تغريدات د. سامي العريدي (الشرعي العام لفتح الشام "جبهة النصرة" سابقاً) بخصوص الهدنة، ورد د. أيمن هاروش عليها
#علمني_الجهاد أن كل من يدعو للهدنة والمصالحة مع هذا النظام النصيري المجرم هو خائن مجرم كالنظام نفسه
#خيانة_الهدنة إن دعاة الهدنة والمصالحة مع هذا النظام النصيري المجرم هم كأبي رغال ويستحق أن يوصف الواحد منهم بأبي رغال جاسم ،إبطع،داعل .....
#خيانة_الهدنة إن دعاة الهدنة والمصالحة مع هذا النظام النصيري المجرم أقوام هان عليهم دينهم وأعراضهم لأجل سلامة دنياهم هؤلاء شر الخلق عند الله
#خيانة_الهدنة إن دعاة الهدنة يلقون طوق النجاة لهذا النظام النصيري المجرم بعد أن أصبح أشبه بالعصابات المسلحة المنهارة بفضل الله وحده
#خيانة_الهدنة نص العلماء إن الجهاد لا يوقف خوفا من قتل بعض المسلمين فمن قتل منهم كان شهيدا بإذن الله
#خيانة_الهدنة أن دعاة الهدنة قوم لا خلاق لهم كيف يصافحون من هتك الأعراض وسفك الدماء ويتم الأطفال فهذا النظام ليس له منا إلا الذبح
#خيانة_الهدنة إن الشرفاء يقولون لهذا النظام ماصحّ لنا عن نبينا صلى الله عليه وسلم (لقد جئتكم بالذبح) فليس بيننا وبينه إلا القتل والتفجير
#خيانة_الهدنة لا أعلم لأي صنف من الكائنات ينسب دعاة الهدنة مع النظام أبعد هذا الاعتداء على الدين والعرض والنفس ينادون بالهدنة فإنهم قوم مسخ
#خيانة_الهدنة إن دعاة الهدنة يتظاهرون بالخوف على المسلمين والحقيقة هم أشبه بيهود الذين قال عنهم ربنا العبود «ولتجدنهم أحرص الناس على حياة»
#خيانة_الهدنة إن الرجال لا ينظرون في وجوه من هتك أعراضهم فكيف يصالحونهم فلا حوار معهم إلا بالسلاح فالداعي للهدنة منعدم الرجولة
#خيانة_الهدنة إن دعاة الهدنة قوم ساء ظنهم بربهم وظنوا أن الرزق بخيانة أمتهم فخالفوا الله في قوله «وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله»
#خيانة_الهدنة على المجاهدين أن ينشروا فتوى المحدث أحمد شاكر رحمه الله في التحذير من التعاون مع المرتدين والكفار.
#خيانة_الهدنة دعوة لكل مجاهد أن نقف صفا واحدا في وجه دعاة الهدنة والمصالحة مع هذا النظام النصيري وأن يشاركونا في ذلك بكل السبل المشروعة
#خيانة_الهدنة أحبتي طلبة العلم والدعاة شاركونا في كلماتكم تحت شعار #خيانة_الهدنة الهدنة والمصالحة مع النظام التي تريد إفشال المشروع الجهادي
#خيانة_الهدنة للأسف نقول : إن حماقات أهل الغلو تساهم في دعم مشروع #خيانة_الهدنة وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا فلا أدرى منى يستفيقون
#خيانة_الهدنة إن فساد منهج أهل الارجاء يساهم في صناعة #خيانة_الهدنة فلا أدري متى يستفيقون
رد د. أيمن هاروش على تغريدات العريدي بخصوص الهدنة
بسم الله الرحمن الرحيم
قرأت تغريدات لأحد الشرعيين وسمها بشعار خيانة الهدنة، وتمنيت لو قرأت فيها ما ينم عن علم وأدب يليق بمسمى كاتب هذه التغريدات، وإنما هي كتلة من السبائب والشتائم والاتهامات الباطلة والظنون الوهمية، ولعلك في قراءتك لتغريداته تزعجك روائح الكلمات الكريهة التي سود بها صفحاته والتي لا تليق بصبية الشوارع فضلا عمن نسب نفسه للعلم بل للنهج السلفي بل للتيار الجهادي المتطلع لإقامة دولة الإسلام.
ومع ذلك وضعت كمامة على أنفي وأكملت القراءة بحثا عن شبهة نرد عليها، أو أثرة من علم نستفيد منها، فما وجدت إلا بضعة نقاط لا يحتاج أدنى طالب علم رداً عليها ولكن خشية أن تعلق بشبابنا المجاهد بعض هذه الخربشات أردت كتابة هذه الكلمات، لا سيما وكاتب التغريدات مرجع في جماعته.
- أولاً- خيانة الهدنة:
بهذا الشعار وسم تغريداته، والتي أفهم منها أن الهدنة خيانة، ولم يقيدها بوصف وكأن الألف واللام في الهدنة جنسية استغراقية، أي جنس الهدنة خيانة، وهذا لا يقوله عاقل قرأ آيات الصلح في التوبة والأنفال، وقرأت المعاهدات النبوية في السيرة، وطالع كلام الفقهاء في باب الصلح مع الحربيين.
وفي تغريدته الأولى قيد الهدنة الخائنة بكونها مع النظام، ومع أنه قيد لا يؤثر على العموم الأول، لأن المعاهدات لا تكون إلا مع عدو مجرم، فبقي المفهوم أن الهدنة على إطلاقها خيانة.
وهنا نبين معنى الهدنة وحكمها في الشرع وكما قال أهل العلم.
فالهدنة: "أَنْ يَعْقِدَ لِأَهْلِ الْحَرْبِ عَقْدًا عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ مُدَّةً، بِعِوَضٍ وَبِغَيْرِ عِوَضٍ. وَتُسَمَّى مُهَادَنَةً وَمُوَادَعَةً وَمُعَاهَدَةً" ]ابن قدامة[
وهي ثابتة بالكتاب والسنة والاجماع، فمن القرآن قوله تعالى: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا{
ومن السنة: صلح الحديبية ، عَلَى وَضْعِ الْقِتَالِ عَشْرَ سِنِينَ.
والإجماع: حكى الإمام النووي رحمه الله في شرحه على مسلم بعد شرحه لأحاديث صلح الحديبية الإجماع على جوازها للمصلحة ، حيث قال رحمه الله: "وفي هذه الأحاديث دليل لجواز مصالحة الكفار إذا كان فيها مصلحة وهو مجمع عليه عند الحاجة" اهـ.
وهذا ما عليه الأئمة الأربعة، ولم يخالف بها إلا ابن حزم، حيت ذهب إلى عدم جواز عقود الأمان مع الحربيين إلا ما كان عقد جزية ، أو إذناً للحربي في دخول دار الإسلام بقصد سماع كلام الله أو إبلاغ رسالة ، أما ما سوى ذلك فلا يجوز لظاهر الآيات: }ولا تهنوا وتدعوا إلى السلم{، }قاتلوا المشركين{ و بدليل عقلي وهو كون المهادنة تؤدي إلى تعطيل الجهاد الذي قد علمت فرضيته.
وهو محجوج بالقرآن والسنة والاجماع الذي سبق بيانه.
ولعل كاتب التغريدات ظاهري المنهج والمذهب فقال بتحريمها على الإطلاق ونسب لأهل العلم أن الجهاد لا يتوقف إذا أدى لقتل بعض المسلمين، مما يشعر أنه يرى دليل ابن حزم وهو حرمة الهدنة لتعطيل الجهاد، وله أن يتمذهب بما يحلو له لكن أن يدلس على العباد فهذا ليس بخلق الباحث والفقيه، وتدليسه في هذه النقطة ظهر في مواضع، منها:
♦ أنها أفهم أن الهدنة خيانة ومحرمة على الإطلاق، وهو غير صحيح.
♦ وأنه نسب لأهل العلم عدم تعطيل الجهاد إذا قتل بعض المسلمين، وكأن كلام أهل العلم هذا جاء في سياق تحريم الهدنة، فهو لم ينقله بحروفه، ولا بين سياقه وموضعه، ولو فعل ذلك لظهر له أن أهل العلم جميعا على جواز مصالحة العدو من حيث الأصل واختلفوا في بعض شروط الصلح، بل الاجماع منعقد على جوازها.
♦ وأنه بين أن الهدنة تعطيل للجهاد، وهذا ظاهرية قحة، ردها أهل العلم على ابن حزم وأكتفي بكلام الجصاص رحمه الله تعالى حيث قال:" قَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَاهَدَ حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ أَصْنَافًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ، مِنْهُمْ النَّضِيرُ وَبَنُو قَيْنُقَاعَ وَقُرَيْظَةُ، وَعَاهَدَ قَبَائِلَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، ثُمَّ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قُرَيْشٍ هُدْنَةُ الْحُدَيْبِيَةِ إلَى أَنْ نَقَضَتْ قُرَيْشٌ ذَلِكَ الْعَهْدَ بِقِتَالِهَا خُزَاعَةَ حُلَفَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"
وَلَمْ يَخْتَلِفْ نَقَلَةُ السِّيَرِ وَالْمَغَازِي فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَكْثُرَ أَهْلُ الْإِسْلَامِ وَيَقْوَى أَهْلُهُ، فَلَمَّا كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ وَقَوِيَ الدِّينُ أَمَرَ بِقَتْلِ مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُمْ إلَّا الْإِسْلَامَ أَوْ السَّيْفَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة:5]
وَأَمَرَ بِقِتَالِ أَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا باليوم الآخر} إلَى قَوْلِهِ {وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة:29]
وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ سُورَةَ بَرَاءَةَ مِنْ أَوَاخِرِ مَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآنِ، وَكَانَ نُزُولُهَا حِينَ بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى الْحَجِّ فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَسُورَةُ الْأَنْفَالِ نَزَلَتْ عَقِيبَ يَوْمِ بَدْرٍ بَيَّنَ فِيهَا حُكْمَ الْأَنْفَالِ وَالْغَنَائِمِ وَالْعُهُودِ وَالْمُوَادَعَاتِ، فَحُكْمُ سُورَةِ بَرَاءَةَ مُسْتَعْمَلٌ عَلَى مَا وَرَدَ وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْأَمْرِ بِالْمُسَالَمَةِ إذَا مَالَ الْمُشْرِكُونَ إلَيْهَا حُكْمٌ ثَابِتٌ أَيْضًا.
وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ حُكْمُ الْآيَتَيْنِ لِاخْتِلَافِ الْحَالَيْنِ، فَالْحَالُ الَّتِي أَمَرَ فِيهَا بِالْمُسَالَمَةِ هِيَ حَالُ قِلَّةِ عَدَدِ الْمُسْلِمِينَ وَكَثْرَةِ عَدُوِّهِمْ، وَالْحَالُ الَّتِي أَمَرَ فِيهَا بِقَتْلِ الْمُشْرِكِينَ وَبِقِتَالِ أَهْلِ الْكِتَابِ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ هِيَ حَالُ كَثْرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَقُوَّتِهِمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ} [محمد:35]
فَنَهَى عَنْ الْمُسَالَمَةِ عِنْدَ الْقُوَّةِ عَلَى قَهْرِ الْعَدُوِّ وَقَتْلِهِمْ; وَكَذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا: إذَا قَدَرَ بَعْضُ أَهْلِ الثُّغُورِ عَلَى قِتَالِ الْعَدُوِّ وَمُقَاوَمَتِهِمْ لَمْ تَجُزْ لَهُمْ مُسَالَمَتُهُمْ وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ إقْرَارُهُمْ عَلَى الْكُفْرِ إلَّا بِالْجِزْيَةِ، وَإِنْ ضَعُفُوا عَنْ قِتَالِهِمْ جَازَ لَهُمْ مُسَالَمَتُهُمْ كَمَا سَالَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرًا مِنْ أَصْنَافِ الْكُفَّارِ وَهَادَنَهُمْ عَلَى وَضْعِ الْحَرْبِ بَيْنَهُمْ مِنْ غَيْرِ جِزْيَةٍ أَخَذَهَا مِنْهُمْ"
وأما شروط الهدنة التي نص عليها أهل العلم بعد إجماعهم على جوازها، فهي أربعة:
1. وجود مصلحة للمسلمين، ومثل لها بعض الفقهاء بوجود ضعف في المسلمين، أو رجاء إسلام عدو، قال ابن تيمية: "ويجوز عقدها مطلقاً ومؤقتاً لازم من الطرفين يجب الوفاء به ما لم ينقضه العد، ولا ينقض بمجرد خوف الخيانة في أظهر قولي العلماء، وأما المطلق فهو عقد جائز يعمل الإمام فيه بالمصلحة".
قال ابن القيم: "قال رحمه الله بعد أن تكلم عن صلح الحديبية: ومنها : جواز ابتداء الإمام بطلب صلح العدو إذا رأى المصلحة للمسلمين فيه، ولا يتوقف ذلك على أن يكون ابتداء الطلب منه".
وقال ابن قدامة: "وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا لِلنَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ؛ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِهِمْ ضَعْفٌ عَنْ قِتَالِهِمْ، وَإِمَّا أَنْ يَطْمَعَ فِي إسْلَامِهِمْ بِهُدْنَتِهِمْ، أَوْ فِي أَدَائِهِمْ الْجِزْيَةَ، وَالْتِزَامِهِمْ أَحْكَامَ الْمِلَّةِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَصَالِحِ".
فمدار الأمر على وجود مصلحة، والمصلحة يقدرها أهل النظر من العسكريين والشرعيين والسياسيين، بضوابها المعروفة.
2. إمام المسلمين أو نائبه:
وهذا شرط الجمهور أما الحنفية أجازوا أن تعقد جماعة من المسلمين هدنة ما دامت المصلحة مرجوة، قال الكاساني رحمه الله : "ولا يشترط إذن الإمام بالموادعة، حتى لو وادعهم الإمام أو فريق من المسلمين من غير إذن الإمام جازت موادعتهم ؛ لأن المعول عليه كون عقد الموادعة مصلحة للمسلمين وقد وجد".
والفصائل بجلها تنوب عن الإمام في واقع الثورة، إن راعينا هذا الشرط على رأي الجمهور.
3. مدة معلومة:
وهي شرط عند بعض الفقهاء وأجاز فريق آخر عقدها بلا مدة إن كان في ذلك مصلحة، ومن اشترطوا مدة اختلفوا في مقدارها.
4. أن تخلوا من شرط فاسد:
وهو كل شرط يخالف الشرع، وقد يستغرب كاتب التغريدات لو قلت له إن الفقهاء أجازوا الهدنة لو تضمنت شرطا يقتضي بدفع المسلمين مالا للعدو، وهذا عليه المذاهب الأربعة، فقال الكاساني الحنفي:
"ولا بأس أن يطلب المسلمون الصلح من الكفرة، ويعطوا على ذلك مالا إذا اضطروا إليه، لقوله تعالى: (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها)، أباح سبحانه وتعالى لنا الصلح مطلقا، فيجوز ببدل أو غير بدل، ولأن الصلح على مال لدفع شر الكفرة للحال، والاستعداد في الثاني، من باب المجاهدة بالمال والنفس فيكون جائزاً" اهـ.
وقال أبو القاسم الغرناطي المالكي: "الثَّالِث –أي من شروط الصلح- خلوه عَن شَرط فَاسد كَتَرْكِ مُسلم فِي أَيْديهم أَو بذل مَال لَهُم من غير خوف وَيجوز مَعَ الْخَوْف" اهـ.
وقال الشيخ زكريا الأنصاري الشافعي في معرض بيان الشرط الفاسد في الصلح: "(وَبِالْتِزَامِ مَالٍ) أَيْ: بِشَرْطِ الْتِزَامِهِ لَهُمْ يَبْطُلُ الْعَقْدُ (إنْ أَمِنْ) مِنْهُمْ الْمُسْلِمُونَ لِفَسَادِ الشَّرْطِ وَإِلَّا كَأَنْ خَافُوا مِنْهُمْ الِاصْطِلَامَ لِإِحَاطَتِهِمْ بِهِمْ أَوْ كَانُوا يُعَذِّبُونَ أَسْرَانَا فَيَجُوزُ الْتِزَامُ الْمَالِ، وَبَذْلُهُ دَفْعًا لِأَعْلَى الضَّرَرَيْنِ بِأَدْنَاهُمَا بَلْ يَجِبُ بَذْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ لِلضَّرُورَة "
وقال ابن قدامة الحنبلي: "وَأَمَّا إنْ صَالَحَهُمْ عَلَى مَالٍ نَبْذُلُهُ لَهُمْ، فَقَدْ أَطْلَقَ أَحْمَدُ الْقَوْلَ بِالْمَنْعِ مِنْهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ فِيهِ صَغَارًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ حَالِ الضَّرُورَةِ، فَأَمَّا إنْ دَعَتْ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ، وَهُوَ أَنْ يَخَافَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْهَلَاكَ أَوْ الْأَسْرَ، فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْأَسِيرِ".
ودليل ذلك من عرض النبي صلى الله عليه وسلم ثلث تمر المدينة على غطفان.
ولا أدري لو فعلت فصائلنا ذلك ما سيقال عنها، فلم يبق من عبارات التخوين والتكفير، ولا ألفاظ السب والشتم ما يقال.
فهذه هي شرط الهدنة عند أهل العلم، ومدارها على وجود مصلحة حقيقة للمسلمين، وخلوها من محظور شرعي، ولو كان الكاتب باحثاً منصفاً لعرض وثيقة الاتفاق وبنودها، وبين موضع مخالفة الهدنة الحالية لشروط أهل العلم، وأنه لا مصلحة فيها وأنها تحوي مخالفة شرعية، وعندها لتراجعنا إلى الحق وتركنا الباطل.
ولمن يسأل أين المصلحة فيها، فأقول إن الهدف الأساسي من قتالنا هو إسقاط النظام، فإن وصلنا إليه بمعاهدة نخفف فيها القصف والقتل عن أهلنا ولو نجى المجرم من العقاب، أفضل من استمرار القتال مع جهالة المآل واستمرار النزف والموت من أهلنا.
وأكتفي بهذه المصلحة ولن أعرج على مصالح أخرى متحققة، وأما الشرط الفاسد فليقل لنا المعترضون شرطا واحدا فاسدا تضمنته المعاهدة، بل إن ممثلي الفصائل رفضوا التوقيع لما كانت تضمن شروطا فاسدة، وهي استثناء فتح الشام ومنطقة الغوطة من الهدنة، ووقفوا بقوة في وجه هذا الشرط وهو ما عنيته بتغريدة لي (بعزة نفس وقوة إيمان) لكن من لا يعلم الحيثيات يسهل عليه الطعن والغمز.
- ثانياً- الجهاد لا يوقف:
وكأن المعاهدة أقرت إلقاء السلاح مع بقاء العدو واستسلامنا له، وهذا ما حاول أن يقوله لكنه لم يصرح به، حيث حام أكثر من مرة حول معنى أنها مصالحة مع النصيري ومصافحة له، وكأنها عودة لحضن الوطن كما يقولون أو تسوية وضع عند النظام، وهذا تدليس معيب وتشويه للحقيقة.
وقد بينت في نقل رد أهل العلم على ابن حزم أن لا تعارض بين الهدنة واستمرار الجهاد.
- ثالثاً - فتوى أحمد شاكر:
وفي طلبه نشر فتوى الشيخ أحمد شاكر إشارة خطيرة وكبيرة، ففتوى أحمد شاكر بمن انحاز لصف الانكليز وقاتل معهم، أو صار منهم، وحكم عليه بالردة والقتل، فهل يعني هذا أن من وقع على الهدنة، هو مرتد ويجب قتله لأنه انحاز إلى صف النظام ووقع في مظاهرة له؟
ولا أرى فهما آخر لهذه العبارة إلا هذا، وهذه حماقة وجهالة أن تعتبر الهدنة ردة ومظاهرة، ولا شك أن صاحبنا مهد لها سابقا بأنها أشبه بمصالحة وتسوية وضع وترك للجهاد وقبول بالنظام، ومصافحة له، وكل هذه مقدمات كاذبة ليتمكن من الوصول للنتيجة الظالمة الفاجرة وهي أن الهدنة مظاهرة وردة، فإن لم يكن هذا غلواً فما هو الغلو؟
فعلى فرض أن الهدنة لا تحقق مصلحة وتحمل مفسدة فهي محرمة غير جائزة، وهي من مسائل أحكام الحلال والحرام، أما اعتبارها من باب العقائد وهي الردة والإيمان، وتنزيل فتوى أحمد شاكر عليها، فهي داعشية صلعاء وعدنانية خرقاء.
رابعاً- جئتكم بالذبح، فليس بيننا وبينه إلا القتل والتفجير:
ظننت للوهلة الأولى أن الكاتب قاب قوسين أو أدنى من المسجد الأموي، أو رفرفت راياته على أبواب اللاذقية، أو خرج من حلب ونياشين النصر على صدره، وهذه مزايدات مجها الناس، وللعامة أن تحكم بحقيقة واقعنا العسكري وما وصلنا له من تراجع، فبعد أن كان النظام مخنوقا بدمشق ولم يبق له من سوريا إلا عشرها، صار المجاهدون في إدلب بحصار شديد بفضل هذه العنتريات والمزايدات، وما أنجبته من نبتة داعش الخبيثة، ولولا الله ثم تركيا - المرتدة العلمانية الطاغوتية - لما وصل لهم سلاح ولا غذاء.
وأخيرا وأقول للشعب وللناس: سلاح المجاهد وطاولة السياسي توأمان، وهما مجدافان لقارب الثورة والجهاد، ومن يرى أن السفينة تسير بواحد منهما فسيبقى دهره يسبح بين الأمواج وهو إلى الغرق أقرب.
وإن من وقع على الهدنة وقع على وقف لإطلاق النار لا يستثنى منه أحد ويتابع حل القضية بمسار تفاوضي يفضي إلى رحيل الأسد وزمرته، فإن وفت روسيا والنظام بذلك فخير، وإن لم يحصل ذلك فالموقعون في حل، وليس في هذا أي مفسدة بل مليء بالمصالح، ولا ينكر جواز هذا إلا جاهل بشرع الله أو مدلس يقلب الحقائق.
- انتهى -