السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق 21 جمادي اول 1446 هـ

حكم بيع الأراضي والعقارات للشيعة في سوريا

29 شوال 1439 هـ


عدد الزيارات : 3049
المجلس الإسلامي السوري

 

بسم الله الرحمن الرحيم

السؤال: نشطت في السنوات الأخيرة حركة بيع للعقارات في دمشق وبعض المناطق في حلب وحمص وغيرها، يقوم بها النظام أو مكاتب وكلاء عنه للشيعة الإيرانيين، ويدفعون في ذلك أموالاً كثيرة وأسعاراً مغرية، فما حكم بيع البيوت والعقارات والأراضي لهم؟ وما حكم العمل في السمسرة والوساطة لهذه البيوع؟

الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:

 

أولاً: لا يخفى على كل متابع دورُ إيران في مساندة النظام السوري،كما لا يخفى على ذي لب أطماع إيران في التوسع وتصدير مشروعها الصفوي الفارسي، وأحلامها في إعادة مجدها السياسي وبناء إمبراطوريتها، ومن وسائلها في ذلك: إحداث التغيير البشري (الديمغرافي)، إما عن طريق القتل الجماعي لتقليل عدد أهل السنة، أو عن طريق زيادة التهجير للسيطرة على المدن الكبرى، مع جلب الشيعة من أفغانستان وباكستان وإيران وغيرها وتجنيسهم وإعطائهم المال لشراء العقارات والأراضي، وإحلالهم في بلاد المسلمين السنة، وكل ذلك بمساعدة النظام السوري لهم وتسهيل معاملاتهم مقابل حمايته من الانهيار، مع حرص ايران على فتنة أهل السنة عن دينهم بالترهيب والترغيب، ونشر التشيع، وبناء الحسينيات والأضرحة والمزارات في المناطق التي يستولون عليها، لتغيير تاريخها وهويتها.

 

ثانياً: بناء على ما سبق فلا يجوز بيع العقارات والأراضي في سوريا للشيعة الإيرانيين وغيرهم، وهذا البيع باطل لا تترتب عليه آثاره الشرعية، ولا يجوز مساعدتهم بالسمسرة وغيرها  لشراء الأراضي، وذلك لما يلي:

 

1. أنّ إيران ومعها عموم الشيعة الذين يشترون هذه العقارات مساندون للقتلة المجرمين في سوريا، وهم رأس الحربة في القتل والتدمير الحاصل، فالواجب قتالهم ومدافعتهم، وإخراجهم من الديار، لا تثبيتهم فيها، فهم أعداء محاربون محتلون، ومن كان عدوا محارباً للمسلمين فلا تجوز معاملته بما يقوّيه ويعينه على تحقيق أهدافه، ويعتبر ذلك من التعاون على الإثم والعدوان المنهي عنه بقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة: 2].

روى أبو يوسف في "الخراج" عن الحسن البصري أنه قال: "لا يحل لمسلم أن يحمل إلى عدوّ المسلمين سلاحاً يقويهم به على المسلمين، ولا كُراعاً، ولا ما يُستعان به على السلاح والكُراع". والمراد بالكُراع الدواب وما يركبونه من مواصلات.

وجاء في الموسوعة الفقهية: "قال الدسوقي: وكذا يمنع أن يباع للحربيين آلة الحرب، من سلاح أو كراع أو سرج، وكل ما يتقوون به في الحرب، من نحاس أو خباء أو ماعون.

وأما بيع الطعام لهم، فقال ابن يونس عن ابن حبيب: يجوز في الهدنة، وأما في غير الهدنة فلا يجوز. والذي في المعيار عن الشاطبي: أن المذهب المنع مطلقا..، وذكر في المعيار أيضا عن الشاطبي: أن بيع الشمع لهم ممنوع، إذا كانوا يستعينون به على إضرار المسلمين".

 

2. أنَّ في هذا البيع تمكيناً لهؤلاء من نشر دينهم الباطل، وفتنة أهل السنة عن دينهم، وتشييعهم، وإعانة لهم على نشرمعتقداتهم الباطلة، والطعن في دينهم، وقرآنهم وسنتهم، والاستعلان بتكفيرهم، والتوعد بقتلهم، وسب الصحابة والطعن بأمهات المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين، كما تشهد بذلك كتبهم وخطبهم وفتاواهم.

قال ابن قدامة في "المغني": "وهكذا الحكم في كلِّ ما يُقصد به الحرام، كبيع السلاح لأهل الحرب، أو لقطاع الطريق، أو في الفتنة، وبيع الأمَة للغناء، أو إجارتها كذلك، أو إجارة داره لبيع الخمر فيها، أو لتُتّخذ كنيسة، أو بيت نار، وأشباه ذلك. فهذا حرامٌ، والعقد باطل".

 

3. أنَّ هذا البيع وإن توفرت في صورته الشروط والأركان المعتبرة في البيع الصحيح، إلا أنَّه يؤدي لمفاسد عظيمة، وقد يصير المباح محرماً إذا أدى إلى مفسدة، لأنّ للوسائل أحكام المقاصد، فكيف إذا كانت المفسدة عظيمة متعلقة بالدين والأرض.

 

4. أنّ المشروع الشيعي جزء مِن مخططات الأعداء في تدمير بلاد المسلمين، وتقسيمها، وتهجير أهلها، وفي تمكين هؤلاء الشيعة إعانة للأعداء، وتسليط لهم على بلاد المسلمين ومقدراتهم، وإعانة الأعداء على المسلمين من المحرمات القطعية في الشريعة.

قال تعالى: {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الممتحنة: 9]

 

ثالثًا: لا يجوز للمسلم بيع هذه الأراضي والعقارت للشيعة وإن كان محتاجًا للمال، أو مُجبرًا على هذا البيع، لما تقرّر في القواعد الفقهية مِن أنّ "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"، و"يُحتمل الضرر الخاص لدفع الضّرر العام"، "وإذا تعارضت مفسدتان دُفعت المفسدة العظمى بارتكاب الأدنى"، فالمصلحة الخاصة من تحصيل بعض الأموال، أو دفع بعض الضرر عن النفس تتعارض مع المصلحة العامة في الحفاظ على بلاد أهل السنة ودينهم، ودفع الضرر عنهم، فلا بدّ من دفع الضرر العام والمفسدة العظمى في تمكين الشيعة من بلاد السنة وإن وقعت بعض المفاسد، أو فاتت بعض المصالح الخاصة

 

رابعاً: يشمل هذا التحريم مساعدة هؤلاء الشيعة في تملك هذه الأراضي، وتنفيذ إجراءاتها القانونية، من سمسرة وإفراغ، وغير ذلك، ويجب على المسلم التحري والتثبت من المشتري والتأكد مِن حيل السماسرة، فلا يبيع العقارات للمكاتب والسماسرة الذين تحفهم الجهالة في أعيانهم أو هيئاتهم، أو أهدافهم.

 

وختامًا: فإننا نحث الأغنياء والميسورين وتجار المسلمين الغيورين على مصلحة بلادهم أن يبذلوا وسعهم لتثبيت أهل السنة في مدنهم ومناطقهم، وأن يعينوهم بمالهم وبما يستطيعون على البقاء في أرضهم، وإفشال مخطط أعدائهم، فهذا مِن التعاون الواجب، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2].

كما أننا نوصي المختصين من إعلاميين وحقوقين وغيرهم: فضح هذه الممارسات، وتوثيقها، وتقديمها للجهات العالمية المعنية، ونوصي الجهات القضائية أن تحكم ببطلان بيع كل عقار ثبت أن مشتريه أصوله إيرانية أو مذهبه شيعي.

والحمد لله رب العالمين

 

مجلس الإفتاء الثلاثاء 16 ذو القعدة 1438هــ الموافق 8 آب 2017م
 

إضافة تعليق جديد