درء التكفير بالشبهات
المعروف والشائع عند أهل العلم: العمل بالقاعدة المشهورة وهي (درء الحدود بالشبهات)، وهي قاعدة ثمينة وعظيمة وملائمة ومناسبة، لا تخفى مقاصدها ولا تفتقر إلى إظهار محاسنها وفوائدها.
وأحق ما تطبّق فيه هذه القاعد: مسألة الحكم أو الفتوى بالتكفير.
ومع أنّ الردّة عن الإسلام داخلة في مسمّى الحدود عند أكثر أهل العلم؛ فالقاعدة السابقة تشملها؛ إلا أنّ المراد هنا: مسألة التكفير والإفتاء به؛ فإنّها أجدر بهذه القاعدة من مسألة درء الحدّ عمّن يُحكم عليه بالكفر؛ لأنّ إعمالها في درء الحدود ترجع فائدته إلى الجاني مرتكب الحدّ، أما في حالة التكفير فإنّ إعمالها يدفع فسادًا كبيرًا وخطرًا جسيمًا يجلب الخطر والضرر إلى جماعة المسلمين، ويفتح بابًا للشرّ والهرج والعبث لا يمكن غلقه، فوق خطورتها على من تمّ تكفيره، وذلك بهدر دمه في الدنيا، واعتقاد تخليده في النار في الآخرة.
ومن هنا كان إعمال هذه القاعدة -فيما يتّصل بالتكفير- من أهم وسائل علاج هذه الظاهرة والتقليل من آثارها السيئة. إضافة إلى أنّه يحقق الأهداف التالية:
- التأكيد على أنّ القول بالتكفير ليس مصلحة في ذاته، وإنّما هو كالعقوبة تقام برغم كراهيتها في ذاتها.
- الوصول إلى قناعة عقلية ورضًا قلبي لدى أهل العلم بترك الإفتاء بالتكفير في كلّ حكم فيه احتمال انتفائه، والقيام ببذل الوسع واستفراغ الجهد في إيجاد مسوّغ لعدم التفكير متى وُجِدَ احتمالٌ بذلك.
- بيان أنّ المطلوب عند الكفر الصريح الذي لا شبهة فيه هو اعتقاده، وليس بالضرورة التصريح به لمن لا يلزمه ذلك.
- بيان أنّ الجهة التي يمكنها إصدار حكم الردّة والتكفير هي السلطة القضائية وحدها؛ لقدرتها على التثبّت والاستتابة ونحوها.
- إيضاح أنّه بإمكان الدعاة والمفتين -لإيجاد ردّع مناسب منعًا للتسيّب والإهمال- استخدام التخويف من الفعل أو القول المنحرف بعبارات شديدة مناسبة لخطورة الفعل أو القول المنحرف، دون التصريح بالتكفير.
خطة البحث:
- المبحث الأول: التعريف بـ(درء التكفير) و(الشبهات).
- المبحث الثاني: بيان خطورة التكفير والتنفير منه.
- المبحث الثالث: منهج العلماء في درء التكفير بالشبهات.
- المبحث الرابع: تجريم التكفير.
- الخاتمة.
إضافة تعليق جديد