الجذور والمظاهر العقدية للتكفير في النصرانية
تعتبر النصرانية من أكبر الديانات التي تنتظم فيها أمم وشعوب كثير، وهي في صيرورتها التاريخية والعقدية لم تسلم من ظواهر التكفير والانشقاق وما يتبعها من حروب دينية داخلية وخارجية بين مختلف طوائفها ومذاهبها، حتى إنه ليمكننا المجازفة بالقول بأنّ تاريخها هو التكفير العام والتكفير المتعدّد، ولا يمكننا أن نستنكف عن القول بأنّ ذلك أدّى إلى وجود ديانات مختلفة داخل النصرانية. والذي يعضد هذا هو التبصّر في المواقف العقدية للمذاهب النصرانية فيما بينها حيث نجد إفراطًا في مقالات التكفير والتبديع والهرطقة والانشقاق ... الخ.
كما نجد أثر ذلك في التشريعات الحياتية في قضايا الزواج والميراث والصلاة والدفن، والفاجعة الكبرى هي في استقراء الحروب الدينية بين الطوائف النصرانية في أواخر ما اصطلح عليه بعصور الإيمان المظلمة، وما تلاها في بدايات عصر النهضة وهي التي تماهت تاريخيًا مع العصور الوسطى، تلك الحروب التكفيرية التي أورثت أوروبا الخراب والدّمار واهتزاز الكيانات السياسية، والتأخّر الفاضح في الحياة الثقافية والاقتصادية بسبب مقالات التكفير التي كان ينبعث شررها من المجامع الدينية من كنيسة روما الرسولية ضد الطوائف الإصلاحية الجديدة، وضدّ الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية، وصنوها الكنيسة المرقصية القبطية، وهو ما تجلّى في العلائق المقطوعة بين الكنائس الثلاث: الكاثوليكية والأرثوذكسية والبروتستانتية.
إلّا أنّ أبرز نتيجة لميراث التكفير في المسيحية هي خسارة الكنيسة لمواقعها أمام الحركة العلمانية الصاعدة أواخر عصر الإيمان وبدايات عصر النهضة، فالأزمة الأخلاقية التي أعقبت الحروب الدينية التكفيرية ولّدت يأسًا عامًّا من الدين المسيحي الذي لم يضمن لأتباعه السلم الاجتماعي، فقلب ظهره للكنيسة التي أوت إلى جحورها، حيث صار الدين الطبيعي والعلمانية والإلحاد هي البدائل الثقافية لدين متهالك لم ينتج طوال قرون عديدة غير ثقافة التكفير والهرطقة والتبديع والانشقاق، حتى وصلنا إلى العصر الحديث الذي خلّف الميراث التكفيري وراء ظهره، واتّخذ من العلمانية مفردة واحدة لصياغة العالم والقانون والإنسان بعيدًا عن ميراث التكفير والحروب الدينية.
موضوعات البحث:
الفرع الأول: النصوص المؤسّسة للتكفير في النصرانية.
- أولًا: نصوص العهد القديم.
- ثانيًا: نصوص العهد الجديد.
- ثالثًا: نصوص الآباء المؤسسين والمجامع المسكونية.
الفرع الثاني: المظاهر التكفيرية في النصرانية في عصور الإيمان.
- أولًا: الطوائف المُكفّرة من الكنيسة الكاثوليكية.
- ثانيًا: عودة حركات التوحيديين.
- ثالثًا: ظهور حركة نقد الكتاب المقدّس.
- رابعًا: اشتداد الحرب على فلسفة ابن رشد.
- خامسًا: تكفير رواد النهضة العلمية.
- سادسًا: ظهور حركة الإصلاح الديني.
الفرع الثالث: الآثار التكفيرية للنصرانية في بداية النهضة الأوروبية.
- أولًا: التكفير الجماعي.
- ثانيًا: الحروب الدينية.
- ثالثًا: الآثار الفكرية للتكفير في النصرانية.
الخاتمة.
إضافة تعليق جديد