الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادي اول 1446 هـ

إضاءات فكرية

معوقات وموانع الوسطية

09 ذو القعدة 1440 هـ


عدد الزيارات : 4959
أحمد بن حسن المعلم

 

لا يخفى على كلّ متتبّع للأحداث التاريخيّة والمعاصرة، والمطّلع على النصوص الشرعيّة، وأقوال العلماء، ‏أنّه ما من مجتمع تغيب عنه الوسطيّة والاعتدال والهدي النبويّ إلّا كان ذلك بسبب انتشار البِدع والضلالات ‏والأهواء، حيث يصبح المتسنن غريبًا في مجتمعه، بعد أنْ أَلِف ذلك المجتمع تلكم الأهواء والانحرافات، فأضحى ‏لا يعرف معروفًا ولا يُنكر منكرًا إلّا ما أُشرب من هواه، وهذه الحقيقة سجلها أقوالًا كثير من أسلافنا ‏رحمهم اللهانظر: مشكلة الغلوّ في الدين في العصر الحاضر، عبدالرحمن بن معلا اللويحق، طبعة خاصة بالمؤلف، ط1، 1419هـ/1998م، (2/700).: ‏

• قال حسان بن عطية المحاربي: "ما ابتدع قوم بدعة في دينهم، إلّا نزع الله من سنتهم مثلها، ثم لا يعيدها ‏عليهم إلى يوم القيامة".‏

• وقال ابن سيرين: "ما أحدث رجل بِدعة فراجع سنة".‏

• وعن أم الدرداء قالت: دخل أبو الدرداء وهو غضبان، فقلت: ما أغضبك؟ فقال: "والله ما أعرف من أمة ‏محمد -صلّى الله عليه وسلّم-‏ شيئًا إلّا أنّهم يصلون جميعًا".‏

• وعن أنس بن مالك ‏- رضي الله عنه -‏ قال: "لو أنّ رجلًا أدرك السلف الأول ثم بعث اليوم ما عرف من الإسلام شيئًا، ‏قال: ووضع يده على خده ثم قال: إلّا هذه الصلاة، ثم قال: أما والله على ذلك لمن عاش في هذه النكراء ولم ‏يدرك هذا السلف الصالح فرأى مبتدعًا يدعو إلى بدعته، ورأى صاحب دنيا يدعو إلى دنياه فعصمه الله عن ‏ذلك، وجعل قلبه يحنّ إلى ذلك السلف الصالح يسأل عن سبيلهم، ويقتصّ آثارهم ويتبع سبيلهم ليعوّض أجرًا ‏عظيمًا فكذلك فكونوا إنْ شاء الله".‏

‏وكلام هؤلاء الأخيار من السلف حول زمن لم يشهد استحكام غُربة السنّة وأهلها، فكيف لو رأوا أزمنة ‏تحوّلت فيها البِدعة إلى سنّة والسنّة إلى بِدعة، والله المستعانالمرجع السابق، (2/701)..‏

‏وبناءً على ذلك فإنّ الباحث سيحاول الوقوف مع أبرز المعوّقات والموانع التي تقف وراء غياب الوسطيّة ‏أو إضعافها في المجتمع الإسلاميّ المعاصر.‏

 

المطلب الأول: الجهل:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والجهل والظلم هما أصل كلّ شر، كما قال سبحانه: {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}[الأحزاب:72]"‏اقتضاء الصراط المستقيم، شيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق د. ناصر عبدالكريم العقل، طبعة خاصة بالمحقق، ط1، 1404هـ، (1/128).، وقد استقصى الدكتور عبد الرحمن اللويحق مظاهر الجهل في الأمّة ‏وهي متعددة، أبرزها: الجهل بالكتاب والسنّة، والجهل بمنهج السلف، والجهل بمقاصد الشريعةمشكلة الغلو في الدين، مرجع سابق، (1/69).، والذي ‏يقف على النّصوص الشرعيّة يجد مساحة واسعة فيها تحدثت عن قيمة العلم ومكانة العلماء، ويقابلها ذمّ ‏الجهل وأهله، وهي أشهر من أنْ تُساق في هذا الموضع، ولكنْ يكفيك أنْ نسوق حديثًا للنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-‏ يُظهر كيفية ‏انتشار الجهل بين النّاس وما يحدثه من آثار وخيمة في المجتمع المسلم، ومنها بطبيعة الحال غياب الوسطيّة ‏موضوع بحثنا، قال عليه الصلاة والسلام من حديث عبد الله بن عمرو ‏رضي الله عنه: (إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعًا ‏ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالمـًا، اتخذ الناس رؤوسًا جهالًا، فسئلوا، ‏فأفتوا بغير علم، فضلّوا وأضلوا)أخرجه البخاري، كتاب العلم، باب كيف يقبض العلم، رقم (100).. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك: "قد يشكل على كثير من ‏الناس نصوص لا يفهمونها فتكون مشكلة بالنسبة إليهم لعجز فهمهم عن معانيها، ولا يجوز أنْ يكون في ‏القرآن ما يخالف صريح العقل والحس إلا وفي القرآن بيان معناه، فإن القرآن جعله الله شفاء لما في الصدور ‏وبيانًا للناس، فلا يجوز أن يكون بخلاف ذلك، لكن قد تخفى آثار الرسالة في بعض الأمكنة والأزمنة حتى لا ‏يعرفون ما جاء به الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-؛ إمّا أن لا يعرفوا اللفظ، وإمّا أن يعرفوا اللفظ ولا يعرفوا معناه فحينئذ ‏يصيرون في جاهلية بسبب عدم نور النبوّة"‏مجموع الفتاوى، مرجع سابق، (17/307).. وقال الشاطبي مبينًا سبب الانحراف والضلال والتفرّق: "وهو الجهل بمقاصد الشريعة والتخرص على معانيها بالظنّ من غير تثبت أو الأخذ فيها بالنظر الأول ولا يكون ‏ذلك من راسخ في العلم. ألا ترى أنّ الخوارج كيف خرجوا من الدين كما يخرج السهم من الصيد المرمى؟ ‏لأنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-‏ وصفهم بأنّهم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يعني -والله أعلم- أنّهم لا يتفقهون به ‏حتى يصل إلى قلوبهم؛ لأنّ الفهم راجع إلى القلب، فإنْ لم يصل إلى القلب لم يحصل فيه فهم على حال، وإنّما ‏يقف عند محل الأصوات والحروف فقط وهو الذي يشترك فيه من يفهم ومن لا يفهم، وما تقدم أيضًا من ‏قوله عليه السلام: (إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعاً..)"الاعتصام، أبو إسحاق الشاطبي، المنامة، مكتبة التوحيد، ط1، 1421هـ/2000م، (3/145)..‏

‏وصورة الانحراف عن الوسطيّة في هذا الباب يقول عنها شيخ الإسلام ابن تيمية: "كثير من أهل البدع ‏مثل: الخوارج، والروافض، والقدريّة، والجهميّة، والممثّلة يعتقدون اعتقادًا هو ضلال يرونه هو الحقّ، ويرون ‏كفر من خالفهم في ذلك، فيصير فيهم شَوْب قوي من أهل الكتاب في كفرهم بالحقّ وظلمهم للخلق، ولعلّ ‏أكثر هؤلاء المكفّرين يكفر بالمقالة التي لا تفهم حقيقتها، ولا تعرف حجتها‏.‏ وبإزاء هؤلاء المكفرين بالباطل ‏أقوام لا يعرفون اعتقاد أهل السنة والجماعة، كما يجب، أو يعرفون بعضه ويجهلون بعضه، وما عرفوه منه قد ‏لا يبيّنونه للنّاس بلْ يكتمونه، ولا ينهون عن البدع المخالفة للكتاب والسنة، ولا يذمّون أهل البدع ‏ويعاقبونهم، بلْ لعلّهم يذمّون الكلام في السنة وأصول الدين ذمًا مطلقًا، لا يفرّقون فيه بين ما دلّ عليه الكتاب ‏والسنة والإجماع، وما يقوله أهل البدعة والفرقة، أو يقرّون الجميع على مذاهبهم المختلفة، كما يقرّ العلماء في ‏مواضع الاجتهاد التي يسوغ فيها النزاع، وهذه الطريقة قد تغلب على كثير من المرجئة، وبعض المتفقهة، ‏والمتصوفة، والمتفلسفة، كما تغلب الأولى على كثير من أهل الأهواء والكلام، وكلا هاتين الطريقتين منحرفة ‏خارجة عن الكتاب والسنة‏.‏ وإنّما الواجب بيان ما بعث الله به رسله وأنزل به كتبه، وتبليغ ما جاءت به ‏الرسل عن الله، والوفاء بميثاق الله الذي أخذه على العلماء، فيجب أنْ يعلم ما جاءت به الرسل، ويؤمن به، ‏ويبلّغه، ويدعو إليه، ويجاهد عليه، ويزن جميع ما خاض الناس فيه من أقوال وأعمال في الأصول والفروع ‏الباطنة والظاهرة بكتاب الله وسنة رسوله، غير متبعين لهوى: من عادة أو مذهب أو طريقة أو رئاسة أو سلف، ‏ولا متبعين لظنّ: من حديث ضعيف أو قياس فاسد -سواء كان قياس شمول أو قياس تمثيل- أو تقليد لمن لا ‏يجب إتباع قوله وعمله، فإنّ الله ذمّ في كتابه الذين يتبعون الظنّ وما تهوى الأنفس ويتركون إتباع ما جاءهم ‏من ربهم من الهدى"مجموع الفتاوى، مرجع سابق، (12/466-468).‏.‏

 

المطلب الثاني: الابتداع:

من الأصول المقررة في كتاب الله تعالى أنّ الله أرسل الرّسل وأنزل الكتب لتقرير التوحيد ونبذ الشرك ‏وتصحيح مفاهيم العقيدة، قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[النحل:36]، وكلّ دعوة لا ترتكّز في غاياتها وأهدافها ومناهجها على هذين الأصلين فهي مخالفة لنهج المرسلين ‏وناقصة، ولا تؤتي ثمارها المرجوة فالقاعدة الأولى التي دلت عليها الآية: تعني تحقيق التوحيد والعقيدة ‏الصحيحة وطاعة الله تعالى واتّباع شرعه، والقاعدة الثانية: تعني تجنب الأهواء والافتراق والبدع وما تؤول ‏إليه من الشرك، والكفر، والظلم، والفسق، والإعراض عن دين الله. ولذا تضمّنت الدّعوة إلى الله غايتين لا ‏تصحّ إلّا بهما، وهما ركناها: الأول: تقرير الدين والعقيدة والشريعة، وتعلمها، وتعليمها، ونشرها، والعمل ‏بها. والثاني: حماية الدين والعقيدة والشريعة والدفاع عنها، وبيان ما يخالفها، وكلّ ذلك كان منهجًا قرآنيًا، ‏وهديًا نبويًا سار عليه الأصحاب والأتباعدراسات في الأهواء والفرق والبدع وموقف السلف منها، د. ناصر عبدالكريم العقل، الرياض، دار إشبيلية، ط1، 1418 هـ/1997م، ص (5).. ‏

وبناء على ذلك فإنّ من أصول الإسلام الكبرى أنّ كلّ بدعة ضلالة، وهذا الأصل هو مقتضى قوله عليه ‏الصلاة والسلام كما روته عائشة رضي الله عنها: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)‏أخرجه البخاري، كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح فالصلح مردود، رقم (2550).، وفي ‏رواية مسلم: (من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد)أخرجه مسلم، كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، رقم (1718).، وحديث العرباض بن سارية ‏رضي الله عنه‏: "صلى بِنَا ‏رسول اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم ذَاتَ يَوْمٍ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ منها الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ منها ‏الْقُلُوبُ فقال قَائِلٌ يارَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّ هذه مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا، فقال: (أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ ‏وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا فإنّه من يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ ‏الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بها وَعَضُّوا عليها بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فإنّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ ‏بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ)أخرجه أبوداود في باب لزوم السنة رقم (4607)، وروى نحوه الترمذي وابن ماجه والدارمي وغيرهم بإسناد صحيح..‏

‏قال شيخ الإسلام ابن تيمية تعليقًا على هذه الأحاديث: "وهذه قاعدة قد دلّت عليها السنة والإجماع، مع ‏ما في كتاب الله من الدلالة عليها أيضًا، قال الله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ}[الشورى:21]، فمن ندب إلى شيء يتقرب به إلى الله، أو أوجبه بقوله أو بفعله، من غير أنْ يشرّعه الله فقد ‏شرّع من الدّين ما لم يأذن به الله. ومن اتبعه في ذلك فقد اتخذ شريكًا لله شرّع من الدين ما لم يأذن به الله ... ‏وهذه المواسم المحدثة إنّما نهى عنها لما حدث فيها من الدين الذي يتقرب به المتقربون"اقتضاء الصراط المستقيم، مرجع سابق، (2/579).، وانتهى رحمه الله ‏إلى تقرير مقتضى الحديث أنّ البدعة محرّمة على عمومها بدلالة العموم الذي ورد في سياقه دون أنْ يكون ‏هناك ما يخصصه، وإذا أردنا أنْ نقرر ذلك وفقًا لمسلك المناطقة فإنّ الحديث جاء في إطار كليّة موجبة، ‏والمعروف أنّ الكليّة الموجبة موضوعها مستغرق ومحمولها غير مستغرق، بمعنى أنّ أفراد الموضوع داخلون ‏كلّهم في حكم المحمول، وبهذا يتقرر أنّ البِدع كلّها ضلال، وإلّا فإنّ الهدي النبويّ كاف في بيان هذه القاعدة ‏العظيمة، وبهذا يتبيّن لنا أنّ صورة الانحراف عن الوسطيّة في هذا الباب ظاهرة في كونها على خلاف الهدي ‏النبويّ في العلم والعمل، وكنّا نبهنا على ذلك فيما مضى من النقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية في تمييزه بين ‏الطريق الشرعيّ والطريقين المبتدعين، طريق أهل الكلام والرأي البدعي، وطريق أهل الرياضة والتصوف ‏والعبادة البدعيّة. 

 

المطلب الثالث: الغلو: ‏

للتدين الحقّ مقياسان: مقياس الاستجابة لمطالب المنهج ومقتضياته، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}[الأنفال:24]، ومقياس الطاقة والوسع، قال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة:286]، والمقياسان مترابطان متكاملان، فالاستجابة للمنهج مشروطة بالقدرة في المجال ‏العمليّ، أما الغلو فهو منزع مختلف، منزع شاذ لذينك المقياسين كليهما، مستدبر لهما جميعًا، إذ لا يبرح ‏الغالي أنْ يند -في فهم الدين- عن القواعد العلميّة المنهجيّة الهادية لطريقة التفكير، ولا يفتأ -عند الأخذ ‏العمليّ للدّين- يحمل نفسه ما لا يطيق، فيسلك -من ثم- سبيلًا غير سبيل المؤمنين، وإنْ حسنت نيته؛ فإنّ ‏حسن النيّة لا يغني عن سداد المنهج، ولا يصحّ أنْ يكون بديلًا له.

إنّ قوام الإسلام وعماده حقائق ثلاث:

الأولى: حقيقة العلو والعصمة في مصدر التلقّي كتاب الله وسنّة رسوله -صلّى الله عليه وسلّم-، ومن المقطوع به أنّه لم يرد في ‏هذين المصدرين دعوة إلى الغلو، بلْ فيهما ما هو نقيض الغلو، أي: الدّعوة إلى التوسط، والنهي عن الغلو، قال ‏تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}[البقرة:143].

الثانية: حقيقة وضوح المنهج، قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[يوسف:108]‏.

والثالثة: حقيقة الاستقامة على ‏المنهج، قال تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا}[هود:112]، ومن المنهج أنْ نعلم: أنّ الغلو ‏شقوة وعنت، وأنّ الإسلام ما جاء لكي يشقي النّاس، ولا يضيّق عليهم بالعنت والشدّة، بلْ جاء ليحقق ‏سعادتهم والتيسير عليهممن مقدمة الدكتور زين العابدين الركابي على كتاب الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة لعبد الرحمن بن معلا اللويحق، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط 5، 1423 هـ/2002م، ص: أ.. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في سياق ذمّ الغلو: "وأما في حديث أنس ‏-رضي الله عنه-‏ من ‏قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم‏: (لا تشددوا على أنفسكم فيشدد عليكم، فإن قومًا شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، ‏فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات، رهبانيّة ابتدعوها ما كتبناها عليهم) ففيه نهي النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-‏ عن التشدّد في ‏الدّين بالزيادة عن المشروع. والتشديد: تارة يكون باتخاذ ما ليس بواجب ولا مستحب بمنزلة الواجب ‏والمستحب من العبادات، وتارة باتخاذ ما ليس بمحرم ولا مكروه منزلة المحرم والمكروه في الطيّبات، وعلل ذلك ‏بأنّ الذين شددوا على أنفسهم من النصارى شدد الله عليهم لذلك، حتى آل الأمر إلى ما هم عليه من ‏الرهبانيّة المبتدعة. وفي هذا تنبيه على كراهة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-‏ مثل ما عليه النّصارى من الرهبانيّة المبتدعة، وإنْ كان ‏كثير من عبادنا قد وقعوا في بعض ذلك متأولين معذورين، أو غير متأولين. وفيه أيضًا تنبيه على أنّ التشدد ‏على النفس ابتداء يكون سببًا لتشديد آخر يفعله الله، إمّا بالشرع، وإمّا بالقدر: فأما بالشرع: فمثل ما كان ‏النبي -صلّى الله عليه وسلّم-‏ يخافه في زمانه من زيادة إيجاب أو تحريم: كنحو ما خافه لما اجتمعوا لصلاة التراويح معه، ولما كانوا ‏يسألون عن أشياء لم تحرم، ومثل أنّ من نذر شيئًا من الطاعات وجب عليه فعله وهو منهيّ عن نفس عقد ‏النّذر، وكذلك الكفّارات الواجبة بأسباب. وأمّا بالقدر: فكثيرًا ما قد رأينا وسمعنا من كان يتنطع في أشياء ‏فيبتلى أيضًا بأسباب تشدد الأمور عليه في الإيجاب والتحريم، ومثل كثير من الموسوسين في الطهارة: إذا زادوا ‏على المشروع ابتلوا بأسباب توجب حقيقة عليهم أشياء مشقة مضرة. وهذا المعنى الذي دلّ عليه الحديث ‏موافق لما قدمناه في قوله تعالى: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}[الأعراف:157]، من أنّ ذلك ‏يقتضي كراهة موافقتهم في الآصار والأغلال. والآصار ترجع إلى الإيجابات الشديدة، والأغلال هي ‏التحريمات الشديدة، فإنّ الإصر هو الثقل والشدّة، وهذا شأن ما وجب، والغلّ يمنع المغلول من الانطلاق، ‏وهذا شأن المحظور. وعلى هذا دلّ قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}[المائدة:87]، وسبب نزولها مشهور"‏اقتضاء الصراط المستقيم، مرجع سابق، (1/283)..‏

 

المطلب الرابع: ادّعاء التيسير: ‏

من المقاصد المرعيّة في الشريعة وقواعدها الكليّة، مقصد وقاعدة التيسير ورفع الحرج، وقد دلّت عليها ‏نصوص كثيرة في الكتاب والسنّة تمثّل أصولًا لليسر في الإسلام، أمّا الكتاب ففي قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}[البقرة:185]، وقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}[النساء:28]، ‏وقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة:286]، وقوله: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج:78]،

وأما الأحاديث فكثيرة، منها حديث أبي هريرة ‏-رضي الله عنه-‏ عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-‏ قال: (إن الدين يسر وليس يشادّ ‏الدين أحد إلّا غلبه، فسددوا وقاربوا)أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب الدين يسر، رقم (39).، وحديث عائشة رضي الله عنها قالت: (ما خيّر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-‏ ‏بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا)متفق عليه، أخرجه البخاري، كتاب الحدود، باب إقامة الحدود والانتقام لحرمات الله، رقم (6404)، ومسلم كتاب الفضائل باب مباعدته - صلى الله عليه وسلم - للآثام واختياره من النباح أسهله وانتقامه لله عند انتهاك حرماته، رقم (2327).، فهذه نصوصٌ ظاهرة المعنى جليّة المقصد في تقرير قاعدة ‏التيسير ورفع الحرج في الشرع، قال الشاطبي: "اعلم أنّ الحرج مرفوع عن المكلّف لوجهين: أحدهما: الخوف ‏من الانقطاع من الطريق، وبغض العبادة، وكراهة التكليف، وينتظم تحت هذا المعنى الخوف من إدخال الفساد ‏عليه في جسمه أو عقله أو ماله أو حاله. والثاني: خوف التقصير عند مزاحمة الوظائف المتعلّقة بالعبد المختلفة ‏الأنواع، مثل قيامه على أهله وولده، إلى تكاليف أخر تأتي في الطريق، فربما كان التوّغل في بعض الأعمال ‏شاغلًا عنها، وقاطعًا بالمكلف دونها، وربما أراد الحمل للطرفين على المبالغة في الاستقصاء فانقطع عنهما. فأمّا ‏الأول: فإنّ الله وضع هذه الشريعة المباركة سمحة سهلة، حفظ فيها على الخلق قلوبهم، وحبّبها لهم بذلك، فلو ‏عملوا على خلاف السماح والسهولة، لدخل عليهم فيما كلفوا به ما لا تخلص به أعمالهم، ألا ترى إلى قوله ‏تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ}[الحجرات:7] ‏إلى آخرها. فقد أخبرت ‏الآية أنّ الله حبّب إلينا الإيمان بتيسيره وتسهيله، وزيّنه في قلوبنا بذلك، وبالوعد الصادق بالجزاء عليه... ‏والضرب الثاني: شأنه أنْ لا يدخل عليه ذلك الملل ولا الكسل، لوازع هو أشدّ من المشقّة، أو حاد يسهل به ‏الصعب، أو لما له في العمل من المحبة، ولما حصل له فيه من اللذة، حتى خف عليه ما ثقل على غيره، وصارت ‏تلك المشقة في حقّه غير مشقة، بل يزيده كثرة العمل وكثرة العناء فيه نورًا وراحة، أو يحفظ عن تأثير ذلك ‏المشوش في العمل بالنسبة إليه أو إلى غيره ... وجاء هذا المعنى من احتمال المشقة في الأعمال والصبر عليها ‏دائمًا كثير. ويكفيك من ذلك ما جاء عن الصحابة والتابعين ومن يليهم ‏-رضي الله عنهم-، ممن اشتهر بالعلم وحمل الحديث ‏والاقتداء بعد الاجتهاد: كعمر، وعثمان، وأبي موسى الأشعري، وسعيد بن عامر، وعبد الله بن الزبير، ومن ‏التابعين: كعامر بن عبد قيس، وأويس، ومسروق، وسعيد بن المسيب، والأسود بن يزيد، والربيع بن خثيم، ‏وعروة بن الزبير، وأبي بكر بن عبد الرحمن راهب قريش، وكمنصور بن زاذان، ويزيد بن هارون، وهشيم، ‏وزر بن حبيش، وأبي عبد الرحمن السلمي، ومن سواهم ممن يطول ذكرهم وهم في اتباع السنة والمحافظة عليها ‏ما هم"الموافقات، مرجع سابق، ص (281-285).. ‏

‏إلّا أنّ هناك من رام التيسير ورفع الحرج من غير بابه، يزعم العناية بمقاصد الشريعة وروح الدين، ويدّعي ‏أنّ الدين جوهر لا شكل، وحقيقة لا صورة، لو واجهتهم بمحكمات النصوص لفوا وداروا، وردوا صحيح ‏الحديث، وهم في حقيقة أمرهم معطلة النصوص الجزئية للقرآن والسنّة، لا يعرفون صحيحًا من ضعيف، ‏تأوّلوا القرآن فأسرفوا، وحرّفوا الكلم عن مواضعه، وتمسّكوا بالمتشابهات، وأعرضوا عن المحكمات، وهؤلاء ‏هم أدعياء التجديد، وهم في الواقع دعاة التغريب والتبديد"دراسة في فقه مقاصد الشريعة بين المقاصد الكليّة والنصوص الجزئيّة، يوسف القرضاوي، القاهرة، دار الشروق، ط1، 1427هـ/2006م، ص (40).. ولو تأمّلنا مناط قولهم وحجته لما خرج عن ‏أمرين: الأول: النظر إلى المقاصد دون النصوص، الثاني: التوسّع في فهم خاصيّة التيسيرمنهج التيسير المعاصر، عبدالله بن إبراهيم الطويل، دار الهدى النبوي، مصر، ط1، 1426هـ/2005م، ص (105)، وقد ذكر جملة من الأصول تؤول في جملتها إلى الأصلين المذكورين.. وهما أصلان ‏يستند عليهما هؤلاء في التأصيل والتقعيد، وقد أثمرا مظاهر متعددة عكسته أقوالهم، وتنظيراتهم، واجتهاداتهم ‏فيما يزعمون، ومنهاالمرجع السابق، ص (107).‏: ‏

أولًا: اقتصارهم على القطعيات في الاستدلال، ورد الظنّيات وإنْ كانت راجحة. ‏

ثانيًا: اعتماد الفهم المقاصديّ للإسلام بدل الفهم النّصيّ، فالنصوص يجب أنْ تُفهم وتؤول على ضوء المقاصد. ‏

ثالثًا: الدعوة إلى الانسياق مع تطوير الشريعة بما يتلاءم مع تطور الواقع، حتى وإنْ أفضى ذلك إلى تجاوز ‏النصوص القطعية تحقيقًا للمقاصد. ‏

رابعًا: تمسّكهم بمقولة: حيث وجدت المصلحة فثمّ شرع الله. ‏

خامسًا: دعوتهم إلى تغيير بعض القواعد الأصوليّة كي تبدو الشريعة مواكبة للعصر ومسايرة للتطور. ‏

وأبرز الأمثلة التي تتمخّض عن هذه المنهجية المتحلّلة: نفي وجود نظام حكم في الإسلام، والدعوة إلى إطلاق ‏الحريّات العامّة دون ضابط شرعيّ، وتحرير المرأة، وجواز الإمامة العُظمى للمرأة، وإلغاء بعض الحدود بحجّة ‏كونها صالحة لزمان التّشريع دون غيره مما ينفي إطلاقيتها، وإباحة بعض المحرّمات كفوائد البنوك الربويّة، ‏والغناء، والمصافحة، والاختلاط، وزواج المسلمة بالكتابيّ. ‏

والحقّ أنّ هذه المنهجيّة ليست إلّا دعوى إلى التحلّل من أحكام الشريعة باسم المقاصد والتيسير، وتُفضي ‏إلى إبطال الشريعة ونصوصها بحجّة أنّ غالب نصوصها ظنيّة، وجعل العقل حاكمًا على الشرع لكونه قائمًا ‏على أسس قطعيّة، والعجيب أنّهم يستندون في منهجيّتهم العرجاء هذه على كتابات ابن القيم والشاطبيّ بحجّة ‏أنّهم بحثوا المصلحة دون النّظر إليها بمنظار الشريعة وضوابطها، وهي حجّة عرية عن الدليل والبرهان، وقد ‏انبرى كثيرٌ من الباحثين إلى الردّ على أرباب شريعة المقاصد والتحلل من الشريعة، فأتوا على قواعدهم ‏بالدحض والبطلان، ويكفينا اقتباسًا ما قاله الشيخ مشهور حسن سلمان في مقدمة تحقيقه للموافقات؛ كونه ‏يمثّل مستندًا يتكأ عليه هؤلاء في نشر باطلهم وانحرافهم، فيقول: "لابدّ من التنبيه على أنّ كثيرًا من البعيدين ‏عن الجادّة، والمحاربين للدعوة السلفيّة يتعلّقون بكلام للشاطبيّ في كتابه هذا، ويأتون به في معرض التجديد ‏والكلام على ما أصاب المسلمين من ركود وتخلّف وجمود، ويخرجون بنتائج وأحكام عجيبة غريبة، ويمكن ‏تسمية صنيعهم هذا بالتلبيس المقلوب. فها هو مثلًا: محمد عابد الجابري يذهب في مقالة له نشرت في مجلة ‏العربي بعنوان: (رشدية عربية أم لاتينية): إلى أنّ الشاطبيّ في كتابه الموافقات يعدّ عقلانيًا، وها هو راشد ‏الغنوشي يحتجّ بكلام للشاطبيّ في كتابه الحريّات العامّة في الدولة الإسلاميّة في مواطن كثيرة، وكأنّي به يقرر أنّ ‏الشاطبيّ اعتبر المصلحة هي أساس الشرع، وهذا ما يلبّس به حسن حنفي من خلال ذكره لهذا القاعدة ذات ‏البريق الجذاب ..."، ثم قال: "ولنْ أردّ على مثل هذه الأقوال المخالفة للدّين، وما أتيت بها إلّا للدلالة على ‏وجود هذا المنهج الغريب في عصرنا؛ إلّا أنّي ألفت نظر هذا الكاتبيقصد الغنوشي. ‏إلى أنّ اشتراط القطع لثبوت ‏الأحكام الشرعيّة يؤدّي إلى التحلّل من الإسلام، وإنّ قوله "فيما كان لفظه عامًا لا يعني أنّ حكمه عام ‏أيضًا" يؤدي إلى إلغاء كثير من القطعيات، وإلى ردّ الاستدلال بالنصوص القطعيّة الدالّة عليها، وعلى سبيل ‏المثال فإنّه يلغي كلّ العقوبات الإسلاميّة: كقطع السّارق، وجلد الزّاني أو رجمه، وقتل المرتدّ، وجلد شارب ‏الخمر وغيرها، والقاعدة الأصوليّة المعلومة عند الفقهاء بالضرورة تقول: (يبقى العام على عمومه ما لم يرد ‏دليل التخصيص)"من مقدمة مشهور حسن سلمان، الموافقات، الخبر، درا عفان، ط1، 1407هـ/1997م، (1/42-43).، وإذا كان ديدن هؤلاء التيسير والتخفيف على المكلّفين، فلا شكّ أنّ التيسير ‏مقصد من مقاصد الشريعة كما دلّت عليه نصوص الشريعة في غير موضع من مواضعها كتابًا وسنّة، إلّا أنّ ‏الإشكال يكمن في كيفية فهمنا للتيسير، ومدار هذا الفهم نصوص الشريعة ومقاصد الشارع منها وما دلت ‏عليه بظواهرها، ومن الخطأ البيّن أنْ يكون التيسير فيه مجاوزة لهذه النصوص؛ لأنّ الأخذ بالأيسر مع مصادمة ‏النصوص تحكيم للهوى على الأدلة فتكون الأدلة تابعة لا متبوعة، وهو ما يخالف الأصل القرآني: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}[الحجرات:1]، ثم ما وجه حصر التيسير بالتخفيف ورفع التكاليف ‏دون مراعاة مقتضيات النصوص ولوازمها، وكأنّ الشريعة بأوامرها ونواهيها جاءت مقيّدة للمكلّفين بالمشاقّ ‏غير المحتملة، ألا فليعلم دعاة التيسير والتخفيف، بلْ دعاة التحلل -جهلوا أم تجاهلوا- أنّ الشارع لم يقصد ‏في وضعه الشريعة المشقةَ بالنّاس، ولم يقصد كذلك رفع المشاق المعتادة عن النّاس، وإنّما قصد في التشريع ما ‏فيه مصلحة للعباد في الدنيا والآخرة، وهذه قد لا تحصل إلّا بأعمال شاقة -محتملة قطعًا- كالحجّ والجهاد ‏وغيرهما، ذلك أنّ الشارع -كما ذكر ابن تيمية- إنّما حرّم الخبائث لما فيها من المضرة والفساد، وأمرنا ‏بالأعمال الصالحة لما فيها من المنفعة والصلاح لنا، وقد لا تحصل هذه الأعمال إلّا بمشقّة، فلا ينبغي النظر إلى ‏المقاصد والتيسير على أنّها دائرة في إطار التخفيف ورفع التكاليف عن المكلّف، وإنّما المعيار تحقيق مصلحة ‏العباد في العاجل والآجلانظر: المناقشة المستفيضة لقاعدة التيسير ومحترزاتها في: كيف نفهم التيسير؟ وقفات مع كتاب (افعل ولا حرج) فهد بن سعد أباحسين، الرياض، دار المحدث، ط1، 1428 ه.. ‏

 

المصدر: رابطة علماء المسلمين

 

 

1 - انظر: مشكلة الغلوّ في الدين في العصر الحاضر، عبدالرحمن بن معلا اللويحق، طبعة خاصة بالمؤلف، ط1، 1419هـ/1998م، (2/700).
2 - المرجع السابق، (2/701).
3 - اقتضاء الصراط المستقيم، شيخ الإسلام ابن تيمية، تحقيق د. ناصر عبدالكريم العقل، طبعة خاصة بالمحقق، ط1، 1404هـ، (1/128).
4 - مشكلة الغلو في الدين، مرجع سابق، (1/69).
5 - أخرجه البخاري، كتاب العلم، باب كيف يقبض العلم، رقم (100).
6 - ‏مجموع الفتاوى، مرجع سابق، (17/307).
7 - الاعتصام، أبو إسحاق الشاطبي، المنامة، مكتبة التوحيد، ط1، 1421هـ/2000م، (3/145).
8 - مجموع الفتاوى، مرجع سابق، (12/466-468).
9 - دراسات في الأهواء والفرق والبدع وموقف السلف منها، د. ناصر عبدالكريم العقل، الرياض، دار إشبيلية، ط1، 1418 هـ/1997م، ص (5).
10 - ‏أخرجه البخاري، كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح فالصلح مردود، رقم (2550).
11 - أخرجه مسلم، كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، رقم (1718).
12 - أخرجه أبوداود في باب لزوم السنة رقم (4607)، وروى نحوه الترمذي وابن ماجه والدارمي وغيرهم بإسناد صحيح.
13 - اقتضاء الصراط المستقيم، مرجع سابق، (2/579).
14 - من مقدمة الدكتور زين العابدين الركابي على كتاب الغلو في الدين في حياة المسلمين المعاصرة لعبد الرحمن بن معلا اللويحق، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط 5، 1423 هـ/2002م، ص: أ.
15 - ‏اقتضاء الصراط المستقيم، مرجع سابق، (1/283).
16 - أخرجه البخاري، كتاب الإيمان، باب الدين يسر، رقم (39).
17 - متفق عليه، أخرجه البخاري، كتاب الحدود، باب إقامة الحدود والانتقام لحرمات الله، رقم (6404)، ومسلم كتاب الفضائل باب مباعدته - صلى الله عليه وسلم - للآثام واختياره من النباح أسهله وانتقامه لله عند انتهاك حرماته، رقم (2327).
18 - الموافقات، مرجع سابق، ص (281-285).
19 - دراسة في فقه مقاصد الشريعة بين المقاصد الكليّة والنصوص الجزئيّة، يوسف القرضاوي، القاهرة، دار الشروق، ط1، 1427هـ/2006م، ص (40).
20 - منهج التيسير المعاصر، عبدالله بن إبراهيم الطويل، دار الهدى النبوي، مصر، ط1، 1426هـ/2005م، ص (105)، وقد ذكر جملة من الأصول تؤول في جملتها إلى الأصلين المذكورين.
21 - المرجع السابق، ص (107).
22 - يقصد الغنوشي.
23 - من مقدمة مشهور حسن سلمان، الموافقات، الخبر، درا عفان، ط1، 1407هـ/1997م، (1/42-43).
24 - انظر: المناقشة المستفيضة لقاعدة التيسير ومحترزاتها في: كيف نفهم التيسير؟ وقفات مع كتاب (افعل ولا حرج) فهد بن سعد أباحسين، الرياض، دار المحدث، ط1، 1428 ه.

إضافة تعليق جديد