الدولة الإسلامية، ص (95)؛ توفيق الشاوي، فقه الشورى والاستشارة، (574).
7 - انظر: محمد كامل ليلة، النظم السياسية (205)، سعد محمد خليل، تولية رئيس الدولة في الفكر السياسي الإسلامي والفكر السياسي الحديث (24)، محمد عمارة، الدولة الإسلامية بين العلمانية والسلطة الدينية (176)، عبد الغني بسيوني، النظم السياسية (58-59)، محمود حلمي، نظام الحكم الإسلامي مقارناً بنظم الحكم المعاصرة (40)، عبد الكريم زيدان، الفرد والدولة في الإسلام (28)، محمد يوسف موسى، نظام الحكم ص (77)، ومحمد معروف الدواليبي، الدولة والسلطة في الإسلام ص (43).
8 - انظر: النظريات السياسية الإسلامية لمحمد ضياء الدين الريس؛ نظام الحكم في عهد الخلفاء الراشدين لمحمد حمد الصمد (234).
9 - البيعة عند مفكري أهل السنة والعقد الاجتماعي في الفكر السياسي الحديث، لأحمد فؤاد عبد الجواد (347).
10 - انظر: السيادة في الإسلام، لعارف أبو عيد (168)، الخلافة الإسلامية بين نظم الحكم المعاصرة، لجمال المراكبي (417)، مبدأ المشروعية في النظام الإسلامي والأنظمة القانونية المعاصرة، لعبد الجليل محمد علي (224)، الأبعاد السياسية لمفهوم الحاكمية، لهشام أحمد عوض جعفر (134)، وأسس العلوم السياسية في ضوء العلوم الشرعية، لتوفيق الرصاص (37).
11 - نظرية السيادة لصلاح الصاوي (67).
12 - سيادة الشريعة الإسلامية في مصر، لتوفيق الشاوي (84).
13 - البيعة في الفكر السياسي الإسلامي، لمحمود الخالدي (109).
14 - مناهج الحكم والقيادة في الإسلام، لأنور الجندي (27).
15 - الدولة والسيادة في الفقه الإسلامي، لفتحي عبد الكريم (313).
16 - الدولة الإسلامية بين التراث والمعاصرة، لتوفيق الواعي (61-62).
17 - تأصيل وتنظيم السلطة في التشريعات الوضعية والشريعة الإسلامية، لعدي زيد الكيلاني (145).
18 - الدولة القانونية والنظام السياسي الإسلامي، لمنير البياتي (463).
19 - الفرد والدولة في الإسلام، لعبد الكريم زيدان (26).
20 - خصائص التشريع الإسلامي، لفتحي الدريني (428).
21 - الإسلام وأوضاعنا السياسية، لعبد القادر عودة (99).
22 - نظام الحكم في الإسلام، لمنصور الرفاعي عبيد (66).
23 - النظام الدستوري في الإسلام، لمصطفى كمال وصفي (70).
24 - الشورى في ظل نظام حكم إسلامي، لعبد الرحمن عبد الخالق (82-83).
25 - أهل الحل والعقد في نظام الحكم الإسلامي، لعبد الله الطريقي (378).
26 - دستور الحكم والسلطة في القرآن والشرائع، لرفيق شنبور (21).
27 - الأبعاد السياسية لمفهوم الحاكمية، لهشام جعفر (204).
28 - إرادة الأمّة في الفكر السياسي الإسلامي، لفضل الله محمد سلطح (120).
29 - أسس العلوم السياسية في ضوء الشريعة الإسلامية، لتوفيق الرصاص (37).
30 - أهداف ومجالات السلطة في الدولة الإسلامية، لفوزي طايل (299).
31 - معالم النظام السياسي في الإسلام، لمحمد الشحات الجندي (150).
32 - نظام الحكم الإسلامي مقارنًا بالنظم المعاصرة، لمحمود حلمي (40).
33 - الدين والدولة في الإسلام، للسنهوري (94)؛ بواسطة كتاب الإسلام والسياسة لمحمد عمارة.
34 - مبدأ المشروعية في النظام الإسلامي والأنظمة القانونية المعاصرة، لعبد الجليل محمد علي (224).
35 - شرعية السلطة في الإسلام، لعادل فتحي ثابت (294).
36 - من أصول الفكر السياسي الإسلامي، لمحمد فتحي عثمان (419).
37 - قاعدة الشورى في مجتمع معاصر، لأحمد أبو شنب (74).
38 - الحقوق والحريات في الشريعة الإسلامية، لرحيل غرايبة (442).
39 - الحرية أو الطوفان، لحاكم المطيري (67).
40 - نظرية السيادة، لصلاح الصاوي (74).
41 - القيود الواردة على سلطة الدولة في الإسلام، لعبد الله الكيلاني (79).
42 - الشورى والديمقراطية، لعلي لاغا (129).
43 - نظام الحكم في عهد الخلفاء الراشدين، لحمد محمد الصمد (234).
44 - الدولة الإسلامية وسلطتها التشريعية، لحسن صبحي (241).
45 - الحكومة والدولة في الإسلام، لأحمد شلبي (56).
46 - الدولة والسيادة في الفقه الإسلامي، لفتحي عبد الكريم (319).
47 - مبدأ الشورى قواعده وضماناته، لنزار عتيق (92).
48 - انظر: الخلافة الإسلامية بين نظم الحكم المعاصرة، لجمال المراكبي (417)، نظام الحكم في الإسلام بين النظريات والتطبيق، لأحمد عبد الله مفتاح (432)، الأبعاد السياسية لمفهوم الحاكمية، لهشام جعفر (131)، المشاركة في الحياة السياسية في ظل أنظمة الحكم المعاصر، لمشير المصري (85)، مبدأ الشورى قواعده وضماناته، لنزار عتيق (92)، والمشاركة في الحياة السياسية في ظل أنظمة الحكم المعاصر، لمشير المصري (85).
49 - الدولة الإسلامية وسلطتها التشريعية، لحسن صبحي (296).
50 - النظام الدستوري في الإسلام، لمصطفى كمال وصفي (14).
51 - أهل الحل والعقد صفاتهم ووظائفهم، لعبد الله الطريقي (159-160).
52 - نظرية الخلافة في العصر الحديث، لإسماعيل محمد عيسى شاهين (رسالة دكتوراه) ص (260).
53 - انظر: النظم الإسلامية والمذاهب المعاصرة، لحسن عويضة (227-228)، القيود الواردة على سلطة الدولة في الإسلام، لعبد الله الكيلاني (76-77)، في فقه السياسة، لإسماعيل الخطيب (139)، والخلافة والخلفاء الراشدون، لسالم البهنساوي (63).
54 - معالم الدولة الإسلامية، لمحمد سلام مدكور (121).
55 - القيود الواردة على سلطة الدولة في الإسلام، لعبد الله الكيلاني (76).
56 - في فقه السياسة، لإسماعيل الخطيب (139).
57 - الدولة ونظام الحكم في الإسلام، لحسن السيد بسيوني (102).
58 - نظرية السيادة، لصلاح الصاوي (79).
59 - ينظر مقال: سؤال السيادة.. والإجابات المتعثِّرة، للمؤلّف، http://alabasirah.com/node/758

إضافة تعليق جديد