تنظيم جند الأقصى.. القصة الكاملة
- مقدمة:
في خضم الأحداث الجسام التي تمر ببلاد الشام، ظهرت بين الفصائل المقاوِمة المجاهِدة فصائلُ خبيثة، تجلببت بجلباب الإسلام، وادّعت المقاومة والجهاد، لكنّها صالت على الثوار والمجاهدين، واعتدت على السكّان الآمنين، ولم ينكشف زيفهم ويُفتضح حالهم للكثيرين إلا بعد ولوغهم في الإجرام والأذى، كان منهم تنظيم الدولة "داعش"، وليس آخرهم تنظيم "جند الأقصى" موضوع هذا البحث.
اعتداء وبغي، لواصق وكواتم، عمليات خطف واغتيالات للمجاهدين، ومظلّة للخلايا الخارجية التي تنفذ أوامر المكاتب الأمنية لداعش... هذا هو ملخّص مسيرة هذا التنظيم الذي انتهى به المطاف منحازاً لمناطق تنظيم الدولة.
لتحميل الملف كاملاً بجودة عالية .. اضغط هنا |
- النشأة والظهور:
أواخر عام 2013 أعلن "أبو بكر البغدادي" تمدد التنظيم ليصبح "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، بدل "الدولة الإسلامية في العراق"، فرفض حينها "الجولاني"، هذا القرار الذي يعني ضم جبهة النصرة لتنظيم الدولة، وحصل الشقاق بينهما، حينها انشق العشرات من العناصر التابعين لجبهة النصرة رافضين الاقتتال الحاصل، وشكّلوا تنظيمًا تحت مسمّى "سرايا القدس"، ثم تحوّل الاسم إلى "جند الأقصى".
- التوجه الأيدلوجي:
لا يختلف تنظيم جند الأقصى في توجهه وأدبياته عن منهج التنظيم الأم "القاعدة"، المنتمي فكرياً للسلفية الجهادية، القائمة في غالب منهجها على تكفير الحكّام، واتهامها لكل من خالفها من الجماعات الإسلامية بالتمييع والانحراف عن "التوحيد الصحيح"، واحتكار الحق في جماعتها فقط، ورفع شعارات تحكيم الشريعة، ودعواتها للجهاد العالمييطلق مصطلح (الجهاد العالمي) أو (الحركات الجهادية) على جماعات الغلو التي تعتنق مجموعة من الأفكار والمعتقدات التي ترى أنها الحق وما سواها باطل، ومن ذلك: تبنِّي حمل السلاح منهجًا للتغيير ضد الحكومات والأنظمة في العالم الإسلامي، والتي يصفونها بـ (العميلة والمرتدة المبدّلة لشرع الله)، بناء على مبادئ الحاكمية وقواعد الولاء والبراء كما يرونها، وهو ما يطلقون عليه (جهادًا). وإعلان الحرب على جميع قوى العالم لإسقاطها ثم إقامة مشروع إمارتهم على أنقاضها حسب ما يعرف بـ (إدارة التوحش)، ويرفضون القتال أو إقامة الحكومات ضمن البلاد المعروفة الآن لما فيه من رضى بالنظام العالمي الكفري، لذلك يصفون "جهادهم" بـ (العالمي). ومما يُطلق عليهم كذلك (السلفية الجهادية)، وهو انتساب زائف لما هم فيه من مخالفة السلف منهجًا وعلمًا وعملاً..
- المؤسس وأشهر القادة:
يعتبر محمد يوسف عثمان العثامنة "أبو عبد العزيز القطري" القائد المؤسس لتنظيم جند الأقصى، وهو فلسطيني من مواليد العراق، كانت له صلات وثيقة بزعماء تنظيم القاعدة في أفغانستان، وعندما عاد إلى العراق انضم إلى صفوف تنظيم "دولة العراق الإسلامية"شارك بداية في تأسيس جماعة أنصار الإسلام، ثم بعد الغزو الأمريكي للعراق شارك مع أبي مصعب الزرقاوي في تنظيم المجاهدين، ثم عمل من قطر لدعم المجاهدين ماديًا ولوجستيًا، ثم عاد إلى العراق عن طريق سوريا عام 2007، وانضم إلى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق.. وفي مطلع عام 2012 دخل إلى سوريا برفقة الجولاني وآخرين لتأسيس فرع للتنظيم في الشام.
ومع بداية الخلاف بين جبهة النصرة وتنظيم الدولة "داعش" في أواخر عام 2013 انشق القطري مع عشرات العناصر عن الجبهة، معلناً تأسيس "جند الأقصى"، وأكدّ في شريط فيديو ظهر فيه يخطب بعناصره خلال أحداث القتال مع تنظيم الدولة بداية عام 2014 أنه لن يشارك في القتال بين تنظيم الدولة وجبهة النصرة، معتبرًا أن الخلاف بين الجولاني والبغدادي خلاف تنظيمي لا يجوز الدخول فيه.
اعتمد التنظيم في بنيته وتشكيله أساسًا على المقاتلين غير السوريين ممن يُسمون "المهاجرين" الذين قدموا إلى سورية من بلدان عربية أو أوروبية، ويوصف بعضهم بأنهم متميزون بخبرات قتالية نوعية، ومتمرسون على العمليات الأمنية.
لم تَدُم قيادة "القطري" لتنظيم جند الأقصى طويلاً، حيث فُقد في ظروف غامضة في السابع من كانون ثاني /ينايرناير 2014، ثم أعلن التنظيم في 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 عثوره على جثة أميره ومؤسسه "أبو عبد العزيز القطري" في بئر تسمى "جب كوكبة" على عمق 33 مترًا، بمنطقة دير سنبل (جبل الزاوية) في محافظة إدلب شمالي سوريا.
وقد اعترف جمال معروف قائد "جبهة ثوار سوريا" بمقتل القطري على يد أحد عناصره، كما جاء في شهادة د. حذيفة عزامفي مطلع عام 2014 أعلنت "جبهة ثوار سوريا" بقيادة جمال معروف حربًا شاملة على تنظيم "الدولة الإسلامية" في ريفي إدلب وحماة، نجحت خلالها في طرد التنظيم من المحافظتين بشكل كامل. في هذه الأثناء كان أبو عبد العزيز القطري" يسعى في الصلح بين الأطراف المتنازعة، وقد حاول لقاء "جمال معروف" لكنه مُنع من قِبَل بعض عناصر تنظيم جبهة ثوار سوريا"، ولدى عودته قاموا باعتقاله ثم قتله غيلة، ورموا جثته في بئر مهجورة..
وبعد مقتل القطري، استلم قيادة التنظيم عمار الجعبور، أبو مصعب، الذي قُتل بعد فترة في معارك ريف إدلب مع النظام، لتؤول قيادة التنظيم الفعلية لأبي ذر النجدي الحارثي أو الجزراوي وهو سعودي الجنسية، كان معتقلًا في السجون السعودية قبل أن يطلق سراحه، ويعتبر أحد شرعيي التنظيم.، في حين أن القائد المسمى للحركة هو "أيمن قدحنون" الملقب أبو دياب سرمين، وهو سوري الجنسية.
- الفكر والتوجّه:
يُعدّ تنظيم "جند الأقصى" تابعًا من حيث الفكر لتنظيم القاعدة، باعتبار أن مؤسسه: أبو عبد العزيز القطري كان أحد أبرز أعضاء هذا التنظيم، ومن قادته في العراق، إلا أنه انتهج منهجًا خاصًا وهو عدم التبعيّة لأي من فرعي تنظيم القاعدة في الشام: "جبهة النصرة" و"داعش". وعلى هذا فإن رؤية التنظيم للحرب الدائرة في سوريا لا تقتصر على الانتفاضة في وجه ظلم النظام وتحقيق العدل والاستقرار فحسب، بل يتبني مشروع القاعدة الذي لا يعرف الحدود ويسعى لإعادة الخلافة وفق ما يراه زعماء التنظيم.
إلا أنه وبعد مقتل مؤسّسه بدا التنظيم أقرب إلى داعش من حيث الفكر، ومن أهم الدلائل المبكّرة التي تدل على ذلك:
- التهرّب من بيعة جبهة النصرة، لأن هذا سيحرجهم مع داعش، ولذا اضطروا لإرسال طلب قبول بيعتهم للوحيشيناصر عبد الكريم الوحيشي، ويكنى بأبي بصير، أمير تنظيم القاعدة في جزيرة العرب السابق، قتل في 12 تموز/يونيو 2015 بغارة لطائرة أمريكية بدون طيار في مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت شرق اليمن..في اليمن، وعند سؤالهم عن تبعيتهم يقولون: نتبع تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
- تعليق التنظيم مشاركته في غرفة عمليات جيش الفتح بعد رفضه المشاركة في قتال تنظيم الدولة "داعش"، بحجّة أن جيش الفتح كانت نشأتُه لقتال العصابة الأسدية وليس لغيرهم، وأن هذا خلاف ما اتُّـفِق عليه عند تأسيس الجيش! وأن تنظيم الدولة معذور في تكفير الفصائل، لأنه مبني على شبهة وهي تعاونهم مع الجيش الحر والائتلاف!
- داخل التنظيم: يُمنع وصف داعش بأنهم خوارج، ويلقّن أفراد التنظيم أن القتال بين النصرة وداعش هو قتال فتنة كما حصل بين علي ومعاوية رضي الله عنهما!
- اعتقاد غالبية أفراد جند الأقصى أن داعش هم أفضل التنظيمات الموجودة على الساحة السورية، لأنها كيان واحد وتحت قيادة واحدة لولا اختلافهم مع النصرة!
وكنتيجة طبيعية لما سبق فإن كثيرًا من أفراد تنظيم جند الأقصى مُبايع لداعش في السرّ، ويدلّ على ذلك كثرة حالات لحاق أفراد جند الأقصى بداعش.
حتى صار من يريد الانضمام إلى داعش يلتحق أولاً بجند الأقصى ثم يخرج آمنًا حتى يلحق بداعش ولو جاء من أقصى سوريا، لأن الفصائل لن تعترضه في الطريق لأنه من الجند، ولكثرة انتشار هذه الطريقة أصبح السوريون يسمون جند الأقصى: كراج الرقة!يعني موقف الباصات التي تنطلق إلى الرقّة عاصمة داعش..
- الخروج من جيش الفتح:
في يوم السبت بتاريخ 24 أكتوبر/ تشرين الأول 2015 أعلن تنظيم "جند الأقصى" انسحابه من "جيش الفتح" لأسباب عدة، من بينها -حسب قوله- تأييد بعض الفصائل المشاركة في جيش الفتح لمشاريع "مصادمة للشريعة الإسلامية"، كالتوقيع على بيان مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا والترحيب بالتدخل التركي، إضافة للضغط المستمر عليه للانخراط في قتال تنظيم الدولة.
- جهود إعادة الجند إلى جيش الفتح:
بمجرد إعلان تنظيم جند الأقصى خروجه من جيش الفتح، انطلقت جهود عديدة من بعض الأشخاص المقرّبين من الجند بشكل عام، والمقربين من تنظيم القاعدة على وجه الخصوص لإعادتهم إلى جيش الفتح، إلا أن هذه الجهود لم تُفلح.
كان أبرز الذين سَعَوا في سبيل ذلك "أبو محمد المقدسي"، الذي يُعتبر من المرجعيات الأساسية لجند الأقصى، ومن المدافعين عنه منذ نشأته، والذي لعب دوراً كبيراً في إنجاح الاتفاق الذي تم بين هيئة تحرير الشام والجند مؤخراً، والذي يقضي بالسماح للأخير بالخروج نحو مناطق سيطرة تنظيم الدولة بسلاحهم الخفيف.
وكان أيضاً ممن سعى لإعادة جند الأقصى إلى جيش الفتح: عبد الله المحيسني، الذي لطالما زكّاهم ودافع ونافح عنهم.
وقد ظهرت إشاعات قوية في بادئ الأمر تُفيد بنجاح هذه المساعي لإعادة تنظيم الجند إلى جيش الفتح، إلا أن التنظيم نفى تلك الشائعات مؤكداً عدم عودته إلى جيش الفتح.
- الانشقاقات عن جند الأقصى:
في شهر فبراير/شباط 2016 حصلت في صفوف تنظيم جند الأقصى انشقاقات كبيرة، بدأت بإعلان اللجنة الشرعية للتنظيم انشقاقها عنه، بسبب ما أسمته "المراوغة" و"المماطلة" في مكافحة الفساد، والامتناع عن الاستجابة للعلماء والتوحد مع جبهة النصرة.
ثم تلى ذلك إعلان جزء كبير من جند الأقصى، زاد عددهم عن 400 عنصر - عبر بيان صادر عنهم - انشقاهم عن التنظيم وانضمامهم إلى جبهة النصرة.
وذكر البيان في مضمونه أن سبب الانشقاق من التنظيم والانضمام إلى جبهة النصرة هو "استجابة لأمر الله تعالى بالاعتصام وتوحيد الصف، وطاعة لعلماء الأمة وعلماء الجهاد وتقوية صف المجاهدين".
- المسار الميداني وبداية الظهور الإعلامي القوي
ظهر تنظيم جند الأقصى كإحدى القوى البارزة في العمليات العسكرية ضد قوات النظام النصيري مع بدء المعارك العسكرية في محافظة إدلب، حيث كان جزءاً من غرفة عمليات جيش الفتح التي تأسست في 24 مارس/ آذار من عام 2015 من عدة فصائل كبرى بينها جبهة النصرة وأحرار الشام وفيلق الشام، ليشاركهم في معارك تحرير مدينة إدلب والانطلاق منها لتحرير غالبية مناطق المحافظة.
وظهر الدور الميداني لـ "جند الأقصى" كقوة ضاربة في المعارك من خلال امتلاكه لمجموعة كبيرة من "الانغماسين" (وهم أفراد يتمتعون بمهارات قتالية متقدمة، ولياقة بدنية عالية، ويشكلون -غالبًا- أول من يتسلل إلى حصون العدو، مرتدين أحزمة ناسفة) إضافة إلى دورهم في المفخخات.
وفي 19 سبتمبر/ أيلول 2015 سيطر "جند الأقصى" على تلة الخربة الاستراتيجية التي تعتبر خط الدفاع الأخير عن بلدة الفوعة الموالية للنظام بريف إدلب شمالي البلاد، بعد تفجير سيارة مفخخة في التلة وتدمير مدفع 23 وسيارة ذخيرة، وقتل مجموعة من عناصر قوات النظام.
ثم سيطر مقاتلو جند الأقصى -بالتعاون مع "جبهة النصرة"- بتاريخ 7 مارس/ آذار 2016 على موقعين استراتيجيين في ريف حلب الجنوبي هما قرية العيس وتل العيس. وتعود أهميتهما إلى كونهما تحصنان مواقع النظام في ريف حلب، وتوفران له وجوداً أساسياً قريباً من الطريق الدولي المتجه جنوباً إلى العاصمة دمشق.
وفي 31 أغسطس/ آب 2016 سيطر تنظيم "جند الأقصى" بالاشتراك مع فصائل من المعارضة المسلحة- على مدينتيْ صوران وطيبة الإمام في ريف حماة الشمالي بعد معارك مع قوات النظام، ابتدأها التنظيم بتفجير عربة مفخخة قادها أحد عناصره.
-
سجل الإجرام
-
أولاً: حوادث الاغتيالات:
شهدت بلدات وقرى ريف إدلب بعد تحرير المدينة وخلال عام 2015 مجموعة من حوادث الاغتيال وتصفية لقادة عسكريين من فصائل مجاهدة وقضاة وأئمة مساجد وقيادات عسكرية ثورية، حيث طالت معظم الاغتيالات قادة من الجيش الحر وحركة أحرار الشام الإسلامية وجبهة النصرة، ومع بدء تكشّف أولى خيوطها، اتضح أن عرّابها الأبرز هو تنظيم جند الأقصى، وأن أبرز حوادث الاغتيالات تبين أن وراءها عناصر وخلايا تتبع جند الأقصى.
1 ♦ جريمة اغتيال مازن قسوم:
بتاريخ 25 يوليو/ تموز 2015 أقدم ثلاثة ملثمين، يستقلون سيارة نوع "كيا ريو" مموّهة بالطين -كما ذكر شهود عيان- على اغتيال الشيخ "مازن قسوم" قائد لواء سهام الحق التابع لفيلق الشام، وهو أحد القادة البارزين في الفيلق، حيث أطلقوا النار عليه وهو في المنطقة الصناعية بمدينة سراقب في ريف إدلب، ثم لاذوا بالفرار.
إلا أن السيارة التي كانت تقلّهم تعرضت لخلل فني وتوقفت في طريقها خارج المدينة، واستطاع عناصر من لواء ثوار سراقب القبض عليهم وتبيّن حينها انتماؤهم لتنظيم جند الأقصى، إلا أن قوة عسكرية من الجند حضرت إلى المكان واقتادتهم إلى المحكمة التابعة للتنظيم، ونتيجة لذلك زاد التوتر بين الجند والفيلق، فتدخلت "جبهة النصرة" في ذلك الوقت واحتجزت المتورطين بالتصفية بحجّة ضمان محاكمتهم، ثم ما لبثت أن أطلقت سراحهم دون محاكمة أو إصدار بيان.
2 ♦ اغتيال أبو الفاروق جنيد:
في يوم الثلاثاء 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 نعت حركة "أحرار الشام" القيادي في صفوفها "يوسف جنيد" المعروف بـ "أبي الفاروق"، قائد لواء "عمر الفاروق"، بعد تفجير مجهولين عبوة ناسفة في سيارته على طريق حلب الدولي شمال مدينة سراقب بريف إدلب.
3 ♦ جريمة اختطاف وتعذيب الشيخ عبد اللطيف زيتون:
في أواسط شهر يونيو/ حزيران 2016 نشرت شبكة الدرر الشامية معلومات من مصادر خاصة أفادت بإقدام تنظيم "جند الأقصى" على اعتقال الداعية "عبد اللطيف زيتون" في مدينة أريحا بمحافظة إدلب، وتعذيبه، وتهديده بالتصفية بالإضافة إلى دعاة آخرين في حال استمروا في إلقاء الخطب والدروس.
وأفادت الشبكة أنه تم اعتقال الشيح "عبد اللطيف زيتون" واقتياده إلى مقر جند الأقصى في المدينة، حيث تعرض لضرب مبرّح، واتهمه المحققون بـ "الردة"، واعتناق الفكر "الأشعري"، وأنه كان من علماء السلطان،
وأضافت: "تم إعطاء عبد اللطيف زيتون عددًا من الرصاصات في إشارة إلى أنها ستكون من نصيبه ونصيب الشيخ فادي العبسي، وهو شخصية شرعية في أحرار الشام وممثل عنها في المكتب الدعوي لهيئة الفتح في المدينة، وكذلك الشيخ إبراهيم قداد أحد الخطباء في المدينة، وهددوه بأنهم سيقومون بقتلهم جميعًا بهذه الرصاصات لو استمروا بالخطابة".
وأكد المصدر أنه تم نقل الشيح "عبد اللطيف زيتون" إلى المشفى بعد الإفراج عنه من أجل تلقي العلاج اللازم.
ويُحضّر الشيخ رسالة الدكتوراة في الاقتصاد الإسلامي، ويقوم بإلقاء المحاضرات الدعوية بعد صلاة الفجر في مدينة أريحا بترخيص من المكتب الدعوي في هيئة الفتح.
صور الشيخ "عبد اللطيف زيتون "بعد خروجه من الاعتقال:
4 ♦ جريمة اختطاف وقتل "محمود سيف":
بتاريخ 21 يوليو/تموز 2016 أصدرت حركة أحرار الشام الإسلامية بياناً رسمياً اتهمت فيه مجموعة من تنظيم جند الأقصى بتصفية أحد عناصرها بعد اقتحام مشفى مدينة أريحا وإخراجه مصاباً.
وأمهلت الحركة في بيانها تنظيم الجند 24 ساعة، لتسليم من وصفتهم الحركة في بيانها بـ "القتلة"، مهددةً بردٍّ قاسٍ في حال عدم الاستجابة.
وبيَّنت الحركة في بيانها أن عناصر من جند الأقصى أقدموا على تصفية عنصر تابع لأحرار الشام، ويدعى "محمود سيف"، بعد أن تمّ نقله إلى المشفى متأثرًا بجراحه، عقب إطلاق عناصر من الجند النارَ عليه عند محاولة اختطافه إلى جهة مجهولة.
وذكرت الحركة في بيانها، أن "ما يُسمَّى جماعة جند الأقصى" قاموا بتكرار اعتداءاتهم عليها وعلى فصائل أخرى، متهمة إياهم بالبيعة السرية لمن وصفتهم بـ "خوارج العصر"، في إشارة إلى تنظيم الدولة.
وازداد التوتر بين الطرفين، ونشرَ كلٌ منهما حواجز على الطرقات، قبل أن يتدخل عدد من المشايخ ويقنعوا الطرفين بتشكيل محكمة، لتتجدد الاشتباكات في مدينة أريحا، ويقتل الأمير العسكري للجند في المدينة "رعد عيد"، الذي تتهمه أحرار الشام بأنه مسؤول عن عمليات تصفية وزراعة عبوات ناسفة، ويعمل أمنيًا لصالح تنظيم الدولة ضمن صفوف الجند بعد أن عاد من الرقة، الأمر الذي نفاه الجند، واتهموا أحرار الشام أنها تسعى لتعطيل المعارك في حماة.
وانتهى الخلاف آنذاك بإعلان رئاسة مجلس شورى إدلب التابعة لجيش الفتح عبر بيان صادر عنها أنه تم الاتفاق على إحالة الخلاف الحاصل بين حركة أحرار الشام وجند الأقصى إلى لجنة قضائية مكونة من خمسة أعضاء.
ونص الاتفاق على جعل اللجنة القضائية هي المرجعية، وسحب الحواجز من الطرفين، وتسليم عنصر جند اﻷقصى القاتل للقوة التنفيذية في جيش الفتح فورًا، وتسليم جثمان عنصر حركة أحرار الشام إلى ذويه بعد عرضه على طبيب شرعي.
كما نصّ الاتفاق على إطلاق سراح المحتجزين من الطرفين فورًا، ووقف "التصعيد اﻹعلامي"، وإنهاء ملف القضية بأسرع وقت ممكن.
- الكشف عن خلية الاغتيالات:
القبض على خلية الاغتيالات الأولى:
في 23 ديسمبر/ كانون الأول 2015 تمكّنت اللجنة الأمنية في جيش الفتح من الكشف عن الخلية المسؤولة عن معظم الاغتيالات، من خلال القبض على أحد عناصرها أثناء زراعته للغم موجه على إحدى طرقات سراقب (وكان الطريق يسمى طريق الموت)، لتتمكن فيما بعد من إلقاء القبض على باقي أفراد الخلية.
وكشف ناشطون أن جيش الفتح قد ألقى القبض على كامل عناصر الخلية الذين بلغ عددهم خمسة أشخاص، أحدهم عنصر أمني في تنظيم الدولة، فيما الأربعة الآخرون من جند الأقصى.
واعترف بعض أفراد الخلية بمسؤوليتهم عن بعض الاغتيالات التي طالت عناصر وقيادات ثورية في ريف إدلب، وكان منهم القيادي في أحرار الشام يوسف جنيد "أبو الفاروق" بحسب ما أفادت به بعض المصادر.
وفي السابع من شهر يناير/ كانون الثاني 2016 نفذّت اللجنة الأمنية في غرفة عمليات جيش الفتح حكم القصاص بأربعة من عناصر هذه الخلية، رمياً بالرصاص في الساحة العامة لمدينة إدلب أمام جمع من الناس.
تعليق العمل في القوة التنفيذية لجيش الفتح:
ورداً على إعدام خلية الاغتيالات علَّق تنظيم جند الأقصى عملَه في القوة التنفيذية لغرفة عمليات "جيش الفتح"، وبرَّر التنظيم تعليق عمله بأن عملية الإعدام كانت بتصرف فردي من مندوب "أحرار الشام" في القوة التنفيذية، وأن عملية إخراجهم من السجن وإعدامهم تعتبر تجاوزًا، وتنم عن عقلية "مريضة ومشاكسة"، بحسب ما ورد في خطاب من الجند إلى القوة التنفيذية.
إلّا أن المجلس القضائي في جيش الفتح ردَّ على ادعاءات جند الأقصى، وأصدر بيانًا أكد فيه أن عملية الحكم بإعدام الخلية صدرت عن اللجنة القضائية، وتم إحالته إلى رئيس مجلس شورى إدلب، الذي كلَّف بدوره الأمير المناوب في القوة التنفيذية -ممثل أحرار الشام- بتحديد الزمان والمكان المناسبين، وتنفيذ حكم الإعدام بالخلية، باعتبار أن أمير القوة الأساسي المدعو "أبو قتادة"، وهو من جند الأقصى كان في إجازة، ونفى المجلس القضائي في بيانه أن يكون مندوب أحرار الشام قام بإعدام الخلية بتصرف فردي.
القبض على خلية الاغتيالات الثانية:
في بداية شهر فبراير/ شباط 2016 تمكّن الثوار من القبض على خلية اغتيالات جديدة، متورطة في عمليات اغتيال ضد قيادات وعناصر ثورية في محافظة إدلب.
وتكونت الخلية في غالبها من عناصر تنظيم جند الأقصى، بالإضافة إلى بعض عناصر "الدفاع المدني"، حيث تمت مداهمة وكرهم في مدينة سراقب بريف إدلب، وإلقاء القبض على ثلاثة عناصر، وقُتل آخر ولاذ عنصر بالفرار، كما تم ضبط أكثر من 15 عبوة ناسفة معدة للتفجير.
- ثانيًا: الاعتداء على المظاهرات:
في شهر مارس/ أذار 2016 أقدمت مجموعة من عناصر تابعة لفصيلي "جبهة النصرة"، و "جند الأقصى" على الاعتداء على مظاهرة شعبية كانت تعتزم التجول في ساحات مدينة إدلب المحررة، رافعةً أعلام الثورة السورية، ورايات بيضاء مكتوب عليها باللون الأسود عبارة التوحيد، وطالبت بإسقاط نظام الأسد.
حيث عمد العناصر إلى تحطيم أعلام الثورة السورية، واعتدوا على بعض الناشطين، وهددوا من أصرَّ على البقاء في الساحات بتلقيم السلاح في وجهه، كما صادروا العديد من الكاميرات منعًا لتسريب مقاطع توثق الهجوم على المتظاهرين، ونشروا العديد من الأشخاص الذين حملوا "رايات القاعدة" لإبراز المظاهرة أنها مؤيدة للتنظيم.
وهذه بعض الاعتداءات والجرائم التي ثبتت على التنظيم، من بين العديد من الأحداث التي لم توثق أو بقيت مجهولة الفاعل.
- ثالثاً: محطات الخلاف والبغي على الفصائل:
مرّ الخلاف مع الفصائل والبغي عليها بعدة محطات، كان منها صراع فكري واتهامات، والبعض الآخر بغي وقتال بالسلاح، أبرزها:
- 1. البغي على جبهة ثوار سوريا:
في شهر تموز/ يوليو 2014 هاجمت جبهة النصرة بالاشتراك مع تنظيم جند الأقصى مقرات ومناطق سيطرة جبهة ثوار سوريا في ريف إدلب، تحت ذريعة "القضاء على المفسدين" كما جاء في بيان أصدرته النصرة.
وجاء في البيان أن المجاهدين ومن بينهم جبهة النصرة "بتنسيق واتفاق على السعي لإراحة البلاد والعباد من المفسدين من أي فصيل كانوا ورفع أذاهم عن المسلمين"، وأضاف: أن النصرة لن تتهاون بعد الآن "مع من يتسلط على رقاب المسلمين المستضعفين وثروات البلاد، الذين لن يجدوا منها إلا القوة والحزم في تطبيق الحق والحزم".
فهاجمت النصرة مدعومة بجند الأقصى، مقرات جبهة ثوار سوريا في مدن حارم وسلقين وعزمارين في ريف إدلب وفرضت سيطرتها عليها، ثم استمر القتال بين الطرفين حتى استطاعت النصرة وحليفها الجند من السيطرة على قرية "البارة" و"إحسم" في ريف إدلب، ومسقط رأس جمال معروف قائد جبهة ثوار سوريا التي تعرف ببلدة "دير سنبل"، وهي آخر معاقل "ثوار سوريا" في منطقة جبل الزاوية.
وانتهت المعارك لصالح جبهة النصرة وحليفها تنظيم جند الأقصى، الذي شاركها بقوة بدعوى أن قائدهم عبد العزيز القطري قُتل على أيدي "جبهة ثوار سوريا"، واستطاعت النصرة والجند تفكيك جبهة ثوار سوريا، وحلها بشكل كامل، والاستيلاء على مقراتها وسلاحها، ولجأ قائدها مع آلاف من عناصره إلى تركيا هرباً من انتقام النصرة وحليفها منهم.
وفي أواسط شهر آب 2015 أصدر تنظيم جند الأقصى بياناً أعلن فيه أنه نفذ حكم ما سمّاه "القتل ردة عن دين الله عز وجل" بحق عناصر تتبع لألوية الأنصار التي كانت إحدى الفصائل التابعة لجبهة ثوار سوريا في ريف إدلب الجنوبي.
وأضاف البيان أن فصيل جند الأقصى ألقى القبض على ما سمّاه خلية نائمة مؤلفة من عدة عناصر تعمل لصالح أجندات خارجية مهمتها اغتيال مجموعة من المجاهدين من جبهة النصرة وجند الأقصى وأنهم أقروا بهذا الأمر خلال التحقيقات وبحوزتهم أجهزة تفجير وملصقات معدة للتفجير ومتفجرات.
وأكّد البيان أن الحكم القضائي بالقتل جاء بعد إصرار المجموعة على العمل لصالح أجندات خارجية على الرغم من فتح باب التوبة من قبل الفصائل "جبهة النصرة وجند الأقصى" والعفو عن متورطين سابقين من فصيل جبهة ثوار سوريا حسب قولها.
وذكر البيان أسماء من نُفذ بحقهم حكم القتل وهم: "سلمان رفعت المواس، وائل العوض، جمال زياد العوض، عمّار أصلان العيسى، خالد المشيعل"، وهم جميعاً من بلدات ريف إدلب الجنوبي من بلدتي: "كفرسجنة" و"بسقلا" حيث كانت تسيطر ألوية الأنصار لجبهة ثوار سوريا.
- 2. البغي على حركة حزم:
في شهر يناير/ كانون الثاني 2015 هاجمت جبهة النصرة بالاشتراك مع جند الأقصى مقرّات ومواقع تتبع لحركة حزم، على إثر اتهام الجبهة لحزم بقيامها باعتقالها اثنين من عناصر النصرة كانا عائدين إلى بيوتهما ليستريحا بها بعد "رباط طويل".
حيث هاجمت النصرة مقرات لحركة حزم في بلدة الشيخ سليمان بريف حلب الغربي، وبعد سيطرتها عليها، انسحب عناصر حزم باتجاه الفوج 46 في الأتارب، واستمرت الاشتباكات بين الطرفين لأكثر من شهرين، وانتهت بحلّ حركة حزم لنفسها، وإعلانها الانضمام لصفوف الجبهة الشامية.
- 3. البغي على الفرقة 13:
بتاريخ 3 مارس/ آذار 2016 أصدرت جبهة النصرة بياناً اتهمت فيه الفرقة 13 باقتحام مقراتها في "معرّة النعمان"، واقتحام بيوت بعض عناصرها، والاعتداء عليهم بالضرب ثم اعتقالهم.
إلا أن رئيس المحكمة الشرعية والقاضي في جيش الفتح "أحمد علوان" وصف ما ورد في بيان النصرة السابق بـ"الكذب والتزوير".
تلى ذلك بأيام قليلة هجوم من جبهة النصرة مدعومة بعناصر من "جند الأقصى" على غالبية مقرّات الفرقة 13 في "معرة النعمان" وسيطرتها عليها، إضافة لـ (الغدفة-حيش) بريف إدلب الشمالي، بعد معارك واشتباكات قُتل فيها 10 مقاتلين، 6 منهم تابعون للفرقة، وأُسر العديد من عناصر الفرقة على أيدي النصرة والجند، تجاوز عددهم الـ 40 عنصراً، من بينهم، العقيد "علي السماحي" قائد لواء المهام الخاصة في الفرقة، إلا أن النصرة والجند أطلقوا سراحهم بعد فترة قصيرة، بعد دعوات للنزول إلى محكمة شرعية لإنهاء الخلاف وإعادة الحقوق والسلاح المنهوب للفرقة، ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم لا يزال أهالي معرة النعمان يخرجون في كل جمعة منادين جبهة النصرة وحليفها بالنزول للشرع، إلا أن دعواتهم لم تلق أذناً صاغية.
وأوضحت مصادر أن الأسباب الحقيقية لهجوم النصرة وحليفها الجند جاء عقب مشادات بين عناصر جبهة النصرة وعناصر الفرقة 13، على خلفية اقتحام عناصر محسوبة على النصرة لمظاهرات الأهالي في مدينة معرة النعمان بريف إدلب، وهي المعقل الرئيسي للفرقة.
- 4. الاعتداء على جيش الإسلام في الشمال:
بتاريخ 29 يونيو/ حزيران 2016 أعلن جيش الإسلام في بيان رسمي صادر عنه تعرُّض أحد مقراته في قرية "حربنوش" بمحافظة إدلب إلى هجوم مسلح من مجموعة تستقل ثلاث سيارات.
وأكد البيان أن مقاتلي الجيش وبمساعدة ثوار المنطقة تصدوا للقوة المُهاجِمة وجرحوا اثنين منها، محذرًا من مغبة هذه التصرفات التي وصفها بـ "الإجرامية" ، ومطالبًا قيادة تنظيم جند الأقصى بالتوضيحات باعتبار أن المهاجمين ادعوا انتماءهم لجماعة الجند.
- 5. البغي على أحرار الشام:
التوترات بين تنظيم جند الأقصى وحركة أحرار الشام الإسلامية - وهي الطرف الأبرز بين الفصائل في الاشتباكات الأخيرة التي حصلت في شهر أكتوبر/ تشرين الثاني 2016- مرت بمراحل عديدة، وبدأت بالرابع والعشرين من شهر تشرين الأول عام 2015، عندما انسحب الجند من جيش الفتح معللًا قراره بوجود فصائل تتبنى مشاريع تصادم الشريعة حسب وصفه، ووقَّعت على بيان المبعوث الأممي المتضمن حلًّا سياسيًّا يُبقي على الأسد في فترة انتقالية، وبسبب ضغط تلك الفصائل على جند الأقصى من أجل تبني قتال الدولة، ومسمياً هذه الفصائل بحركة أحرار الشام الإسلامية.
ثم تلاها في شهر مارس/ 2016 إقدام تنظيم "جند الأقصى" على استفزاز الحركة بإقامة "عزاء" لوالي حمص التابع لتنظيم الدولة "حسان عبود"حسان عبود: قائد ما يعرف باسم "لواء داود"، انشق عن ألوية صقور الشام قبل مطلع عام 2014، وشكَّل مع عدة ألوية "جيش الشام"، قبل أن يلتحق مع عدد كبير من عناصر اللواء بتنظيم الدولة في محافظة الرقة!.في بلدة "سرمين" مسقط رأسه في ريف إدلب، والذي قُتل في معارك خناصر بريف حلب الشرقي، إلا أن أحرار الشام تدخلت وفضت العزاء بالقوة، رغم محاولة جند الأقصى طلب مؤازرات للاستمرار بالعزاء بالقوة، إلا أن أحرار الشام طوقت البلدة وأجبرتهم على فضِّه، كما ذكرت بعض المصادر الإخبارية.
ثم جاء بعد ذلك حادثة اختطاف وتصفية أحد عناصر أحرار الشام على أيدي جند الأقصى في شهر يوليو/ تموز 2016، بعد اختطافه من المشفى، ونقله إليها نتيجة قيام عناصر الجند بإطلاق النار عليهسبق أن ذكرنا القصة بالتفصيل تحت عنوان: "سجل الإجرام" رقم 4..
- 5. قصة البغي الأخير على الأحرار:
في بداية شهر أكتوبر/ تشرين الثاني 2016 اندلعت مواجهات دامية بين فصيل جند الأقصى وحركة أحرار الشام الإسلامية في الشمال السوري، ذهب ضحيتها نحو سبعين عنصرًا من الطرفين.
بدأ التوتر عندما اختطف عناصر تابعون لجند الأقصى مسؤولاً أمنياً في حركة أحرار الشام، هو: "علي العيسى"، ويشغل مسؤول أمن الطرقات التابع لأحرار الشام في مدينة سراقب بريف إدلب، وأطلقوا النار على أخيه وزوجته، على خلفية قيام المكتب الأمني للحركة بضبط خلية مرتبطة مباشرة بالرقة: المعقل الرئيسي لتنظيم الدولة (داعش)، وقد بثت الحركة -لاحقاً- مقطعاً مرئياً لشخصٍ اسمه هزاع هيثم هزاع (أبو دجانة)، وفيه اعترافات أبي دجانة بأنه مسؤول أمني في تنظيم الدولة (داعش)، ويساعد المهاجرين الذين يريدون الانتقال إلى مناطق التنظيم، كما يسعى إلى تنفيذ أعمال يتم تكليفه بها.
وبعد الإنكار، أقرّ الجند بعملية اختطاف "علي العيسى"، مطالبين الحركة بالإفراج عن "أمنيي داعش" مقابل إطلاق سراحه، بحسب البيان الذي نشرته الحركة.
وكان تنظيم جند الأقصى قد حذر -في بيان سبق بيان الأحرار- من أنّ تفاقم الأوضاع بينهم وبين حركة أحرار الشام الإسلامية قد يُجبرهم على إيقاف "غزوة مروان حديد" في حماة، والتوجه لمواجهة أحرار الشام، معللين ذلك بـ "حماية أنفسهم"، ومحمِّلين أحرار الشام المسؤولية كاملةً، ومناشدين "العقلاء" في صفوفهم للتدخل.
فكان رد الحركة عليهم أن هذا السلوك هو تكرار لسلوك تنظيم الدولة ولم يعد مجديًا اليوم لصرف أنظار الناس عن الظلم و"الغلو"، خاصة إذا كان الفصيل قد انسحب سابقًا من معارك حلب والساحل وغيرها.
زادت بعد ذلك حدّة الاحتقان بين حركة أحرار الشام وتنظيم جند الأقصى، وزادت وتيرة الاشتباكات بعد أن قام تنظيم جند الأقصى بالسيطرة على مواقع الحركة في مدينة خان شيخون بريف إدلب، فقامت الحركة بالرد ونجحت بالسيطرة على مواقع التنظيم في معرة النعمان والحامدية وجرجناز وسرمدا والمسطومة بمحافظة إدلب.
تلا ذلك -بيوم تقريباً- قيام تنظيم جند الأقصى بجريمة بشعة، قام من خلالها بإعدام مجموعة كاملة تتبع لحركة أحرار الشام الإسلامية، كان قد أسرهم خلال عودتهم من معركة حماة، وأودعهم سجونه ببلدة كفر سجنة في محافظة إدلب، ثم أعدمهم رمياً بالرصاص، علماً أنهم لم يشهدوا الاشتباكات الأخيرة ولم يشاركوا فيها.
وفي هذه الأثناء أعلنت كبرى فصائل المعارضة في الشمال السوري -عبر بيان لها- وقوفها عسكريًّا وأمنيًّا ومعنويًّا مع حركة أحرار الشام الإسلامية، في وجه ما سمّوه "بغي تنظيم جند الأقصى"، مؤكدين أن ما يواجهونه اليوم ليس فتنة، وإنما رد للصائل.
وكان من أبرز الفصائل الموقِّعة على البيان (جيش الإسلام، وصقور الشام، وفيلق الشام، وحركة نور الدين الزنكي، والجبهة الشامية، وجيش المجاهدين، وغرفة عمليات فتح حلب، وتجمع فاستقم كما أمرت.. وغيرها).
ثم صعّد تنظيم جند الأقصى من اعتدائه بقتله للقيادي في حركة أحرار الشام محمد منير (أبو منير-دبوس الغاب) مع أربعة من عناصره، بكمين غادر في قرية حزارين جنوب إدلب، التي كانت نقطة تحول في الصراع، حيث أعلنت حركة أحرار الشام مع الفصائل المساندة لها عزمها على استئصال جند الأقصى وحلّ هذا التنظيم بشكل نهائي في بيان صادر عنها.
وفي هذه الأثناء تدخلت -مرّة أخرى- جبهة النصرة باسمها الجديد: فتح الشام للصلح بين الطرفين، في محاولة لثني الفصائل عن عزمها استئصال جند الأقصى، حيث أعلن تنظيم جند الأقصى بيعته لفتح الشام! إلا أن الفصائل رفضت هذه البيعة إلا إن كانت بيعة أفراد، واشترطت حل الجند كتنظيم.
فعرضت جبهة فتح الشام على الفصائل قبول بيعة الجند بضمانات، وخلصت معهم إلى اتفاق يعتبر أن قبول الجبهة لبيعة جند الأقصى يعتبر حلًّا نهائيًّا للتنظيم، مع التأكيد على عدم قيامه مرة أخرى تحت أي اسم كان، كما نصّ الاتفاق على إطلاق كافة الموقوفين من الطرفين باستثناء من عليه دعاوى تتعلق بالتبعية لتنظيم الدولة، على أن تشكل لجنة مؤلفة من قاضيين من أحرار الشام، ومثلهما من فتح الشام، وقاضٍ مستقل مرجح خلال 24 ساعة.
لم يكن انضمام جند الأقصى إلى جبهة فتح الشام سوى محاولة من الأخيرة للحفاظ على أفراد هذا التنظيم من الاستئصال رغم بغيه وإجرامه، فهم يعتبرونهم إخوة في المنهج، وأقرب إليهم من الأحرار وغيرهم، وقد صرّح بذلك المتحدّث الرسمي لجبهة فتح الشام عندما وصفهم بالمجاهدين الأطهار، وأشاد بعملياتهم على الجبهات!جاء في تغريدات الناطق الرسمي لهيئة فتح الشام حسام الشافعي التي نشرها ردّا على قائد أحرار الشام: "إننا لم نقبل بيعة شرذمة نجسة، بل مجاهدين أطهار سمع الجميع بصولاتهم في معركة تحرير إدلب، ومعركة الفوعة الشهيرة، ومعركة خان طومان في ريف حلب الجنوبي، وما فتح الله عليهم في حماة مؤخراً ليس بخاف على أحد"!..
ونتيجة لذلك فقد رفض بعض قادة جند الأقصى البيعة لجبهة فتح الشام، واستمرت مجموعات تابعة للتنظيم في استفزاز الفصائل، وقاموا بالحشد للهجوم على نقاط وحواجز تتبع للواء صقور الشام في بلدة مصيبين بريف إدلب للسيطرة عليها، إلا أن الفصائل أرسلت تعزيزات للمنطقة حالت دون ذلك، واستمر الحال على ذلك قرابة الشهرين، وجبهة فتح الشام بعيدة كل البعد عن الوفاء بما تعهدت به للفصائل بخصوص احتواء جند الأقصى، وإيقاف اعتداءاتها على الفصائل، وحلّ تنظيمهم بشكل نهائي، مما عرّض الجبهة وقيادتها لانتقادات كثيرة، شديدة اللهجة من شخصيات شرعية وقيادات عسكرية وسياسية، وحتى من شخصيات قيادية من داخل الجبهة نفسها، طالبتها بالوفاء بعهودها تجاه الفصائل أو بالتخلي والتبرؤ من جند الأقصى، والتوقف عن حمايتهم والدفاع عنهم.
وزادت تلك النداءات والانتقادات لفتح الشام، عندما هاجمت جماعة من جند الأقصى فجر يوم الجمعة 20 يناير/ كانون الثاني 2017 مقرات تتبع لحركة أحرار الشام، في بلدة البارة، وإبلين في جبل الزاوية في ريف إدلب الغربي، وقامت باعتقال عدد من عناصر الحركة دون أي اشتباك، بينهم أحد الأمنيين ويدعى "أبو حفص إبلين"، مما دفع فتح الشام -عبر بيان صادر عنها- إلى إعلان عدم تبعية جند الأقصى لها، حيث أكدت في بيانها أنه وبسبب عدم "انصياع جند الأقصى لبنود البيعة" وبسبب "تجدد الاشتباكات بينها وبين الفصائل"، تعتبر جماعة الجند غير تابعة كتنظيم لفتح الشام مع التأكيد على بقاء "رابطة الإسلام"!
وأشارت "فتح الشام" إلى أنه وبعد إعلان "جند الأقصى" البيعة للجبهة، تبين لها أن أمير الجند بايع عن نفسه فقط ومن رغب الالتحاق به من العناصر وليس عن كامل الفصيل، وظهر ذلك جليًّا من خلال عدم تعامل الجند مع الجبهة على أساس السمع والطاعة وهو الركن الرئيس في البيعة.
وعلى الرغم مما صرّحت به فتح الشام بعدم تبعية الجند لها، فقد استعانت بهم في بغيها وهجومها الأخير على الفصائل في شهر يناير/ كانون الثاني 2017، حيث هاجمت مجموعات فتح الشام وبرفقتهم عناصر من جند الأقصى مواقع تتبع لحركة أحرار الشام وصقور الشام في جبل الزاوية بريف إدلب، بالإضافة إلى هجومهما سوية على سجن إدلب المركزي.
- لواء الأقصى.. بقايا جند الأقصى:
بعد إعلان فتح الشام عدم تبعية تنظيم جند الأقصى لها، وبعد أن غاب ذكره عن الأسماع لفترة قصيرة، اتضح أن "الجند" انقسمت إلى ثلاثة أقسام:
-
أحدها: بقي مع فتح الشام.
-
وثانيها: شكّل تجمعاً سماه "أنصار التركستان".
-
وأما الأخير وهو الأكثر سوءًا وإجرامًا بين الثلاثة، الذي أطلق على نفسه اسم "لواء الأقصى". وقد تشكّل من العناصر الذين رفضوا البيعة لجبهة "فتح الشام"، وانشقوا عن تنظيم الجند عند إعلانه البيعة للجبهة، واتخذ اللواء من ريف حماة الشمالي مستقراً له، ويقوده "أبو عبد الله الغزي" الذي يُتّهم بمبايعة تنظيم الدولة "داعش" رسمياً.
ويتميّز هذا اللواء بغلوّه الشديد، حيث وصل بهم الحد إلى تكفير "جبهة فتح الشام" أو تشكيلها الجديد الذي حمل اسم "هيئة تحرير الشام"، ووصفتهم وقيادتهم بالمرتدين، ولم يراعوا أنهم خرجوا من كنفها في يوم من الأيام، ومن سنن الله في أصحاب الغلو أنه في أخر مآلهم يكفّر بعضهم بعضًا، ويقتل بعضهم بعضًا، كما أنهم استمروا على نهجهم السابق في الاعتداء على الفصائل الأخرى.
- هجوم "لواء الأقصى" على الجيش الحر في ريف حماة:
ففي 7 فبراير/ شباط 2017 هاجمت مجموعات من "لواء الأقصى" مقرات عدة فصائل تتبع للجيش الحر منها: "جيش النصر، الفرقة الوسطى، سرايا الغرباء، أجناد الشام، لواء مغاوير كرناز، الفرقة الأولى مشاة"، وجميع هذه المقرات في مدينة كفرزيتا ومحيطها مع ريف حماة الشمالي، واعتقلوا العشرات من عناصر الجيش الحر خلال عودتهم من الرباط على خطوط التماس مع النظام، واستولوا على أسلحتهم، بعد اشتباكات جرت بين الطرفين، نتج عنها عدد من الجرحى.
كما قامت خلايا تابعة للجند باختطاف أكثر من 150 من مجاهدي الجيش الحر، كانوا يرابطون على خطوط التماس مع النظام في ريف حماة وبعضهم من مقراتهم، وطالبوهم بمبايعة "أمير المؤمنين البغدادي"! في حين قامت مجموعة أخرى بالسيطرة على غرفة عمليات ريف حماة الشمالي التي ترابط على جبهات الزوار وطيبة الإمام والسيرتيل ومفرق اللحايا والبويضة ومداجن معركبة.
أحد أفراد لواء الأقصى يرفع العلم في منطقة يسيطر عليها
- إنذار هيئة تحرير الشام للواء الأقصى وقرار الاستئصال:
ونتيجة لاستمرار بغي لواء الأقصى، ورفضه الانصياع لهيئة تحرير الشام، وتكفيرها، فقد أعلنت الهيئة في 13 فبراير/ شباط 2017 في بيان صادر عنها عن بدء عملياتها العسكرية ضد اللواء.
وكان البيان مُعنوناً باسم "إعذار وإنذار لجماعة لواء الأقصى"، أكدت فيه "هيئة تحرير الشام" أن استمرار الجماعة في تكفير الفصائل، ورفضهم النزول لمحكمة شرعية، والتنسيق والارتباط بتنظيم الدولة، دفع الهيئةَ للبدء بقتالهم حتى يبادروا بفتح الطرقات ورفع الحواجز، والتوقف عن عمليات الخطف وتكفير المسلمين.
ثم ما لبثت أن اندلعت المعارك بين الطرفين في قرى التمانعة وسجنة وخان شيخون وجبالا ومعرة ماتر وموقة بريف إدلب الجنوبي، ومعرزيتا ومورك وكفرزيتا في ريف حماة الشمالي، قُتل فيها العشرات من الطرفين، ووقع العشرات من عناصر الطرفين أسرى، كلٌ منهما بيد الآخر، بالإضافة لقيام اللواء باعتقال العشرات من عناصر الجيش الحر والمدنيين من منازلهم في مناطق الاشتباكات، فاق عددهم الـ 130 شخصاً غالبهم من جيش النصر.
وأفادت مصادر عسكرية، أن أكثر من 70 عنصرًا من "هيئة تحرير الشام"، بالإضافة إلى قياديَّيْن بارزين وهما القائد العسكري "أبو بكر تمانعة"، والقيادي البارز في قطاع حماة "أبو ثائر الحموي" قتلوا برصاص لواء الأقصى، الذي قام بتصفية عدد من عناصر الهيئة بمدينة خان شيخون، بعد سيطرته على مقر الحسبة، وكذلك تمت تصفية عناصر حراسة "سجن موقة" التابع للهيئة.
في حين أن عدد عناصر لواء الأقصى الذي قُتلوا خلال المعارك فاق 50 عنصراً، وبينهم الأمني الملقب بأبي ريحانة، والقيادي البارز "أبو حسين هرموش"، كما أعلنت سرايا الشام التابعة للواء عن انشقاقها عنه.
- مجزرة الأسرى:
في منتصف شهر فبراير/شباط أذار 2017 وبعد بدء المعارك بين هيئة تحرير الشام ولواء الأقصى، قام لواء الأقصى بتصفية العشرات من عناصر جيش النصر في منطقة الخزان بالقرب مدينة خان شيخون بريف إدلب.
وذكر رئيس أركان الجيش النقيب "طالب أبو الحسن"، أن لواء الأقصى قام بأسر 72 عنصرًا من جيش النصر قبل ثمانية أيام، ليتم يوم أمس الثلاثاء إعدام 71 مقاتلًا، فيما استطاع أحدهم الهروب.
وكشف المقاتل الذي نجى من عملية الإعدام الجماعي، أن لواء الأقصى قام باحتجاز قرابة 160 شخصًا، أغلبهم من جيش النصر، والبقية من فصائل أخرى ومن هيئة تحرير الشام.
- توقف المعارك واتفاق الخروج باتجاه "داعش":
بعد الاشتباكات الدامية التي دارت بين هيئة تحرير الشام ولواء الأقصى في ريفي حماة وإدلب، التي دامت قرابة 5 أيام، استُخدمت فيها الأسلحة الثقيلة، سقط خلالها العشرات من القتلى والجرحى من الجانبين، توصَّلت الهيئة إلى اتفاق مع "لواء الأقصى".
تضمن الاتفاق السماح لعناصر اللواء بالخروج باتجاه مناطق سيطرة تنظيم الدولة في الرقة وريف حماة بسلاحهم الخفيف فقط، مع إبقاء السلاح الثقيل لهيئة تحرير الشام، وكذلك إطلاق سراح من تبقَّى من الأسرى لدى اللواء.
وفعلاً تم إطلاق قرابة 37 أسيراً من مدنيين وعناصر جيش حر وأفراد من الهيئة، كانوا في قبضة لواء الأقصى، وخرجت أرتال تضم أكثر من 300 عنصر من لواء الأقصى باتجاه مناطق سيطرة تنظيم الدولة "داعش" تباعاً، واكتشف الأهالي بعد خروجهم جثث أكثر من 130 عنصراً من الجيش الحر تم قتلهم ودفنهم في مقابر جماعية، كما تبيّن أن عناصر اللواء قد خرّبوا الآليات الثقيلة التي تم الاتفاق على تركها لهيئة تحرير الشام.
- الاتفاق بين الهيئة واللواء في الميزان:
يرى الكثير من طلبة العلم والعسكريين والمراقبين في هذا الاتفاق ظلماً وتفريطاً وخيانة لدماء الشهداء والأسرى الذين أعدمهم لواء الأقصى بدم بارد، وأن من خرج لمناطق داعش سيلتحقون بالجبهات التي تحارب فيها داعش الفصائل المجاهدة، أو يعودون كخلايا نائمة، ويقومون بعملهم في الاغتيال والخطف.
وعاب الكثيرون على هيئة تحرير الشام رفضها لعرض أحرار الشام، التي طلبت من الهيئة السماح لها بالاشتراك في حملة استئصال فصيل يتبع تنظيم الدولة فكراً وتنظيماً. وقالوا: "إن ما أصابها من أذى من بقايا جند الأقصى، نتيجة لدفاعها عنهم وحمايتهم، فمن أعان ظالماً سلطه الله عليه".
في حين شكك كثيرون بخروج أفراد اللواء إلى مناطق داعش، بسبب وجود منطقة يسيطر عليها النظام في المنتصف، وحول مصيرهم قالت بعض وسائل الإعلام: إن أفراد اللواء قد بقوا في مناطقهم بشكل متخفّ، وقالت مصادر أخرى: إنهم ربما اندمجوا بجماعة "أنصار التركستان". ليبقى السؤال دون جواب في الوقت الراهن: أين بقية جند الأقصى؟ وما هو دورهم في الاعتداءات الحالية على الأحرار؟ وما الدور الذي سيلعبونه في المستقبل؟
اقرأ أيضاً : حقيقة "جبهة النصرة" أو "هيئة تحرير الشام"
إضافة تعليق جديد