"داعش" تقطع رؤوس المجاهدين .. ثم "تعتذر" !!
- جريمة قتل "محمد فارس"
من هو محمد فارس؟
الشاب محمد مروش بن فارس "أبو عبد الله الرتياني"، 27 عاماً، من أبناء قرية رتيان في ريف حلب الشمالي. عُرف بين أقرانه بحُسن الخلق والأدب، ومحافظته على تلاوة كتاب الله، وقيام الليل، وكثرة التعبد لله عز وجلّ. انضم في بداية الثورة السورية إلى "حركة الفجر الإسلامية" العاملة في مدينة حلب وريفها، والتي تتبع لحركة "أحرار الشام الإسلامية".
جريمة قتله على يد تنظيم الدولة (داعش):
في يوم الأربعاء 13/11/2013م، وخلال معركة مع نظام الأسد وميليشيا "حزب الله" بالقرب من بلدة "نقيرين" في ريف حلب الشرقي، أُصيب محمد فارس إصابة بالغة في إحدى قدميه، نقل على إثرها إلى إحدى المستشفيات داخل مدينة حلب.
وبعد أن أوصله عناصر الكتيبة إلى المستشفى اضطروا للعودة للمعركة، وأبلغوا أقرب مقرّ لأحرار الشام بوجود جريح من عناصر الحركة في المستشفى ليؤَمّنوا له مرافقة، فأرسلوا عنصرين لمرافقته.
أجريت لـ "محمد" عملية جراحية، وبعد خروجه منها ونتيجة تأثير "البنج" بدأ بـ "الهذيان"، وترديد بعض العبارات، منها: (يا علي ... يا حسين)، والتي يبدو أنها العبارات التي كان يسمعها من عناصر "حزب الله" الرافضي قبل إصابته، حيث كانت الاشتباكات معهم. فيما فسّر آخرون قوله ذلك بأنه -لما أفاق من البنج- ظنّ أنه وقع في "الأسر" في يد قوات النظام النصيري، فراح يردّد تلك الكلمات "تقيّة" كي يظنوا بأنه عنصر منهم.
وبينما هو كذلك، إذ سمعه أحد عناصر تنظيم الدولة "داعش" وكان مرافقاً لجريح من التنظيم في المستشفى نفسه، فظنّ أنه أحد جرحى "حزب الله" الذين تمّ أسرهم في المعارك الجارية، فذهب مسرعاً إلى رفاقه، وأخبرهم عن هذا الصيد الثمين الذي وجده، فقدموا مسرعين، وحاولوا اقتحام الغرفة التي كان فيها "محمد".
حاول عنصراً أحرار الشام منعهم، وذكر أحدهما لعناصر التنظيم أن "الجريح" من الأحرار، وأصيب في المعركة، وأنه تابع لجماعة (أبو حمص) التابعة للحركة، وأخبرهم أن جماعته سيأتون بعد قليل، وطلب منهم الانتظار قليلاً للتأكد من صحة كلامه. أما الحارس الآخر فبالرغم من ظنّه أن "الجريح" رافضي إلا أنه حاول منعهم أيضاً، وأخبرهم أن حركة أحرار الشام هي المختصّة بالأمور المتعلقة بها، وأنه حتى لو كان رافضياً فقد ترغب الحركة في استجوابه وأخذ معلومات أمنية منه، أو مفاداته بأسرى.
إلا أن محاولات عنصري أحرار الشام منع عناصر "تنظيم الدولة" من اقتحام الغرفة باءت بالفشل، فاقتحموها وأخذوا الجريح بالقوة ووضعوه أمام المستشفى، وكتّفوا يديه إلى الخلف، وقالوا للحرس -بحسب شهود عيان- هذا "مرتد كافر، وإذا دافعتم عنه فأنتم مرتدون مثله"، وردّد بعضهم أن "أشرار الشام يدافعون عن المرتدين" !
ثم قاموا بذبحه، وقطع رأسه، وداروا به على الناس في شوارع حي الأنصاري في حلب، وهم يتفاخرون بفعلهم وصنيعهم، ظنّاً منهم أنهم قد قتلوا أحد الروافض.
وصل الخبر إلى حركة أحرار الشام كالصاعقة، وتبيّنت لهم الجريمة البشعة التي ارتكبها تنظيم الدولة، فسارعوا للتواصل مع التنظيم من أجل تسليم رأس الشهيد لدفنه، وتسليم القتلة لمحاكمتهم محاكمة شرعية لا مماطلة فيها ولا انحياز، إلا أن التنظيم تمنّع، ولم يسلّم الرأس إلا في اليوم التالي بعد مفاوضات طويلة.
اعتراف تنظيم الدولة "داعش" رسمياً بقيام عناصره بجريمة القتل:
ثبت لعناصر تنظيم الدولة "داعش" فيما بعد أنهم قد قاموا بجريمة بشعة، وسفكوا دماً حراماً، فراحوا يقدمون التبريرات، وقد اعترف التنظيم عبر بيان رسمي وقّعه عمر القحطاني (أبو بكر)، الذي يشغل منصب المسؤول الشرعي لـ "داعش" في حلب بقيام عناصر من التنظيم بقتل "محمد فارس"، ودعا القحطاني في بيانه من سماهم الأفاضل إلى: "ضبط النفس، وتقوى الله في مثل هذه المشكلات، التي هي مثار فتنة، وثغر يلج منه أصحاب الدسائس والنفاق"!
وقال: "في منطقة يقال لها نقيرين، في ثغر من ثغور حلب، يرابط فيه مجاهدو الدولة وحركة الأحرار في ساحة معقّدة ينال منا العدو وننال منه، أصيب أخونا محمد فارس بهدم، فهرع إليه إخوانه لإسعافه، وهم يعرفونه، لأنه من بلدهم "رتيان"، وذلك مع مجموعة من الجرحى، وأثناء انتشاله ظنّ محمد وقوعه في أيدي الرافضة، فطلب منهم قتله وتخليصه، ولما أدخلوه إلى المشفى، خرج مَن كان معه يعرفه، وأوكلوا به رجلًا منهم لا يعرفه، فصادف دخوله عليه وهو ينادي: يا زينب، يا حسين .. تقيّة منه".
وأشار القحطاني في بيانه إلى أن: "المعلومات الأمنية أُخذت من مرافق محمد كما هي العادة الجارية في مثل هذه الحالات"، مضيفًا: "كان المشفى يحوي إخوة من الدولة وغيرهم، فسمعوا استغاثته الشركية، فسألوا من كان قائمًا عليه (مرافقه) آنذاك فأخبرهم (تفهّماً وتخرّصاً) أنه رافضي عند أحرار الشام لهم فيه حاجة .. وعليه، عمد إليه الإخوة فقتلوه، ظنًا منهم كفره، حسبما سمعوه منه، وأخبرهم به مرافقه" !!
واعتبر القحطاني أن هذا: "الخطأ أمر يكثر وقوعه في ساحات الحروب، وفي مواطن الجهاد، كما يعرف ذلك أهله".
وسرد القحطاني حكم القتل الخطأ في مثل هذه الحالات، ووعد بتسليم القتلة إلى محكمة شرعية يتم الاتفاق عليها، وخلص إلى القول: "ومع ذلك كلّه، فإن هذه الحادثة ستأخذ مسارها القضائي الشرعي الصحيح" إلا أنه منذ ذاك التاريخ وإلى يومنا هذا لم يحصل شيء مما وعد به.
ردود فعل غاضبة تجاه الجريمة البشعة:
أثارت هذه القضية غضب جميع الفصائل والجماعات المقاتلة في الشام، وأججت مشاعر السخط في الشارع السوري على تنظيم الدولة "داعش".
وقد وصف الشيخ أسامة الرفاعي -رئيس رابطة علماء الشام- أمراءَ تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" بأنهم: "لا يخافون الله، ويستبيحون دماء المسلمين".
وقال في تصريحات لوكالة "أناضول" التركية بخصوص هذه الجريمة: "استباحة دماء المسلمين توصلهم إلى الكفر"، مشددًا على أن التنظيم "عنده تكفير وتطرّف شديد، ولكن البليّة أنهم اختُرقوا من المخابرات السورية والإيرانية والعراقية".
كما حذّر الشيخ أبو سارية الشامي من "المكتب الشرعي العام لحركة أحرار الشام الإسلامية" تنظيم الدولة مما سمّاه "مرضًا منتشرًا عند كثير من مقاتليهم، وهو الجرأة على دماء المخالف"، وهدّدهم بقوله: "أصلحوا حالكم وإلا فالوبال لن يطال مخالفكم فحسب".
صورة للشهيد بعد قطع رأسه.
صورة للشهيد وهو يتكلم قبل إحدى المعارك.
المصدر : شهادة أبو عبد الملك - الشرعي العام لحركة أحرار الشام –على الحادثه بتصرف .
إضافة تعليق جديد