الجمعة 22 نوفمبر 2024 الموافق 20 جمادي اول 1446 هـ

شبهات وردود

شبهات تنظيم الدولة وأنصاره والرد عليها: الشبهة الثانية عشرة: أُعلنت الخلافة فيجب اللحاق بها و مُبايعتها

19 رمضان 1437 هـ


عدد الزيارات : 3888
عماد الدين خيتي

 

 

يوجب أتباع تنظيم الدّولة ومؤيدوه مبايعة زعيم التنظيم بالخلافة، ويوجبون مناصرة دولة الخلافة المزعومة، ويقولون: ما دامت الخلافةُ قد أُعلنت فيجب على الجميع الانضواء تحتها وبيعتها؛ فإنه إذا بويع لإمامٍ فلا يجوز مبايعةُ إمامٍ آخر، أو التّأخّر عن الالتحاق به، قال صلى الله عليه وسلم: (تكونُ خلفاءُ، وتكثرُ. قالوا: فكيف نصنعُ؟، قالَ: فُوا ببيعةِ الأولِ فالأوّل، أدّوا الذي عليكم؛ فإنّ اللهَ سيسألهم الذي عليهم)أخرجه البخاري (4/169، برقم 3455)، ومسلم (3/1471، برقم 1842).، وقال: (إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الأخِرَ منهما)أخرجه مسلم (3/1480، برقم 1853)..
ثمّ إنّ إقامة خلافةٍ توحِّد جميع المسلمين تحت حكمٍ واحدٍ واجبٌ شرعي، وهو أملُ الأمة منذ عقود، وإن كان هناك أخطاء أو ملحوظات فيمكن إصلاحُها لاحقًا وبالتّدريج، ولا يجوز هدمُ هذا المشروع، أو التأخّر عن نصرته.


 

الإجابة عن هذه الشّبهة: في هذا الكلام أخطاء كثيرة، ومغالطاتٌ عديدة، وتحريفٌ للنّصوص عن معانيها، وبيانُ ذلك كما يلي:

  • أولًا:

تكلّم أهل العلم في حكم الخلافة، ومكانتها، ووجوب إعادة حكمها لبلاد المسلمين، وفي ذلك أقوال وبحوث ودراسات يمكن الرجوع إليها في أماكنها. لكنّ إعلانَ الخلافة لا يكون بهذه الطريقة التي تخلو مِن أي مقوّم مِن مقوماتها:

1. فالبلادُ ما زالت محتلّةً، وفي حال حربٍ، وليس فيها تمكينٌ لقيام دولة، فضلًا عن خلافة جامعة للمسلمين في كلّ أقطارهم، فالخلافةُ –وما يتبعها من أحكام الإمامة العظمى- تأتي نتيجةً للتمكن في البلاد، لا بمجرِّد الإعلان، أو السعي إلى ذلك.

2. انعقاد الحكم لشخصٍ له ضوابطه وشروطه، ولا بدّ فيه مِن توافق أهل الحل والعقد الذين يمثّلون عموم النّاس، وهذا أمرٌ معروف مبسوط في كتب أهل العلم وأشهر مِن أن يتحدث به، ونذكره هنا باختصار.

روى الخلّالُ أنَّ أحمد بن حنبل رحمه الله: "سئل عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن ماتَ ولَيْسَ لَهُ إِمامٌ ماتَ مِيتةً جاهِليَّةًما معناه؟ قال أبو عبد الله: "تدري ما الإمام؟ الإمام الذي يُجمع المسلمون عليه، كلُّهم يقول: هذا إمامٌ، فهذا معناه"السُّنة، لأبي بكر الخلال (1/80)..

وقال النووي رحمه الله: "الأصحّ أنَّ الـمُعتَبر بيعة أهل الحل والعقد من العلماء، والرؤساء، وسائر وجوه النّاس، الذين يتيسّرُ حضورهُمْ"روضة الطالبين وعمدة المفتين (10/43)..

وقال ابن تيمية رحمه الله: "فإنه لا يشترط في الخلافة إلاَّ اتفاق أهلُ الشوكة والجمهور، الذين يقام بهم الأمر؛ بحيث يمكن أن تُقامَ بهم مقاصدُ الإمامة؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالجماعة؛ فإن يدَ الله معَ الجماعة). وقال: (إنّ الشيطان مع الواحد، وهو مِن الاثنين أبعد)"منهاج السنة النبوية (8/336)..

أمّا هذا التنظيم فلم يوافق على قيام دولته في العراق، ثمّ على تمدُّدها إلى سورية، ثم إعلان الخلافة إلا عددٌ قليل فحسب! وليس في دولته المزعومة أدنى مقومات الاستشارة أو مقوّمات الدّولة الحقيقية:

  • فالتنظيم يعتقد أنه يصح إقامة الدّولة دون وجود أيٍّ مِن مكوناتها الحقيقية، وعلى هذا أعلن دولته في العراق قبل الخلافة، وقد لخَّص عثمان بن أحمد التميمي في رسالته (إعلان الأنام بميلاد دولة الإسلام) الصادرة عن (وزارة الهيئات الشرعية) في (دولة العراق الإسلامية) بقوله: "إن الدّولة التي أقامها رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحمل كلَّ المواصفات التي ينظر لها على أنها مِن خصائص الدّولة المعاصرة بكياناتها السياسية والإدارية والاقتصادية، فالدّولةُ التي ينشدها الإسلام هي تلك التي تقيم الدِّيْن أولًا قبل أيّ اعتبار آخر" انتهى.

وبهذا يتبيَّن أنَّ التنظيم قد هدم كلّ أركان الدّولة الحقيقية، ولم يبق منها إلا (التّوحيد، وتحكيم الشريعة) وفق مفهومه هو، وعليه فيمكن لأيِّ عددٍ مِن الأشخاص في أيِّ مكانٍ في العالم إعلان دولةٍ خاصةٍ بهموهو ما اجتهد وزير دفاع التنظيم السابق أبو حمزة المهاجر في إثباته من خلال دراسة طويلة مليئة بالمغالطات والتحريفات أسماها (الدولة النبوية)، تقوم على عدة أفكار، من أهمها: 1- لا يشترط أن يعمّ الأمان والاستقرار في الدّولة المعلنة. 2- لا يشترط أن تكون الغلبة والسيطرة التامة للمسلمين على مناطق الدولة. 3- يكفي أن تكون المنطقة مماثلة لمساحة المدينة النبوية وعدد سكانها لإعلان الدولة. وفي هذا التفسير تسطيح خطير وساذج لمعنى الدّولة الإسلامية، لا يدعمه دليلٌ شرعي، ولا نظر عقلي، ولم يقل به أحدٌ مِن أهل العلم قديمًا ولا حديثًا، بل فيه فتح لباب العبث بإطلاق اسم الدولة أو الإمارة على مجموعة مبان أو مناطق محدودة بمجرد الاستيلاء عليها، وهو ما حدث بالفعل في عدد مِن الدول الإسلامية على يد بعض الحركات، وأيدها تنظيم (الدولة) في ذلك، كما حصل في أحد مساجد غزة على يد جماعة (جند أنصار الله) قبل سنوات، ويحصل حاليًا بأخذ البيعات (للخلافة) مِن عدة تنظيمات في بلدان مختلفة، تُقيم إمارات أو ولايات في بضع أبنية أو غرف!!

  • يعتقد تنظيم (الدّولة) أنّ قرار إعلان الدّولة والخلافة ينحصر في تنظيمه فحسب، دون بقية المسلمين، بسبب تخوينهم، ورميهم بالرِّدة والعمالة، قال العدناني في كلمته (لن يضروكم إلا أذى): "ما كان لنا أنْ نشاور مِن الفصائل مَن يخالفنا المنهج والمشروع، ويعمل ضدّنا في الخفاء والعلن، أو مَن يجتمع متآمرًا مع المخابرات علينًا، بل ويوقّع على قتالنا .."انتهىلتنظيم (الدولة) منهج منحرف في نظرته للدولة، وفهمه لإقامتها، ونقاشها يحتاج لمزيد إيضاح وبسط، ويمكن لذلك مراجعة المقالين التاليين:  نقاش هادئ حول فكر (دولة الإسلام في العراق والشام) (4) موقف تنظيم (الدولة) من إقامة الدولة http://syrianoor.net/revto/8122. ونقاش هادئ حول فكر (دولة الإسلام في العراق والشام) (5) موقف تنظيم (الدولة) من البيعة http://syrianoor.net/revto/8384..

فهم قد اختزلوا الأمّة بالمقاتلين دون بقية الأمة وعلمائها، ووجهائها، ثم خوَّنوا الفصائل ورفضوها، فلم يبقَ إلا هم أهلاً للعلم والمشورة والدّين الصّحيح، وقد جاء في الحديث: (إِذا قالَ الرّجلُ: هَلكَ النّاسُ فهُوَ أهْلكُهُمْ)أخرجه مسلم (4/2024، برقم 2623)..

  • بل إنَّ أساس تنظيم (الدّولة) وهو (دولة العراق الإسلامية) لم تكن عن مشورةٍ مِن المسلمين في العراق، ولا الفصائل العسكرية فيه، فلم يوافق على قيام دولة التّنظيم في العراق إلا عددٌ يسير من أتباع التنظيم دون استشارة لأهل الحلّ والعقد، كما سبق بيانه في رسالة أبي سليمان العتيبي -قاضي (دولة العراق الإسلامية)- للقيادة في خراسانسبقت ص ()..
  • عندما أُعلنت الخلافة كان مَن وافق على ذلك بضعةُ نفرٍ مِن أعضاء التنظيم! قال العدناني في كلمته: (هذا وعد الله): "اجتمع مجلس شورى الدّولة الإسلامية، وتباحث هذا الأمر، بعد أن باتت الدّولة الإسلامية بفضل الله تمتلك كلّ مقوّمات الخلافة، والتي يأثم المسلمون بعدم قيامهم بها، وأنه لا يوجد مانع أو عذر شرعي لدى الدّولة الإسلامية؛ يرفع عنها الإثم في حال تأخرها أو عدم قيامها بالخلافة؛ فقررت الدّولة الإسلامية، ممثّلة بأهل الحل والعقد فيها؛ مِن الأعيان والقادة والأمراء ومجلس الشورى (!) إعلان قيام الخلافة الإسلامية وتنصيب خليفة للمسلمين"انتهى.

ومعلومٌ أنَّ مجلس الشورى هذا لا يتجاوز عدده البضعة عشر فردًا.. والبيعة دون مشورة من المسلمين، وأهل الحل والعقد فيهم، بيعة ٌباطلة بدعية. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "مَن بايع رجلًا عن غير مشورةٍ مِن المسلمين فلا يُبايع هو ولا الذي بايعه، تغرّةً أنْ يُقتلا "أخرجه البخاري (8/ 169، رقم 6830).. وقال ابن حجر رحمه الله: "والمعنى: أنَّ مَن فعل ذلك فقد غرَّر بنفسه وبصاحبه وعرَّضهما للقتل".

4. ينبغي عدمُ الاغترار بالشعارات واللافتات المرفوعة الخالية مِن المضمون، فالخلافة إنما يعقدها مَن كان على منهاج النبوة، وليس مَن كان على منهاج الخوارج المارقين، وقد تكرّر مِن المنحرفين إعلان الخلافة مرارًا في التاريخ الإسلامي، فلا غرابة في ذلك"تكرر في التاريخ أن أعلن عددٌ من أهل البدع (خلافات) خاصة بهم في بعض البلدان، ومن ذلك: 1- ادعى شبيب الخارجيّ الخلافة في عهد عبد الملك، ولم ينلْها. 2- في سَنة 140 للهجرة، دُعي بالخلافة لرأس الإباضيَّة عبد الأعلى بن السَّمح المعافري، واستمرَّ أربع سنوات، ثم قتله المنصور عام 144هـ. 3- وفي طَنْجة دُعي للخِلافة لأمير الخوارج، وخاطبوه بأمير المؤمنين، ثم قتله خالدُ بن حبيب الفهريُّ.  4- وادَّعى المعز إسماعيل بن طغتكين حاكم زبيد أنَّه قُرشي من بني أُميَّة، وهو مِن أصلٍ كُردي، خرج عن منهج أهل السنة وتشيَّع، فخطَب لنفسه بالخلافة، وتلقَّب بالهادي، ثم هلَك سنة 598هـ. ينظر: إعلانُ الخِلافةِ الإسلاميَّةِ - رؤيةٌ شرعيَّةٌ واقعيَّةٌ، لعَلَوي بن عبدالقادر السَّقَّاف  http://dorar.net/article/1760..

وبناءً عليه:

فإنّ الاستدلال بأحاديث وجوب الطاعة، والبيعة كما سبق في السؤال: (فوا ببيعة الأول فالأول)، و(إِذا بُويعَ لخليفتين فاقتلوا الآخِرَ منهما): إنما هو فيمن جاء ينازع الحاكم الذي ثبتت ولايته وحكمه، وبايعه عامّة الناس، واستقرّت له الأمور، وحصل له التّمكين، فلا يطاع هذا المنازع، ولا يُلتفت إليه، وليس لمطلق الأولية ولمن سبق بإعلان نفسه خليفة، ولو كان زعيم عصابة! قال النّووي: "معنى هذا الحديث إذا بويع لخليفة بعد خليفة فبيعة الأول صحيحة يجب الوفاء بها وبيعة الثاني باطلة يحرم الوفاء بها ويحرم عليه طلبها"شرح النووي (12/231)..

  • ثانيًا: قد يُقال: 

إنَّ تنظيم (الدّولة) قد تغلَّب على المناطق التي يحكمها، فلا بدّ مِن طاعته والخضوع له، وقد نهى الشّرعُ عن الخروج على الحكام، ونزع اليد مِن طاعتهم. وقد أشار لذلك العدناني في كلمته (هذا وعد الله) حيث قال: "بإعلان الخلافة؛ صار واجبًا على جميع المسلمين مبايعة ونصرة الخليفة إبراهيم حفظه الله، وتبطل شرعيّة جميع الإمارات والجماعات والولايات والتنظيمات، التي يتمدّد إليها سلطانه، ويصلها جنده، قال الإمام أحمد رحمه الله، في رواية عبدوس بن مالك العطار: ومَن غلب عليهم بالسّيف؛ حتى صار خليفة، وسُمّي أمير المؤمنين: فلا يحلُّ لأحد يؤمن بالله أن يبيت ولا يراه إمامًا، برًّا كان أو فاجرًا" انتهى.

وفي هذا الكلام أخطاء عديدة:

1. فهو خلطٌ بين ادعاء أنَّ دولة التنظيم نتجت عن بيعة، والدعوة لذلك، ثم الاحتجاج بالتغلُّب لتقرير شرعيتها، وهذا لا يستقيم فإنَّ بينهما فروقًا عديدة. والدعوة للخضوع لدولة التنظيم الـمُتغلِّبة تُظهر جليًا أنَّ البيعة لم تكن شاملة ولا عامّة، ولا كافية لاستتباب حكم دولتهم؛ بدليل أنَّهم أبطلوا شرعية جميع الجماعات والولايات والتنظيمات، وهددوها، ولو كانت بايعتهم لما اضطروا لذلك.

2. في هذا الكلام تشريعٌ للاستبداد والقهر ممن يدعي (الخلافة على منهاج النبوة)، بناء على الفهم المغلوط لحقيقة مسألة (إمامة المتغلب) عند أهل السنة. فالطريقة الشرعية التي جاء بها الإسلام لتولي الحكم هي: الشورى والاختيار، مع ترك الطرق والوسائل التفصيلية المعتمدة في ذلك للاجتهاد والتشاور. أما تولي الحكم تغلبًا دون رغبةٍ مِن المسلمين فمحرّم، قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله: "المتغلب فاسق معاقَب، لا يسْتَحقّ أَن يبشر، ولا يُؤمر بِالْإِحْسانِ فِيما تغلب عليهِ، بل إِنَّمَا يسْتَحق الزّجر والمقت والإعلام بقبيح أَفعاله، وفسادِ أَحْواله"الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضلال والزندقة (2/627)..

وقال الجويني رحمه الله: "إنّ الذي ينتهض لهذا الشأن لو بادره مِن غير بيعةٍ وحاجة مستفزة أشعر ذلك باجترائه وغلوّه في استيلائه، وتشوفه إلى استعلائه، وذلك يسَمِه بابتغاء العلوّ في الأرض بالفســاد"غياث الأمم في التياث الظلم ص (326)..

وإنّما أجاز أهل العلم ولايةَ المتغلب في حال الضرورة، لا الاختيار؛ تغليبًا للمصلحة العامة، وبشروطٍ عديدة. وممن فصَّل الكلام في ذلك الماوردي عند ذكر شروط الحاكم المتغلب فقال رحمه الله: "وأما إمارة الاستيلاء التي تُعقد عن اضطرارٍ، فهي أن يستولي الأميرُ بالقوة على بلاد يقلِّده الخليفة إمارتها، ويفوِّض إليه تدبيرها وسياستها، فيكونُ الأمير باستيلائه مستبدًّا بالسياسة والتدبير، والخليفة بإذنه منفذًا لأحكام الدين؛ ليخرج من الفساد إلى الصحة ومِن الحظر إلى الإباحة.

وهذا وإن خرج عن عُرف التَّقليد المطلق في شروطه وأحكامه، ففيه مِن حفظ القوانين الشرعية وحراسة الأحكام الدينية ما لا يجوز أن يُترك مختلًا مخذولًا ولا فاسدًا معلولًا، فجاز فيه مع الاستيلاءِ والاضطرارِ ما امتنع في تقليد الاستكفاء والاختيار؛ لوقوع الفرق بين شروط المُكنة والعجز".

ثم بيَّن شروط هذا المتغلِّب بقوله:

"أحدها: حِفظ منصب الإمامة في خلافة النبوة، وتدبير أمور المِلَّة.
والثاني: ظهورُ الطاعة الدينية التي يزول معها حكم العِناد فيه، وينتفي بها إثم المباينة له.
والثالث: اجتماع الكلمة على الأُلفة والتناصر؛ ليكون للمسلمين يدٌ على مَن سواهم.
والرابع: أن تكون عقود الولايات الدينية جائزة، والأحكام والأقضية فيها نافذة، لا تبطل بفساد عقودها، ولا تسقط بخلل عهودها.
والخامس: أن يكون استيفاءُ الأموال الشرعية بحقٍ تبرأ به ذمة مؤديها ويستبيحه آخذها.
والسادس: أن تكون الحدود مستوفاة بحق وقائمة على مستحق.
والسابع: أن يكون الأمير في حفظ الدين ورعًا عن محارم الله، يأمر بحقه إن أطيع، ويدعو إلى طاعته إن عُصي"الأحكام السلطانية (1/66)..
فأين هذه الشروط في تنظيم (الدّولة)؟

3. أخطرُ ما في مسألة إعلان الخلافة ما ترتَّب عليها من اعتبارِ أنَّها الحقّ الذي لا محيدَ عنه، وأنَّ كل من خالفها فهو خارجٌ عن طاعةِ الإمام الشرعي، شاقٌ للصف مفرقٌ للجماعة، فظهر بسبب ذلك فسادٌ عظيمٌ وشرٌ مستطير؛ وقتل بسببه المسلمون، واستبيحت دمائهم وأموالهم(د. فهد العجلان).، قال العدناني في كلمة (قل للذين كفروا ستغلبون) والتي ملأها تهديدًا ووعيدًا للمجاهدين: "سنفرّق الجماعات، ونشق صفوف التنظيمات، نعم لأنَّه مع الجماعة لا جماعات، وسحقًا للتنظيمات، سنقاتل الحركات والتجمعات والجبهات، سنمزق الكتائب والألوية والجيوش حتى نقضي بإذن الله على الفصائل؛ فما يضعف المسلمين ويؤخر النصر إلا الفصائل" انتهى.

  • ثالثًا:

حتى لو تغلَّب تنظيم (الدّولة) على تلك المناطق وخضعت له فالواجب مدافعته وجهاده حسب الإمكان؛ لما فيه مِن انحراف وخروج عن الدّين الصحيح في الاعتقاد، ونشر البدعة والغلو، وقتل المسلمين، وهذه أقوال طائفة من أهل العلم في ذلك: 

قال النووي رحمه الله: "قال القاضي: فلو طرأ عليه كفرٌ وتغيير للشرع، أو بدعة خرج عن حكم الولاية، وسقطت طاعته، ووجب على المسلمين القيامُ عليه وخلعه، ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك، فإن لم يقع ذلك إلا لطائفة وجب عليهم القيام بخلع الكافر، ولا يجب في المبتدع إلا إذا ظنوا القدرة عليه، فإن تحققوا العجز لم يجب القيام، وليهاجر المسلم عن أرضه إلى غيرها ويفر بدينه"شرح النووي (12/229)..

وشبيهٌ بهذا الأمر ما حصل أيام غزو التتار الذين كان لهم من القوة والمنعة والحكم، فلم يقبل المسلمون بالدخول في حكمهم، وقاتلوهم حتى طردوهم عن ديار المسلمين. وسئل ابن تيمية عن قتال التتار، فقال رحمه الله: "كلُّ طائفة ممتنعة عن التزام شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة؛ مِن هؤلاء القوم وغيرهم فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائعه، وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين وملتزمين بعض شرائعه كما قاتل أبو بكر الصديق والصحابة رضي الله عنهم مانعي الزكاة. وعلى ذلك اتفق الفقهاء بعدهم..."مجموع الفتاوى (28/502)..

  • رابعًا:

من الأخطاء التي وقع بها تنظيم (الدّولة) وغيره من الغلاة: اعتقادُ أنه لا جهاد، ولا إقامة لشرع الله –تعالى- إلا بإمارة ودولة، ولا يكون ذلك إلا ببيعة؛ لذا كان همهم وانشغالهم بإقامة دولتهم، وتجميع البيعات والأنصار، وقتال المخالفين أكثر مِن همهم بمدافعة العدو، ثم إنهم التفتوا إلى بقية الجماعات الجهادية والشعب فأجبروهم على المبايعة أو القتال! وقد فهموا كلام أهل العلم على غير وجهه، ومن ذلك استدلالهم بكلام ابن تيمية رحمه الله بقوله: "يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين؛ بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها... ولأن الله –تعالى- أوجبَ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة، وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد والعدل وإقامة الحج والجمع والأعياد ونصرة المظلوم، وإقامة الحدود، لا تتم إلا بالقوة والإمارة"مجموع الفتاوى (28/390)..

وهذا الاستدلال غير صحيح، وفيه خلط بين عدة أمور:

1. كلام ابن تيمية هذا –ومثله كثير في كتب السياسة الشرعية- في أصل إقامة الدّول، ومعناه: أنَّ حياة الناس لا تستقيم إلا بدولة وحاكم واحد؛ وإلا شاعت الفوضى وانعدم الأمن، وهذا صحيحٌ لا ينازع فيه أحدٌ مِن المسلمين ولا غيرهم.
لكن هذا يكون في حال التمكين واستقرار الأحوال. أما في حال جهاد الدفع: فإنَّه لا يشترط إقامة دولة، ولا إمارة، كما لا يشترط له اجتماع على أميرٍ واحد إلا من باب وحدة الكلمة ونزع الاختلاف.

قال ابن تيمية رحمه الله: "أما قتال الدفع فهو أشدّ أنواع دفع الصائل عن الحُرمة والدين فواجب إجماعًا؛ فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان مِن دفعه، فلا يشترط له شرطٌ، بل يُدفع بحسب الإمكان وقد نص على ذلك العلماء أصحابنا وغيرهم"الفتاوى الكبرى (5/538)..

وقال ابن القيم رحمه الله: "فقتال الدَّفع أوسع من قتال الطَّلب وأعمُّ وجوبًا، ولهذا يتَعَيَّن على كل أحد... ويجاهد فِيهِ العَبْد بِإِذن سَيّده وبدُون إِذْنه، والْولد بِدُونِ إِذن أبويه، والغَريم بِغَيْر إِذن غَرِيمه...الفروسية (1/188)..

فلا يشترط لصحة جهاد الدفع وجود أمير ولا إذنه، بل يكفي أن يقيم الناس أمراء وقادة (أصحاب الولايات الخاصة) لينتظم أمر القتال. كما لا يُشترط لإقامة الدين والحكم بالشرع وجود إمارةٍ عامة أو دولة، بل ينزَّل هؤلاء الأمراء مكان الإمام، ويحكمون بين الناس بما يستطيعونه ويقدرون عليه من أحكام الدين.

قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله: "إذا عدِم السّلطانُ لزم أهلَ الشّوكة الذين هم أهلُ الحلّ والعقد ثَمّ أن ينصبوا قاضيًا، فتنفذ حينئذ أحكامُه للضّرورة الملجئة لذلك"تحفة المحتاج (7/261).. وقال أبو المعالي الجويني رحمه الله: "لو خلا الزّمانُ عن السّلطان فحقٌّ على قُطّان كلّ بلدةٍ، وسكّان كلِّ قريةٍ، أنْ يقدّموا مِن ذوي الأحلام والنُّهى، وذوي العقول والحِجا مَن يلتزمون امتثالَ إشاراته وأوامره، وينتهون عن مناهيه ومزاجره؛ فإنّهم لو لم يفعلوا ذلك، تردّدوا عند إلمام المهمّات، وتبلّدوا عند إظلال الواقعات" غياث الأمم (1/387)..

والجهادُ في العالم الإسلامي اليوم هو جهادُ دفعٍ للصّائل المعتدي، ولا يُشترط فيه إلا ما قرَّره أهلُ العلم، ودلَّت عليه النّصوص الشّرعية. ولو وصل الأمرُ إلى ضرورة اجتماع الكلمة، وتوحيد الفصائل أو الكتائب، أو بداية إقامة الدّولة، فإنَّ ذلك لا بدّ أن يكون عن اتفاق وشورى كما سبق بيانهظهر في تنظيم (الدّولة) وغيره مِن تنظيمات الغلاة عقدُ الولاء والبراء على تنظيماتهم ومشاريعها، والحرص الشديد على إعلان الدول وإنشاء الإمارات، مع الاستيلاء على مراكز الثروة، ومكامن القوة، واستمالة السكان واستقدام الأتباع لتقوية تنظيماتهم، بل لا يكادون يسمعون بمكان يقوم فيه الجهاد أو المقاومة إلا ويتطفلون عليه، ثم يزعمون أنهم الأحقّ بحكمه، ويكفّرون غيرهم ويقتلونهم بسبب ذلك، بل ويقتتلون فيما بينهم عليها، فلبَّس عليهم الشيطان دينهم فاعتقدوا أنَّ الجهاد والدعوة لا تقوم إلا بدولة وحكم، وأنّه لا دينَ صحيحَ إلا ما كانوا عليه؛ فوضعوا الحكم نصب أعينهم الوصول إلى السلطة بكل طريقةٍ مهما كانت؛ ليطبقوا شرع الله الصحيح كما يزعمون، فأضحوا بتصرفاتهم تلك طلاب سلطة، وأصحاب دنيا، وإن رفعوا في ذلك شعارات (إن الحكم إلا لله)، أو (تحكيم الشريعة)، فأشبهوا بذلك الخوارج الأولين. ذكر أبو حيان التوحيديّ في كتابه "البصائر والذخائر" (1/156) : أنّه "أتى رجلٌ من الخوارج الحسنَ البصري فقال له: ما تقول في الخوارج؟ قال: هم أصحاب دنيا، قال: ومِن أين قلتَ، وأحدُهم يمشي في الرمّح حتى ينكسر فيه ، ويخرج مِن أهله وولده؟  قال الحسن: حدّثْني عن السلطان أيمنعك مِن إقامة الصّلاة، وإيتاء الزكاة، والحجّ والعمرة؟ قال: لا، قال: فأُراه إنما منعك الدنيا فقاتلته عليها". وبسبب غلوهم في مشاريعهم، وعنفهم مع كل من خالفهم، وقعوا في أشدِّ مما نقموه من الطّغاة الذين زعموا أنهم خرجوا عليهم، فصاروا يكفّرون، ويستبيحون الدماء لمجرد مخالفة مشروعهم، ويقتلون مَن يتركهم، أو يتخلى عن بيعتهم، ويُغدقون أوصافَ التعظيم والعصمة على مشروعهم ودولتهم وحكامها، ويرفضون مراجعتَها، أو إعادة النّظر فيها! ..

  • خامسًا:

يعتمد تنظيم (الدّولة) وأمثاله على نشر فكر "البيعة"، وإيهام أتباعهم أنها مِن أعظم الواجبات التي لا يجوز التّخلّي عنها، وإلزامهم بها، ثم التّحذير مِن عدم الوفاء بها، أو تركها مهما كانت الظّروف، ويستدلون على ذلك بما يلي:

  1. وجوب البيعة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (إِذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ)أخرجه أبو داود (3/306، برقم 2608).. وقوله: (مَن ماتَ وليس في عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، ماتَ مِيتةً جاهليّةً)أخرجه مسلم (3/1478، برقم 1851)..

  2. وجوب الطاعة وعدم جواز نقض البيعة بقوله صلى الله عليه وسلم: (مَن بايعَ إِمامًا فَأعطاهُ ثَمَرةَ قَلبهِ وصَفْقةَ يَدِهِ، فلْيُطِعهُ ما اسْتَطاعَ)أخرجه أبو داود (6/302، برقم 4248)، وابن ماجه (5/103، برقم 3956)، وأحمد (6/54، برقم 6501)..

  3. عقوبة مَن خلع يدَه مِن البيعة ولو بالقَتل بحديث: (مَن أتاكمْ وأمرُكم جميعٌ على رجلٍ واحدٍ يريدُ أنْ يشقّ عصاكم، أو يفرّق جماعتَكم فاقتلوه)أخرجه مسلم (3/1480، برقم 1852).

  4. عدمُ جواز بيعة شخصٍ آخر بما سبق مِن أحاديث.

وفي هذا الكلام العديد مِن المغالطات، وبيانها في النقاط التالية:

النقطة الأولى:

المراد بالبيعة: إعطاءُ العهد على السّمع والطّاعة. قال ابن منظور رحمه الله: "والبَيْعةُ: الصَّفْقةُ عَلى إِيجاب البيْع، وعلى الـمُبايعةِ والطاعةِ. والبَيْعةُ: الـمُبايعةُ والطّاعةُ. وقَدْ تبايَعُوا على الأَمر: كقولِك أصفقوا عليه ، وبايَعه عليه مُبايَعة: عاهَده"لسان العرب (8/26).. وقال الخازن رحمه الله: "وأصلُ البيعة: العقدُ الذي يعقده الإنسانُ على نفسه مِن بذل الطاعة للإمام، والوفاء بالعهد الذي التزمه له"لباب التأويل في معاني التنزيل "تفسير الخازن" (4/156)..

وسُميت بذلك لأنهم كانوا إذا بايعوا الأميرَ جعلوا أيديهم في يده تأكيدًا للعهد، فأشبه ذلك فعلَ البائع والمشتري، فسمِّيت بيعةً، وصارت البيعةُ مصافحةً بالأيدي. قال ابن خلدون رحمه الله: "اعلم أنّ البيعةَ هي العهد على الطّاعة، كأنّ المبايِع يعاهد أميرَه على أنَّه يسلِّم له النَّظرَ في أمر نفسه، وأمور المسلمين لا ينازعه في شيء مِن ذلك، ويطيعه فيما يكلّفه به مِن الأمر على المنشط والمكره"ديوان المبتدأ والخبر "تاريخ ابن خلدون" (1/261)..

وإذا أطلقت البيعةُ فإنّ المقصودَ بها بيعةُ الحاكم الذي يتولى أمورَ الرعيّة وتدبير شؤونهم، وهذا المعنى هو المقصود في النّصوص الشرعية، والذي جاء في كتب أهل العلم عند شرح الأحاديث النبوية، وفي كتب السياسة الشرعية، وجميع الأحكام الواردة في البيعة إنما هي في بيعة الإمام، أي الحاكم العام. وقد كانت بيعة العقبة الأولى والثانية مِن هذه البيعة؛ فهي بيعةٌ على النّبوة، وعلى الحكم.

النقطة الثانية:

تُعقد البيعة للحاكم من أهل الحل والعقد، وبمشورةٍ من عامة المسلمين، وبالشروط والكيفية السابق ذكرهاص () .. ويترتَّب على البيعة للحاكم أمورٌ عديدة، مِن أهمها:

وجوب السّمع والطاعة بالمعروف، وتحريمُ مبايعة حاكم آخر، وتحريم نزع اليد مِن البيعة أو نقضها دون موجبٍ شرعي، وتحريم عقد بيعةٍ أخرى لغير الحاكم.

النقطة الثالثة:

ورد في بعض النصوص إطلاقُ البيعة في حال الحرب للإمام نفسه، فهي تجديدٌ للبيعة العامة، وما فيها من تذكير بالتزام المقاتلين بالطاعة، وحث المقاتلين على الصبر في المعركة. جاء في صحيح مسلم تحت باب (باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال): عن جابرٍ رضي الله عنه قال: (كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِائَةً، فَبَايَعْنَاهُ وَعُمَرُ آخِذٌ بِيَدِهِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، وَهِيَ سَمُرَةٌ، وَقَالَ: بَايَعْنَاهُ عَلَى أَنْ لَا نَفِرَّ، وَلَمْ نُبَايِعْهُ عَلَى الْمَوْتِ)أخرجه مسلم (3/1483، برقم 1856)..

وكما ورد عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- يوم صفين من قوله: "من يبايعني على الموت؟"سير أعلام النبلاء، للذهبي (4/33)..

قال النووي رحمه الله: "فالبيعة (على أن لا نفر) معناه: الصبر حتى نظفر بعدونا أو نقتل، وهو معنى (البيعة على الموت)، أي نصبر: وإن آل بنا ذلك إلى الموت، لا أن الموت مقصود في نفسه، وكذا (البيعة على الجهاد) أي: والصبر فيه"شرح النووي (13/3).. وقد تكون لقائد الجيش في أرض المعركة بمعنى (المعاهدة على القتال)، لتصبير المقاتلين، وتشجيعهم، وتقوية معنوياتهم. 
فقد "جعل علي على مقدمة أهل العراق قيس بن سعد بن عبادة وكانوا أربعين ألفًا بايعوه على الموت"أخرجه في فتح الباري (13/63)..

وورد عن عكرمة -رضي الله عنه- أنه نادى في معركة اليرموك: "مَنْ يُبَايِعُ عَلَى الْمَوْتِ؟ فَبَايَعَهُ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ وَضِرَارُ بْنُ الأَزْوَرِ في أربعمائة مِنْ وُجُوهِ الْمُسْلِمِينَ وَفِرْسَانِهِمْ"تاريخ الرسل والملوك "تاريخ الطبري" (3/401).. ويقصد بها هنا البيعة اللغوية التي هي بمعنى الاتفاق والمعاهدة، ولا يتعدَّى أثرها هذا الموضع فحسب، بدلالة أنَّه ليس لهذا المبايَع إلا مناصرته أثناء الحمل على العدو فحسب.

وقد نبَّه إلى الفرق بين بيعة الأمير والبيعة في أرض المعركة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعنْ عبدِ اللَّهِ بنِ زَيدٍ -رضِي اللَّه عنهُ- قال: "لَمَّا كَانَ زَمَنُ الحَرَّةِ أَتَاهُ آتٍ فَقَالَ لَهُ: إِنَّ ابْنَ حَنْظَلَةَ يُبَايِعُ النَّاسَ عَلَى المَوْتِ، فَقَالَ: لاَ أُبَايِعُ عَلَى هَذَا أَحَدًا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"أخرجه البخاري (4/50، برقم 2959).. قال القسطلاني رحمه الله: "والفرق أنه عليه الصلاة والسلام يستحق على كل مسلم أن يفديه بنفسه بخلاف غيره"إرشاد الساري (5/121)..

النقطة الرابعة:

من الخطأ في هذه المسالة الخلط بين مسائل الإمارة، والعمل الجماعي، والبيعة. حيث اعتقد القائلون بالبيعة لغير الإمام الحاكم أنَّ كلّ أميرٍ لا بدّ أن تُعقد له بيعةٌ، واستدلوا بأحاديث الإمارة والتّأمير على لزوم البيعة، وهذا خطأ. فالإمارة تُعقد للاجتماع على رأي واحد وعدم النّزاع، وقد حثَّ عليها النبي صلى الله عليه وسلم في الأمور اليسيرة كالسفر تنبيهًا على ما هو أعظم منها، قالَ صلى الله عليه وسلم: (إِذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ)أخرجه أبو داود (4/251، برقم 2609).. قالَ الخطّابي رحمه الله: "إنّما أمر بذلك؛ ليكون أمرُهم جميعًا، ولا يتفرّق بهم الرأيُ، ولا يقع بينهم اختلافٌ"معالم السنن (2/260)..

وقال ابنُ تيمية رحمه الله: "أوجب صلى الله عليه وسلم تأميرَ الواحد في الاجتماع القليل العارضِ في السّفر؛ تنبيهًا بذلك على سائر أنواع الاجتماعِ"مجموع الفتاوى (28/390).. وقال الشوكاني رحمه الله: "ومع التّأمير يقلّ الاختلافُ، وتجتمع الكلمةُ، وإذا شُرع هذا لثلاثةٍ يكونون في فلاةٍ مِن الأرضِ، أو يسافرون فشرعيتُه لعددٍ أكثرَ يسكنون القرى والأمصارَ، ويحتاجون لدفع التّظالمِ، وفصل التّخاصم أولى وأحرى"نيل الأوطار (8/294)..

ولم يرد في هذه النصوص الشرعية، وأقوال أهل العلم ما يدلّ على البيعة في مثل هذه الأحوال، ولا تسميةُ الإمارة بالبيعة، بل جميعُ مبتدعٌ محدث. وفرقٌ بين إمارةٍ مخصوصةٍ في الزمن والغاية، والسلطات، وبين بيعة هي من جنس بيعة الحكام.

- كما اعتقد بعضهم أنَّ العمل الجماعي لا يقوم ولا يتنظَّم إلا ببيعة، وهذا إلزام بما لا يلزم، ولا دليل عليه، فتنظيم العمل الجماعي راجعٌ إلى تحديد الصلاحيات، وتقسيم الأعمال، ولا ارتباط له ببيعة ولا إمارة.

ولا بد من الإشارة إلى القائلين ببيعة الجماعات يستدلون على كلامهم بالتوسُّع في بيان الحكمة من تشريع الإمارة، أو فضائل العمل الجماعي، وهذا مما لا خلاف فيه، وهو خارج محل النزاعتاريخ ظهور بيعات الجماعات في التاريخ الإسلامي يحتاج لمزيد بحث وتحرير، ويمكن باستعراضٍ سريع تسجيل التالي: أول ما ظهرت بيعات الجماعات في التاريخ الإسلامي على يد الخوارج الذين كفروا الحكام وأسقطوا ولاياتهم، واعتبروا أنَّ بيعة جماعتهم هي البيعة الشرعية، ثم تتالت الجماعات المنحرفة التي ادعت الخلافة، أو الإمارة، أو المهدية، وبخاصة الجماعات الباطنية بمختلف أنواعها.  ثم خطت البيعات خطوة أخرى داخل المجتمع المسلم دون إسقاطٍ لبيعة الإمام الحاكم، كما ظهرت عند الطرق الصوفية، والتي ارتبطت بيعة المشايخ فيها بأخذ العهد والميثاق، وسند الطريقة، والغلو في طاعة الشيخ، والامتثال لأمره وعدم معصيته، ثم انتقلت لبعض الجماعات الدعوية المعاصرة، بشيء مشابه لذلك، ومنها إلى جماعات الغلو لما اعتنقت تكفير الدول والحكومات، وانعزلت عن المجتمع، واتخذت لنفسها أفكارًا ادعت صحتَها دون سواها.  .

النقطة الخامسة:

مما سبق يتَّضح أنَّ ما يعرف باسم (بيعة الجماعات) سواء كانت دعوية أو جهادية أمر بدعيٌ غير مشروع، لا دليلَ عليه من كتاب أو سنة، أو عمل السّلف أو أقوال أهل العلم، بل هي مِن آثار الانعزال عن المجتمع والتمايز عنه بجماعة تحصر الحق في دعوتها أو جماعتها.

فالعمل ضمن هذه الجماعات أو المؤسسات، والانضمام إليها هو من جنس العقود بين الطرفين، والوفاء بهذا العقد، ما لم يخالف حكمًا شرعيًا كأي عقدٍ آخر؛ لعموم النصوص الحاثة على الوفاء بالعقود، كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: 1]، وقوله : {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [النحل: 91].

وللشّخص العامل فيها طلب الإقالةَ مِن هذا العهد بعد إبراء ذمته بتسليم عهدته مِن أدواتٍ أو عتاد وسلاح، كما يقع التحلّل مِن هذا العهد بانتهاء الغرض الذي تعاقدوا عليه، كانتهاء القتال ونحوه، ولا يحرم عليه إنهاء تعاقده أو عمله، إلا ما يكون لبعض هذه الأعمال من خصوصية كالفصائل المقاتلة؛ لأنَّ في تركها بسبب مشاحنة أو اختلاف في وجهات النّظر سيسبب تخلخل الصّفوف، وإضعاف المجاهدين.

وليس لقائد هذه الجماعة ما للحاكم الشرعي، مِن البيعة، أو الحقوق المترتبة عليها، وليس له إلزام الأفرادِ بالطّاعة التي هي من جنس طاعة الحاكم. كما أنَّ تعدُّد البيعات لهذه الجماعات سيؤدي إلى تفريق كلمة المسلمين، والتعصب لها، وعقد الولاء والبراء عليها، والحبّ والبغض على مسمياتها، وجميع ذلك داخلٌ فيما حذر الله منه من التفرّق والاختلاف، والجماعةَ الحق التي يُعقد لها الولاء والمحبة والنصرة بإطلاقٍ هي جماعة المسلمين العامة، وهو مقتضى أخوة الدينقال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله: "والخلاصة: أنَّ البيعة في الإسلام واحدة من ذوي الشوكة: أهل الحل والعقد لولي المسلمين وسلطانهم، وأن ما دون ذلك من البيعات الطرقية والحزبية في بعض الجماعات الإسلامية المعاصرة كلها بيعات لا أصل لها في الشرع، لا من كتاب الله ولا سنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ولا عمل صحابي ولا تابعي، فهي بيعات مبتدعة، وكل بدعة ضلالة وكل بيعة لا أصل لها في الشرع فهي غير لازمة العهد، فلا حرج ولا إثم في تركها ونكثها، بل الإثم في عقدها؛ لأنَّ التعبد بها أمر محدث لا أصل له، ناهيك عما يترتب عليها من تشقيق الأمة وتفرقها شيعًا وإثارة الفتن بينها، واستعداء بعضها على بعض فهي خارجة عن حد الشرع سواء سميت بيعة أو عهدًا أو عقدًا" ينظر: حكم الانتماء إلى الفرق والأحزاب والجماعات الإسلامية، ص (182)..

والخلاصةُ:

أنَّ خلافةَ تنظيم (الدّولة) تفتقد لجميع مقوّمات الدّولة، بدءًا مِن قيامها على يد فئة خارجية منحرفة العقيدة، معتدية على المسلمين يجب دفع شرّها وضررها، إلى افتقادها للشّورى، ورضا المسلمين، فلا تعدو أن تكون كبقية الحركات الخارجية التي ظهرت في التاريخ الإسلامي سرعان ما تزول.

    
المصدر: كتاب "شُبهات تنظيم "الدولة الإسلامية" وأنصاره والرَّد عليها" الشبهة الثّانيةَ عشرةَ، د. عماد الدين خيتي

1 - أخرجه البخاري (4/169، برقم 3455)، ومسلم (3/1471، برقم 1842).
2 - أخرجه مسلم (3/1480، برقم 1853).
3 - السُّنة، لأبي بكر الخلال (1/80).
4 - روضة الطالبين وعمدة المفتين (10/43).
5 - منهاج السنة النبوية (8/336).
6 - وهو ما اجتهد وزير دفاع التنظيم السابق أبو حمزة المهاجر في إثباته من خلال دراسة طويلة مليئة بالمغالطات والتحريفات أسماها (الدولة النبوية)، تقوم على عدة أفكار، من أهمها: 1- لا يشترط أن يعمّ الأمان والاستقرار في الدّولة المعلنة. 2- لا يشترط أن تكون الغلبة والسيطرة التامة للمسلمين على مناطق الدولة. 3- يكفي أن تكون المنطقة مماثلة لمساحة المدينة النبوية وعدد سكانها لإعلان الدولة. وفي هذا التفسير تسطيح خطير وساذج لمعنى الدّولة الإسلامية، لا يدعمه دليلٌ شرعي، ولا نظر عقلي، ولم يقل به أحدٌ مِن أهل العلم قديمًا ولا حديثًا، بل فيه فتح لباب العبث بإطلاق اسم الدولة أو الإمارة على مجموعة مبان أو مناطق محدودة بمجرد الاستيلاء عليها، وهو ما حدث بالفعل في عدد مِن الدول الإسلامية على يد بعض الحركات، وأيدها تنظيم (الدولة) في ذلك، كما حصل في أحد مساجد غزة على يد جماعة (جند أنصار الله) قبل سنوات، ويحصل حاليًا بأخذ البيعات (للخلافة) مِن عدة تنظيمات في بلدان مختلفة، تُقيم إمارات أو ولايات في بضع أبنية أو غرف!
7 - لتنظيم (الدولة) منهج منحرف في نظرته للدولة، وفهمه لإقامتها، ونقاشها يحتاج لمزيد إيضاح وبسط، ويمكن لذلك مراجعة المقالين التاليين:  نقاش هادئ حول فكر (دولة الإسلام في العراق والشام) (4) موقف تنظيم (الدولة) من إقامة الدولة http://syrianoor.net/revto/8122. ونقاش هادئ حول فكر (دولة الإسلام في العراق والشام) (5) موقف تنظيم (الدولة) من البيعة http://syrianoor.net/revto/8384.
8 - أخرجه مسلم (4/2024، برقم 2623).
9 - سبقت ص ().
10 - أخرجه البخاري (8/ 169، رقم 6830).
11 - تكرر في التاريخ أن أعلن عددٌ من أهل البدع (خلافات) خاصة بهم في بعض البلدان، ومن ذلك: 1- ادعى شبيب الخارجيّ الخلافة في عهد عبد الملك، ولم ينلْها. 2- في سَنة 140 للهجرة، دُعي بالخلافة لرأس الإباضيَّة عبد الأعلى بن السَّمح المعافري، واستمرَّ أربع سنوات، ثم قتله المنصور عام 144هـ. 3- وفي طَنْجة دُعي للخِلافة لأمير الخوارج، وخاطبوه بأمير المؤمنين، ثم قتله خالدُ بن حبيب الفهريُّ.  4- وادَّعى المعز إسماعيل بن طغتكين حاكم زبيد أنَّه قُرشي من بني أُميَّة، وهو مِن أصلٍ كُردي، خرج عن منهج أهل السنة وتشيَّع، فخطَب لنفسه بالخلافة، وتلقَّب بالهادي، ثم هلَك سنة 598هـ. ينظر: إعلانُ الخِلافةِ الإسلاميَّةِ - رؤيةٌ شرعيَّةٌ واقعيَّةٌ، لعَلَوي بن عبدالقادر السَّقَّاف  http://dorar.net/article/1760.
12 - شرح النووي (12/231).
13 - الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضلال والزندقة (2/627).
14 - غياث الأمم في التياث الظلم ص (326).
15 - الأحكام السلطانية (1/66).
16 - (د. فهد العجلان).
17 - شرح النووي (12/229).
18 - مجموع الفتاوى (28/502).
19 - مجموع الفتاوى (28/390).
20 - الفتاوى الكبرى (5/538).
21 - الفروسية (1/188).
22 - تحفة المحتاج (7/261).
23 - غياث الأمم (1/387).
24 - ظهر في تنظيم (الدّولة) وغيره مِن تنظيمات الغلاة عقدُ الولاء والبراء على تنظيماتهم ومشاريعها، والحرص الشديد على إعلان الدول وإنشاء الإمارات، مع الاستيلاء على مراكز الثروة، ومكامن القوة، واستمالة السكان واستقدام الأتباع لتقوية تنظيماتهم، بل لا يكادون يسمعون بمكان يقوم فيه الجهاد أو المقاومة إلا ويتطفلون عليه، ثم يزعمون أنهم الأحقّ بحكمه، ويكفّرون غيرهم ويقتلونهم بسبب ذلك، بل ويقتتلون فيما بينهم عليها، فلبَّس عليهم الشيطان دينهم فاعتقدوا أنَّ الجهاد والدعوة لا تقوم إلا بدولة وحكم، وأنّه لا دينَ صحيحَ إلا ما كانوا عليه؛ فوضعوا الحكم نصب أعينهم الوصول إلى السلطة بكل طريقةٍ مهما كانت؛ ليطبقوا شرع الله الصحيح كما يزعمون، فأضحوا بتصرفاتهم تلك طلاب سلطة، وأصحاب دنيا، وإن رفعوا في ذلك شعارات (إن الحكم إلا لله)، أو (تحكيم الشريعة)، فأشبهوا بذلك الخوارج الأولين. ذكر أبو حيان التوحيديّ في كتابه "البصائر والذخائر" (1/156) : أنّه "أتى رجلٌ من الخوارج الحسنَ البصري فقال له: ما تقول في الخوارج؟ قال: هم أصحاب دنيا، قال: ومِن أين قلتَ، وأحدُهم يمشي في الرمّح حتى ينكسر فيه ، ويخرج مِن أهله وولده؟  قال الحسن: حدّثْني عن السلطان أيمنعك مِن إقامة الصّلاة، وإيتاء الزكاة، والحجّ والعمرة؟ قال: لا، قال: فأُراه إنما منعك الدنيا فقاتلته عليها". وبسبب غلوهم في مشاريعهم، وعنفهم مع كل من خالفهم، وقعوا في أشدِّ مما نقموه من الطّغاة الذين زعموا أنهم خرجوا عليهم، فصاروا يكفّرون، ويستبيحون الدماء لمجرد مخالفة مشروعهم، ويقتلون مَن يتركهم، أو يتخلى عن بيعتهم، ويُغدقون أوصافَ التعظيم والعصمة على مشروعهم ودولتهم وحكامها، ويرفضون مراجعتَها، أو إعادة النّظر فيها! .
25 - أخرجه أبو داود (3/306، برقم 2608).
26 - أخرجه مسلم (3/1478، برقم 1851).
27 - أخرجه أبو داود (6/302، برقم 4248)، وابن ماجه (5/103، برقم 3956)، وأحمد (6/54، برقم 6501).
28 - أخرجه مسلم (3/1480، برقم 1852).
29 - لسان العرب (8/26).
30 - لباب التأويل في معاني التنزيل "تفسير الخازن" (4/156).
31 - ديوان المبتدأ والخبر "تاريخ ابن خلدون" (1/261).
32 - ص () .
33 - أخرجه مسلم (3/1483، برقم 1856).
34 - سير أعلام النبلاء، للذهبي (4/33).
35 - شرح النووي (13/3).
36 - أخرجه في فتح الباري (13/63).
37 - تاريخ الرسل والملوك "تاريخ الطبري" (3/401).
38 - أخرجه البخاري (4/50، برقم 2959).
39 - إرشاد الساري (5/121).
40 - أخرجه أبو داود (4/251، برقم 2609).
41 - معالم السنن (2/260).
42 - مجموع الفتاوى (28/390).
43 - نيل الأوطار (8/294).
44 - تاريخ ظهور بيعات الجماعات في التاريخ الإسلامي يحتاج لمزيد بحث وتحرير، ويمكن باستعراضٍ سريع تسجيل التالي: أول ما ظهرت بيعات الجماعات في التاريخ الإسلامي على يد الخوارج الذين كفروا الحكام وأسقطوا ولاياتهم، واعتبروا أنَّ بيعة جماعتهم هي البيعة الشرعية، ثم تتالت الجماعات المنحرفة التي ادعت الخلافة، أو الإمارة، أو المهدية، وبخاصة الجماعات الباطنية بمختلف أنواعها.  ثم خطت البيعات خطوة أخرى داخل المجتمع المسلم دون إسقاطٍ لبيعة الإمام الحاكم، كما ظهرت عند الطرق الصوفية، والتي ارتبطت بيعة المشايخ فيها بأخذ العهد والميثاق، وسند الطريقة، والغلو في طاعة الشيخ، والامتثال لأمره وعدم معصيته، ثم انتقلت لبعض الجماعات الدعوية المعاصرة، بشيء مشابه لذلك، ومنها إلى جماعات الغلو لما اعتنقت تكفير الدول والحكومات، وانعزلت عن المجتمع، واتخذت لنفسها أفكارًا ادعت صحتَها دون سواها.
45 - قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله: "والخلاصة: أنَّ البيعة في الإسلام واحدة من ذوي الشوكة: أهل الحل والعقد لولي المسلمين وسلطانهم، وأن ما دون ذلك من البيعات الطرقية والحزبية في بعض الجماعات الإسلامية المعاصرة كلها بيعات لا أصل لها في الشرع، لا من كتاب الله ولا سنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ولا عمل صحابي ولا تابعي، فهي بيعات مبتدعة، وكل بدعة ضلالة وكل بيعة لا أصل لها في الشرع فهي غير لازمة العهد، فلا حرج ولا إثم في تركها ونكثها، بل الإثم في عقدها؛ لأنَّ التعبد بها أمر محدث لا أصل له، ناهيك عما يترتب عليها من تشقيق الأمة وتفرقها شيعًا وإثارة الفتن بينها، واستعداء بعضها على بعض فهي خارجة عن حد الشرع سواء سميت بيعة أو عهدًا أو عقدًا" ينظر: حكم الانتماء إلى الفرق والأحزاب والجماعات الإسلامية، ص (182).

إضافة تعليق جديد