الخميس 21 نوفمبر 2024 الموافق 19 جمادي اول 1446 هـ

حكم تلفظ جنود النظام وشبيحته بالشهادتين بعد التمكن منهم

19 ربيع ثاني 1437 هـ


عدد الزيارات : 2739
هيئة الشام الإسلامية

 

السؤال: عند الظفر ببعض غير المسلمين المحاربين ممن عاثوا في الأرض قتلاً وإفسادًا، يسارعون إلى التلفظ بالشهادتين، فهل يعصم ذلك دماءهم؟ أرجو أن تفتونا في ذلك مأجورين؛ لأن بعض المجاهدين تحرجوا من قتلهم؛ لأجل حديث أسامة بن زيد لما قتل المشرك الذي قال (لا إله إلا الله) أنكر عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: (فَكَيْفَ تَصْنَعُ بِلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ إِذَا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟)، بينما قال آخرون نقتلهم لأجل زندقتهم فما رأيكم؟


الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

تلفظ هؤلاء بالشهادتين لا يعصم دماءهم، ولا يمنع من قتلهم إذا اقتضت المصلحة ذلك؛ لأنَّ العلة في قتال هؤلاء وقتلهم كفّ شرهم ودفع أذاهم، وردّ عدوانهم عن الأمة، وحفظ الحرمات أن ينتهكوها، لا كونهم غير مسلمين.

ومما يدل على ذلك أنَّ أهل الحرابة من المسلمين -الذين هم أحسن حالاً من العصابات الأسدية ومن في حكمها- إذا ظُفر بهم لم تنفعهم التوبة، ويؤخذون بجرائمهم، كما قال سبحانه: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: 33-34]، قال القرطبي -رحمه الله- في "تفسيره": "استثنى الله عز وجل التائبين قبل أن يُقدر عليهم، وأخبر بسقوط حقه عنهم بقوله: {فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}، أما القصاص وحقوق الآدميين فلا تسقط، ومَن تاب بعد القدرة فظاهر الآية أن التوبة لا تنفع، وتُقام عليه الحدود". وقال محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله- في "أضواء البيان": "إذا تاب المحاربون بعد القدرة عليهم فتوبتُهم حينئذ لا تُغير شيئاً من إقامة الحدود المذكورة عليهم".

فإذا كان هذا حال أهل الحرابة من المسلمين، فكيف بهؤلاء القتلة من الكفرة المجرمين ؟! بل إنَّ هؤلاء القتلة من غير المسلمين لا يخرجون عن كونهم أهل ذمة وعهد أو مرتدين، فتكون الآية نصا في قتلهم بعد القدرة عليهم.

قال ابن تيمية -رحمه الله- في "الصارم المسلول": "والذمي إذا حارب وسعى في الأرض فسادًا وجب قتله وإن أسلم بعد القدرة عليه"، وقال في المرتد: "فإنَّ الرجل إذا اقترن بردّته قطع طريق أو قتل مسلم أو زنا أو غير ذلك، ثم رجعَ إلى الإسلام أخذت منه الحدود، وكذلك لو اقترن بنقضِ عهدِه الإضرارُ بالمسلمين من قطعِ الطريق، أو قتل مسلم، أو زنا بمسلمة؛ فإن الحدود تستوفى منه بعد الإسلام".

أما حديث أسامة رضي الله عنه فهو واردٌ في جهاد الكفار المحاربين الذين جعل النبي صلى الله عليه وسلم لقتالهم غايةً ونهايةً، وهي التلفظ بالشهادتين، كما جاء في الأحاديث المشهورة: (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى)، فمتى ما تلفظ الكافر المحارب بالشهادتين وجب الكف عنه؛ لأنه أتى بالغاية التي يُقاتَل مِن أجلها، وهي الدخول في الإسلام، وهذه العصابة الإجرامية ليست من هؤلاء، بل تُقاتَل لدفع شرها وكف أذاها، وردعها عن جرائمها.

ونحيل السائل للرجوع لفتاوانا (حكم من وقع أسيراً في أيدينا من جنود النظام السوري) للوقوف على بقية أحكام التعامل مع الأسرى.

نسأله تعالى لإخواننا المجاهدين النصر على الأعداء، والتوفيق لأحسن والأقوال والأعمال.

والحمد لله رب العالمين

السبت 1 سبتمبر 2012 م

إضافة تعليق جديد