الأربعاء 13 نوفمبر 2024 الموافق 11 جمادي اول 1446 هـ

إضاءات فكرية

استتابةُ "تنظيم الدَّولة" للمعلِّمين... رؤية شرعية

03 جمادي اول 1439 هـ


عدد الزيارات : 7550
جهاد بن عبدالوهاب خيتي

 

  • واقع التعليم في المناطق المحررة:

عانى قطاعُ التّعليم في سورية بعد الثورة مِن مشكلات كثيرة، فما إن تتحرر منطقة مِن المناطق حتى تصبح المدارسُ ومَن فيها مِن معلّمين وطلابٍ عرضةً للقصف، وهدفًا لطائرات النّظام المجرم، فاستُشهد عدد كبير منهم داخل مدارسهم. 

وقد أَجبر تردّي الأوضاع الأمنية والاقتصادية في المناطق المحررة كثيرًا مِن السكّان على ترك مدنهم وقراهم؛ طلبًا للنجاة مِن الموت، أو تحصيلًا للقمة العيش؛ مما أصاب العمليةَ التّعليمة بالشّلل، ثمّ التّوقّف.

لكنّ هذا الأمر لم يستمر، فبالرغم مِن الدمار والظروف القاسية وهجرة كثير مِن السكان بمن فيهم الكوادر التعليمية، إلا أنّ قطاعَ التّعليم قد أُعيد إنعاشُه بجهودٍ حثيثةٍ مِن المعلمين المرابطين، وإدارات المجالس المحلية، الذين أخذوا على عاتقهم تغيير هذا الواقع، وحاولوا قدر استطاعتهم المضي بالعملية التعليمية إلى الأمام.

ومع ذلك فما زال هذا القطاع يعاني من العديد من الصعوبات والتي من أهمّها:

  1. نقص في الكوادر التربوية المتخصصة، نتيجة النزوح أو الهجرة لدول الجوار، أو الاعتقال.
  2. تغيّب الطلاب عن الدراسة نتيجة تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية، أو بسبب النزوح والهجرة.
  3. النّقص الحاد في مصاريف تشغيل المدارس، ولا سيما وسائل التدفئة في الشتاء.
  4. النقص في الكتب المدرسية ووسائل التعليم.

 

  • واقع التعليم في المناطق التي يسيطر عليها "تنظيم الدولة":

يزيد واقع التعليم في المناطق التي يسيطر عليها "تنظيم الدّولة" سوءًا، نتيجة الإجراءات التي اتخذها التنظيم في هذه القطاع.

فعندما كانت سيطرةُ التّنظيم على بعض المناطق غيرَ كاملة: عمل على السّيطرة على عددٍ مِن مراكز التعليم والمدارس واستخدمها كمقرات عسكرية له، وأغلق بعضَ المدارس الأخرى بحجّة وجود مخالفات شرعية! وأحياناً دون وجود مبرر، وأعاق أفرادُه عملياتِ الامتحانات الموحّدة للشهادات، وصادروا ممتلكات المدارس.

ثم لما سيطر على بعض المناطق بشكلٍ كاملٍ قام بجملةٍ من الإجراءات الخاصّة بالتعليم:

1- فأنشأ "ديوان التعليم في الدولة الإسلامية" عام 1435/2014م، وعيّن مسؤولًا عنه رجلًا يقال له "ذو القرنين" وهو ألماني مِن أصل مصري، وقد تولى بنفسه مديرية المناهج التي تقوم على إعداد المناهج الخاصة بالتّنظيم.

2- أصدر ديوانُ التعليم تعميمه الأول بتاريخ 1435هـالمذكور في التعميم السنة فقط دون ذكر اليوم والشهر.، والذي تضمن إلغاء عددٍ من المواد الدراسية مِن المناهج نهائيًّا وهي: (التربية الفنية الموسيقية، والتربية الوطنية، والدراسات الاجتماعية، والتاريخ، والتربية الفنية التشكيلية، والرياضة، وقضايا فلسفية واجتماعية ونفسية، والتربية الدينية الإسلامية، والتربية الدينية المسيحية)، "على أن تضاف مواد تعويضية من مديرية المناهج في الدولة"، كما شمل التعميم فقرات أخرى تتعلق بشطب جملة "الجمهورية العربية السورية" أينما وجدت، واستبدال "الدولة الإسلامية" بها، وطمس جميع الصور التي لا توافق الشريعة الإسلامية، وحذف النشيد العربي السوري أينما وجد، وعدم تدريس مفهوم الوطنية والقومية وإنما الانتماء للإسلام وأهله، واستبدال كلمة الوطن أو سورية أينما وجدت بـ"الدولة الإسلامية أو دولته الإسلامية أو بلاد المسلمين أو ولاية الشام"، وحذف أيِّ مثالٍ في مادة الرياضيات يدل على الربا أو الديموقراطية أو الانتخاب، وحذف ما يتعلق بنظرية داروين من مادة العلوم (انظر صورة رقم 1).

3- أعلن "ديوان التعليم في ولاية الرقّة" عن دورة شرعية مدتها أسبوع واحد ابتداءً من يوم السبت 5/11/1435هـ لكافة مديري ومعلمي المدارس ذكورًا وإناثًا، واعتبر حضور هذه الدورة شرطًا للتدريس في المدارس الخاضعة لسيطرته وإشرافه، وهدّد بالمسائلة "الشرعية" للمخالفين(انظر صورة رقم 2).

4- ثم أصدر ديوانُ التعليم في التنظيم التعميم الثاني بتاريخ 10/11/1435هـ، والذي تضمّن عددًا من القرارات، من أهمّها: اعتبار العام الدراسي 2013/2014 عام عبور لجميع المراحل الدراسية عدا السادس الابتدائي والطلبة الراسبين بسبب الغياب أو الغش، وبدء العام الجديد بتاريخ 14/11/1435 الموافق 9/9/2014م، إضافة لتكرار مجمل ما جاء في التعميم الأول (انظر صورة رقم 3 و4).

5- أصدر التنظيم بتاريخ 1436هـأيضاً بذكر السنة فقط دون ذكر اليوم والشهر. "سياسة التعليم في دولة الخلافة" وهي عبارة عن ورقتين تتضمن تعليمات بخصوص العام الدراسي، بداية اليوم الدراسي، ومدة الحصة الدراسية، وآلية الانتقال بين المراحل، وآلية الاختبار المركزي، وغير ذلك، واللافت للنظر في هذه السياسة تقليص عدد سنوات الدراسة في مرحلة التعليم العام لتكون ٩ سنوات بدل ١٢ سنة (انظر صورة رقم 5 و6.).

6- وفي 28/2/1436هـ أصدر "ديوان التعليم" (بيان وتعميم رقم 9) ينصّ على عدد من القرارات من أهمها: إيقاف الهيئة التعليمية الحالية عن العمل لحين الانتهاء من إعداد المناهج الجديدة، وإيقاف عمل جميع المعلمين السابقين إلى حين استتابتهم، ومنع تدريس المناهج القديمة، ومنع التحاق رعايا الدولة بالمدارس الواقعة خارجها لأنّها ترسّخ العقائد الكفرية (انظر صورة رقم 7.).

7- أصدر "ديوان التعليم" مجموعة مِن الكتب الدراسية التي تحمل فكر التنظيم وتتفق مع رؤيته، وفرضها على المدارس، وتم توزيعها في أقراص مدمجة على الطلاب والمعلمين، وهي متاحة على شبكة الإنترنت، وجميعها بتاريخ 1437هـ (انظر صورة رقم 8 و9.).

 

  • قرار الاستتابة:

أصدر تنظيم "الدولة" تعميماً يحمل الرقم 11 بتاريخ 24/4/1436هـ وهو "خاص بولايات الشّام فقط" يقضي بتكوين لجنة متخصّصة بوضع برنامج "استتابة المنتسبين للمنظومة التعليمية التابعة للحكومة النصيرية الكافرة"، وذلك يوم الجمعة 1/5/1436هـ الموافق 20/2/2015م. وحدّد التعميم المساجد التي سيتم استتابة المعلمين فيها بعد حضورهم الإجباري لخطبة وصلاة الجمعة، حيث ستتم استتابتهم بعد الصلاة، ومن تغيّب لعذر قاهر فلديه فرصة أسبوعين لإكمال إجراءات استتابته. أما بالنسبة للمعلمات فقد حدّد لاستتابتهن يوم الاثنين 4/5/1436هـ الموافق 23/2/2015م في أحد المراكز.

وقد نص التعميم على أنّ "مَن لم يحضر الاستتابة يُعدّ مصرّاً على ردّته، وبناء عليه تطبق بحقه الإجراءات القانونية المناسبة" (انظر صورة رقم 10).

ونصُّ الاستتابة وفق ما جاء في وثيقة الاستتابة (انظر صورة رقم 11) : "أنا الموقع أدناه، أتوب إلى الله مما وقعتُ فيه مِن الردّة، وأُعلن براءتي مِن انتمائي إلى المنظومة التعليمية، وبكل ما تورطت فيه من مناطات كفرية وخصوصًا الفكر البعثي وموالاة الطواغيت، وإنّي أخضع طواعية لحكم الله عز وجل، وأتعهد أن لا أعصي في معروف، وألا أقاتل المسلمين أو أعين على قتالهم بالقول أو العمل، وأنْ أعظّم حرمات الله وألا أتعدى حدوده، فإن غيّرت أو بدّلت فيجري علي حكمُ الله عز وجل". 

وقريبٌ مِن هذا النّصّ ما جاء في وثيقةٍ أخرى: "أتوب إلى الله مما وقعت فيه من ......... ومن تعليم المناهج الباطلة والقومية والوطنية والبعثية، ومِن العمل بالقوانين الوضعية والتحاكم إلى الطواغيت ...الخ"(انظر صورة رقم 12).

وقد توالت الإعلانات التي تُلزم المعلمين والمعلمات بالتوبة، وتحدّد لهم الأماكن التي ينبغي عليهم التوجه إليها(انظر صورة رقم 13و14). 

كما تتضمن وثيقةُ الاستتابة: التعهدَ بعدم إجراء أيِّ تواصلٍ مع النظام، وعدم استلام الرواتب منه، بما في ذلك المتقاعدون. وقد جاء في وثيقة الاستتابة: "أنّ الرزّاق هو الله، وأنّ التعويل على الطاغوت في الرزق أمرٌ غير جائز"http://www.raqqa-sl.com/?p=1151

وتستهدف الاستتابةُ كلَّ معلم أو معلمة قام بالتدريس -ولو ليوم واحد- منذ عام 1970م بالمدارس السورية، بمن فيهم المحالين للتقاعد، أو الذين تركوا التعليم منذ زمن، واحترفوا مهنة أخرىhttp://rozana.fm/ar/node/13048

والمدن التي أقيمت فيها مجالس الاستتابة هي: الرقة، ودير الزور، ومدينة الشدّادي وبلدة الهول في محافظة الحسكة، ومدينة الباب، وجرابلس، ومنبج في ريف حلب.

 

  • مبرر الاستتابة:

في الإصدار المرئي بعنوان: "التعليم في ظل الخلافة"http://menhagalnobowwa2.blogspot.com/2015/03/blog-post_76.html، يقول أحد مسؤولي التنظيم -وهو شخص لم يظهر في الفيديو التعريف به ولا بعمله، ويبدو جالسًا في المسجد ويخاطب المدرّسين الذين قَدِموا للاستتابة بعد صلاة الجمعة بقوله: "بارك الله فيكم على أنْ لبّيتم الدعوة إلى هذا الاجتماع وصلاة الجمعة في موضوع الاستتابة، فالأمر كما ذكره الشيخ في الخطبة حقيقةً هو قضيةُ جنةٍ ونار، فلذلك: الدولة أقامت هذه الاستتابة حتى لا نقع في الحرج الشّرعي، فلذلك قامت هيئةُ الإفتاء بعمل بحث حول المنظومة التعليمية، ونبشّركم بإذن الله أنّ المرحلة القادمة ونحن مازلنا فيها، وكما تعلمون لماذا أغلقنا هذه المنظومة التعليمية، لأنّا حاولنا في البداية أن نستعمل الوقت وأن ننقّح في المناهج، والمدارس تكون مفتوحة، ولكن أبى الكثير مِن المعلمين إلا أن يدرّسوا مادة الكفر، فكان أفضل شيء هو إغلاقها.

ونحن بإذن الله بصدد إعداد منظومة تعليمية جديدة، وبدأنا فيها بحمد الله وقطعنا فيها شوطًا كبيرًا، والآن في مرحلة إعداد المناهج، فالحمد لله نحن عندنا أكثر من أربعمائة أخ قائمين على إعداد مناهج خاصة بالدولة الإسلامية، وكل من يساهم في هذه المنظومة فهذا بإذن الله سوف يكون له أجر؛ لأنّك تعمل الآن في إنشاء منظومة تعليمية تنفع أبناء المسلمين، فهذا يدخل في العلم النافع، فنحن نريد بإذن الله أن نعيد للمعلم دوره الحقيقي في بناء الأجيال وبناء الأمّة، وهذا دوركم، وهذا هنيئًا لمن أراد أن يدخل في هذا الأمر،

وبإذن الله فنحن في مرحلة إعداد المعلمين، بعد ما ينتهي موضوع الاستتابة سوف يتم فتح باب الانتداب  لمن يريد أن ينتسب أو يعمل في مدارس الدولة الإسلامية".

 

  • مناطات الكفر الموجبة للاستتابة:

المناط الأول: أنّ النظام النصيري الحاكم في سورية يسعى مِن خلال قطاع التعليم إلى غرس الكفر والإلحاد، والمدرسون هم الأداة التي تنفّذ ما يريده ويسعى في تحقيقه وترسيخه في نفوس الأجيال.

ففي الإصدار المرئي "التعليم في ظل الخلافة"، يرد سؤال في أول الإصدار: "ما هو حكم المدرسين في المدارس التابعة للنظام؟" 

ليأتي الجواب من متحدث مجهول غير ظاهر ولم يتم التعريف به ليقول: "القطاع التعليمي يعتبر من أهم قطاعات الدول والأنظمة، والقطاع التعليمي في هذه البلاد استغلّه النظام الكافر لغرس الكفر والإلحاد.

والمدرّسون هم الأداة التي تنفذ ما يريده النظام ويسعى في تحقيقه وترسيخه في نفوس الأجيال".

 

المناط الثاني: أنّ جميع المدرسين السوريين أعضاء في نقابة المعلمين، وبما أن من أهداف نقابة المعلمين الدعوة إلى الكفر؛ فهم راضون بالكفر بمجرد انتسابهم إليها، وبالتالي فهم كفار.

ففي الإصدار المرئي: "التعليم في ظل الخلافة" وتتمة للكلام السابق يقول المتحدّث: "والمدرسون ومَنْ فوقهم مِن المدراء والمشرفين كلُّهم أعضاءٌ في هيئة نقابة المعلمين السورية؛ فالنقابة ذكرت في القانون الأساسي لها في المادة الثانية؛ ذكرت أهدافها: النضال من أجل تحقيق المجتمع العربي الاشتراكي الموحّد، بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي!

فها أنت أخي الكريم والمستمعون الكرام من خلال ما ذكرته لكم في أهداف النقابة والتي تشتمل على أربع مناطات كفرية:

  1. الدعوة إلى القومية.
  2. الدعوة إلى حزب البعث والرضوخ والانقياد إلى قيادة حزب البعث.
  3. الدعوة إلى الاشتراكية.
  4. الدعوة إلى تعزيز الثقافة الديمقراطية في نفوس الطلاب.

فهؤلاء المدرّسون التحقوا بالقطاع التعليمي مع علمهم بكفره وفساده، كما أنّ جميع المدرسين لا بدّ لهم أن ينتسبوا لهيئة نقابة المعلمين، والانتساب إليهم يعتبر إقرارًا ورضًا بما هم عليه، والرضا بالكفر كفر كما بيّنه العلماء رحمهم الله، ونقلوا الإجماع عليه".

 

المناط الثالث: تدريس مادة الكفر، فكما قال المتحدث في الإصدار المرئي "التعليم في ظل الخلافة": "ولكن أبى الكثير من المعلمين إلا أن يدرّسوا مادة الكفر" فمن أسباب الاستتابة إذن: تدريس "مادة الكفر"، وحيث أطلقَ المتحدثُ هذا الوصف على المواد التي يدرّسها المعلمون، فيكون المقصود بمادة الكفر: كلّ منهج دراسي صادر عن وزارة التربية والتعليم السورية!

وقد أصدرت هيئةُ البحوث والافتاء التابعة للتنظيم كتيّباً خاصاً، باسم: "رسالة توضيحية في بيان حكم المنظومة التعليمية في الحكومة السورية"، وتم توزيعه على جميع المعلمين والمعلمات المستتابين، ومِن أهم ما جاء في هذا الكتيّبموقع "المحامين السوريين الأحرار" http://fsla.org/index.php/rights/reports/month/97-2015-08-11-13-18-19:

  1. ذكر أهمية التّوحيد، وأنّه أصلُ الإسلام.
  2. أنّ مِن منهج "أهل السنة والجماعة" وأصولهم أخذ الناس بالظاهر، والحكم عليهم بما ظهر مِن أفعالهم دون البحث عن السرائر.
  3. أنّ مِن أهم مسائل الدين معرفة الأسماء والأحكام، والمقصود بالأسماء: مؤمن وكافر، موحّد ومشرك، صالح وفاسق، والأحكام هي ما يترتب على هذه الأسماء مِن أحكامٍ في الدنيا والآخرة.
  4. أنّ مِن أهم القضايا التي لابدّ مِن معرفتها وإنزال حكم الله فيها: قضية التعليم؛ لأنّه القطاع المعبّر عن دين ومنهج الدّول والأنظمة، وأهميته لا تقل عن أهمية القطاع العسكري، بل هو أعظمُ منه؛ لأنّ القطاع العسكري يُرضِخ الناسَ للطاغوت بالحديد والنار، أمّا المنظومة التعليمية فقد وُضعت لطمس معالم الدّين، وتعبيد الناس للطاغوت، وبما أنّ المنظومة التعليمية في سورية قامت على بثِّ أفكار الإلحاد والكفر والانحلال الخلقي والعقائدي، وإبعاد المسلمين عن الدين الصافي؛ فلا بدَّ مِن معرفة حكم الجهاز التعليمي والمنتسبين له.
  5. حُكمُ النّظام في سورية أنه نظامٌ طاغوتي بعثي نصيري اشتراكي قومي، وكلُّ وصفٍ مِن هذه الأوصاف كافٍ وحده في تكفيره.
  6. ذكْرُ القانون الأساسي لنقابة المعلمين، وبيان ما تهدف إليه النقابة مِن نشر الفكر القومي والاشتراكي، وما تريد تحقيقَه مِن تعزيز الثقافة الديمقراطية، وغرس القيم الوطنية والقومية في نفوس الطلاب، وأنّ هذا يشمل خمس مكفرات هي: الدعوة للقومية، والدعوة لحزب البعث، والدعوة للاشتراكية، والوطنية، والدّيمقراطية.
  7. تفصيل ما تشمله الديمقراطية مِن بنود كفرية، وهي: حكم الشّعب، والتّداول السّلمي للسُّلطة، والفصل بين السُّلطات، واستقلال القضاء، واحترام حقوق الإنسان، وسيادة القانون على الجميع، مع تفنيد حكم كلٍ منها.
  8. المنظومة التعليمية التابعة للنظام قائمة على الكفر وترسيخه والدعوة إليه، والمنتسبون إلى هذه المنظومة هم كفارٌ، وحكمُهم الردّةُ عن دين الله؛ لأنهم أصبحوا جزءًا منها، وهم الأداة الفعّالة فيها، وهم ليسوا فقط مؤيّدين للكفر ومدافعين عنه كالجيش، بل هم دعاةُ الكفر والمرسّخين للمبادئ الكفرية والإلحادية.
  9. المعلمون والمعلمات والمديرون والمشرفون كلّهم جزءٌ مِن نقابة المعلمين الكافرة بسبب ما تدعوا إليه.
  10. مناقشة دعوى الإكراه والاضطرار التي قد يعتذّر بها المنتسبون للمنظومة التعليمية في سورية "بأنّ الحاجة إلى المال لا تُبيح للإنسان أن يقتحم بابَ الكفر، ويلج فيه مِن أجل تحصيل مصلحة دنيوية".

 

  • الرد على هذه المزاعم:

1. لا شك أنّ النّظامَ المجرم في سورية نظام كافر، وأسباب كفره كثيرة، منها: 

- أنّ معظم المنتمين له من النصيرية، والنصيرية طائفةٌ خارجة عن الإسلام باتفاق أهل العلم.

- أنّه يقوم على مبادئ "حزب البعث العربي الاشتراكي"، وهذا الحزب حزبٌ إلحادي كفري علماني، ينادي بفصل الدين عن الدولة، بل إنّه ينحّي العقيدة الإسلامية جانبًا ولا يقيم لها وزنًا، ويعاديها، ويجعل مِن أساسيات بعث الإنسان العربي الجديد: الكفر بالله وبالأديان وكل القيم التي سادت المجتمع السابق لمجيء الحزبالموسوعة الميسرة للأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة (1/470-484)..

لكن الحكم على حزب البعث بأنّه حزب كفري لا يلزم مِنه الحكمُ على جميع أفراده بالكفر والرِّدة، فإنّ المسلم المُعيّن لا يحكم بكفره إلا بتوفر شروط وانتفاء موانع.

وعليه: فإنّ مَن انتسب لحزب البعث معتقدًا بمبادئه فهو كافرٌ،

وأمّا مَن انتسب إليه لمصلحة، أو بسبب ما يظنُّه إكراهًا كالتّهديد بالسّجن، أو التّضييق عليه في معيشته، أو طرده مِن وظيفته، من غير الإيمان بمبادئه فقد ارتكب ذنبًا عظيمًا؛ لأنّه قد فعل فعلًا يؤدي لتقوية هذا الحزب، وتكثير سواد المنتمين إليه، وربما تعاونَ معهم على الإثم والعدوان، لكنّ هذا الانتماء لا يصل إلى درجة الكفر.

قال ابنُ تيمية: "القولُ قد يكون كفرًا فيُطلق القولُ بتكفير صاحبه، ويقال: مَن قال كذا فهو كافرٌ، لكنّ الشّخصَ المُعيّنَ الذي قاله لا يُحكم بكفرِه حتى تقوم عليه الحجةُ التي يكفر تاركُها"مجموع الفتاوى (23/345)..

وقال ابنُ أبي العِزِّ الحنفي: "الشَّخصُ المُعيَّن يمكنُ أن يكونَ مجتهدًا مخطِئًا مغفورًا له، أو يمكن أنْ يكونَ ممّن لم يبلغْه ما وراء ذلك مِن النصوص، ويمكن أن يكونَ له إيمان عظيم، وحسنات أوجبتْ له رحمة الله ... ثمَّ إذا كانَ القول في نفسِه كفرًا، قيل: إنَّه كفر، والقائل له يَكْفُر بشروطٍ، وانتفاءِ موانع"شرح العقيدة الطحاوية (2/437)..

فلا بدّ عند الحكم على المعين بالكفر مِن تحقيق شروط التّكفير والتأكد مِن انتفاء موانعه، أمّا الحكم العام بأنّ كلّ مَن انتسب إلى حزب البعث فهو كافرٌ بعينه فهو مِن تكفير المعينين دون النظر في هذه الضوابط التي دلّت عليها النّصوص، وبيّنها العلماء، وهو ما وقع فيه تنظيم الدولة في تكفيره للمعلمين بمجرّد انتساب بعضهم لحزب البعث.

 

2. ليس كلُّ معلمٍ أو معلمةٍ في سورية يعدّ منتسبًا لحزب البعث، فكثيرٌ منهم لم ينتسب للحزب مطلقًا، وهذا أمرٌ معروفٌ، ودعوى الانتساب للحزب تحتاج إلى إثبات، وليس العكس.

ثم إنّ مِن الموظفين في الدولة من انتسب للحزب تلقائيًّا، دون أخذ رأيه أو موافقته على ذلك، أي أنّ الدولة نسّبته للحزب بمجرد دراسته أو عمله في مجال مِن المجالات، تقول إحدى المعلماتhttp://tadweenpublishing.com/blogs/news/48266305: "قبل حوالي عشرين سنة، جاء رجل إلى معهد إعداد المدرسين، وسألني عددًا من الأسئلة، ثم قال لي: صِرْتِ نصيرة في الحزب: حزب البعث العربي الاشتراكي! وأنا إلى تاريخ هذا اليوم لا أعرف رقمي الحزبي، ولم أحضر أي اجتماع، وأكثر من ذلك: حتى الشعار الصباحي الذي يردّده الطلاب والمعلمون كل صباح لم أحضره في المدرسة في أي يوم. على كل حال، كان كلُّ مَن ينتسب لمعهد إعداد المدرسين يتم تنسيبه للحزب تلقائياً". 

ومِن البدهي أنّ مثلَ هذه المعلمة لا يمكنها الاعتراض على تنسيبها للحزب؛ خشية الاعتقال من النظام الوحشي الذي لا يرقب في مؤمن ولا مؤمنة إلّا ولا ذمة.

 

3. ليس كلُّ معلمٍ أو معلمةٍ في سورية يعدّ منتسبًا لنقابة المعلمين، فالانتساب يكون للمعلمين الرسميين، أما مَنْ يعمل في التعليم "مكلّفًا" -أي بنظام الساعات أو الأجر المقطوع- فلا علاقة له بالنقابة، وهذا أيضًا أمرٌ معروفٌ، وبالتالي فإنّ ما ذكره التنظيم من "أنّ جميع المدرسين لا بدّ لهم أن ينتسبوا لهيئة نقابة المعلمين" غير صحيح.

4. الانتسابُ لنقابة المعلمين لا يعني دائمًا رضا المنتسب للكفر المنصوص عليه في نظام النقابة الداخلي، فإنّ كثيرًا مِن المعلمين والمعلمات لم يطّلعوا على نظام النقابة الداخلي، ولا على أهداف النقابة، ولو اطلعوا فإنّهم غير راضين بها؛ لكنّهم لا يجدون سبيلًا للعمل في التعليم إلا مِن خلال هذه النقابة. 

والدخول في نقابة المعلمين -مع ما فيها مِن أهداف كفرية- ليس كفرًا على كلِّ حالٍ، بل يكون الحكم فيه مبنيًا على حال الشخص وقصدِه، ومدى ما يحقّقُ مِن مصالحَ، ويدفع مِن مفاسد.

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته التاسعة عشرة لعام 1428هـ الموافق 2007م حول موضوع مشاركة المسلم في الانتخابات مع غير المسلمين:

"1- مشاركةُ المسلم في الانتخابات مع غير المسلمين في البلاد غير الإسلامية مِن مسائل السّياسة الشّرعية التي يتقرر الحكمُ فيها في ضوء الموازنة بين المصالح والمفاسد، والفتوى فيها تختلفُ باختلاف الأزمنة والأمكنة والأحوال".

ثم ذكروا مِن ضوابط المشاركة:

"1-أنْ يقصد المشاركُ مِن المسلمين بمشاركته الإسهامَ في تحصيلِ مصالح المسلمين، ودرءِ المفاسد والأضرار عنهم.

2- أن يغلبَ على ظنِّ المشاركين مِن المسلمين أنّ مشاركتَهم تُفضي إلى آثارٍ إيجابيّة، تعودُ بالفائدة على المسلمين في هذه البلاد؛ مِن تعزيز مركزهم، وإيصالِ مطالبهم إلى أصحاب القرار، ومديري دَفَّةِ الحكم، والحفاظِ على مصالحهم الدّينية والدّنيوية.

3- ألا يترتب على مشاركة المسلم في هذه الانتخابات ما يؤدّي إلى تفريطِه في دينِه".

وقال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي: "... لو ساعد المسلمون الذين تحت ولاية الكفَّار، وعمِلوا على جعْل الولاية جمهوريَّةً يتمكَّن فيها الأفرادُ والشعوب مِن حقوقهم الدِّينيَّة والدُّنيويَّة، لكان أَوْلَى مِن استسلامهم لدولةٍ تَقضي على حقوقهم الدِّينيّة والدُّنيويّة، وتحرِصُ على إبادتها، وجعْلِهم عملةً وخدمًا لهم، نعمْ إنْ أمكن أنْ تكون الدولةُ للمسلمين وهم الحُكَّام، فهو المتعيِّنُ، ولكن لعدم إمكان هذه المرتبةِ فالمرتبةُ التي فيها دفْعٌ، ووقاية للدِّين والدُّنيا مُقدَّمةٌ، والله أعلم"تفسير السعدي (1/388)..

فإذا كان هذا حكم الدّخول في الانتخابات لاختيار رئيس الدولة الذي يحكم بغير ما أنزل الله، أو أعضاء البرلمان الذين يضعون القوانين المخالفة للشريعة مع علم المسلم المنتخِب لذلك، فكيف يكون حكم المعلّم الذي يوقّع ورقةً بانتسابه لنقابة المعلمين من غير أن يطّلع على نظامها، ومِن غير أن يلتزم بالدعوة إلى ما فيها من مخالفة الشرع.

بل لو علم بنظامها الداخلي، وما تضمّنه مِن أمورٍ كفريةٍ فلا يلزم مِن الانتساب لهذه النقابة الرضا بما فيها مِن كفر؛ فإنّ الرضا أمرٌ زائدٌ عن مجرد الانتساب، أو ممارسة التعليم .

ومن الأدلة على ذلك: قولُه تعالى: {وَقَدْ نزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللهِ يُكفرُ بهَا ويُسْتَهْزأُ بهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيرِه إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} [النساء: 140].

قال السّمعاني في تفسيره: "أمّا إذا قعد معهم، ورضي بما يخوضون فيه، فهو كافرٌ مثلُهم، وهو معنى قوله: {إِنَّكُم إِذا مثلهم}. وإنْ قعد، ولم يرضَ بما يخوضون فيه، فالأولى أنْ لا يقعد، ولكن لو قعد كارهًا، فلا يَكفر"تفسير السمعاني (1/492).

وقال البغوي في تفسيره: "{إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ} أي: إنْ قعدتم عندهم وهم يخوضون ويستهزئون ورضيتم به فأنتم كفّارٌ مثلُهم"معالم التنزيل (2/301)..

فدلّت الآية على أنّ الرضا أمر زائد عن القعود، قد يكون معه وقد لا يكون.

 

5. الانتساب لنقابة المعلمين سببٌ لتحصيلِ جملةٍ مِن المصالح العظيمة التي لا غنى عنها للشعب المسلم في سورية، ومِن ذلك:

  1. ‌التمكّن من تعليم الطلاب ما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم، فمِن المعلوم أنّ الأصل في المعلمين والمعلمات مِن أهل السنة الخيرُ، وحبُّ الدين وأهله، وبغضُ الحكم الكافر وأنصاره وسياسته وشرعه، لاسيما بعد ما فعله بأهل السنة من جرائم، ليس أولها الإقصاء، وليس أخرها القتل والتدمير والاعتقال، وبالتأكيد –والواقع يشهد بذلك على مرّ الأعوام العجاف الأربعين- أنّ المعلمين قاموا بما يستطيعون في سبيل تعليم أبناء الجيل المسلم في سورية، وتربيتهم التربية الصّحيحة، وقاوموا التغريب عن الدين الذي كان يفرضه النظام شيئًا فشيئًا بما يستطيعون، وبحسب ما يمكنهم.
  2. ‌ب. التعاون فيما بينهم على ذلك، وتكثير أهل السنة في هذا المجال الخطير، وعدم تركه للنصيريين وأمثالهم ليتفرّدوا به، وحماية بعضهم بعضًا، ومساندة مَن يحتاج المساندة، وقد كان هذا دأبَ كثير منهم بمجرد أن يأمن بعضهم بعضًا؛ لأن المخبرين الجواسيس كانوا يصولون ويجولون ويبلّغون السلطات عن كل ما يرونه -ولو بالظن- خروجًا عن سياسة حزب البعث الكافر وتعليماته.
  3. ‌ج. المشاركةُ في صنع القرار، والتّخفيفُ مِن الفساد بقدر الاستطاعة، وقد سُئل ابن تيمية عن رجل متولٍ ولاياتٍ، وعليه التزاماتٌ بأخذ المكوسِ المحرّمة، ولا يستطيع منعَ كلِّ المظالم، مع اجتهاده في ذلك قدر الاستطاعة، فقال:

"إذا كان مجتهدًا في العدل، ورفع الظلم بحسب إمكانه، وولايتُه خيرٌ وأصلُح للمسلمين مِن ولاية غيرِه، واستيلاؤه على الإقطاع خيرٌ مِن استيلاء غيره كما قد ذُكر: فإنه يجوز له البقاءُ على الولاية والإقطاع، ولا إثمَ عليه في ذلك، بل بقاؤه على ذلك أفضلُ مِن تركه إذا لم يشتغل إذا تركه بما هو أفضلُ منه، وقد يكون ذلك عليه واجبًا إذا لم يقم به غيرُه قادرًا عليه، فنشرُ العدل بحسب الإمكان، ورفعُ الظلم بحسب الإمكان فرضٌ على الكفايةِ، يقوم كلُّ إنسانٍ بما يقدر عليه مِن ذلك إذا لم يقم غيرُه في ذلك مَقامه، ولا يُطالب والحالةُ هذه بما يعجِز عنه مِن رفع الظّلم، وما يقرّره الملوكُ مِن الوظائف [الضرائب] التي لا يمكنُه رفعُها لا يُطالبُ بها"مجموع الفتاوى (30/357)..

فعلى هذا: من انتسب للنقابة شكليًّا وفي نيته تحقيق العدل ورفع الظلم بحسب ما يمكنه ذلك، فهو مأجور لا مأزور، وكم من مدير وصل لهذا المنصب بسبب انتسابه للنقابة وأجرى الله على يديه خيرًا كثيرًا ونفعًا للمسلمين من طلاب ومعلمين، وكم مِن معلمين أُجبروا على تعليم البنات فكانوا خلال فترة عملهم أمناء على أعراض المسلمين.

ولو أنّ المسلمين مِن أهل السنة قاطعوا قطاع التعليم منذ تولي حزب البعث للحكم لما بقيت لأهل السنة باقية، ولصار جميع الجيل أو معظمه ممن يؤمن بأفكار البعث، ويدافع عنها.

 

6. دور المعلّمين في سوريا في الواقع خلاف ما زعمه التنظيم من الدعوة للمبادئ الكفرية للنظام وترسيخها!!

فمما لا شكّ فيه أنّ مِنَ الموادَّ الدراسية التي كان النظام في سوريا يفرضها على الطلاب: موادٌّ تقوم على ترسيخ عقائد الكفر كالتربية القومية، أو تختلط بالكفر كالفلسفة، أو يحرم تعلّمها كالموسيقى. وباقي المواد الدراسية خُلط فيها السمّ بالعسل ودخلها التحريف المتعمّد لتشويه تاريخ الأمة، وتغيير عقائدها، وتجاوز هذه الطوامّ، ومحو آثار هذا التخريب المتعمّد لعقائد الطلاب وأخلاقهم لا يمكن تحقيقه إلا من خلال المعلمين المسلمين، الذين يعلمون ما في هذه الكتب من خلل وانحراف؛ فينبّهون الطلاب عليها، ويعلّمونهم العقائد والأفكار والمعلومات الصحيحة.

والذي أشهد به أنّي -عندما كنت مديرًا للمكتب التربوي بهيئة الشام الإسلامية، والتقيت كوكبة من  العاملين في سلك التعليم في سورية والذين بدؤوا بتشكيل المدارس في المخيمات في داخل سوريا وخارجها- وجدت أنّ هؤلاء المعلمين كانوا رافضين لأفكار النظام ومبادئه التي عمل على غرسها فيهم خلال عقود، متيقظين لكافّة المعلومات الخاطئة التي تحتويها المقررات الدراسية. وكان من أول مطالبهم أمران: الأول: تصحيح الكتب الدراسية وتخليصها من كل ما يخالف العقيدة والأخلاق والمفاهيم الإسلامية والتاريخ الصحيح، والثاني: تزويدهم بمؤلفات في التربية والأخلاق الإسلامية لتحل محلّ التربية القومية؛ مما دفع "هيئة الشام الإسلامية" إلى القيام بأوّل عملية تنقيح وطباعة للكتب الدراسية السورية في زمن الثورة، وتوزيعها على هذه المدارس الناشئةاقتصرت علمية التنقيح في هذه المرحلة -نظرًا لضيق الوقت، وقلّة الكوادر المؤهلة- على إزالة آثار النظام الظاهرة من الكتب الدراسية.

 

7. لا يجوز لتنظيم الدّولة ولا لغيره تكفيرُ الناس بفعلٍ فعلوه، والحكمُ عليهم بالردة، حتى يبيّن لهم ما وقعوا فيه مِن كفرٍ، ويثبت عليهم ذلك، فإن أقروا بفعلهم، وأصروا عليه بعد البيان فيُحكم حينئذ بردّتهم.

أما إن أنكروا قيامهم بالفعل، أو أقروا بقيامهم به وقالوا لم نعلم ونتوب؛ فلا يجوز تكفيرهم، ولا الحكم عليهم بالردة! قال ابنُ تيمية: "وليس لأحد أنْ يكفِّر أحدًا مِن المسلمين وإن أخطأ وغلط حتى تُقام عليه الحجَّةُ، وتبين له المحجَّة، ومَن ثبت إسلامُه بيقينٍ لم يَزُل ذلك عنه بالشّكِّ؛ بل لا يزولُ إلا بعد إقامةِ الحجّةِ، وإزالة الشّبهةِ"مجموع الفتاوى (12/466)..

وقال أيضًا: "المتأولُ الذي قصدُه متابعةُ الرسولِ صلى الله عليه وسلم لا يكفرُ، بل ولا يفسقُ إذا اجتهد فأخطأ، وهذا مشهورٌ عند النّاس في المسائل العملية [أي الفقهية]، وأما مسائلُ العقائدِ فكثيرٌ مِن النّاس كفّرَ المخطئين فيها، وهذا القولُ لا يُعرفُ عن أحدٍ مِن الصّحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا عن أحدٍ مِن أئمةِ المسلمين، وإنما هو في الأصلِ مِن أقوالِ أهل البدع، الذين يبتدعون بدعةً، ويكفّرون مَن خالفهم، كالخوارج والمعتزلة والجهمية"منهاج السنة (5/239-240)..

وقال الشيخ عبدالرحمن بن سعدي: "إنّ المتأوِّلين مِن أهل القبلة الذين ضلّوا وأخطأوا في فهم ما جاء في الكتاب والسنة، مع إيمانهم بالرسولِ صلى الله عليه وسلم، واعتقادِهم صدقَه في كلِّ ما قال، وأنَّ ما قاله كان حقًّا، والتزموا ذلك، لكنّهم أخطأوا في بعض المسائل الخبرية أو العملية، فهؤلاء قد دلّ الكتابُ والسّنّةُ على عدم خروجِهم مِن الدين، وعدمِ الحكمِ لهم بأحكام الكافرين، وأجمع الصحابةُ -رضي الله عنهم- والتابعون ومَن بعدهم مِن أئمة السلف على ذلك"الإرشاد في معرفة الأحكام، ص(207)..

 

8. إذا كان المعلم يكفر بانتمائه إلى المنظومة التعليمية الكفرية كما يزعم "تنظيم الدولة"، فيلزم من ذلك تكفير جميع الطلاب الذين نشؤوا في هذه المحاضن الكفرية من المدارس والجامعات، وردّدوا شعار البعث ولو من غير رضاهم! فلماذا لم يقم تنظيم الدولة باستتابة الطلاب والطالبات؟

 

9. كانت دولة البعث تهيمن على "وزارة الأوقاف" وتعمل على حرف مسارها إلى نشر الانحراف والضلال، وصدّ الناس عن الدين الصّحيح؛ لذا كانت تجبر الأئمة والخطباء على الانتماء للبعث، فهل يكفر الأئمة والخطباء المسجلون في وزارة الأوقاف كذلك؟ وهل تصبح المساجد معابد شركية بوجود أولئك الخطباء "المنحرفين"؟ وما حكم عوام المسلمين الذي يصلّون في تلك المساجد مع علمهم بعلاقة الأئمة والخطباء بالأوقاف، ومع علمهم أنّهم منتمون لحزب البعث؟!

 

10. لا شك أنّه يلزم على تكفير معلمي سورية بأعيانهم، وإلزامهم بالإقرار على أنفسهم بالردة، وإجبارهم على الاستتابة: تكفيرُ جميع أهل سورية بدون استثناء؛ فمناطات التكفير واحدة أو متشابهة ومتقاربة. وهذه -في الحقيقة- هي عقيدة "تنظيم الدولة" الخارجي، لكنّه يحجم عن التصريح بها، ويكتفي كل حينٍ بتكفير هذه الفئة أو تلك.

 

أسأل الله أن يردّ بغيه، ويكفّ ظلمه، ويخلّص العباد والبلاد من شرّه، إنّه سميع مجيب.


صورة رقم 1 التعميم الأول

 

صورة رقم 2 الدورة الشرعية للمعلمين

 

صورة رقم 3 التعميم الثاني

صورة رقم 4 تابع التعميم الثاني

 

صورة رقم 5 سياسة التعليم

صورة رقم 6 تابع سياسة التعليم

 

صورة رقم 7 قرار إيقاف الهيئة التعليمية 

 

صورة رقم 8 ‫‬

 

صورة رقم 9

 

صورة رقم 10 تعميم بخصوص الاستتابة

 

صورة رقم 11 وثيقة الاستتابة

 

صورة رقم 12 وثيقة الاستتابة

 

 

صورة رقم 13 إعلان عن مراكز استتابة الإناث في الرقة

 

 

صورة رقم 14 إعلان عن الاستتابة في جرابلس

1 - المذكور في التعميم السنة فقط دون ذكر اليوم والشهر.
2 - أيضاً بذكر السنة فقط دون ذكر اليوم والشهر.
3 - http://www.raqqa-sl.com/?p=1151
4 - http://rozana.fm/ar/node/13048
5 - http://menhagalnobowwa2.blogspot.com/2015/03/blog-post_76.html
6 - موقع "المحامين السوريين الأحرار" http://fsla.org/index.php/rights/reports/month/97-2015-08-11-13-18-19
7 - الموسوعة الميسرة للأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة (1/470-484).
8 - مجموع الفتاوى (23/345).
9 - شرح العقيدة الطحاوية (2/437).
10 - http://tadweenpublishing.com/blogs/news/48266305
11 - تفسير السعدي (1/388).
12 - تفسير السمعاني (1/492).
13 - معالم التنزيل (2/301).
14 - مجموع الفتاوى (30/357).
15 - اقتصرت علمية التنقيح في هذه المرحلة -نظرًا لضيق الوقت، وقلّة الكوادر المؤهلة- على إزالة آثار النظام الظاهرة من الكتب الدراسية.
16 - مجموع الفتاوى (12/466).
17 - منهاج السنة (5/239-240).
18 - الإرشاد في معرفة الأحكام، ص(207).

إضافة تعليق جديد