شبهات تنظيم الدولة وأنصاره والرد عليها: الشبهة الثالثة: تكفَّل الله للمجاهدين بالهداية
تقول الشُّبهة:
إنَّ الله –تعالى- قد تكفّل بهداية المجاهدين فقال: {والذينَ جاهدُوا فينا لنهدينَّهم سُبلَنا} [العنكبوت: 69]، وأعضاءُ تنظيم (الدّولة) مجاهدون، فهم على الحقّ، وهم مهديّون بهداية الله لهم، وهم مصيبون في معتقداتهم واجتهاداتهم، ولا يحتاجون لرأي غيرهم فيهم، ولا يؤخذ بقول مخالفيهم فيهم.
وقد قال بعضُ السّلف: "إذا اختلف النّاسُ فاسألوا أهلَ الثّغر؛ فإنَّ الحقَّ معهم، واللهُ يقول: {والّذينَ جاهَدُوا فِينا لنَهْدِيَنَّهمْ سُبُلَنا}[العنكبوت 69]".
-
الإجابة عن هذه الشبهة:
لا دلالةَ في الآية المذكورة على صحّة منهج تنظيم (الدّولة) أو أيِّ تنظيم جهاديٍّ آخر، وليس فيها كفالةٌ مِن الله –تعالى- بهدايةِ المجاهدين للحقِّ والصّواب في المسائِل العِلمية بسببِ الجهاد، وبيانُ ذلك كما يلي:
-
أولًا:
المقصودُ بالجهادِ في هذه الآية معناه العام مِن بذل الوسع والجهد في نصرةِ الدّين، وفعل الخير، فيدخل فيه جهادُ الكفّار والمنافقين بالقلب واللّسان والمال والنّفس، ويدخل فيه جهادُ النفس بتعلّم دين الله، والعمل به، والدّعوة إليه، والصّبر على الأذى فيه، وجهاد الشيطان بدفع ما يُلقي إلى العبد مِن الشّهوات والشّبهات، ويدخل فيه جهادُ أرباب المعاصي والبدع بإنكارها عليهم، وردّهم إلى طريق الاستقامة.
قال ابنُ عطيّة رحمه الله: "فهي قبلَ الجهاد العُرفي، وإنّما هو جهادٌ عامّ في دين الله وطلب مرضاته"تفسير ابن عطية "المحرر الوجيز" (4/326).. فالعلمُ جهادٌ، قال ابن تيميَّة رحمه الله: "{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} قال معاذ بن جبل: والبحثُ في العِلم جهاد"جامع العلم والمسائل (6/82)..
والاستغفارُ والتّوبةُ جهادٌ، قال ابنُ تيمية رحمه الله: "لكن مَن رجا شيئًا طلبه، ومَن خاف مِن شيءٍ هرب منه، وإذا اجتهد واستعان بالله –تعالى- ولازم الاستغفارَ والاجتهاد فلا بدَّ أنْ يؤتيه اللهُ مِن فضله ما لم يخطر ببالٍ، وإذا رأى أنّه لا ينشرح صدرُه، ولا يحصل له حلاوةُ الإيمان، ونورُ الهداية فليكثر التّوبةَ والاستغفارَ، وليلازم الاجتهادَ بحسب الإمكان؛ فإنّ الله يقول: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}"مجموع الفتاوى (11/390)..
وهذه الآيةُ نزلَتْ قبلَ تشريع الجهَاد بالقتال؛ فهي آخرُ آيةٍ مِن سورة العنكبوت، وسورةُ العنكبوت مكيّةٌ على الصّحيح مِن أقوال المفسّرين؛ لذا فهي لا تختصُّ بالمقاتلين في ساحات الجهاد.
قالَ ابنُ جزي رحمه الله: "يَعني: جهادَ النّفس مِن الصّبر على إذايةِ الكفار، واحتمالِ الخروج عن الأوطانِ وغيرِ ذلكَ، وقيل: يَعني القتالَ. وذلكَ ضعيفٌ؛ لأنَّ القتالَ لم يكُنْ مأمورًا به حينَ نزولِ الآية"تفسير ابن جزي "التسهيل لعلوم التنزيل" (2/129)..
وقال القرطبي رحمه الله: "قال أبو سليمان الدّاراني: ليس الجهادُ في الآية قتالَ الكفار فقط، بل هو نصرُ الدّين، والردُّ على المبطلين، وقمع الظالمين، وعُظْمُه الأمرُ بالمعروف والنهي عن المنكر، ومنه مجاهدةُ النّفوس في طاعة الله وهو الجهاد الأكبر..."تفسير القرطبي (13/364)..
فحصرُ هذه الآية بالقتال في سبيل الله تعالى غير صحيح، وهو تحكُّم بالنّصّ، فبطل الاستدلالُ بها.
-
ثانيًا:
ليس في الآية أنَّ الله تكفَّل للمقاتلين بصحّة أقوالهم، واستقامة منهجهم لمجرد جهادهم وقتالهم! فقد فُسِّرت الهدايةُ هنا بأمور:
-
التّوفيق في الوصول إلى ما جاهد مِن أجله.
-
الأجر والثّواب مِن الله –تعالى- على هذه الطّاعة وهذه المجاهدة.
-
الثّبات على الحقّ.
-
التّوفيق للعمل بالعلم.
-
الإخلاص في العمل.
قال البغوي رحمه الله: (لنثبّتنّهم على ما قاتلوا عليه).
وقيل: (لنزيدنّهم هدى كما قال: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً}).
وقيل: (لنُوفّقنّهم لإصابة الطريق المستقيمة، والطريق المستقيمة هي التي يوصل بها إلى رضا الله عز وجل)...
وقال الفضيل بن عياض: (والذين جاهدوا في طلب العلم لنهدينّهم سبلَ العمل به).
وقال سهل بن عبد الله: (والذين جاهدوا في إقامة السنّة لنهدينّهم سبلَ الجنّة).
وروي عن ابن عباسٍ: (والذين جاهدوا في طاعتنا لنهدينّهم سُبلَ ثوابنا)"معالم التنزيل في تفسير القرآن "تفسير البغوي" (3/568)..
وقال القرطبي رحمه الله: "قال عبدُ الله بن عباس: والذينَ جاهدُوا فِي طاعتِنا لنهدينَّهُم سُبلَ ثوابِنا. وهَذا يتناولُ بعمومِ الطّاعةِ جميعَ الأقوالِ، ونحوه قولُ عبدِ الله بن الزبير"تفسير القرطبي (13/365)..
وقال ابن القيّم رحمه الله: "{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا} علَّق سبحانه الهدايةَ بالجهاد، فأكْملُ النّاسِ هدايةً أعظمُهم جهادًا، وأفرضُ الجهاد جهادُ النَّفْس، وجهادُ الهوى، وجهادُ الشَّيطان، وجهادُ الدُّنيا...، قال الجُنيد: والذين جاهدوا أهواءَهم فينا بالتوبة، لنهدينّهم سُبُلَ الإخلاص"الفوائد (1/59)..
ونحو هذا وردت آياتٍ أخرى، كقوله تعالى:{وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} [محمد: 4-6].
قال الطّبري رحمه الله: "سيوفق اللهُ -تعالى ذكره- للعمل بما يرضى ويحبّ هؤلاء الذين قاتلوا في سبيله، (وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ) ويصلح أمرَهم وحالهم في الدّنيا والآخرة"تفسير الطبري (22/159)..
وقال ابن كثير رحمه الله: "أَيْ: لن يُذهبها، بل يُكثّرها ويُنمّيها ويضاعفُها. ومِنهم مَن يجري عليه عملُه في طولِ بَرزخِه"تفسير الطبري (22/159)..
وقد ورد نظيرُ ذلك في آيات عديدة في غير القتال، ومدارُ معانيها على أنَّ الجزاء مِن جنس العمل، قال الشنقيطي -رحمه الله- في قوله تعالى: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى}[الكهف: 13]: "ويُفهم مِن هذه الآية الكريمة أنَّ مَن آمن بربّه وأطاعه زاده ربُّه هدًى؛ لأنَّ الطّاعةَ سببٌ للمزيد مِن الهدى والإيمان.
وهذا المفهومُ مِن هذه الآية الكريمة جاء مبيَّنًا في مواضعَ أُخرَ، كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمّد: 17]، وقوله: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} الْآيَةَ [العنكبوت:69]، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} الآية [الأنفال: 29]، وقوله: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [التوبة:124]، وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} الآية [الفتح: 4]، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ} الآية [الحديد:28]، إلى غير ذلك مِن الآيات"أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (3/213)..
فالهدايةُ -بنصِّ القرآن- شاملةٌ لجميع المجاهدين، وليست خاصّةً بالمقاتلين، وهي هدايةٌ مرتبطةٌ بنوع الجهاد الّذي يجاهده المسلم.
وكلام المفسرين في هذا كثير.
-
ثالثًا:
الهداية - بجميع أقسامها - ليست حقًّا لازمًا لكلِّ مَن جاهد؛ بل هي مُعلَّقة بشروطها، فمِن شروطها:
1. الإنابة إلى الله.
قال ابن تيمية رحمه الله: "{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}، قالَ مُعاذ بنُ جبل: والبحثُ في العِلْمِ جهادٌ، وقالَ تعالى: {اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ}، فعلَّق الهدايةَ بالإنابة،"تفسير ابن كثير (7/307)..
2. الأخذ بالأسباب الشّرعية؛
مِن طلب العلم، وسؤال أهل العلم المختصّين به، وعدم ترك السّنن الكونيّة والاتكاء على هداية التّوفيق فحسب؛ فإنّ تلك الهدايةَ لا تكون إلّا بالأسباب والسّبل المشروعة، ومِن الـمُحكمات أنّ العلم بالتّعلّم؛ فالعلمُ الذي هو أصلُ التّقوى لا يكون إلا بالتّعلم والتّلقّي، ففي الحديث: (إنّما العلمُ بالتّعلّم)ذكره البخاري معلقاً مجزوماً (1/24، باب العلم قبل القول والعمل)، وجزم به، ووصله في تغليق التعليق (2/78)، وقد ورد عن عدد مِن الصّحابة مرفوعًا وموقوفًا، وحسّنه جمعٌ مِن أهل العلم..
-
رابعاً:
يلزم على هذا الفهم أن يكون المقاتلُ – لمجرد قتاله - أقدرَ على الوصول إلى الحق، وأعلمَ بشرع الله –تعالى- ودينه مِن العلماء الذين أفنوا أعمارَهم في طلب العلم وتحصيلِه، وهذا مِن الباطل الذي لا يقوله عاقلٌ، فضلًا عن عالمٍ، وهو مِن جنس الشّبهة الأولى التي سبق بيانها في أنَّ الحق مع أهل الثغور لمجرد وجودهم في الثّغور أو القتال.
-
خامسًا:
على فرض صحّة استدلالهم بهذه الآية، فمِن أين لتنظيم (الدّولة) -أو غيره من الغلاة- الزعمُ أنَّهم هم المقصودون بمثل هذه النّصوص دون بقية المجاهدين؟ وفي السّاحة غيرُهم كثيرٌ ممّن يحمل راية الجهاد؟ إنَّ هذا تحكّم بالنّصّ، وادعاءٌ لصحّة المنهج، وتزكيةٌ للنّفسِ، واحتقارٌ للآخرين دون دليلٍ.
بل وما العمل لو اجتهد (مجاهدان) وأفتى كلٌّ منهما بغير قول الآخر؟ فبقول مَن نأخذ؟ وساحاتُ الجهاد شاهدةٌ بكثرة الاختلاف بين المجاهدين، وتعدّد أقوالهم، وهي اختلافات لا ينجو منها تنظيم (الدولة) ولا غيره من الجماعات، فما المرجع في حسم هذه الخلافات وكلهم يدعي أنَّه على حق؟.
-
سادسًا:
أمّا الآثارُ المنقولةُ في قول بعض السّلف: "إذا اختلف النّاسُ فانظروا ما عليه أهل الثغر-أو فاسألوا أهل الثغر- فإنّ اللهَ يقول: {والّذينَ جاهَدُوا فِينا لنَهْدِيَنَّهمْ سُبُلَنا}" فبيانُه كما يلي:
1. نُسب هذا القول لعبد الله بن المبارك، وأحمد بن حنبل، وسفيان بن عُيينة، وبعد تتبّع الآثار تبيَّن أنّ سندها ينتهي إلى سفيان بن عيينة، ثم نُسب إلى غيره، وكلُّ أسانيد هذا القول ضعيفةٌ لا يثبت شيءٌ منهاينظر: أهل الثغور، د. عبد الوهاب الطريري http://www.islamtoday.net/nawafeth/artshow-42-122545.htm، وإشكالية الغلو في الجهاد المعاصر، الشيخ علوي السقاف http://www.dorar.net/article/1687..
وعلى فرض ثبوته: فإنَّ المرادَ به تفضيل أهلِ العلم الذين جمعوا مع العلم: الجهادَ والرّباط، ولا يُراد به تفضيل المجاهدِ غير العالم على العالم، بدليل ما جاء في القول نفسه: "فاسألوا أهل الثغر"، وإنما يُسأل أهلُ العلم، قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7]، ولا يُتصور مِن هؤلاء العلماء –وهم ممّن شدَّد في موضوع الفتوى ومَن تؤخذ عنه- أنْ يحيل في الفتوى إلى مجرد مقاتلٍ لا علمَ له بالشرع، ولا تتوافر فيه شروط المفتي.
2. فإن قيل: وردت هذه المقولةُ أيضًا في كلام ابن تيمية وابن القيم: قال ابنُ تيمية رحمه الله: "وكان ابن المبارك وأحمد بن حنبل وغيرهم يقولون: إذا اختلف الناسُ في شيء فانظروا ما عليه أهل الثَّغْر، فإنَّ الحقَّ معهم"جامع المسائل (5/358)..
وقال ابن القيم رحمه الله: "ولأهلِ الجهاد في هذا مِن الهداية والكشف ما ليس لأهل المجاهدة، ولهذا قال الأوزاعي وابن المبارك: إذا اختلف النّاسُ في شيء فانظروا ما عليه أهل الثّغر"مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (1/506)..
فيجاب:
ليس في كلامهما – رحمهما الله - دليلٌ على تركِ أقوال أهل العلم لقول أهل الثّغور مِن المجاهدين بإطلاق، وبيانُ ذلك :
- أنّ مقصودَ ابن تيمية في كلامِه الترجيحُ بما عليه أهلُ الثغور مِن أهل العلم في اختلافهم مع أهل العلم مِن غير أهل الثغور، وهذا مِن التّرجيح بمن عنده خبرةٌ وعلمٌ بالواقع كما سبق تقريرُه، ولا شك أنَّ العالم العارف بالواقعة التي فيها الخلاف يُقدَّم قولُه على العالم غير العارف بالواقع.
فكلامُ ابن تيمية متعلّقٌ بأحوال أهل العلم في الثغور وميدان الجهاد، وليس عن عامة المجاهدين، ويبيّن ذلك سياقُ كلامِه حيث ذكر من أقام من أهل العملم في الثغور ثم قال:
"وكان ابن المبارك وأحمد بن حنبل وغيرهم يقولون: إذا اختلف الناسُ في شيء فانظروا ما عليه أهل الثَّغْر، فإنّ الحق معهم ..."جامع المسائل (5/357)..
وأمّا كلامُ ابن القيم فهو في التّرجيح بين الأقوال المختلفة لأهل العلم بمرجِّحِ معرفة الواقع، عندما يعرِض للقلب خواطرُ تشتبه عليه إذا لم يظهر للمرء مِن الجهة العلمية أيُّ الطريقين أولى بالصّواب، وليست في مطلق معرفة الحلال والحرام والأحكام الشّرعية بمجرد الجهاد أو الوجود في الثّغور.
قال ابنُ القيم رحمه الله: "فإنّ الصّادقَ يتحرّى في سلوكه كلِّه أحبَّ الطُّرق إلى الله، فإنّه سالكٌ به وإليه، فيعترضه طريقان لا يدري أيَّهما أرضى لله، وأحبّ إليه:
فمنهم مَن يحكّم العلم بجهده استدلالًا، فإنْ عجَز فتقليدًا...،
ومنهم مَن يُلقي الكلَّ على شيخه..، ومنهم مَن يلجأ إلى الاستخارة ..، وأصحابُ العزائم يبذلون وسعَهم في طلب الأَرْضَى علمًا ومعرفةً..، ولترجيح المصالح رتبٌ متفاوتة..، فهذه خمسُ جهاتٍ مِن الترجيح، قلّ أنْ يعدمَ واحدةً منها.
ولأهل الجهاد في هذا مِن الهداية والكشف ما ليس لأهل المجاهدة..."مدارج السالكين (1/505)..
3. على فرض ثبوت هذه المقولات عن بعض أهل العلم، وصحة استدلالهم بها، فإنَّها لا تعارض النّصوص الشرعية، والقواعد الفقهية، وتقريرات أهل العلم في وجوب الرّجوع إلى العلماء، وحرمةِ القولِ على الله بلا علمٍ، والواجبُ حملُها على ما لا يعارضها.
-
والخلاصةُ:
أنَّ مجردَ اشتراكِ الشّخص في القتال في سبيل الله تعالى، لا يعني أنَّه مصيبٌ في اجتهاداته واختياراته الشرعية، أو أنَّ الله قد تكفّل بهدايته للحقِّ فلا يزيغ عنه، ولا يضلّ.
المصدر: كتاب "شُبهات تنظيم "الدولة الإسلامية" وأنصاره والرَّد عليها" الشبهة الثالثة، د. عماد الدين خيتي
إضافة تعليق جديد