موجة الشك والتشكيك .. ما الموقف منها؟
ما إن تراجع الدور الحضاري للمسلمين في العالم حتى طفقت البشرية تتخبّط من تيهٍ إلى تيه، والذين تصدّروا قيادة العالم كانوا بعيدين كلّ البعد عن هذه الحضارة وأسسها المتينة التي رسّختها العقيدة والقيم الإسلامية وأدّت إلى تقدّمِ الإنسان ورفعةِ المسلمين إلى ذروة المجد لقرون طويلة، فأضحت البشرية بيد هؤلاء القادة مسرحًا للدمى، وسوقًا للبيع والشراء، وحقلاً للتجارب في مختلف المناحي العلمية والفكرية والدينية، بعيدًا عن نور الوحي وهداية السماء.
بداية البلاء:
بدأت المعاناة مع طغيان الثورة الصناعية في أوروبا، حيث رافقتها ثورة على الدين النصراني الذي تحوَّل إلى عقبة أمام التقدّم والتحضّر والتعلّم منذ أن فقد حقيقته السماوية وتعرّض للتحريف على مرّ العصور، فأصبح غير قادر على تقديم الإجابات الشافية التي يحتاجها البشر، بل أصبح مناقضًا للعقل والمنطق، محاربًا للعلم، مُزريًا بفطرة الإنسان ومكانته، وصار أداةً لتسلّط رجال الدين سياسيًا واقتصاديًا ودينيًا، واحتكر رجال الدين «الكتابَ المقدّس» وحظروا تعلّمه وتفسيره إلا عن طريقهم، وحاربوا العلماء واعتبروهم هراطقة لمجرّد مخالفتهم للتصوّرات الكَنَسيّة، إضافة للكثير من الممارسات التي فرّغت الدين من مضمونه.
وبدلاً من سير الثورة في طريق تصحيح انحراف الكنيسة وتنقية الدين النصراني من التصوّرات التي دخلت عليه، والشوائب التي أفسدته؛ عمدت النُخب الثقافية والسياسية إلى الفصل التامِّ بين الحياة والدين بجميع تعاليمه الأصلية والمحرّفة، وسلطته المعنوية والمادية المتمثّلة في ممارسات القساوسة والرهبان.
الإلحاد والكفر بالدين:
كانت النتيجة: ثورةً على الدين، ونبذه كلّيًا من الحياة العامة، وحصرَ ما بقي منه في طقوس شكليّة غير مُلزمة، والنظر بعين الشكّ والريبة في كلّ ما هو تقليدي أو موروث، واستئناف رحلة المعرفة دون هداية أو إطارٍ مرجعي، سوى الشرط المسبق بتنحية الدين جانبًا، وربطه بالتأخّر والتخلّف، واعتباره السبب الرئيس للظلام الذي كانت تعيشه أوروبا القرون الوسطى!!
ولك بعد ذلك أن تجول بفكرك وتتخيّل: أين يمكن أن تصل البشرية وهي بعيدة عن الدين؟ وكيف ستكون الحياة وهي تفقد روحها واتصالها بنور الوحي وجمال القيم وسموّ الإيمان؟
سلسلة الشكّ:
فُتح باب الشكّ على مصراعيه، وابتدأ بالشكّ بصحّة الأديان جميعها وتشريعاتها وكتبها، ثم وصل إلى الشكّ في وجود الخالق ذاته، وتتابع بعدها العلماء على وضع تفسيرات مادية للكون ومظاهر الحياة، سواء المشاهَدَة منها أو الموغلة في الغيب والزمن .. فظهرت مدارسُ فكرية وفلسفية تبنّت نظرياتٍ حول بداية الكون وخلق الإنسان مليئةً بأغاليط يأباها العقل السليم، كنظرية النشوء والتطوّر وأصل الأنواع، ونظريات مشابهةً في مختلف العلوم كعلم الاجتماع والاقتصاد والسياسة والتربية وغيرها، وكلّها تشترك في أنّها تعتمد العقل والتجربة مصدرًا وحيدًا ومقدّسًا للمعرفة والعلم، مع تنحية فكرة الإله وجميع ما يتعلّق به جانبًا، وأصبح التصديق بهذه النظريات التي تصادم العقل وتحارب المنطق ولا تملك من الأدلّة ما يرقى إلى ما يمكن تسميته دليلاً؛ من المسلّمات لدى كثير من البشر!
وجهات نظر!
وفي ظلّ هيمنة هذا الفكر على المؤسّسات العلمية والفكرية والإعلامية في الدول المتغلّبة على مقاليد القوّة في العالم: فَقَدَت العلومُ الأساسَ المتين الذي كانت تنطلق منه وهو التسليم بالبدهية الكبرى المتمثّلة في وجود الخالق العزيز القوي المدبّر للأمور، والعبودية له سبحانه في كل مناحي الحياة، وضربت الفوضى أطنابها في كلّ مفاصل المعرفة، وأضحت جميعُ الحقائق والـمُثُل والقيم -ومنها الدين وحقائقه- وجهات نظر تحتملُ الصواب والخطأ، وصار الإلحاد حقًا معرفيًا؛ فاهتزت الثوابت وضعف اليقين إلا بعقل الإنسان و«حريته» في البحث عن المعرفة!
وظهرت المدارس الأدبية التي حملت طابع (الحداثة) بما تحمله من غموض ورمزية وإيحاءات غير مفهومة، فكانت عاملاً إضافيًّا من عوامل تمييع الثقافة والمعرفة، وإضعاف العلاقة بالماضي بكل ما فيه، من خلال كسر إطار اللغة التي هي وعاء العلوم.
أما النظريات الاقتصادية التي شرَّقت العالم وغرَّبته، فقد كان لها وقع سيِّئ على البشر؛ إمّا بحرمانه من حقوقه الأساسية في التملّك، أو بترك الغني يسحق الفقير دون رادعٍ ولا وازع، وهذه النظريات توَّجت هذه الفوضى المعرفية إلى جانب نظريات التفوّق العنصري التي تبنّتها نُظُم سياسية قويّة وصاعدة، وقسّمت البشر إلى طبقات بحسب العرق واللون والانتماء؛ فقادت العالم إلى دمار شامل في حربين عالميتين متتاليتين لم تعهد البشرية مثلَهما قبل ذلك، وألقت بظلالها حتى اليوم على الواقع السياسي والاقتصادي والثقافي للعالم أجمع.
اتساع (حرية التعبير) لحماية المتناقضات:
هذه الحالة الحائرة المتمثّلة في تفكيك المسلّمات والشكّ في الثوابت، وتقديمها إلى جانب النظريات غير الثابتة أو المتعارضة على طبق المساواة، تنتج بطبيعة الحال تصادمًا مجتمعيًّا سببه بقاء فئات تتبنّى ما تمليه عليها فطرتها الأصلية وإيمانها الموروث وإن كان فيه أخطاء، في مقابل تبنّي فئات جديدة للنظريات والصيحات التي تظهر حينًا بعد حين. كما أنّها تُلقي بظلالها على النُظُم السياسية الغربية، التي كانت بحاجة لتحقيق قدر من الاستقرار والتجانس في بلدانها لتتماسك وتستمر قوتها، فاتسعت فيها دوائر الحريات لتستوعب التيارات المتناقضة التي وصلت إلى حدود غير مسبوقة، مع اتفاقهم على الانطلاق من علمانية العلم والفكر والدولة لحماية هذه المتناقضات.
ومع ظهور آثار سيئة وكوارث علمية واجتماعية واقتصادية لهذه التطبيقات، عمدت الدول والأنظمة إلى تقنين العديد من هذه الممارسات، ووضع ضوابط عمرية أو اجتماعية لها، وصار من ينكر هذه التناقضات يُواجه بما بات يُعرف بحرية التعبير، وبأنّ مِنْ حَقِّ مَنْ شاء اعتناقُ ما شاء من المعتقدات وارتكاب ما شاء من الأفعال، إلى الدرجة التي يجد فيها المسيء المتجاوز لحدوده حريةً أكثر من المحافظ المتعقِّل، ومن أبرز الأمثلة على هذا التناقض القيمي ما حدث ويحدث في فرنسا من الإساءة للأنبياء، في الوقت الذي تُجرَّم فيه الإساءة لأشخاص الحكومة!!
وهكذا ضاق القدْر المعرفي والقِيَمي المشترك الذي يمكن للجميع الرجوع إليه والصدور عنه، وفي الوقت ذاته تزعزعت مسلّمات كبرى كانت في نطاق العقائد والقيم في وقت مضى لكنها اليوم صارت وجهات نظر تحتمل الصواب والخطأ، وصار يطرق سمعك كثيرًا البحث عن المشتركات مثل الإنسانية والقيم الإنسانية التي ليس لها تفسير مفهوم ولا كتاب معلوم، فصار الشكّ والتشكيك سمة هذا العصر، فما الذي يمكن الوثوق به ما دامت الأمور وجهات نظر؟!!
تفاقم المشكلة:
تمثّلت المصيبة الكُبرى في عدم وجود إطار مستقرّ لهذه الأفكار، فهي قابلة للتغير باستمرار، فما كان قبيحًا منبوذًا بالأمس من الفواحش كالشذوذ والمخدرات، أصبح اليوم مقبولاً مُرحَّبًا به، بل هناك محاولات لجعله مشروعًا في القوانين والدساتير؛ مما يحوّله إلى أساس تبنى عليه المعرفة والسلوك.
وأصبح التغيير و(التجديد) أمرًا محمودًا في ذاته ومطلوبًا وسمةً على التقدّم والتطوّر، والثبات على القديم مرغوبًا عنه ومذمومًا في ذاته وسمةً على التخلّف والرجعية، لا لشيء سوى أنّ هذا جديد وهذا قديم، فانطلقت الأفكار والممارسات من عُقُلها، غير محكومة بأيّ قيد أو ضابط، سوى مبدأ البحث (الحرّ) عن الجديد والغريب.
وهكذا تتسع الفجوة ويزداد الظلام قتامة، ولا تصل البشرية إلى الإجابات الحاسمة ولا الحلول الجذرية، وتزداد الانحرافات تطرّفًا وابتعادًا عن الاعتدال والفطرة السوية، في نتيجة طبيعية لهذا التقدّم المزعوم من جهة، والهروب من إشكالات الواقع، واستمرار البحث عن إجابات من جهة أخرى، في ظلّ الغفلة والتغافل عن الإجابات النهائية والجذرية التي قدّمها الوحي المنزّل.
ومن نتائج وآثار ذلك في عالمنا اليوم:
» تقديس العقل والعلم، والنظر للعلم التجريبي على أنّه قادر على الإحاطة بكل الحقائق الكونية، وأنّ البشر لم يعودوا في حاجة إلى أيّ مصدر آخر للمعرفة، وظهور النزعة «العلموية» التي تعتقد بأنّ «العلم يكفي الآن وحده لمعالجة جميع شؤون الإنسان».
» استبعاد الدين من بَلْوَرة الأفكار والحاكمية عليها، في نتيجة منطقية للنقطة السابقة، ومن أبرز نتائج هذا التوجّه: خواء الحضارة الغربية من المعنى، وتحوّلها إلى مادّة مجرّدة، وجسد بلا روح.
» البحث دومًا عن (الجديد)، والنظر للقديم باستهانة وازدراء مهما كانت قوّته وصحّته، وإحاطة الجديد بالتقدير مهما كان، ولم يعد الأمر قاصرًا على الدين والعلم، بل انتقل لجميع المجالات، فشمل النظر للعادات والتقاليد والأعراف، وأصبح التسابق للخروج عنها وخرقها مطلبًا للشباب في حدّ ذاته، وعنوانًا للإبداع!
» اضطراب مقاييس الحكم على الأمور، فلم يعد النظر للصواب والخطأ من منظور الشرع أو العادات والأعراف، بل لم يعد ثابتًا؛ فما كان خطأً بالأمس يمكن أن يتحوّل لصواب كالشذوذ والإجهاض وغيرها. ولم يعد مقياس معرفة الصواب والخطأ بالرجوع لمنظومة قيمية أو معرفية معينة، بل بالغلبة والشهرة، ولم يعد مقياس الجمال كما كان، فصار التشويه بالوشوم وتقطيع الأعضاء بكلّ طريقة مقزّزة معيارًا للجمال، وصار الإغراب في اللبس والمظهر والسلوك دليلاً على التقدم والحضارة، وهكذا!
آثار الموجة في العالم الإسلامي:
للعديد من العوامل والظروف: وصلت هذه الأفكار إلى العالم الإسلامي، وتقمّصها –بدايةً- فريقٌ من المؤثّرين على مستوى القرار السياسي والبحث العلمي، فظهر لها أصداء وتطبيقات، من أبرزها:
- إنكار وجود الخالق والإلحاد التامّ، أو التشكيك والحيرة فيما يعرف باللاأدرية، وسواء كان ذلك بهدف البحث عن الحقيقة، أو بدافع التخلّص من تبعات الإيمان بالله تعالى، والولوغ في المحرّمات دون وازع أو رادع، فالنتيجة متقاربة.
- التشكيك في التراث الديني، والعمل على إعادة النظر في المسلّمات الشرعية بدءًا من النصوص، والعمل على تفسيرها وفقًا للمناهج الفكرية المعاصرة، فظهرت أفكار إعادة قراءة النصّ وتأويله، والتفسيرات الشاذّة لأحكام الدين.
- النظر للتاريخ الإسلامي وتراثه نظرة ازدراء واحتقار واتهام، ومحاولة التخلّص من آثاره ومنتجاته باسم (التجديد) والعصرنة والحداثة.
- الاستخفاف بجهود العلماء السابقين واتهام أشخاصهم ومناهجهم، وصولاً إلى الخروج عن تعاليمهم وعلومهم. بدءًا بعلماء الشريعة، فهم –مهما علا شأنهم كالأئمة المتبوعين- رجالٌ ونحن رجال!! ومرورًا بعلماء الحديث كالبخاري ومسلم والطعن في جهودهم والتشغيب عليهم ممَنْ ليس له نصيب من العلم، ووصولاً للصحابة والطعن واللمز فيهم، تارةً بنكهة سياسية، وتارةً بنكهة حديثية، وانتهاءً بالحديث النبوي والقرآن الكريم ونزع القدسية عنهما، وإلباسهما لباس التاريخية والبشرية.
- اضطراب اليقين بالمسلّمات العقلية والعلمية والكونية، وتسلّل نظرة الشكّ والتشكيك لكافّة مناحي الحياة، ولعل من آخرها الشكّ في علوم الفلك التي توصّلت إليها البشرية وثبتت بعض مسلّماتها عبر القرون وأكّدتها العلوم الحديثة ككروية الأرض ونحوها، مع إلباسها اللبوس الشرعي في بعض الأحيان للإقناع بها. إلى جانب الشكّ في النظم الصحية والأدوية والعلاجات واللقاحات وغيرها، والتحذير الشديد منها.
- ذيوع موجات نظريات المؤامرة التي تتغذّى على العديد من التصرّفات السيئة والمشبوهة للحكومات والمنظّمات، وظهور الفساد فيها بسبب خضوعِها لجماعات الضغط وأصحاب النفوذ والتأثير وجشعِها المادي، وتضخيم وسائل الإعلام لبعض القضايا. رافق ذلك: قلّةُ وعي الناس بكيفية تلقّي الأخبار وتمحيصها وردّها إلى مصادرها، والتوقّف عن نشر ما ليس له مصدر موثوق؛ فازدادت نظرة الشكّ في كلّ ما يحدث، وتفسير ما يحدث حولنا على أنّه مؤامرة، واعتقاد أنّ أصابع خفية تقف خلف كلّ حدث، مهما كان نوعه سياسيًا أو اقتصاديًا أو دينيًا، إلى درجة قيام البعض بنسبة بعض الكوارث الطبيعية إلى تدبير البشر!!
- حلول الخرافات والأوهام محلّ العلم اليقيني في العديد من الأمور، فاضطربت مصادر المعرفة ومقاييس التفريق بين الصحيح والمزيف، وراجت سوق المعلومات المغلوطة.
- التفلّت من العادات والتقاليد، والضوابط المجتمعية باسم التحرّر والخروج من عباءة التقليد وتحقيق الذات و(الإبداع).
تشويه وانتقائية في المرجعيات والرموز:
أسهم في تحقيق ذلك كلّه: الانتقائية في تصدير الرموز والمرجعيات، حتى أصبحت سمة سائدة لدى الكثير من الأنظمة والمؤسسات الدولية والمحافل الثقافية والعلمية، وعلى نطاق الجوائز والمسابقات، والمنح الدراسية وكراسي البحث، ووسائل الإعلام، وتصدير التافهين والمشبوهين من حملة الأفكار الشاذة والمنحرفة، وتقديمهم في ثوب العلماء الذين يُصدر عن قولهم وتُتبع مذاهبهم، ومواجهة العلم بالترّهات والتفاهات وإلباسها لبوس العلم، حتى صارت المناصب والجوائز، ومستوى الشهرة وكثرة المتابعين معيارًا من معايير الاتباع عند الكثير من الناس، حتى لو كانت شهرة جوفاء!!
ومع شيوع وسائل التواصل الاجتماعي وانتشار التفاهة: ازدادت صعوبة تمييز الغثّ من السمين على قطاعات هائلة من الشباب غير المتسلّح بسلاح العلم وأدوات التمييز، وفُتح الباب على مصراعيه مع ما يعرف بظاهرة إسقاط الرموز، فلم تعد الجماهير تثق بآراء المتخصصين والخبراء؛ فالمسألة في نظرهم لا تعدو كونها «وجهة نظر»!
وهذا كلّه يأتي في فترة ضعف وتفرّق للمسلمين، وتفوّق أعدائهم في المجالات الحيوية المهمة، وتحكّمهم بمقاليد القوّة والتأثير، الأمر الذي جعل ثقافة الغالب تفعل فعلها في المغلوبين بمختلف شرائحهم.
نعم للنقد ولا للتشكيك:
لا يخفى أنّ حالة الشكّ وفقدان الثقة المعرفية تثير الخوف والهلع لدى البعض، لأنّ الشكّ لا ساحل له، ولا يوصِل إلى نتيجة متماسكة، وله طبيعة متسلسلة تثير المزيد من المخاوف من أمور غامضة لا يستطيع الكثيرون مواجهتها، وهذه بيئة خصبة للشيطان ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ﴾ [البقرة: ٢٦٨]، ﴿ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ﴾ [آل عمران: ١٧٥].
ومع الإقرار بأنّ العديد من الأمور في عالمنا اليوم تثير الريبة بالفعل، وبأنّ مصداقية العديد من المنظّمات والهيئات الدولية والحكومات محلّ نظر وفحص، لكنّ المنهج الصحيح في مواجهة ذلك هو النقد العلمي المبني على مصادر حقيقية للمعرفة، وأسس ثابتة للعلم، وأدوات متماسكة للبحث والاختبار التي تميز الحقّ من الباطل، وترصد مواطن الخلل، ثم تضع الحلول الوقائية والعلاجية للتعامل مع هذه النطاقات المتبقّية.
ملامح الوقاية والعلاج:
لم تعد مسألة الشكّ تقتصر على جيل من الأجيال، أو فئة من الناس، أو شعب من الشعوب، لذا فإنّ التصدّي لها على درجة كبيرة من الأهمية، ويمكن أن يتمثّل العلاج والوقاية في النقاط التالية:
- تعلّم كيفية ضبط مصادر التلقّي، وكيفية الاستدلال وأصوله.
- معرفة كيفية التعامل مع المعلومات ومصادر المعرفة.
- التوثُّق من مصادر المعلومات وعدم نشر المعلومات التي ليس لها مصدر موثوق.
- الاهتمام بالعقل وصيانته في ضوء التعاليم الشرعية.
- تنمية الحسّ النقدي.
- تنظيم وتعليم التفكير.
- إعمال العقل والمنطق والتفكّر والتدبّر وعدم الانجراف خلف المخاوف والترّهات.
- التحصّن بالعلم حتى لا نكون فرائس للجهل والشكوك التي لا ساحل لها.
- الثقة بأهل العلم الموثوقين من كلّ اختصاص، ومعرفة كيفية الاستفادة منهم والتعامل مع أخطائهم.
- توطين النفس على مواجهة المخاوف وعدم الاستسلام لها، والإيمان بالقدر وبأنّه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.
- العمل على بذل الممكن من الأسباب، والتوكّل على الله بعد ذلك، والاطمئنان إلى أنّ الله لا يحاسبنا على أكثر مِن وُسعنا.
والله تعالى أعلم.
إضافة تعليق جديد