الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادي اول 1446 هـ

شبهات وردود

شبهات تنظيم الدولة وأنصاره والرد عليها: الشبهة الخامسة: تنظيم الدولة ليسوا خوارج !

11 رمضان 1437 هـ


عدد الزيارات : 6069
عماد الدين خيتي

 


 

تقول الشبهة:

  • كيف تحكمون على تنظيمِ (الدّولة) أنَّهم خوارج، ومعلومٌ أنَّ الخوارجَ هم مَن خرج على الإمامِ المسلم، ومَن كفَّر بالكبيرة، أمّا تنظيمُ الدّولة فلم يخرجوا على حاكمٍ مسلمٍ، ولا يقولون بكفر مرتكبِ الكبيرة!

الإجابة عن الشبهة:

  • أولًا:

الضّابطُ الـمُعتبر، والقول الفصل في تعريف الخوارج مردُّه إلى ما ورد في النّصوص الشرعية، وقد فصَّلت السّنّةُ النّبوية وبيّنت مِن صفات الخوارج ما لم تُفصِّله في أيِّ فرقةٍ أخرى؛ تنبيهًا للأمة ورحمةً بها؛ لعظيم خطرهم الفكري، وانحراف منهجهم في التّعامل مع النصوص، وخطرهم الواقعي في تطبيق أفكارهم على المجتمع المسلم، ولسرعة الاغترار بهم؛ لما يظهر فيهم من تعبُّدٍ، ورفع شعاراتٍ برّاقة، تخدع فريقًا مِن الناس فيحسنون الظنَّ بهم، مما يدفعهم إلى اعتقاد صحّة أفكارهم وأعمالهم.

ولم يرد في النّصوص الشّرعية أنّ مِن صفات الخوارج الخروج على الإمام المسلم، أو التّكفير بارتكاب الكبيرة، بل الذي أكَّدت عليه النّصوص الشّرعية صفتان رئيستان:

  • قتل المسلمين واستباحة دمائهم.

  • الخروج عن أحكام الدّين القويم، ومفارقة جماعة المسلمين.

بالإضافة لبضع صفاتٍ أخرى كالطَّيش والسَّفه، وحداثة السِّنّ، مع الغرور والتّعالي على الخلقينظر مقال: صفات الخوارج في السنة النبوية، للشيخ عمار الصياصنة http://islamicsham.org/article/1554.  

  • ثانيًا:

ما ذكره عددٌ مِن العلماء مِن أنَّ مذهبَ الخوارج (تكفيرُ مرتكب الكبيرة)، ليس وصفًا جامعًا لكلّ "الخوارج"، وليس شرطًا للوصف بالخروج، بل الذي جاء في الوصف النبوي أنهم  (يقتلون أهلَ الإسلام)، وذكر أهلُ العلم أنّ سببَ هذا القتل هو: أنَّهم يحكمون بالكفر والرِّدة على مخالفيهم بغيرِ حقّ. فيدخل في الخوارج: كلُّ مَن يكفّر المسلمين بغير حقٍّ،

ويستحلُّ دماءَهم، ولو لم يعتقد كفرَ مرتكبِ الكبائر.

قال القرطبي رحمه الله: "وذلك أنّهم لما حكموا بكفرِ مَن خرجوا عليه مِن المسلمين، استباحوا دماءهم"المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (9/84)..

وقال ابن تيمية رحمه الله: "الخوارج دينهم الْمُعَظَّمُ: مفارقةُ جماعةِ المسلمين، واستحلالُ دمائِهم وأموالِهم"مجموع الفتاوى (13/209).. وقال :"فإنهم يَسْتَحِلُّونَ دماءَ أهلِ القبلة؛ لاعتقادِهم أنهم مرتدُّون أكثر مما يَسْتَحِلُّونَ من دماء الكفّار الذين ليسوا مرتدين"مجموع الفتاوى (28/497)..

وقال ابن عبد البر رحمه الله: "وهم قوم اسْتَحَلُّوا بما تَأَوَّلُوا مِن كتاب الله عز وجل: دماءَ المسلمين، وكفّروهم بالذّنوب، وحملوا عليهم السّيف"الاستذكار (2/499)..

ومما يدلُّ على عدم اشتراط القول بتكفير مرتكب الكبيرة للوصف بالخوارج:

  • أنَّ الخوارجَ الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والصّحابة رضوان الله عليهم لم يكونوا ممّن يعتقد القول بكفر مرتكب الكبائر كالزنا والسّرقة وشرب الخمر، وإنّما كفّروا الصّحابة بقبول التَّحكيم، وهو ليس بذنبٍ أصلًا، فكفّروا عليًا ومعاوية والحكَمين، ومَن رضي معهم بالتَّحكيم، واستحلّوا دماءهم، فحكم عليهم الصّحابةُ بأنهم الخوارج الذين أخبر عنهم النّبي صلى الله عليـه وسلم لفعلهم هذا، ولم يسألوهم عن مذهبهم في بقية الذّنوب، وهل يُكفِّرون بها أم لا.

  • أنّ "النَّجْدات" وهم مِن رؤوس الخوارج باتفاق أهل العلم، لا يقولون بكفر مرتكب الكبيرة، قال أبو الحسن الأشعري -رحمه الله- مبينًا عقيدة الخوارج: "وأجمعوا على أنّ كلَّ كبيرةٍ كفرٌ، إلا النّجدات فإنّها لا تقول بذلك"مقالات الإسلاميين (1/86)..

وقال عبد القاهر البغدادي -رحمه الله- بعد أنْ ذكر ما يجمع فرق الخوارج: "وقد أخطأ الكعبيُّ في دعواه إجماعَ الخوارج على تكفير مرتكبي الذّنوب منهم؛ وذلك أنّ النَّجدات مِن الخوارج لا يكفّرون أصحاب الحدود مِن موافقتهم...  "الفَرق بين الفِرق (1/55)..

ومما يدلُّ على أنَّ وصفَ الخوارج بالتّكفير بالكبيرة إنّما هو بيانٌ لحالهم في بعض العصور، وأنَّه ليس وصفًا لازمًا لجميع الخوارج في كلّ وقت قولُ أبي الحسن الأشعري: "فأمّا التّوحيد فإنّ قولَ الخوارج فيه كقول المعتزلة  ... والخوارجُ جميعًا يقولون بخلق القرآن"مقالات الإسلاميين (1/124)..

ومعلومٌ أنّ الخوارجَ الأوّلين، بل كثيرٌ مِن فرق الخوارج لا تقول بخلق القرآن، مما يدل على أنَّ هذا قول لبعضهم فحسب.

فالوصفُ الجامعُ للخوارج هو: "تكفير المسلمين بغير حق واستحلال دمائهم بذلك"، وهذا التّكفير له صورٌ كثيرة: كتّكفير مرتكب الكبيرة أو بمطلق الذّنوب، أو التّكفير بما ليس بذنبٍ أصلًا، أو التّكفير بالظّنّ والشّبهات والأمور المحتملة، أو بالأمور التي يسوغ فيها الخلافُ والاجتهاد، أو دون التّحقّق مِن توافر الشّروط، وانتفاء الموانع.

وإذا كان العلماءُ قد حكموا على مَن يكفّر مرتكبَ الكبيرة بأنّه مِن الخوارج، فكيف بمَن يكفر بالصّغائر، بل بالأمور الاجتهادية، أو بما هو مباح، كالجلوس مع الكفار ومراسلتهم مثلًا؟!

وحتى لو قيلَ بأنَّ الخوارجَ هم من يُكفِّر بالكبيرة، فقد وقع تنظيم (الدولة) وكثيرٌ من الغلاة المعاصرين في التكفير بأمور هي من باب الاجتهادات، وحتى لو قيل بأنَّها من الخطأ أو المحرمات، فيكون التكفيرُ بها من جنس التكفير بالذنوبِ والمعاصي التي وقع بها الخوارج الأولون، وسيأتي الإشارة لذلك في مواضع متعددة(د. فهد العجلان)..

  • ثالثًا:

لم يرد في النّصوص الشّرعية ما يدلُّ على اشتراط (الخروج على الإمام المسلم) للوصف بالخروج، بل كلُّ مَن كان على معتقدهم ومنهجهم فهو مِن الخوارج سواءٌ خرج على الإمام أم لم يخرج.

و(الخروجُ على الأئمة) عند الخوارج نتج عن التّكفيرِ بغير حقٍّ، واستباحةِ دماء المسلمين، فإن وُجد الإمامُ خرجوا عليه، واستباحوا الدّماء والأموال، وإن لم يوجد استباحوا دماءَ عامّة المسلمين وخيارهم مِن المجاهدين والعلماء والدعاة.

فتسميتهم بـ "الخوارج" إنّما هي لخروجهم عن أحكام الدّين ومفارقتهم جماعة المسلمين، كما قال عليه الصلاة والسلام: (سَيَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، أَحْدَاثُ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ البَرِيَّةِ، لاَ يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ، كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ)أخرجه البخاري (9/16، برقم 6930)، ومسلم (2/746، برقم 1066)..

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "سُمّوا بذلك لخروجهم عن الدّين، وخروجهم على خيار المسلمين"فتح الباري شرح صحيح البخاري (12/283).

وقال النّووي رحمه الله: "وسمّوا خوارج؛ لخروجهم على الجماعة، وقيل: لخروجهم عن طريق الجماعة، وقيل: لقوله صلى الله عليـه وسلم: (يخرج مِن ضئضئِ هذا)"شرح النووي "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (7/164). ومعنى (يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ): يخرج من أصله ونسبه..

وقال صلى الله عليه وسلم : (مَن خرج مِن الطّاعة، وفارق الجماعةَ فمات، مات مِيتةً جاهليّةً، ومَن قاتل تحت رايةٍ عُمّيةٍ يغضب لعَصبةٍ، أو يدعو إلى عصبةٍ، أو ينصر عصبةً، فقُتل، فقِتلةٌ جاهليّةٌ، ومَن خرج على أمّتي، يضرب بَرَّها وفاجرَها، ولا يتحاشى مِن مؤمنِها، ولا يفي لذي عهدٍ عهدَه، فليس منّي ولستُ منه)أخرجه مسلم (3/1476، برقم 1848)..

قال القاضي عياض رحمه الله: "أي: لا يَكترث بما يفعله بها، ولا يَحذر مِن عقباه،... أي أنّه إنما يقاتل لشهوة نفسه وغَضَبِها أو لقومه وَعصبَته، هذا -والله أعلم- في الخوارج وأشباههم مِن القرامطة" إكمال المعلم بفوائد مسلم (6/259)..

وقال النووي –رحمه الله- عن حديث: (لا يحلُّ دمُ امرئٍ مسلمٍ، يشهد أن لا إله إلا اللهُ وأنّي رسولُ الله، إلا بإحدى ثلاثٍ: الثّيّبُ الزّاني، والنّفسُ بالنّفسِ، والتاركُ لدينِه المفارقُ للجماعة)أخرجه البخاري، (9/5، برقم 6878)، ومسلم، (3/1302، برقم 1676).: "وأمّا قولًه صلى الله عليه وسلم (والتاركُ لدينِه المفارقُ للجماعة): "فهو عامٌّ في كلِّ مرتدٍّ عن الإسلام بأيِّ ردّةٍ كانت، فيجب قتلُه إن لم يرجع إلى الإسلام، قال العلماء: ويتناول أيضًا  كلَّ خارجٍ عن الجماعة ببدعةٍ أو بغيٍّ أو غيرهما، وكذا الخوارجُ، والله أعلم"شرح النووي (11/156)..

وحين اختلف النّاسُ في حكم التّتار جعلهم ابنُ تيمية مِن جنسِ الخوارج مع أنهم لم يخرجوا على إمامٍ، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: "وقد تَكَلَّمَ النّاسُ في كيفية قتال هؤلاء التتر مِن أي قَبِيلٍ هو؟ فإنهم يُظهرون الإسلام، وليسوا بغاةً على الإمام؛ فإنهم لم يكونوا في طاعته في وقتٍ ثمّ خالفوه!، فقال الشيخ تقي الدين [يعني ابنَ تيمية]: هؤلاء مِن جنس الخوارج الذين خرجوا على عليٍّ ومعاوية، ورأوا أنهم أحقُّ بالأمر منهما، وهؤلاء يزعمون أنهم أحقُّ بإقامة الحقِّ مِن المسلمين"البداية والنهاية (14/28)..

وإنما خصَّ عددٌ مِن أهل العلم وصفَ الخوارج بمَن خرج على الأئمة؛ لأنَّ هذا كان ديدنَهم وغالبَ أمرهم، فهم قد خرجوا أولًا على الخلفاء الراشدين، ثمّ على الدّولة الأموية، والعباسية، وهذا شأنهم مع كلِّ حاكمٍ مسلمٍ.

بل حتى لو أقام الخوارجُ دولتَهم، فذلك لا ينفي عنهم صفة الخارجية، فما زال الخوارجُ يقيمون الدّول والإمارات على مَرِّ التاريخ، وفيهم مَن ادعى الخلافة، ولم ينزع ذلك صفةَ الخروج عنهم لمجرد وصولهم للحكم، طالما أنهم يكفّرون أهل الإسلام، ويستبيحون دماءهم.

  • رابعًا:

لا يُشترط للوصف بالخروج حملُ السّلاح، بل يكفي الانحرافُ في العقيدة، والغلوُّ في التّكفير، والخروجُ عن منهج أهل السنّة.

فمِن المتّفق عليه بين أهل العلم أنَّ مِن فرق الخوارج مَن لا يوجب الخروجَ على الحاكم أو حملَ السّلاح، كفرقة "القَعَدَة، أو القعدية" لقعودهم عن القتال، وهم فرقة تُزيّن معتقدات الخوارج وأقوالَهم، ولا تباشر أفعالَهم.

قال ابن حجر رحمه الله: "والقعديّةُ : قومٌ مِن الخوارجِ كانوا يقولون بقولهم، ولا يرون الخروجَ، بل يزيّنونه". وقال: "والقعدةُ الخوارجُ كانوا لا يُرون بالحرب، بل يُنكرون على أمراء الجور حسب الطّاقة، ويدعون إلى رأيهم، ويزيّنون مع ذلك الخروجَ ويحسِّنونه"فتح الباري (1/432)..

فقد سماهم أهلُ العلم خوارجَ، وعدُّوهم مِن فرقهم، مع أنهم لم يكونوا يباشرون القتالَ، ولم يخرجوا على الحاكم.

بل عدَّهم عددٌ مِن أهل العلم مِن أخبث الخوارج، روى أبو داود في مسائل الإمام أحمد عن عبد الله بن محمد أبو عبد الله الضعيف أنّه قال : "قَعَدُ الخوارجِ هم أخبثُ الخوارجِ"مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود السجستاني (1/362)..

وذلك لما يقومون به مِن نشر الفتنة، والتّلبيس على عامّة النّاس بتكفير المسلمين دونَ حقٍّ، وحرْفِ معتقدِهم، وشحن قلوبِهم، وإثارتهم، وذلك له أثرٌ بالغٌ في إضلال الناس، لا سيما إذا خرج مِن رجلٍ بليغٍ متكلّمٍ يخدع النّاسَ بلسانه واستدلالاته، ويتلبّس بالسنّة، وينسب ما قاله للشرع.

فمَن كفَّر المسلمين، واستباح بذلك دماءَهم، وحثَّ على قتلهم، أو دعا إلى ذلك، أو أرشد إليه، فهو شريكٌ في ذلك، وإن لم يشارك بيده.

  • خامسًا:

تنظيمُ (الدّولة) قد وقع في العديد مِن المخالفات -وهي منشورةٌ مِن أقوالهم، ومتواترةٌ مِن أفعالهم- التي تقتضي الحكمَ عليهم بأنهم خوارجُ منحرفون عن المنهج النّبويّ، وهيينظر الملحق (1) ص ( ).:

  1. الحكمُ على بلاد المسلمين بأنّها بلاد كفرٍ وردّة، وإيجابُ الهجرة منها إلى مناطقِ سيطرتهم ونفوذهم.

  2. الحكمُ على مَن خالفهم بالكفر والرِّدة، ووصفِهم بالصّحوات، ورميُهم بالخيانة والعمالة للكفّار بالشُّبه، وبما ليس كفرًا أصلًا، كالتّعامل مع الحكومات والأنظمة الأخرى، واللّقاء بمسؤوليها، بل وبمجرَّد مخالفة تنظيمهم!

  3. استحلالهم قتالَ مَن خالفهم في منهجهم، أو رفض الخضوعَ لدولتهم الموهومة، فأعملوا في المسلمين خطفًا، وغدرًا، وسجنًا، وقتلًا، وتعذيبًا، وأرسلوا مفخخاتهم إلى مقرات المجاهدين، فقتلوا مِن رؤوس الثوار والمجاهدين، والدعاة، والإعلاميين، والنّشطاء ما لم يستطع النّظامان الطّائفيان في العراق وسورية فعلُه، وقاتلوا المسلمين بما لم يقاتلوا به الأعداء. وجميع ذلك يصدّق قول الرسول عليه الصلاة والسلام: (يَقتلون أهلَ الإسلامِ، ويدَعون أهلَ الأوثان)أخرجه البخاري (4/137، برقم 3344)، ومسلم (2/741، برقم 1064)..

  4. الخروجُ عن جماعة المسلمين، وحصرُ الحقِّ في منهجهم، ومِن آخرِ ذلك ادعاؤهم "الخلافة"، وإيجابُ بيعتهم على جميع المسلمين.

  5. استحلالُ أخذ أموال المسلمين بحجّة قتال الجماعات المنحرفة، ومصادرتها دون وجه حقٍّ، واحتكار موارد الدّخل العامّة مِن آبار نفطٍ، وصوامع غلال وغيرها، والتّصرف فيها كتصرف الحاكم المتمكّن.

  6. ناصر تنظيمُ (الدّولة) النّظامَ المعتدي ضدَّ المجاهدين في القتال والحصار، وأظهروا الفرحَ بانكسار المجاهدين أمامَ النّظام، واستيلائه على مقرّاتهم، حتى لم يَعد بعيدًا ما يُظَنُّ مِن دخول أعداء الإسلام واستخبارات بعض الدّول في صفوفهم، يضربون بهم  المجاهدين، ويحقّقون ما عجَزوا عن تحقيقِه بالحرب المباشِرة.

فاجتمع في تنظيم (الدّولة) مِن الشر ما لم يجتمع في غيرهم مِن الخوارج مِن قبل: مِن الاجتماع على الباطل، والامتناعِ مِن الانقياد للحقِّ والمحاكم الشرعية، والكذب، والغدر، والخيانة، ونقض العهود، وممالأة أعداء الإسلام، فصاروا أخطر على المسلمين والمجاهدين مِن النّظام النّصيري الطّائفي، وفاقوا الخوارج الأولين شرًا وسوءًا وانحرافًايعترض بعض طلبة العلم على وصف تنظيم (الدولة) بالخوارج خلافًا لجمهور أهل العلم والفتوى، وحجتهم في ذلك أنَّ غلو التنظيم وضرره فاق الخوارج الأولين، والغالب على قياداته العمالة، أو الاختراق، أو اتخاذ بعض المجرمين لهذا المنهج التكفيري غطاءً للوصول إلى ما يريدون من الحكم والسلطة. وجميع هذا لا يمنع إطلاق وصف الخوارج عليهم؛ لأنَّ الخارجية وصف للعقائد والأفكار التي يعتنقها غالب أبناء التنظيم، والتي تُنشر بين الناس، أما حقيقة بعض زعماء التنظيم فشأن آخر، وقد مرَّ قريبًا أنَّ ابن تيمية –ومعه علماء عصره- جعلوا حكم التتار من حكم جنس الخوارج، مع ما وقع فيه التتار في ذاك الزمان من الكفر والخروج من الدين. .

  • سادساً:

لا يُشترط للوصف بالخروج أو الابتداع في الدّين مخالفةُ معتقدِ أهل السّنة في أكثر أو غالب العقائد، كمسائل حدِّ الإيمان، ومسائل القَدَر، والغيبيات، وأمور الآخرة، والأسماء والصفات، وغيرها.

فالخوارجُ الأوّلون الذين خرجوا على الصّحابة رضوان الله عليم لم يؤثرْ عنهم المخالفةُ في هذه الأصولِ سوى الغلوّ في التّكفير، وكذلك كان كثيرٌ مِن الخوارج مِن بعدهم في عهد الدّولة الأموية، وإنما وقع الافتراقُ بين الخوارج في هذه الأصول أو بعضِها في وقت لاحق، ولم يمنع ذلك مِن إطلاق وصف الخوارج، ولا إجراء الأحكام عليهم.

ولم يشترط أهلُ العلم لحصول الافتراق مخالفةَ أهلِ السّنّة في غالب الأصول، ولا جميعها، بل في أحدها فحسب.

قال الشاطبي رحمه الله: "المسألة الخامسة: وذلك أنّ هذه الفرق إنّما تصير فرقًا بخلافها للفرقة الناجية في معنى كُلِّي في الدّين، وقاعدةٍ مِن قواعد الشّريعة، لا في جزئيٍّ مِن الجزئيات ... وإنّما ينشأ التّفرّقُ عند وقوع المخالفة في الأمور الكليّة"الاعتصام (2/712)..

وقال ابنُ تيمية رحمه الله: "وممّا ينبغي أيضًا أنْ يُعرف أنَّ الطوائفَ المنتسبة إلى متبوعين في أصول الدين والكلام على درجاتٍ: منهم مَن يكون قد خالف السّنّةَ في أصولٍ عظيمةٍ، ومنهم مَن يكون إنّما خالف السنّةَ في أمورٍ دقيقة..."

ومثلُ هؤلاء إذا لم يجعلوا ما ابتدعوه قولًا يفارقون به جماعةَ المسلمين؛ يوالون عليه ويعادون؛ كان مِن نوع الخطأ. واللهُ سبحانه وتعالى يغفر للمؤمنين خطأهم في مثلِ ذلك.

ولهذا وقع في مثل هذا كثير من سلف الأمة وأئمتها: لهم مقالات قالوها باجتهاد وهي تخالف ما ثبت في الكتاب والسنّة، بخلاف مَن والى موافقَه، وعادى مخالفَه، وفرّق بين جماعةِ المسلمين، وكفّر وفسّق مخالفَه دون موافقهٍ في مسائل الآراء والاجتهادات؛ واستحلّ قتالَ مخالفِه دونَ مُوافقِه فهؤلاء مِن أهل التّفرّق والاختلافات. ولهذا كان أولَ مَن فارق جماعة المسلمين مِن أهل البدع الخوارجُ المارقون"مجموع الفتاوى (3/348)..

فالمخالَفةُ في قاعدة كليةٍ، أو أصلٍ مِن أصول الإسلام خروجٌ عن جماعة المسلمين، وبدعةُ الخوارج مِن المخالفات في أصلٍ مِن أصول الدّين، وقاعدةٍ مِن قواعده العظام، ألا وهي التّكفير.

بل إنَّ الافتراقَ في الدّين يكون في الجزئيّات إذا كثُرت، وأصبحت سِمَةً ومنهجًا عامًا للفرد أو الجماعة، يجتمعون عليه، ويوالون عليه ويعادون، فيُخرج صاحبَها عن منهج أهل السّنّة والجماعة، ويُدخله في فِرق البدعة والضلالة، وبالنّظر لحال معظم الفرق التي وقعت في الخروج عن المنهج القويم يرى أنها وقعت في جزئيّات صارت علَمًا على الخروج عن الجماعة ومفارقتها، ممّا يجعلها في حكمِ البدعةِ والخروجِ عن منهج أهل السنّة.

قال الشاطبي في تكملة كلامه السابق: "ويجري مجرى القاعدةِ الكليّة كثرةُ الجزئيّات، فإنّ المبتدعَ إذا أكثر مِن إنشاء الفروع المخترعة عاد ذلك على كثيرٍ مِن الشّريعة بالمعارضة، كما تصير القاعدةُ الكليّةُ معارِضةً أيضًا، وأمّا الجزئيُّ فبخلاف ذلك، بل يُعَدُّ وقوعُ ذلك مِن المبتدع له كالزّلّة والفلتة".

فلا يُشترط حصول الانحراف في أكثر أو أغلب أصول الدين في الجماعات الخارجية المعاصرة ليُحكم عليه بالخروج، ولا ينبغي الاغترار بما لديها من أصول عقدية صحيحة، فما لديها من الانحراف كبير، وهو كافٍ للحكم عليها بالخروج والتعامل معها بمقتضى ذلك.

  • سابعا:

قد يقال: بقيةَ أوصاف الخوارج لا تنطبق على تنظيم (الدّولة)، كسفاهة الأحلام، والغرور والإعجاب بالنّفس، وتحليق الشعر، وغيرها.

ويجاب بما يلي:

هذه الأوصافَ ليست هي الأوصافَ الرئيسةَ المؤثرة في الوصف بالخروج، بل التّعويلُ على ما سبق تقريره مِن تكفيرِ المسلمين بغيرِ حقٍّ، واستحلالِ دمائهم، والخروج عن جماعة المسلمين.

أما بقية الصفات فهي فرعية، ولا يُشترط أن تجتمع في جماعةٍ واحدةٍ، أو شخصٍ واحدٍ، بل هي مِن علامات الخوارج الموجودةِ في مجموع فرق الخوارج.

وبالنّظر لحال معظم الفرق التي وقعت في الخروج –ومنها تنظيم (الدولة)- عن المنهج القويم نرى أنها وقعت في هذه الجزئيّات والفرعيات حتى صارت علَمًا عليها، ومِن ذلك:

  1. أنَّه ليس فيهم علماءُ معروفون مشهودٌ لهم عند المسلمين، كما قال ابنُ عباس  رضي الله عنه لأسلافهم مِن الخوارج: "أتيتُكُم من عندِ صحَابَةِ النَّبيِّ عليه الصلاة والسلام ، مِنَ المهاجِرينَ والأنصارِ... وفيهِم أُنزِلَ، ولَيسَ فيكُم منهُم أحَدٌ"أخرجه الحاكم في المستدرك (2/164، برقم 2656).. فغالبُهم مِن صغار السنِّ الذين تغلب عليهم الخِفَّة والاستعجالُ والحماس، وقِصرُ النّظر والإدراك، مع ضيق الأفقِ، وعدم البصيرة، فهم كما قال عنهم النّبي عليه الصلاة والسلام : (حدثاءُ الأسنانِ، سُفهاءُ الأحلامِ)أخرجه البخاري (4/200، برقم 3611).. وقد أثَّر غيابُ أهلِ العلم والحكمة على تصرفّاتهم فوقعوا في السّفاهة والطّيش، وعدم النّظر لمآلات الأمور وعواقبها، وما تجرّه على المسلمين مِن ويلاتٍ ودمارٍ، بزعم الصّدعِ بكلمة الحقِّ، أو التّوكل على الله!.

  2. فإذا اجتمع الجهلُ بالدّين، مع الحماس غير المنضبط، وصِغر السّنّ، أوصل ذلك للغرورِ والكِبر والتعالي على عباد الله، والإعجاب بالنّفس والعمل، ولذلك فإنَّ الخوارجَ يُكثرون مِن التّفاخر بما قدّموه وما فعلوه، ويُكثرون مِن تزكية منهجهم وأفعالهم، والثناء على أنفسهم. وجميعُ ذلك يدفعهم إلى الغرور والتَّعالي على المسلمين، والتّطاول على أهل العلم والحكمة، وعدم الأخذ بكلامهم، فيدَّعون العلمَ والفهمَ، ويواجهون الأحداث الجسام بلا تجربةٍ ولا رَويّة، ويزعمون أنهم وحدَهم المجاهدون في سبيل الله، والعارفون بسنن الله في الجهاد. قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الخوارج: (إِنَّ فِيكُمْ قَوْمًا يَعْبُدُونَ وَيَدْأَبُونَ، حَتَّى يُعْجَبَ بِهِمُ النَّاسُ، وَتُعْجِبَهُمْ نُفُوسُهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ)أخرجه  أحمد (20/289، برقم 12972)، ومعنى (يَدْأَبُونَ): يلزمونَ العمل ويجتهدون فيه..

  3. اتخاذهم شعارًا يتميّزون به عن سائر النّاس: فقد كان للخوارج في كلّ عصرٍ وزمانٍ شعارٌ يتميّزون به، وقد يختلف مِن زمن لآخر، ومِن مجموعةٍ لأخرى، وقد يكون هذا الشّعار في الرّاية، أو لون اللّباس، أو هيئته، أو غير ذلك. ففي زمن الصّحابة رضوان الله عليهم كان شعارَهم حلقُ شعر رؤوسهم، كما أخبر عنهم النبي صلى الله عليـه وسلم بقوله: (سِيمَاهُمُ التَّحْلِيقُ)أخرجه  البخاري (9/162، برقم 7562).. قال القرطبي رحمه الله: "(سيماهم التّحليق) أي: جعلوا ذلك علامةً لهم على رفضِهم زينةَ الدّنيا، وشعارًا ليُعرفوا به"المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (3/114).. وقال ابنُ تيمية رحمه الله: "وهذه السّيما سيما أوّلهم كما كان ذو الثّدَيّة؛ لا أنَّ هذا وصفٌ لازم لهم"مجموع الفتاوى  (28/497).. فالتَّحليقُ مع أنّه سمةُ الخوارج الأوّلين لكنّ المقصودَ به التّميزُ عن الأمة، وهو نابعٌ مِن حبّ التفرُّد عن سواد الأمة، وهو مِن علامات الخروج عن الجماعة، هذا التفرُّد هو ما ظهر عند العديد مِن جماعات الغلو المعاصرة في ملبسها، أو أسلوبها، أو طريقة معيشتها؛ رغبةً عن الأمّة، وتميزًا عنها"من الخطأ والبدعة التعلُّق بهذا التفرُّد، واعتباره دليلًا على العبادة، أو التمسك بالدين، أو صحة الجهاد، كإطالة الشعر، ولبس ملابس على هيئة معينة، كالملابس التي اشتهرت في بلاد الأفغان، أو العمامة، أو اللّون الأسود ونحو ذلك. فهذه الأمور وأمثالها ليست دلالة على الدين أو التدين، أو صحة الجهاد، أو المنهج. وقد أدرك سلفُ الأمة خطورة هذا التفرُّد، فنهوا عن مخالفة عادات الناس وأعرافهم، وعدُّوه مِن الشُّهرة المنهي عنها، بقوله عليه الصلاة والسلام: (مَن لبس ثوبَ شهرةٍ ألبسه الله يومَ القيامة ثوبًا مثلَه، ثمّ تُلهبُ فيه النّار) أخرجه أبو داود (6/143، برقم 4029)، وقوله: (مَن لبس ثوبَ شهرةٍ في الدنيا، ألبسه الله ثوبَ مذلّةٍ يوم القيامة) أخرجه ابن ماجه (4/601، برقم 3606)، وأحمد (5/480، برقم 6245). وثوب الشُّهرة: ما يُشتهر به لابسُه بين النّاس، ويتميَّز عنهم بأي صفةٍ من أوصافه، سواء كان في قيمته، أو لونه، أو غرابته بين الناس، ومن مواقفهم في ذلك: الشُّهرة في القيمة: قال السرخسي في المبسوط (30/268):" والمراد أن لا يلبس نهاية ما يكون مِن الحُسن والجودة في الثياب على وجه يُشار إليه بالأصابع، أو يلبس نهاية ما يكون من الثياب الخَلِقِ [القديم البالي] على وجه يُشار إليه بالأصابع؛ فإن أحدهما يرجع إلى الإسراف، والآخر يرجع إلى التَّقتير، وخير الأمور أوسطها"  . الشُّهرة في اللون: نقل العظيم أبادي في عون المعبود (11/50) قول بن الأثير: "الشُّهرة: ظهورُ الشيء، والمراد: أنّ ثوبه يَشْتَهِرُ بين النّاس لمخالفة لونِه لألوان ثيابهم، فيرفع النّاسُ إليه أبصارهم". الشُّهرة في الغرابة بين الناس بما يخالف عاداتهم وتقاليدهم وما يألفونه، نقل ابن أبي الدنيا في التواضع والخمول (1/86): "عن عدي بن الفضل قال: قال لي أيوب: احْذُ نَعْلَيْنِ على نحو حذو نعلِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ففعلتُ، فلبسها أيامًا ثم تركها، فقلت له في ذلك، فقال: لم أر الناس يلبسونها". وفي مصنف ابن أبي شيبة (5/205، برقم 25267) عن الحصين ، قَالَ: "كان زُبيد اليامي يلبس بُرْنُسًا، قال: فسمعتُ إبراهيم عَابَهُ عليه، قال: فقلت له: إنّ النّاس كانوا يلبسونها، قال: أجل، ولكن قد فَنِيَ مَن كان يلبسها، فإن لبسها أحد اليوم شَهَرُوهُ، وأشاروا إليه بالأصابع".

والحكمُ على تنظيم (الدّولة) بأنَّه مِن الخوارج، لا يعني بالضّرورة الحكمَ على كلِّ فردٍ مِن أفراده بذلك؛ إذ قد يكون فيهم مَن هو جاهلٌ بحقيقة أقوالهم وحالهم، أو مغرّر به، إلا أنّهم جميعًا مِن حيثُ حكم التّعامل معهم سواء كما سيأتي، فعلينا دفعُ شرورهم، وحسابهم على الله تعالىينظر فتوى: (هل تنظيم (الدولة الإسلامية) من الخوارج؟http://islamicsham.org/fatawa/1945  ..

  • والخلاصة:

أنَّه يصدقُ على تنظيم (الدّولة) أنهم خوارجُ؛ لخروجهم عن العقيدة الصّحيحة، وجماعة المسلمين، واستباحتهم دماءَهم بالباطل، بل إنَّهم أشدُّ من الخوارج الأولين، وأخطر على المسلمين من الأعداء الطائفيين.

المصدر: كتاب "شُبهات تنظيم "الدولة الإسلامية" وأنصاره والرَّد عليها" الشبهة الخامسة، د. عماد الدين خيتي

1 - ينظر مقال: صفات الخوارج في السنة النبوية، للشيخ عمار الصياصنة http://islamicsham.org/article/1554.
2 - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (9/84).
3 - مجموع الفتاوى (13/209).
4 - مجموع الفتاوى (28/497).
5 - الاستذكار (2/499).
6 - مقالات الإسلاميين (1/86).
7 - الفَرق بين الفِرق (1/55).
8 - مقالات الإسلاميين (1/124).
9 - (د. فهد العجلان).
10 - أخرجه البخاري (9/16، برقم 6930)، ومسلم (2/746، برقم 1066).
11 - فتح الباري شرح صحيح البخاري (12/283)
12 - شرح النووي "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (7/164). ومعنى (يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ): يخرج من أصله ونسبه.
13 - أخرجه مسلم (3/1476، برقم 1848).
14 - إكمال المعلم بفوائد مسلم (6/259).
15 - أخرجه البخاري، (9/5، برقم 6878)، ومسلم، (3/1302، برقم 1676).
16 - شرح النووي (11/156).
17 - البداية والنهاية (14/28).
18 - فتح الباري (1/432).
19 - مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود السجستاني (1/362).
20 - ينظر الملحق (1) ص ( ).
21 - أخرجه البخاري (4/137، برقم 3344)، ومسلم (2/741، برقم 1064).
22 - يعترض بعض طلبة العلم على وصف تنظيم (الدولة) بالخوارج خلافًا لجمهور أهل العلم والفتوى، وحجتهم في ذلك أنَّ غلو التنظيم وضرره فاق الخوارج الأولين، والغالب على قياداته العمالة، أو الاختراق، أو اتخاذ بعض المجرمين لهذا المنهج التكفيري غطاءً للوصول إلى ما يريدون من الحكم والسلطة. وجميع هذا لا يمنع إطلاق وصف الخوارج عليهم؛ لأنَّ الخارجية وصف للعقائد والأفكار التي يعتنقها غالب أبناء التنظيم، والتي تُنشر بين الناس، أما حقيقة بعض زعماء التنظيم فشأن آخر، وقد مرَّ قريبًا أنَّ ابن تيمية –ومعه علماء عصره- جعلوا حكم التتار من حكم جنس الخوارج، مع ما وقع فيه التتار في ذاك الزمان من الكفر والخروج من الدين.
23 - الاعتصام (2/712).
24 - مجموع الفتاوى (3/348).
25 - أخرجه الحاكم في المستدرك (2/164، برقم 2656).
26 - أخرجه البخاري (4/200، برقم 3611).
27 - أخرجه  أحمد (20/289، برقم 12972)، ومعنى (يَدْأَبُونَ): يلزمونَ العمل ويجتهدون فيه.
28 - أخرجه  البخاري (9/162، برقم 7562).
29 - المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (3/114).
30 - مجموع الفتاوى  (28/497).
31 - "من الخطأ والبدعة التعلُّق بهذا التفرُّد، واعتباره دليلًا على العبادة، أو التمسك بالدين، أو صحة الجهاد، كإطالة الشعر، ولبس ملابس على هيئة معينة، كالملابس التي اشتهرت في بلاد الأفغان، أو العمامة، أو اللّون الأسود ونحو ذلك. فهذه الأمور وأمثالها ليست دلالة على الدين أو التدين، أو صحة الجهاد، أو المنهج. وقد أدرك سلفُ الأمة خطورة هذا التفرُّد، فنهوا عن مخالفة عادات الناس وأعرافهم، وعدُّوه مِن الشُّهرة المنهي عنها، بقوله عليه الصلاة والسلام: (مَن لبس ثوبَ شهرةٍ ألبسه الله يومَ القيامة ثوبًا مثلَه، ثمّ تُلهبُ فيه النّار) أخرجه أبو داود (6/143، برقم 4029)، وقوله: (مَن لبس ثوبَ شهرةٍ في الدنيا، ألبسه الله ثوبَ مذلّةٍ يوم القيامة) أخرجه ابن ماجه (4/601، برقم 3606)، وأحمد (5/480، برقم 6245). وثوب الشُّهرة: ما يُشتهر به لابسُه بين النّاس، ويتميَّز عنهم بأي صفةٍ من أوصافه، سواء كان في قيمته، أو لونه، أو غرابته بين الناس، ومن مواقفهم في ذلك: الشُّهرة في القيمة: قال السرخسي في المبسوط (30/268):" والمراد أن لا يلبس نهاية ما يكون مِن الحُسن والجودة في الثياب على وجه يُشار إليه بالأصابع، أو يلبس نهاية ما يكون من الثياب الخَلِقِ [القديم البالي] على وجه يُشار إليه بالأصابع؛ فإن أحدهما يرجع إلى الإسراف، والآخر يرجع إلى التَّقتير، وخير الأمور أوسطها"  . الشُّهرة في اللون: نقل العظيم أبادي في عون المعبود (11/50) قول بن الأثير: "الشُّهرة: ظهورُ الشيء، والمراد: أنّ ثوبه يَشْتَهِرُ بين النّاس لمخالفة لونِه لألوان ثيابهم، فيرفع النّاسُ إليه أبصارهم". الشُّهرة في الغرابة بين الناس بما يخالف عاداتهم وتقاليدهم وما يألفونه، نقل ابن أبي الدنيا في التواضع والخمول (1/86): "عن عدي بن الفضل قال: قال لي أيوب: احْذُ نَعْلَيْنِ على نحو حذو نعلِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ففعلتُ، فلبسها أيامًا ثم تركها، فقلت له في ذلك، فقال: لم أر الناس يلبسونها". وفي مصنف ابن أبي شيبة (5/205، برقم 25267) عن الحصين ، قَالَ: "كان زُبيد اليامي يلبس بُرْنُسًا، قال: فسمعتُ إبراهيم عَابَهُ عليه، قال: فقلت له: إنّ النّاس كانوا يلبسونها، قال: أجل، ولكن قد فَنِيَ مَن كان يلبسها، فإن لبسها أحد اليوم شَهَرُوهُ، وأشاروا إليه بالأصابع".
32 - ينظر فتوى: (هل تنظيم (الدولة الإسلامية) من الخوارج؟http://islamicsham.org/fatawa/1945  .

إضافة تعليق جديد