الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق 19 جمادي اول 1446 هـ

بحوث ودراسات

(هيئة تحرير الشام) وجه جديد للقاعدة يطعن الثورة السورية

10 صفر 1439 هـ


عدد الزيارات : 7322
موقع على بصيرة

 


لتحميل الملف كاملاً بجودة عالية.. اضغط هنا


 

في 28 كانون الثاني 2017 أُعلن عن تشكيل (هيئة تحرير الشام) من قبل خمسة فصائل رئيسية في سورية، هي: (جبهة فتح الشام -جبهة النصرة سابقًا) و (حركة نور الدين زنكي) و (لواء الحق) و (جبهة أنصار الدين) و(جيش السنة)

بيان رقم (1)

 

وانضمت إليها لاحقًا عدّة تشكيلات عسكريةمثل: (مجاهدو أشداء -كتيبة الرشيد -كتائب الصحابة -كتيبة قوافل الشهداء -كتيبة أسود الحرب).وشخصيات شرعية تُحسب على تيار (القاعدة) الذي يُعرف بـ(الفكر الجهادي)، مثل: (عبد الرزاق المهدي) و(أبي الحارث المصري) و(أبي يوسف الحموي) و(عبد الله المحيسني) و(أبي الطاهر الحموي) و(مصلح العليّاني).

بيان رقم (2)

 

وقد اتبعت (جبهة النصرة-القاعدة في سورية) سياسة إصدار البيانات عند كل تشكيل لها مهما كان حجمه، للإيحاء بكثرة المنضمين واستجابة الساحة لها، كما عَمَدَ أنصارها وإعلامها الموازي إلى إصدار بيانات انضمام وهمية، أو غير حقيقة للغرض ذاته، كشفت الأيام بطلانها، وحجمها الحقيقي على الأرض.

ويُعد تشكيل (هيئة تحرير الشام) هو المكوّن الخامس الذي تظهر فيه (القاعدة) في سورية، بعد التعريف عن نفسها باسم (جبهة النصرة)، ثم إعلان انتمائها (للقاعدة) والتصريح باسم (جبهة النصرة-تنظيم القاعدة في بلاد الشام)، ثم دخولها في تحالف (جيش الفتح) في الشمال، و(جيش الفسطاط) في الغوطة، ثم إعلان (جبهة فتح الشام)، ثم (هيئة تحرير الشام).

 

كما انضم لـ (هيئة تحرير الشام) بعض الشخصيات التي انشقت عن (حركة أحرار الشام) مثل: (أبي صالح طحان) القائد العسكري للحركة سابقًا، و(أبي محمد الصادق) الشرعي العام للأحرار سابقًا، بالإضافة إلى (أبي يوسف المهاجر) الناطق باسم الحركة سابقًا، وكان هؤلاء قد كوّنوا تشكيلًا عُرف باسم (جيش الأحرار) لمحاولة دمج الحركة بـ (جبهة فتح الشام)، فلمّا فشلت المساعي انشقوا بتشكيلهم وانضموا به إلى (هيئة تحرير الشام).

بيان رقم (3)

 

 وكان (هاشم الشيخ) قد أعلن قبل أسبوع من إعلان (هيئة تحرير الشام)، عن حلّ (جيش الأحرار) الذي أُسِّس من 16 لواءً وكتيبةً في صفوف (أحرار الشام) في 22 كانون الثاني عام 2017، وقال (أبو جابر الشيخ) على حسابه في (تويتر): إن على الفصائل المكونة لـ (جيش الأحرار) العودة إلى وضعها السابق قبل تشكيل الجيش، والسمع والطاعة لقائد أحرار الشام (علي العمر)، مؤكدًا أنه اتفق مع الأخير على طيّ صفحات الخلافات والابتعاد عن الانتقام ومحاسبة الفاسدين والعابثين. وقد عدّ البعض هذه الخطوة من قبل (أبي جابر الشيخ) انشقاقًا عن الحركة أيضًا.

وبذلك أصبحت التشكيلة القيادية لـ (هيئة تحرير الشام) على الشكل الآتي:

القائد العام: (أبو جابر الشيخ).

القائد العسكري: (أبو محمد الجولاني).

رئيس مجلس الشورى: (توفيق شهاب الدين) قائد حركة (نور الدين الزنكي).

 

(هيئة تحرير الشام) على نهج القاعدة:

على الرغم من أن (هاشم الشيخ) قد ألقى في 9 شباط أول خطابٍ له بعد توليته قيادة (هيئة تحرير الشام)، أكد فيه أنّ الكيان الجديد "مستقل وليس امتدادًا لأيّ تنظيمات أو فصائل سابقة، وأنّه خطوة ذابت فيها كلّ الفصائل والتسميات"، إلا أن حقيقة التنظيم بقيت كما هي، فالفصيل بجنوده وقياداته وشخصياته لم يحدث فيه أيُّ تغيير، كما أن الرجل الأقوى في الفصيل (أبا محمد الجولاني) صاحب الفكر التكفيري، والمسؤول عن جميع جرائم (جبهة النصرة) أصبح هو المتحكم الفعلي بالمكوّن الجديد من خلال تولّيه الشقّ العسكري ومسؤوليته عن جميع ما يتعلق بالأسلحة والجنود والعمليات.

كما أنّ المكوّن الجديد -كسابقه- لم يعلن موقفه الفكري والمنهجي مما أصدره من فتاوى وبيانات سابقة، ومما درَّسه في معاهده الشرعية، مما يدلّ على أنه لم ينفكّ عنه، بل صمت خداعًا.

 بالإضافة إلى أن منهج (جبهة فتح الشام) كان واضحًا في هذا التشكيل الجديد الذي يترأسه فعليًّا (أبو محمد الجولاني)، وقد بدا ذلك من خلال اختلاق الحجج لإنهاء أيّ مكوّن عسكري تجده الهيئة خطرًا على مشروعها، واتباعها النهج الاستئصالي بحقّ مكونات فصائل الجيش الحر، مكررةً نهج (القاعدة-جبهة النصرة-جبهة فتح الشام) عندما هاجمت عدة فصائل من الجيش الحر وقامت بإنهائها بحجة محاربة الفساد.

 فقد قامت (جبهة فتح الشام) سابقًا بعمليات عسكرية استهدفت خلالها الفصائل التي كانت تقاتل معها في مدينة حلب، ومن أهمها (تجمع فاستقم كما أُمرت) وفصيل (جيش المجاهدين)، وأدّت العملية في نهايتها إلى سيطرتها على العديد من مستودعات وأسلحة الفصائل المستهدفة، وانضمام من تبقى من هذه الفصائل إلى (حركة أحرار الشام)، مما أدى ذلك إلى إضعاف جبهات حلب، كما قامت في 11-12 آذار 2016م بشن هجوم على (الفرقة 13) في مدينة معرة النعمان بريف إدلب وقتل ما لا يقل عن 60 مقاتلًا من الفرقة، إضافة إلى شن هجمات متفرقة استهدفت (الفرقة 13) في عدة بلدات بريف إدلب.

وتاريخ (جبهة النصرة- فتح الشام) في الاعتداء على الفصائل وإشعال الفتن وبثّ الخلافات فيما بين الثوار واضح للعيان، فقد استطاعت منذ تموز 2014 بتفكيك قرابة العشرات من الفصائل الثورية وتهجير الآلاف من المقاتلين، عدا عن خسارة أضعافهم ممن وجدوا أن وجود (النصرة) يمنعهم من العمل أو يشوّه صورة الثورة ، إضافةً إلى خسارة الملايين من الحاضنة الشعبية وأضعافهم في العالم العربي ممَنْ تشوّهت صورة الثورة لديهم بسبب طغيان صورة (القاعدة) و(داعش) على المشهد، وأصبحت صورة الإرهاب طاغية على المشهد السوري السياسي وعلى تعامل الدول مع القضية السورية.

فـ (هيئة تحرير الشام) ليست سوى امتداد لفكر (تنظيم القاعدة)، فهي ترى أن الحق والجهاد مقصوران عليها، وتصف نفسها بالطائفة المنصورة وتعمل على إلغاء الفصائل الثورية وتشويه صورتها، يظهر هذا من خلال مواقفها وردود أفعالها على ما يجري في الساحة السورية، وهذا يعني أن ادعاءات قادة الهيئة بأنها ليست امتدادًا لأيّ تنظيمات أخرى غير صحيح.

 ولنستجلي حقيقة الأمر يمكن أن نقف عند بيان أصدره مجلس الفتوى في (هيئة تحرير الشام) بتاريخ 9 أيار 2017، فقد أوضح البيان موقف الهيئة الشرعي من التطورات والمستجدات الأخيرة حيال الثورة السورية، بحسب عنوان البيان.

بيان رقم (4)

 

وتضمن البيان موقفَ الهيئة من اتفاق (تخفيف التوتر) الذي وقعته الدول الضامنة في (أستانا)، الخميس 4 أيار 2017، وقالت: إنه مؤامرة، وإن الموافقة عليه خيانة لله ولرسوله وللمؤمنين وللدماء التي سُفكت في سبيل تحرّر المسلمين في الشام، وقد تخلّل البيان فتوى بقتال أيّ قوة تحاول تجاوز الحدود باتجاه مدينة إدلب، واصفًا تلك القوات بالفلول وبأنهم ارتكبوا جرائم، واستباحوا أموال المسلمين على نحو يشابه جرائم جيش نظام (بشار الأسد) وشبيحته، وتوعدت الهيئة (فلول الفصائل المفسدة) بالاستماتة دون تمكينهم من السيطرة على هذه المناطق، معتبرةً قتالهم فرض عينٍ على كلّ مسلم، وأنّ من يُقتل في المعارك ضدهم شهيد.

فهذا البيان يحمل في طياته تكفيرًا وتخوينًا للفصائل التي ذهبت إلى مؤتمر (الأستانة)، مع العلم أن تلك الفصائل رفضت مقررات المؤتمر وانسحبت من الجلسة الختامية، واعتبرت نفسها غير معنية بما صدر عنه من مقررات،  ومع ذلك اعتبرتها الهيئة في بيانها فاسدة، إذ يكفي في دستور (فتح الشام) حضور تلك المؤتمرات أو مجرد الجلوس مع (الكفار) ليصبح الفصيل مرتدًا، مع العلم أن وفدًا للهيئة أجرى عدة اجتماعات في الدوحة من أجل اتفاق ما بات يُعرف بـ (المدن الأربعة)انظر: https://www.enabbaladi.net/archives/156112 و http://orient-news.net/ar/news_show/134929وجلساته تلك كانت مع من يعتبرهم كفارًا وطواغيت، وذلك لأن الهيئة تعتقد أنها المعني الوحيد بالشأن السوري ويحق لها ما لا يحق لغيرها! وهذا البيان استمرار لبيانات (جبهة النصرة-القاعدة) بمكوناتها المختلفة في التكفير والتخوين والتهديد بالقتال واستحلال الدماءانظر: بيان "مجلس فتوى" هيئة تحرير الشام بخصوص الأستانة: تطور خطير في لغة الخطاب، موقع نور سورية http://syrianoor.net/revto/23241.

 

ماذا تريد (هيئة تحرير الشام)؟

اعتمدت (جبهة النصرة) منذ الأيام الأولى من وجودها في سورية على إخفاء انتمائها إلى (تنظيم القاعدة)، من أجل تسهيل عملية انخراطها في الشعب السوري، فقد أعلن (أبو محمد الجولاني) في 24 كانون الثاني 2012 عن تبعية (جبهة النصرة) لتنظيم القاعدة بعد فضحها على لسان البغدادي، ثم توالت البيانات والفتاوى التي توضح منهج الجبهة في إقامة (إمارة إسلامية) على منهج القاعدة، وتجعل سورية منطلقًا لشنّ عمليات في بلدان أخرى، متباينة في ذلك عن الثورة السورية وأهدافها، ومتصادمة معها.

أما (جبهة فتح الشام) الوجه الجديد لـ (جبهة النصرة)، فتدخل مرحلة جديدة في التماهي لخداع الناس وطعن الثورة والحصول على شرعية مواصلة الهجوم على الفصائل الثورية، ففي المرحلة الأولى عملت على إعادة تشكيل نفسها وترتيب أوراقها فغيّرت اسمها إلى (جبهة فتح الشام) وفكّت ارتباطها الاسمي بـ(تنظيم القاعدة)، مع الاستمرار بالمنهجية والعقلية نفسها، فبقيت أفعالها وتصرفاتها كما هي على  الرغم من تغيير المسميات، واستمرت بالسير على نهج القضاء على الفصائل الأخرى بحجة أنها مشروع دولة علمانية وديمقراطية، وبقيت ترى أنها المعني الوحيد بإنشاء الدولة الإسلامية في إدلب تمهيدًا للتوسع المنشود، وما خطوة تشكيل (هيئة تحرير الشام) إلا في سبيل دمج الفصائل التي تحمل فكر الغلو والتكفير والحصول على أكبر قدر من الأسلحة، والسيطرة العسكرية والسياسية على الساحة وإجهاض جميع الاتفاقات الناتجة عن محادثات (أستانة) أو (جنيف)، كما أنها تسعى إلى تقويض التدخل التركي،

ولذلك تشنّ حملاتها على الفصائل التي قد تكون حليفة لتركيةسبق أن حرمت (جبهة فتح الشام) في بيان لها قتال الفصائل إلى جانب الجيش التركي ضد (داعش) بريف حلب الشمالي، انظر (البيان رقم 5)، كما وصفت هيئة تحرير الشام الفصائل التي تقاتل إلى جانب تركيا بـ "فلول الفصائل المفسدة التي ارتضت قياداتها الولاء للمشاريع الدخيلة" وذلك في بيان لها بعنوان: (الموقف "الشرعي" للهيئة من التطورات والمستجدات الأخيرة حيال الثورة السورية). (البيان رقم4)، وبهذا تكرر أسلوب (تنظيم داعش) في إفشال المسارات السياسية والسيطرة على مناطق واسعة من سورية بين عامي 2013 و2014م.

وإضافة إلى أن الإعلان عن (هيئة تحرير الشام) خطوة استباقية تدافع فيها (جبهة فتح الشام) عن نفسها، يعتبر الإعلان محاولة لجمع الثوار في الشمال تحت رايتها، لإجبارهم على الدخول في مشروعها وتوريطهم به بعد القضاء على أي وجود ثوري، حتى يصبحوا مضطرين للدفاع عنه، فقد شهدت المنطقة تسارعًا من الهيئة لإجبار المنظمات الإغاثية والقضائية والإدارة المدنية وغيرها للدخول تحت حكمها.

بيان رقم (5)

 

من جهة أخرى تسعى (هيئة تحرير الشام) إلى إقناع دول الجوار والعالم بالتعامل معها كونها الجهة المسيطرة على المنطقة، وقد عُرِفَ عن (القاعدة) عمومًا و(الجولاني) خصوصًا بذلُ أيّ أمر مقابل الحفاظ على وجوده ومنصبه، ويتضح ذلك من خلال ردّ رئيس إدارة الشؤون السياسية في (هيئة تحرير الشام) (زيد العطار) على بيان مبعوث الولايات المتحدة إلى سورية (مايكل راتني)، الذي وصف فيه الهيئة ومن ينضم لها بأنهم جزء من شبكة (القاعدة)، فقد أكد (العطار) أن مشروع الهيئة لا علاقة له بتنظيمات أخرى، ويمثل اندماجًا لقوى الثورة السورية ومرحلة جديدة من مراحلها،

بيان رقم (6)

 

كما رحّب (العطار) بنتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية التركية  التي جرت في نيسان 2017م، في حين أنَّ (هيئة تحرير الشام) تُكَفّر وتُخَوّن الفصائل التي تعمل بالتنسيق مع تركية، وتصفها بأصحاب المشاريع العلمانية! كما سبق لـ (جبهة النصرة) أن نشرت عددًا من البيانات والفتاوى في تكفير تركية والطعن فيهاانظر مقال: (تحليل موقف الغلاة من الانقلاب الفاشل في تركيا)، موقع نور سورية http://syrianoor.net/article/17216.

يضاف إلى ذلك قيام (هيئة تحرير الشام) بتقديم بعض الخدمات الاجتماعية لتروج لمشروعها ولتكسب تأييد البسطاء من الناس، وفرض نفسها في مجال العمل المدني، فقد وجّه (أبو محمد الجولاني بتاريخ 20 آب 2017 دعوات لشخصيات ثورية معروفة، وشخصيات من الائتلاف الوطني، والحكومة السورية المؤقتة، والمجلس الإسلامي السوري، من أجل حضور اجتماع معه في إدلب، لمناقشة قضايا منها إقامة إدارة مدنية في إدلب وريفها وريف حلب.

وتأتي هذه الدعوة من قبل الجولاني في محاولة منه إلى إكمال تمثيل دور الاعتدال وتلميع صورته بعد حملاته ضد الفصائل الثورية منذ أن كان قائدًا لجبهة النصرة، واتباعه النهج الاستئصالي لكل من يخالفه، ليظهر للجميع أن فكره يتجه نحو الاعتدال والوسطية، وأنه المسيطر الفعلي على المناطق المحررة، وهو من يدعو إلى الاجتماعات ويُستجاب له!

والأهم من ذلك في تشكيل (هيئة تحرير الشام) هو أن (جبهة فتح الشام) تحاول أن تغطي على جرائمها السابقة وتخفي ملفاتها المشبوهة، بحجة أن التشكيل الجديد يجبُّ ما قبلَه ويفتح صفحة جديدة، وأنّه جاء من أجل إنقاذ الساحة والثورة من الضياع، وبذلك تسقط الدعاوي القديمة وتهرب (فتح الشام) من استحقاقاتها بحقّ الفصائل وبعض عوام الناس، وتضيع الدماء والأموال والأسلحة التي سرقتها، وهذا التهرب لم يُكلّف (جبهة فتح الشام) إلا إنشاء تشكيل جديد باسم جديد يقوم على الغلو ويسيطر عليه فكر (القاعدة) ويتولى فيه (أبو محمد الجولاني) القيادة العسكرية، وتكون له الكلمة الفصل فيه!

 

اعتداءات (هيئة تحرير الشام) على الفصائل الثورية

على الرغم من التطمينات والوعود الكثيرة التي أطلقها القائد الشكلي (أبو جابر الشيخ) ومن يدعون استقلالهم، كـ (عبد الله المحيسني) للفصائل الثورية بأن تعدي (جبهة فتح الشام -جبهة النصرة) على بقية الفصائل سيتوقف مع التشكيل الجديد، إلا أن تلك الوعود ذهبت أدراج الرياح، فهاجمت مجموعات تابعة للتشكيل الجديد (هيئة تحرير الشام) معهدًا شرعيًّا في بلدة آفس بريف إدلب بتاريخ 29 كانون الثاني/ يناير 2017. ثم قامت مجموعة أخرى في اليوم التالي بالهجوم على مقرات حركة أحرار الشام في مدينة دارة عزّة بريف حلب الغربي، وسيطرت على مبنى المحكمة في المدينة وعلى عدة مواقع للحركة.

وتوالت استفزازات (هيئة تحرير الشام) وتحريضها على (حركة أحرار الشام) خصوصاً، عبر التجييش الإعلامي ضد الحركة، وتحريض العناصر على الانشقاق عنها، واتهامها بإفشال الاندماج، حتى وصل الأمر إلى الاعتداء على بعض مقرات الحركة في ريفي حلب وإدلب، ومن هذه المقرات:

  • سلب معمل النسيج (العلبي) في ريف حلب الغربي من (حركة أحرار لشام) بالقوة العسكرية بتاريخ 25 شباط/ فبراير 2017.
  • سلب ورشة للتصنيع العسكري بالقرب من سراقب بريف إدلب الشمالي، بتاريخ 2 آذار 2017، وقد استعادتها حركة أحرار الشام الإسلامية في وقت لاحق.
  • الاستيلاء على حاجز شلخ على طريق حلب/إدلب، بتاريخ 2 آذار 2017.
  • سلب ورشة تصنيع سلقين بريف إدلب، وقد شكلت لجنة شرعية للبتّ في أمرها!
  • سلب معمل الغزل بمدينة إدلب بتاريخ 4 آذار 2017.
  • سلب مقر عسكري لـ (حركة أحرار الشام) في بلدة زردنا بتاريخ 5 آذار 2017.
  • سلب حاجز عسكري في كفر يحمول بريف إدلب الشمالي، استعادته الحركة لاحقًا بالقوة.
  • سلب معسكر المسطومة من (حركة أحرار الشام) بتاريخ 6 آذار 2017، ووقع على إثرها قتلى وجرحى من الطرفين.

 

ردود الفعل على اعتداءات هيئة تحرير الشام:

قُوبلت هذه الاعتداءات التي افتتح بها التكتل الجديد سيرته بردود أفعال غاضبة، خاصة من النخب الثورية من طلاب علم ومفكرين وسياسيين وناشطين، فرأى الكثيرون أن (الجولاني) وأتباعه جاؤوا لتدمير الشام والقضاء على الفصائل الشامية، وأنهم نجحوا في حمل مجاهدي الشام على أن يقتتلوا فيما بينهم، وأنهم أنجزوا من الخدمات للنظام ما لم ينجزه أحد، وتصرفاتهم دليل على ذلك.

وقد رأى البعض أن (الجولاني) يريد إنهاء فصائل الشمال ويفرض نفسه أمرًا واقعًا على الداخل والخارج وأنه يكمل ما فات (البغدادي) من تآمر على الثورة السورية، وأن خلافه مع الأخير على الرياسة وكلاهما يريد إمارة على أشلاء الناس، واعتبروا أن كل من بقي مع (الجولاني) هو شريكه في الجرائم.

وفي إشارة إلى ما تعرضت له (حركة أحرار الشام) من قبل (هيئة تحرير الشام) رأى البعض أن ‏ (أحرار الشام) تكتوي بنار من سكتت عنهم لسنوات ورفعتهم وصدَّرتهم وضحَّت بالكوادر لأجلهم.

وتلقت الهيئة الشرعية في (تحرير الشام) انتقادات كبيرة بعد ادعاء (عبد الله المحيسني) أن البغي جاء نتيجة احتقان عناصر الهيئة بعد فشل الاندماج، وقد وجهت الاتهامات إلى الهيئة بأنها سبب الاحتقان وكل الدماء.

 

وقد هوجم أيضاً المنضمون إلى الهيئة بذريعة الإصلاح، على الرغم من فشلهم بإيقاف الظلم والبغي كما يدعون، واعتُبروا بأنهم ممن كثّر سواد البغاة والطغاة، وأنهم شركاء كل جرائم البغي والسلب والقتل والخطف والفساد في الأرض.

وفسَّر عدد من النشطاء هجمات (هيئة تحرير الشام) على الفصائل بشكل عام، و(حركة أحرار الشام) بشكل خاص، بأن دافعه الانتقام من الحركة لعدم انضمامها للتكتل الجديد، والسعي لإضعافها حتى لا تكون نواة مشروع ثوري جامع في الشمال يقابل مشروع (هيئة تحرير الشام) الذي عموده (الفكر الجهادي)، إضافة إلى سعي الهيئة إلى ابتلاع الشمال السوري عبر التغلب وإنهاء الفصائل واحدًا تلو آخر.

وامتدت رود الأفعال الرافضة للبغي إلى بعض المنتسبين للهيئة، فقد أعلن الشيخ (عبد الرزاق المهدي) خروجه من الهيئة بعد عجزه عن رفع الظلم ورد الحقوق لأصحابها، فقال:

"ازدادت هذه الأيام تجاوزات تصدر عن أفراد ينتسبون لهيئة تحرير الشام، وحيث إن الكثير من أصحاب الحقوق يطالبونني برد حقوقهم، كذلك يضع اللوم علي آخرون ويحملونني المسؤولية عن ذلك، وبما أنني غير قادر على رفع ظلم او إعادة حق لصاحبه رأيت لزامًا أن أعلن عن خروجي من (هيئة تحرير الشام)، سائلًا الله تعالى أن يفرج عن أهل الشام وعن المسلمين في كل مكان"

 

(هيئة تحرير الشام) تنقض الاتفاقات وتكيل الاتهامات:

تبع عمليات الاعتداء التي قامت بها (هيئة تحرير الشام) تجاه (حركة أحرار الشام) اتفاق بتاريخ 08 آذار 2017مـ يقضي بإنهاء حالة الصدام بين الطرفين، ورفع الحواجز ومظاهر التوتر، وإطلاق سراح الموقوفين، وإيقاف التحريض الإعلامي من الطرفين، وإعادة معسكر المسطومة إلى (حركة أحرار الشام) بما فيه من أسلحة.

وبناء عليه شُكِّلَت لجنة من القيادي في الأحرار (حسن صوفان) والقيادي في الهيئة (مظهر الويس) للنظر في الأسلحة التي سلبتها الهيئة من الفصائل العسكرية، إضافة إلى دراسة إعادة الأسلحة التي أخذتها الكتائب التابعة لـ (حركة أحرار الشام) بعد خروجها من الحركة والتحاقها بالهيئة.

إلا أن (هيئة تحرير الشام) استمرت في اعتدائها، ففي يوم الخميس 8 حزيران 2017م شنت هجومًا عسكريًّا على (الفرقة 13) التابعة لـ (جيش إدلب الحر) في مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي، بحجة مقتل والد أحد أمنييها، واتهمت الفرقة بقتله، واستمرت الاشتباكات بين الطرفين حتى صباح اليوم التالي، ما أدى إلى سقوط قتلى من الطرفين وعدد من المدنيين. رافق الاشتباكات استنفار أمني وتدقيق شديد على حواجز (هيئة تحرير الشام) في غالبية قرى ريف إدلب الجنوبي.

كما قامت الهيئة باقتحام مقرات (الفرقة 13) والسيطرة عليها وملاحقة عناصرها، وداهمت منازل جميع من تعتقد أنهم منتسبون إليها، وأطلقت الرصاص داخلها، وقتلت عددًا منهم، كالعقيد (تيسير سماحي) القيادي في (الفرقة 13) ورئيس مركز الشرطة في المدينة، ونشرت عناصرها في جوامع المدينة وشوارعها.

ثم انسحبت (هيئة تحرير الشام) من معرة النعمان يوم الأحد 11 حزيران 2017م بعد اجتماع مع وجهاء المدينة، وعقب استمرار مظاهرات المدنيين المطالبة بخروجها. وفيما يلي أبرز المراكز الحيوية والمدنية التي تم الاعتداء عليها يوم الجمعة 9 حزيران 2017انظر تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان (انتهاكات هيئة تحرير الشام في اقتحام مدينة معرة النعمان).:

  • داهمت عناصر هيئة تحرير الشام مبنى كلية التربية في مدينة معرة النعمان، وقامت بتخريب الأثاث وتمزيق أوراق الامتحانات والشهادات وكتابة عبارات مناصرة للهيئة على الجدران.
  • داهمت عناصر هيئة تحرير الشام المجمع التربوي في مدينة معرة النعمان وصادرت ممتلكاته.
  • صادرت عناصر هيئة تحرير الشام مولدة كهرباء لتشغيل بئر مياه في منطقة الأرض الحمراء قرب الحي الغربي لمدينة معرة النعمان.
  • صادرت عناصر هيئة تحرير الشام سيارة تابعة لمركز الشرطة في مدينة معرة النعمان
  • داهمت عناصر هيئة تحرير الشام منزل (سامح سماحي) شقيق العقيد (تيسير سماحي) وصادرت بعض ممتلكات المنزل.

 

وإضافة إلى ذلك بقيت الآلة الإعلامية التابعة لـ (هيئة تحرير الشام) تتعرض للفصائل وتتهمها بتهم متنوعة، ومن ذلك ما جاء في البيان الذي نشرته الهيئة بتاريخ 13-7-2017

بيان رقم (7)

 

إذ اتهمت فيه ألوية (صقور الشام) باغتيال عنصرين من الهيئة في جبل الزاوية بريف إدلب، معتبرةً أن (صقور الشام) تقف وراء العملية لأن الجريمة ارتكبت في المناطق التي يسيطر عليها (صقور الشام)، استنادًا إلى الادعاء فقط، ومن دون تقديم أدلة طالبت الهيئة ألوية الصقور بتسليم العناصر الذين نفذوا عملية الاغتيال، مؤكدة أن (صقور الشام) أقدمت مرات عدّة على تنفيذ عمليات مشابهة في مناطق عدّة بريف إدلب.

وقد نفى (نضال الديك) أحد المسؤولين العسكريين في فصيل (صقور الشام) صلتهم بالجريمة، وأعلن (الديك) استعداد الفصيل تقديم أي شخص للمحكمة في حال ثبت أن له صلة بالحادثة.

وكانت مواقع إعلامية تابعة لـ (تحرير الشام) اتهمت (صقور الشام) باعتقال مدير فرع الإدارة المدنية للخدمات في حماة، وقد نفت (صقور الشام) الاتهام على لسان (أبي عيسى الشيخ) ونفاه الناطق الرسمي باسم (أحرار الشام) (محمد أبو زيد) مؤكدين التزامهم بالاتفاق المبرم، على الرغم من العديد من الخروقات التي قامت بها الهيئة للاتفاق.

ولا بد من الإشارة إلى أن ألوية (صقور الشام) واجهت (جبهة فتح الشام) في كانون الثاني من هذا العام، حين باشرت الأخيرة هجومًا على فصائل من الجيش الحر بينها (صقور الشام) و(جيش المجاهدين) و(جيش الإسلام) و(الجبهة الشامية)، وانتهت الاشتباكات في الشهر نفسه باندماج (فتح الشام) مع أربعة فصائل هي: (نور الدين زنكي) و (لواء الحق) و (جبهة أنصار الدين) و (جيش السنة)، في تشكيل (هيئة تحرير الشام).

ولم يتوقف اعتداء (هيئة تحرير الشام) عند هذا فحسب، بل قامت بالهجوم على (فيلق الشام – قطاع حماة)، وعلى مجموعات عسكرية تتبع الحركة في بابسقا وجبل الزواية وتل الطوقان وغيرها، إضافة إلى اعتقال الشيخ (محمد طاهر عتيق) عضو رابطة علماء إدلب ورئيس محكمة جبل الزاوية، كما نفذت هجمات عشوائية على المخيمات التي تؤوي نازحين.

فأصدرت (حركة أحرار الشام) بيانًا بتاريخ الثلاثاء 18-7-2017م وضحّت فيه أن (هيئة تحرير الشام) نكثت اتفاق التهدئة الموقّع في بلدة تل طوقان، وأرسلت أرتالًا عسكرية إلى قطاعات الحركة في جبل الزاوية، وسيطرت على حاجز حزارين، وهاجمت بلدة معراتة، واستهدفت مقرات الحركة هناك، وتزامن ذلك مع مناوشات على بلدة إبين بحجة رفع علم الثورة كما جاء في البيان.

بيان رقم (8)

 

وإضافة إلى ما سبق تعرضت مظاهرة سلمية في مدينة سراقب تطالب بوقف الاشتباكات بين (حركة أحرار الشام) و (هيئة تحرير الشام) إلى هجوم الأخيرة في 19-7-2017م، فقُتل فيها الناشط الإعلامي (مصطفى العزو) بعد إصابته برصاص عناصر الهيئة.

وبعد حملات الاعتداءات المتكررة أصدر المجلس الإسلامي السوري بيانًا يوم الثلاثاء الموافق 19-7-2017م دعا فيه عناصر (هيئة تحرير الشام) والمجموعات التي انضمت لها إلى الانشقاق الفوري عنها، وحمّل المجلس مسؤولية شرعية لكلّ شرعي في صفوف الهيئة لا يعلن موقفه من بغيها وينشق عنها، وأكدّ المجلس على حقّ الفصائل التي وقع البغي عليها في ردّه ووجوب مناصرتها من كلّ الفصائل الأخرى.

بيان رقم (9)

 

هيئة تحرير الشام ترفض مبادرة الصلح:

أطلق عدد من المشايخ يوم الأربعاء 19-7-2017

مبادرة تدعو الطرفين إلى وقف الاقتتال وتشكيل لجنة مشتركة من ستة أعضاء مناصفة والاتفاق على تسمية ثلاثة آخرين مستقلين، وسرعان ما وافقت (أحرار الشام) على المبادرة مع الاحتفاظ بحق التصدي لأي هجوم تشنه عليها الهيئة.

بيان رقم (10)

 

إلا أن (هيئة تحرير الشام) قابلت مبادرة وقف القتال بالرفض، وجاء في بيان صدر عنها ونشر على مواقع التواصل الاجتماعي الخميس 20-7-2017 أن المبادرة المطروحة "هي كسابقاتها وليست بالمستوى المطلوب ولن تصمد، وبأنها تقوم برد بغي حاصل عليها، وأن المبادرة الحقيقة هي التي تطرح مشروعا لإدارة ذاتية للمناطق المحررةرفض (تنظيم القاعدة) الكثير من المبادرات التي كانت تدعو إلى وقف الاقتتال والتحاكم إلى محاكم شرعية، لأن قتال الفصائل الثورية واستئصالها جزء من مشروعه في سورية، إضافة إلى أنه يرى أن المحاكم التابعة للثوار غير شرعية ولا يجوز التحاكم إليها، ولا بد من خضوع الجميع إلى محاكمهم التي تحكم باسم القاعدة وشرعها.".

بيان رقم (11)

 

عزلة هيئة تحرير الشام واستمرارها بالاعتداء على الفصائل:

بعد ذلك أصدرت (حركة نور الدين الزنكي) الخميس 20-7-2017 بيانا أعلنت فيه انفصالها عن (هيئة تحرير الشام)، وأرجعت السبب إلى عدم تحكيم (هيئة تحرير الشام) الشريعة، وتجاوز لجنة الفتوى في (تحرير الشام) بإصدار بيان عن المجلس الشرعي دون علم أغلب أعضائه، إضافة إلى بغي الهيئة على (أحرار الشام)، ورفضها المبادرة التي أطلقها العلماء لوقف القتال.

بيان رقم (12)

 

وعلى الرغم من العزلة الشعبية وحالة السخط العامة التي تزايدت مؤخراً على (هيئة تحرير الشام) تابعت الأخيرة حملتها العسكرية على (حركة أحرار الشام)، وهاجمت قرية بابسقا وجبلها الخاضعة لسيطرة (حركة أحرار الشام)، حتى استطاعت محاصرة قيادات (حركة أحرار الشام) في معبر (باب الهوى) الحدودي، حيث لجأت الحركة إلى توقيع اتفاق مع (هيئة تحرير الشام) يتضمن تسليم الأحرار معبر (باب الهوى) الحدودي لجهة مدنية – لم يحددها نص الاتفاق وترحيل قيادات وعسكريي الحركة من المعبر إلى منطقة سهل الغاب بريف حماة التابعة لـ (حركة أحرار الشام).

وقد أدت سيطرة (هيئة تحرير الشام) على المعبر إلى إغلاقه عدة أيام، مما أثر في الحركة التجارية وحياة السكان، ثم أُعيد فتحه بشكل جزئي للمواد الغذائية، وقد صرّح وزير التجارة والجمارك التركي (بولنت توفنكجي) يوم الخميس 10 آب بأن أنقرة ستحدّ من حركة السلع غير الإنسانية عبر المعبر، لأن الجانب السوري يخضع لسيطرة تنظيم إرهابي.

ويبدو أن الحملة الأخيرة لـ (هيئة تحرير الشام) تهدف إلى السيطرة على المنافذ الحدودية والمعابر الرئيسية، في سبيل السعي إلى إنهاء الفصائل الأخرى وإضعافها، خاصة بعد الحملات الشعبية مؤخراً لإعادة روح الثورة إلى الشمال السوري عبر رفع علم الثورة.

 

ردود الأفعال على حملات الاعتداء الأخيرة:

لاقت حملات الاعتداء الأخيرة ردود فعل غاضبة من علماء وسياسيين وناشطين في المجتمع السوري، عبر عنها الوسم الذي تم تداوله على تويتر (#الجولاني_عدو) ، في إشارة إلى أن الجولاني وجنوده لا يخوضون حربًا مع الأحرار أو مع أيّ فصيل بذاته، وإنما حربهم مع الثورة والشعب، فقد شغلوا المجاهدين عن عدوهم ومزقوا علم الثورة وما زالوا يدمّرون ثورة الشعب السوري، ولذلك فإن من يفرق بين الجولاني و داعش و بشار فإنه يساهم في تدمير ما بقي من البلاد وتسليمها للأعداء والإفساد في الأرض، ولذلك كانت هناك دعوات من العلماء والناشطين إلى مظاهرات يوم الجمعة 21-7-2017 لإسقاط مشروع الغلاة في سورية.

وقد حذّر الكثيرون من خطورة الاتفاق ما بين أحرار الشام وهيئة تحرير الشام، وأنه تمكين لمشروع الغلاة، ونبهوا إلى أن جبهة النصرة تعمل على تصفية أحرار الشام والسطو على مستودعاتها تحت جناح الاتفاق، وتمهد لحملة على الغاب وجبل الزاوية، وتعد لسلسلة اغتيالات.

 

اتفاق 23-7 هيئة تحرير الشام تغطي على جرائمها:

بعد هذا الخلاف الكبير الذي استمر لأيام بين (حركة أحرار الشام) و(هيئة تحرير الشام) في إدلب، وأدى إلى سقوط قتلى وجرحى بين الطرفين، واعتقالات طالت العديد من عناصر الطرفين انتهى بتوقيع اتفاق مساء يوم الجمعة 21-7-2017 يقضي بوقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين من الطرفين وخروج الفصائل من معبر (باب الهوى) وتسليمه إلى إدارة مدنية.

بيان رقم (13)

 

 كما تمَّ توقيع اتفاق آخر يوم الأحد 23-7-2017 تم التأكيد فيه على اتفاق يوم الجمعة 21-7-2017، وإيقاف حالة الاستنفار والمضايقات والاعتقالات، والتعدّي بأي شكلٍ من الأشكال على الممتلكات والأنفس والمقرات.

بيان رقم (14)

 

وجاء في البيان أن جميع التجاوزات الحاصلة بعد اتفاق يوم الجمعة، تُعاد في مدّة أقصاها 5 أيام، وأنه يحق لكل كتيبة أو لواء من (حركة أحرار الشام) ترى أنها بايعت (هيئة تحرير الشام) مكرهةً، بالعودة عن بيعتها.

وبذلك تسقط جميع الادعاءات على الهيئة وتمسح كل الجرائم التي ارتكبتها قبل يوم الجمعة، وتهرب من استحقاقاتها بحق الفصائل وتبقى المسروقات التي نهبتها ملكًا لها، وتضيع دماء المجاهدين الذين قتلوا على يديها!

 

اعتداءات هيئة تحرير الشام على المنظمات المدنية:

لم تسلم منظمات المجتمع المدني من اعتداءات (هيئة تحرير الشام) وانتهاكاتها، بحجة أن هذه المنظمات تتبع لفصائل عسكرية تهاجم الهيئة، فقامت الأخيرة باعتقال موظفين عاملين في المنظمات وسرقة مواد إغاثية ونقلها إلى أماكن مجهولة، وفيما يأتي أبرز الأماكن التي تمَّ الاعتداء عليهاانظر: تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان بعنوان: (انتهاكات واسعة لهيئة تحرير الشام في محافظة إدلب) بتاريخ 21 تشرين الأول 2017م:

  • السبت 22 تموز-2017 داهمت عناصر تابعة لـ (هيئة تحرير الشام) مقرات هيئة العمل الإنساني في الشمال السوري في مدينة سرمدا بريف إدلب الشمالي، وتعدّت على العاملين بالترهيب والضرب، ما أدى إلى إصابة ثلاثة عاملين بجراح، واعتقال عدد من الموظفين أطلق سراحهم بعد عدة أيام.
  • السبت 22 تموز-2017 داهمت عناصر (هيئة تحرير الشام) مقر جمعية (إحسان سراقب) في مدينة سراقب، وسيطرت على كامل المستودعات الإغاثية والمعدات المكتبية ونقلتها إلى جهة مجهولة.
  • السبت 22 تموز-2017 داهمت عناصر (هيئة تحرير الشام) مقر منظمة (فيومس) في مدينة سرمدا، وكسرت الأقفال ودخلت المستودعات الإغاثية ونقلت محتوياتها إلى جهة مجهولة.
  • السبت 22 تموز-2017 داهمت عناصر (هيئة تحرير الشام) مقر منظمة (الأيادي البيضاء) في مدينة سرمدا، وأفرغت مكاتبها ومستودعاتها ونقلتها إلى جهة مجهولة.
  • الاثنين 24 تموز-2017 اقتحمت عناصر تابعة لـ (هيئة تحرير الشام) مقر جمعية (المنال) في مدينة سلقين، وصادرت المبنى ومحتوياته من دون أي سبب.
  • الخميس 27 تموز-2017 سيطرت هيئة تحرير الشام على المحكمة الإسلامية في مدينة معرة النعمان، بعد أن أجبرت رئيس المحكمة الشيخ (أحمد علوان) على الاستقالة أو العمل تحت سلطتها.

 

المحيسني والعلياني يستقيلان من هيئة تحرير الشام

أعلن الشرعيان في (هيئة تحرير الشام) (عبد الله المحيسني) و(مصلح العلياني) استقالتهما من الهيئة بحسب بيان لهما نُشر عبر (تلغرام) بتاريخ الاثنين 11 أيلول 2017م، وأوضح البيان أن سبب الاستقالة يعود إلى تجاوز اللجنة الشرعية في الاقتتال الأخير، بين (تحرير الشام) و (أحرار الشام (ثم ظهور تسريبات صوتية تضمنت "انتقاصًا من حملة الشريعة على ألسنة بعض المتصدرين بالهيئة على نحو خطير"

وجاء في البيان: "لمّا تحققنا العجز عن تحقيق غايتنا من وجودنا في هذا الكيان كان لزامًا علينا إعلان استقالتنا من هيئة تحرير الشام مع بقاء حبل الأخوة بيننا وبين كل مجاهد في الساحة الشامية"

وتأتي الاستقالة بعد ساعات من تسريب لـ (أبي محمد الجولاني) مع قائد قطاع إدلب (أبي الوليد) المعروف بـ (أبي حمزة بنش)، وصفا فيه الشرعيين بـ (المرقّعين)، ويبدو أن استقالة (المحيسني) جاءت ردًّا على التسريبات، لا على الاعتداءات المتكررة على المجاهدين من قبل (هيئة تحرير الشام) وللدماء التي سفكتها وكان يحاول ترقيعها وتمييعها.

 

هيئة تحرير الشام ومعركة حماة الوهميةانظر مقال: (معارك النصرة في حماة.. هل كان هدفها نظام الأسد؟ (، موقع نور سورية http://syrianoor.net/article/17893:

شنّت (هيئة تحرير الشام) بتاريخ 19 أيلول 2017 عملًا عسكريًا ضد قوات النظام في ريف حماة الشمالي، وسيطرت على قرى الشعثة والطليسية والزغبة وقصر المخرم وتلة السودة، ولكن المفاجأة هي انسحابها بعد أيام قليلة على انطلاق المعركة، وهو نفس الأمر الذي حصل في معركة (وقل اعملوا) في شهر آذار الماضي، حيث سيطرت على قرى وبلدات أبرزها صوران ومعردس وصولاً إلى قمحانة ومعان حتى أطراف محردة، ولكن سرعان ما انسحبت منها، ولكي تعطي مبرراً منطقياً لعناصرها نشر إعلامها الرديف أنها انسحبت من تلك القرى لتصد أرتال الجيش التركي (العلماني) الذي يتجهز لاحتلال إدلب!.

وتأتي المعركة بعد تسريب لـ (أبي محمد الجولاني) مع قائد قطاع إدلب (أبي الوليد) المعروف بـ (أبي حمزة بنش)، وصَفا فيه الشرعيين بـ (المرقّعين)، هذه التسريبات التي عصفت بالهيئة وكشفت خفايا كثيرة داخلها من استهانة بالشرعيين وطلاب العلم، إلى الكيد لفصائل الجيش الحر وافتعال المشاكل لقتالهم دفعت الهيئة إلى إطلاق معركة لإعادة تلميع صورتها وإشغال الناس عن تلك التسريبات من خلال دغدغة عواطفهم بمعركة آنية.

فما حجم المكاسب الذي يمكن أن تحصل عليه الهيئة مقابل الكمّ الهائل من الخسائر الذي تُمنى به من خلال تشريد الآلاف من أبناء تلك القرى، وفقدان عشرات العناصر في وقت تعاني فيه الثورة استنزافًا حقيقيًا على كافة الأصعدة؟ وما الأهمية الاستراتيجية لتلك القرى التي تستدعي فتح عدة معارك لأجلها والتضحية بمئات العناصر دون تحقيق أهدافها، في حين فرَّطت الجهة التي أطلقت تلك المعركة بمناطق أكثر أهمية كحلب وكفريا والفوعة والساحل السوري وغيرها من المناطق التي سيطر عليها النظام، أو سُلِّمتْ له بموجب ما بات يعرف بـ (اتفاقيات التهجير)؟

ولا بدّ من الإشارة إلى أن المعركة أُطلقت بعد ثلاثة أيام من انتهاء الجولة السادسة من محادثات أستانة السورية بجولتها السادسة التي نصَّتْ مخرجاتها على ضمِّ إدلب وريف حماة الشمالي إلى مناطق خفض التصعيد بضمانة من تركية وروسيا وإيران، والهدف هو إفشال المؤتمر أو المشاغبة عليه، فضلاً عن شيطنة الفصائل التي شاركت في المؤتمر واتهامها بكافة أوصاف العمالة والخيانة والتفريط بدماء وتضحيات الشهداء -مع العلم أن معظم فصائل الجيش الحر شاركت في المؤتمر-. ولكن ما يثير الاستفهام أن الطرفين الوحيدين الرافضين لضم إدلب إلى مناطق (خفض التصعيد) هما النصرة والنظام وإيران!.

 

الجولاني يتصدر هيئة تحرير الشام

أعلن مجلس الشورى في (هيئة تحرير الشام) في بيان له يوم الأحد 11 محرم 1439-1 تشرين الأول 2017، عن قبول استقالة القائد العام للهيئة (هاشم الشيخ أبو جابر) وتكليف نائيه (أبو محمد الجولاني) بتسيير أمور الهيئة في الوقت الراهن وتعيين (الشيخ) رئيسًا لمجلس شورى الهيئة، ولم يوضّح البيان الأسباب التي دعت (الشيخ) إلى الاستقالة، أو التعديلات التي طالت قيادة الهيئة، ومهما يكن من أمر فإن (الجولاني) هو القائد الفعلي لـ (هيئة تحرير الشام) منذ التأسيس، واستقالة (الشيخ) شكلية ولن تغير شيئًا.

وقد سبق ذلك إعلان (كتائب ابن تيمية) العاملة في مدينة دارة عزة بحلب يوم الأحد 11 محرم 1439-1 تشرين الأول 2017 انشقاقها عن (هيئة تحرير الشام) بسبب التسريبات الصادرة عن قادة الهيئة التي فيها استباحة لدماء المجاهدين واستخفافًا بعلماء الساحة، ومطالبتها الدائمة بتسليم سلاح الكتائب الذي حصلت عليه بدماء شهدائها.

وقد حصلت توترات واشتباكات بين الهيئة و (كتائب ابن تيمية) في دارة عزة بعد أن قامت الهيئة باعتقال (أسامة شناق) الإداري في (كتائب ابن تيمية) مما أدى إلى استنفار (كتائب ابن تيمية) وخروج مظاهرات تطالب بالإفراج عنه، وتطالب بخروج (هيئة تحرير الشام).

 

مستقبل الثورة السورية بعد هيئة تحرير الشام:

على الرغم من إشارات الاستفهام التي تدور حول (هيئة تحرير الشام)، يعكس واقعاً خطيراً تمر به الثورة السورية من عدة أوجه، أولها أن  (القاعدة) تعمل ومن خلال كيانها الجديد على شيطنة باقي الفصائل وإظهارها بمظهر المعطل للاندماج والرافض للتوحد، وبالتالي فهي المسؤولية عن كل الهزائم التي لحقت بالساحة العسكرية الثورية من حلب إلى ريف دمشق، وهذا ما ظهر مؤخرًا من خلال اتهام عدد من أفراد (جبهة فتح الشام) للفصائل الثورية بـ (تسليم حلب)

ومن جهة أخرى، قطعت (فتح الشام) الطريق على مشروع اندماج الفصائل الثورية الذي إن تم فسيشمل معظم الفصائل على الساحة السورية، كما أن هيمنة (القاعدة) على الكيان الجديد سيمنع الكثير من الفصائل من الاندماح فيه، لاختلافها معها في الفكر والمشروع.

وانطلاقًا من هذا الواقع، يتحتم على باقي الفصائل أن تنهض بمسؤولياتها وتكون على مستوى الحدث، فلا تكتفي بمجرد نقض هذا المشروع وتفنيده، بل ينبغي عليها أن تعمل على مشروع ثوري وطني بديل يحقق طموحات الشعب، ويتعامل مع المستجدات والمتغيرات بواقعية، دون إفراط أو تفريط بمبادئ الثورةانظر: "هيئة تحرير الشام" دوافع التشكيل وأبعاده المستقبلية، موقع نور سورية: http://syrianoor.net/revto/21931.

 

ملحق مقال

ماذا حررت جبهة النصرة في سوريا؟

مجاهد مأمون ديرانيّة

فشل أنصار النصرة وشبّيحتها في نفي الافتراض الذي طرحه المنشور السابق: "إنّ جبهة النصرة لم تنجح وحدَها -منذ ولادتها المشؤومة إلى اليوم-في تحرير أي منطقة في سوريا"، رغم المحاولات المستميتة التي بذلوها لإثبات العكس. فيما يلي خلاصة اعتراضاتهم عليها وتفنيدها بالتفصيل.

زعموا أن النصرة حررت وحدها ريف حلب الجنوبي (العيس وخلصة وبرنة وزيتان وبانص). خطأ. عندما قطع النظام الأتستراد ووصل قرب الإيكاردا استنفرت فصائل حلب وإدلب (باستثناء الريف الشمالي) وشاركت كلها في تحرير المنطقة، وفيها القرى المذكورة. شارك في العمليات جيشُ الفتح بكل مكوناته، وشاركت فيها أكثرُ فصائل حلب وإدلب، وأهمّها: جيش المجاهدين وفيلق الشام والشامية وتجمع فاستقم والفيلق الأول وجيش الإسلام وجيش الشام وصقور الشام وثوار الشام.

زعموا أن النصرة حررت وحدها مطار أبي الظهور. خطأ، المطار شاركت في تحريره أربع كتل: النصرة والتركستان والأوزبك وشباب الشرقية، واشترطت النصرة ألا يعلن عن العملية إلا هي (على عادتها في سرقة واحتكار انتصارات الآخرين) ثم أصدر التركستان إصداراً خاصاً بهم عن العملية فوقع بينهم وبين النصرة الخلاف المشهور.

زعموا أن النصرة حررت وحدها معسكر الحامدية ووادي الضيف. خطأ، هذه كانت معركة واحدة من محورين خُصِّص أحدُهما للأحرار والثاني للنصرة، معركة واحدة بتوقيت واحد وبخطة واحدة وقيادة واحدة، وقد حمل الأحرار ثلاثة أرباع الحمل فيها وحملت النصرة الربع الباقي، وكل الناس يعرفون فضيحة الغنائم التي أصرت النصرة على أخذها بغير حق، وأخذتها من الأحرار.

زعموا أن النصرة حررت وحدها مدينة خان شيخون. خطأ، النصرة لم تشارك أصلاً في تحرير المدينة. معركة التحرير كانت بعملية مشتركة شارك فيها ستة عشر فصيلاً تابعاً لألوية صقور الشام ودروع الثورة وجيش الإسلام وهيئة حماية المدنيين.

زعموا أن النصرة حررت وحدها مدينة الشدادي. خطأ، الشدادي شارك في تحريرها أكثر من خمسة عشر فصيلاً من فصائل الجيش الحر، منها الفاروق وأحفاد الرسول، بالإضافة إلى النصرة وأحرار الشام.

زعموا أن النصرة حررت وحدها مدينة إدلب وجسر الشغور ومعمل القرميد. خطأ، هذه المواقع الثلاثة شاركت في تحريرها سبعة فصائل كانت تشترك وقتَها في غرفة عمليات جيش الفتح، ليست جبهة النصرة سوى فصيل واحد منها.

زعموا أن النصرة حررت وحدها مدينة عين العرب (كوباني). خطأ، لم تكن للنصرة أي علاقة بعين العرب، وتاريخها ببساطة هو: نظام – أكراد – داعش – أكراد.


 

اقرأ أيضاً : هل هيئة تحرير الشام من الخوارج؟

 

1 - مثل: (مجاهدو أشداء -كتيبة الرشيد -كتائب الصحابة -كتيبة قوافل الشهداء -كتيبة أسود الحرب).
2 - انظر: https://www.enabbaladi.net/archives/156112 و http://orient-news.net/ar/news_show/134929
3 - انظر: بيان "مجلس فتوى" هيئة تحرير الشام بخصوص الأستانة: تطور خطير في لغة الخطاب، موقع نور سورية http://syrianoor.net/revto/23241
4 - سبق أن حرمت (جبهة فتح الشام) في بيان لها قتال الفصائل إلى جانب الجيش التركي ضد (داعش) بريف حلب الشمالي، انظر (البيان رقم 5)، كما وصفت هيئة تحرير الشام الفصائل التي تقاتل إلى جانب تركيا بـ "فلول الفصائل المفسدة التي ارتضت قياداتها الولاء للمشاريع الدخيلة" وذلك في بيان لها بعنوان: (الموقف "الشرعي" للهيئة من التطورات والمستجدات الأخيرة حيال الثورة السورية). (البيان رقم4)
5 - انظر مقال: (تحليل موقف الغلاة من الانقلاب الفاشل في تركيا)، موقع نور سورية http://syrianoor.net/article/17216
6 - انظر تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان (انتهاكات هيئة تحرير الشام في اقتحام مدينة معرة النعمان).
7 - رفض (تنظيم القاعدة) الكثير من المبادرات التي كانت تدعو إلى وقف الاقتتال والتحاكم إلى محاكم شرعية، لأن قتال الفصائل الثورية واستئصالها جزء من مشروعه في سورية، إضافة إلى أنه يرى أن المحاكم التابعة للثوار غير شرعية ولا يجوز التحاكم إليها، ولا بد من خضوع الجميع إلى محاكمهم التي تحكم باسم القاعدة وشرعها.
8 - اانظر: تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان بعنوان: (انتهاكات واسعة لهيئة تحرير الشام في محافظة إدلب) بتاريخ 21 تشرين الأول 2017م
9 - انظر مقال: (معارك النصرة في حماة.. هل كان هدفها نظام الأسد؟ (، موقع نور سورية http://syrianoor.net/article/17893
10 - انظر: "هيئة تحرير الشام" دوافع التشكيل وأبعاده المستقبلية، موقع نور سورية: http://syrianoor.net/revto/21931
ملف للتنزيل: 

إضافة تعليق جديد