الخميس 28 مارس 2024 الموافق 18 رمضان 1445 هـ

فتوى بشأن جند الأقصى

07 محرم 1438 هـ


عدد الزيارات : 3924

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

قال تعالى {وَلَمَنِ انتَصرَ بَعدَ ظُلْمِه فَأولئكَ مَا عَلَيْهِم مّن سَبيل}[الشورى 41]، وقال عز وجل {قُلْ هَل نُنَبّئكُمْ بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103) الّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً(104)}[الكهف]. وصحّ في مُسند الإمام أحمد من حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من قُتل دون ماله فهو شهيد، ومن قُتل دون أهله فهو شهيد، ومن قُتل دون دينه فهو شهيد، ومن قُتل دون دمه فهو شهيد. صحّحه الألباني.

بعد اجتماع عدد من أهل العلم في الشام للنظر في شأن الأحداث المُتعلقة باعتداءات تنظيم ما يُسمى "جند الأقصى"، ظهر لنا أن الحُكم الشرعي هو وجوب قتال هذه الطائفة، وموجبات ذلك مايلي:

  • أولاً:

ثبت لدينا أن الفصيل المُسمى "جند الأقصى" يؤوي داخله كثيراً من العناصر الموالية لتنظيم البغدادي الخارجي، بل البيعة له سراً، وقد قامت هذه العناصر في وقائع كثيرة ثابتة بقتل الكثير من المجاهدين غيلة، ناهيك عن محاولات اغتيالات كثيرة، وقد تم تحذير الفصيل المذكور أكثر من مرة، والتنبيه عليه لتنقية صفوفه من هؤلاء الغُلاة الخوارج فلم يستجب بطريقة ممنهجة تجعلنا نطمئن أن الفصيل يُقرّ -على أقلّ الأحوال- بما يقوم به عناصره المُجنّدون للخوارج،  كما أنه زاد على ذلك رفضه الممنهج لتسليم المتهمين من عناصره باغتيال المجاهدين وزرع العبوات لمحاكمتهم، بل ثبت تهريبه لبعض الموقوفين منهم، مما جعل لدينا غلبة ظنّ يُطمأن إليها بأن الفصيل متورّط بالمشاركة على مستوى ممنهج. وفي الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولفظه: (لَعَنَ الله مّنْ آوَى مُحْدِثاً). قال الشوكاني في "نيل الأوطار" "قوله: (مُحدِثاً) بكسر الدال هو من يأتي بما فيه فساد في الأرض، من جناية على غيره أو غير ذلك، والمؤوي له: المانع له من القصاص ونحوه". وقد ذكر ابن حجر الهيتمي هذا الفعل في الكبائر فقال: "إيواء المُحدثين، أي منعهم ممن يريد استيفاء الحق منهم، والمراد بهم: من يتعاطى مفسدة يلزمه بسببها أمر شرعي". مما سبق يتّضح بجلاء ثبوت ارتكاب فصيل "جند الأقصى" لكبيرة إيواء المُحدثين من أصحاب الفكر الخارجي المرتكبين لجرم بيعة تنظيم الخوارج المُستحق للقتال بالكتاب والسنة والإجماع،  أولئك الساعون في الأرض فساداً من خلال تنفيذ العمليات الانتحارية، وزرع العبوات الناسفة، واغتيال القادة المُجاهدين، وامتناعهم بالشوكة عن تسليمهم ومحاكمتهم، مما يستوجب قتالهم لدفع صيالهم على شرائع الدين بإيواء المحدثين، وصيالهم على أنفس المجاهدين وأموالهم. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والطائفة إذا انتصر بعضها ببعض حتى صاروا ممتنعين فهم مشتركون في الثواب والعقاب، الطائفة الواحدة الممتنع بعضها ببعض كالشخص الواحد".

  • ثانياً:

ثبت لدينا أيضاً مشاركة العديد من عناصره في الاعتداءات والصيال على المجاهدين وأمولهم وتكفيرهم للمسلمين، وتواتر النقل عن تكفير قياداته وغالب عناصره لكثير من الفصائل المجاهدة والعلماء المشهود لهم في الساحة الشامية، هذا بالإضافة لاعترافات الخلايا التي تمّ ضبطها مؤخراً وهي تقوم بعمليات التفخيخ والتفجير وقد جاء في اعترافاتهم أن الباعث لهم على هذا القتل والتفجير في المجاهدين اعتقاد كفرهم وردتهم مع فصائلهم مما يُفيد أنهم يحملون فكر الخوارج ويثبت ارتباطهم الوثيق بخوارج البغدادي وثبت ذلك من وقائع عديدة، فصار هذا في حد ذاته -وإن لم يصحبه اعتقاد- موجباً لقتالهم دفعاً لصيالهم عن المجاهدين، وممّا يقوّي ما سبق امتناع الفصيل المُسمى "جند الأقصى" عن قتال خوارج البغدادي، الذين ثبت وجوب قتالهم للجميع وذلك لأنهم يُكفّرون المسلمين بغير حق، ويُقاتلونهم على أساس ذلك. ودفع الصائل على النفس جائز إجماعاً (نقل الإجماع ابن تيمية وغيره)، وواجب عند جمهور العلماء. أما إذا كان صائلاً على أنفس أخرى فلا شكّ في وجوبه من باب نصرة المستضعفين والمسلمين والأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر، سُئل الغزالي: "إذا صال إنسان على آخر، فعجز المُصال عليه عن دفعه، فهل يجب على من يقدر على دفعه أن يدفعه، حتى إن قتله دفعاً لم يجب الضمان؟

الجواب: يجب ذلك بطريق النهي عن المنكر، ولا ضمان عليه". انتهى من فتاوى الغزالي 13

بناء على ما سبق فإنه يجب قتال تنظيم جند الأقصى حتى يرجع عن بغيه فيسلّم المحدثين ويتبرأ منهم، ويتبرأ من فكر خوارج البغدادي ويُشارك في قتالهم أو يتم استئصال وجوده كتنظيم داخل المناطق المُحرّرة، وتُطبّق عليه أحكام قتال الخوارج.

هذا والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

د. أحمد عبد الكريم نجيب الشيخ أبو العباس الشامي
د. أيمن محمد هاروش الشيخ أبو الحارث المصري
الشيخ أحمد محمد نجيب الشيخ أبو الحسن الراشدي
الشيخ عباس شريفة الشيخ محمد الخطيب
الشيخ أبو أيوب المصري الشيخ أحمد علوان
الشيخ أبو بصير الطرطوسي الشيخ أبو الفتح الفرغلي
الشيخ أبو الصادق موفق الشيخ حسام أطرش
الشيخ أبو إسلام الحموي  
 
7 مُحرم 1438 هـ - 8 تشرين أول 2016 م

ملف للتنزيل: