شبهات تنظيم الدولة وأنصاره والرد عليها: الشبهة التاسعة عشرة: الفصائل الأخرى توالي الكفّار في قتال تنظيم (الدّولة)
تقول الشُّبهة:
قتالُ الفصائل لتنظيم (الدّولة) الآن هو في حقيقتِه قتالٌ تحت مظلّة ما يٌسمّى الحرب على الإرهاب، وتحت قيادةٍ كافرة، وهذا موالاةٌ للكفّار، ومَن والى الكفار فهو كافرٌ مثلهم، لقوله تعالى : {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[المائدة: 51]، فالفصائلُ المخالفة للتّنظيم قد وقعت في الكفرِ والرّدّة، لموالاتها للكفار.
الرّدُّ على هذه الشّبهة:
في هذه الشُّبهة مغالطاتٌ تاريخيّةٌ وشرعيّةٌ عديدةٌ، وبيانُ ذلك كما يلي:
-
أولًا:
مَن خالف تنظيمَ (الدّولة) مِن الهيئات الشّرعية، والفصائل العسكرية فإنَّ موقفَها نابعٌ مِن الفهم الشّرعي لطبيعة هذا التّنظيم، والوعي بخطر بدعتهم الخارجيّة، وأثرِها على الدّين وواقع المجتمع والبلاد، وهو موقفٌ لا تغيّره علاقةُ التّنظيم بالجهات الأخرى تحالفًا أو عداوةً، مهما اختلفت الظّروف.
وقد كانت الهيئات الشّرعيةُ، والفصائل العسكريةُ أوّلَ مَن حذَّر مِن انحراف التنظيم، وخطورة ممارساته، ونبّهتْ أنَّ تصرفاتِه التي يقوم بها ستستعدي الأعداء بـ (فتحِ البلاد أمامَ التّدخلات الأجنبيّة المتربِّصة، وتقديمِ المسوِّغ لها لأيِّ تصرّف تتّخذه ضدَّ المجاهدين أو قياداتهم تحتَ دعوى محاربة "التطرف والإرهاب"، وغيرِ ذلك ممّا لا يخفى على عاقلٍ). وقد صدر هذا الموقف بتاريخ (3) جمادى الآخرة من عام 1434هـ، الموافق (13) نيسان / أبريل لعام 2013ميُنظر: (بيان حول الدّولة الإسلامية في العراق والشام وبيعة جبهة النصرة) http://islamicsham.org/letters/824..
فكانت بحقٍّ أولَ مَن رفض التّدخل الأجنبيَّ، وحذَّر مِن تصرفات تنظيم (الدّولة) التي ستقود ذلك التّدخّل إلى سورية.
ثم تتالت الفتاوى والبيانات الدّاعية إلى تجنيب البلاد الفتنة جرّاء تصرفات هذا التنظيم عبرَ شهورٍ طويلةٍ، وقد سبقت الإشارةُ إليها، ومنها:
-
(بيان إلى الفصائل والكتائب المجاهدة في سورية) الصادر بتاريخ (28) ذي الحجة من عام 1434 هـ، الموافق (2) تشرين الأول / نوفمبر لعام 2013 م.
-
و(بيان حول تصرفات تنظيم (الدّولة الإسلامية في العراق والشام) الصادر بتاريخ (18) صفر من 1435هـ، الموافق (21) كانون الأول / ديسمبر لعام 2013 م.
إلى أنْ ثبت إجرامُ التّنظيم، وإيغالُه في الدّماء والأموال، فصدرت الفتاوى بدفع صيالِه واعتدائه.
وما إنْ قام الحلفُ لمحاربة "الإرهاب" في شهر ذي القعدة من العام 1435هـ، الموافق للشهر التاسع مِن العام 2014م حتى تداعت الهيئاتُ الشّرعية، والمكوّنات الثّورية، والفصائلُ المسلحة إلى رفض هذا التّدخّل، والتّحذير مِن الانضواء تحت رايتِه، لاختلاف أهدافِ هذا الحلف، مع أهداف الشّعب السّوري في مقارعة التّنظيمينظر: (بيان للشعب السوري حول الحرب على الإرهاب) http://islamicsham.org/letters/2040..
وهذا ما يكشف زيفَ وكذبَ ما ادّعاه تنظيمُ (الدّولة) مرارًا مِن تحالفِ الفصائل وموالاتهم لغير المسلمين، وحكمه عليهم بالكفرِ والرّدّة لأجل ذلك.
وعلى الرّغمِ مِن مرور الشّهور الطّويلة، وكثرة الاتّهامات لم يثبت تعاونُ الفصائل مع الحلف، بل الثّابتُ تعاونُ التّنظيم مع الأعداء، كما جرى بيانه.
بالإضافة إلى عدم جدّية التّحالف في إنهاء التّنظيم، أو القضاء عليه كما سبق.
-
ثانيًا:
اعتبارُ قتال المجاهدين لتنظيم (الدّولة) الخارجيِّ الصّائل أثناءَ ضرب التحالف الدّولي له بمثابة الإعانة للحلفِ، والانضواءِ تحتَ رايتِه: قولٌ بيِّنُ البُطلان:
1. فقتالُ الفصائل سابقٌ لدخول الحلف وتدخّله، وبالتّالي فليس هو إعانةً، ولا استعانةً.
2. لا يُطلب مِن المجاهدين إيقافُ قتالهم لعدوٍّ محاربٍ صائلٍ لمجرّد قتالِ آخرينَ له، ولا يُعدُّ ذلك إعانةً له، أو تحالفًا معه في أيِّ عُرفٍ، وإلّا لوجب مطالبةُ المجاهدين بالتّوقّف عن قتال النّظام إنْ قام الحلفُ بضربه، أو عن قتال حزبِ الله بسبب قتال إسرائيلَ له، ومآل هذا الكلام توقّفُ الجهاد، ولا يجادل في هذا إلا جاهلٌ، أو مكابرٌ.
3. يمكن أن يُسمّى هذا الأمرُ تقاطعَ مصالح، وهو: التقاء المصالح أو توافقها دون سابقِ اتّفاق، وهو ليس مِن باب الإعانة ولا الحلف، وقد ورد مثل ذلك عن بعض الشخصيات التي يزعم التنظيم الانتماء لها والاقتداء بها، فهذا ابن لادن يقول في تسجيل صوتي عن الحرب في العراق عام (2003م): "بغضّ النّظر عن بقاء أو زوال الحزب الاشتراكي وصدام: فيجب على المسلمين عامّةً، وفي العراق خاصّة أنْ يشمّروا عن ساق الجدّ والجهاد ضدّ هذه الحملة الظّالمة، وأن يحرصوا على اقتناء الذّخائر والسّلاح، فهذا أمرٌ واجبٌ عليهم متعيّن. ولا يضرُّ في هذه الظّروف أن تتقاطعَ مصالحُ المسلمين مع مصالح الاشتراكيين في القتال ضدّ الصّليبيين، مع اعتقادنا وتصريحنا بكفر الاشتراكيين... وهذا القتالُ الذي يدور أو يكاد أنْ يدورَ في هذه الأيام يشبه إلى حدٍّ بعيدٍ قتالَ المسلمين للرّوم مِن قبلُ، وتقاطعُ المصالح لا يضرُّ، فقتالُ المسلمين ضدَّ الرّوم كان يتقاطع مع مصالح الفُرس، ولم يضرّ الصّحابةَ -رضي الله عنهم- ذلك في شيء".
4. باستخدام هذه القاعدةِ (التّزامن في القتال يعني التّحالفَ والموالاة الكَفرية) يمكن الحكمُ على تنظيم (الدّولة) بالكفر والرّدّة، وذلك لأنّهم حاربوا المجاهدين أثناءَ حرب النّظام لهم، بل كانوا يشتركون مع النّظام في حصار العديد مِن المناطق، وأدّى غدرُهم بالمجاهدين وانسحابُهم مِن بعض المناطق إلى استغلال النّظام لها بالتّسلل إلى استعادة النّظام لتلك المناطق.
كما استطاع النّظامُ المرورَ بجيشه مِن بين بعض نقاط التّنظيم لضرب المجاهدين دون أنْ يتعرض له التنظيموقد صرح عدةٌ مِن قادة التنظيم عبر مواقعهم علمهم وفرحهم بضربات النّظام، ورغبتهم في استغلالها!..
وكان التّنظيم يحرّك قطاعاته العسكرية الضّخمة لمئات الكيلومترات دون أنْ يتعرّض لها النّظامُ بسوءٍ، وهو الذي يستهدف أيَّ تحرُّكٍ يسير للكتائب الأخرى، ويحاصرُها.
وأثبتت الأيامُ والوقائعُ أنّ هذا التّنظيم استخدمه النّظامُ والعالم في القضاء على قادة المجاهدين، ومحاولة القضاء على الثّورتين العراقية والسّورية، ثمّ في هذا التّدخل الأجنبي الفجّ في بلادنا.
فمَن أحقُّ بالتّكفير والحكم بالعمالة والرّدّة بناءً على ذلك؟!.
5. الثّابتُ مِن بيانات التّنظيم وفتاواه أنَّ تكفيرَ الفصائل والمخالفين له كان قبل حصول التّحالف بكثيرٍ، بل حتّى قبل دخول هذه الفصائل مع بعضِها في أحلافٍ ومواثيقَ، ففي بيان هيئتهم الشّرعية (حول الجبهة الإسلامية وقياداتها) الصادر في الشهر الخامس من عام 2014م قالوا: "إنَّ أمراءَ ما يسمّى بالجبهة الإسلامية قد تلبَّسوا بمناطاتٍ كفريّةٍ قبل إنشاء جبهتِهم وبعدَها".
بينما الحلفُ ضدَّ الإرهاب قد بدأ تشكيلُه في الشّهر التّاسع مِن العام 2014م، أمّا تشكيل الجبهة الإسلامية فقد كان في الشّهر الحادي عشر مِن العام 2013م، أي أنَّ الحكمَ بالكفرِ كان في بدايات الجهاد في سورية، وأثناء بداية ظهور تنظيم (الدّولة)!
-
ثالثًا:
مقدّماتٌ لمسألة حكم الاستعانة بالكفّار في القتال:
بما أنَّ الشُّبهةَ قد تناولت مسألةَ الاستعانةِ بالكفّار على المسلمين، فلا بدَّ مِن الإشارة إلى بعض المقدّمات الضّرورية:
1. هناك فرقٌ بين الاستعانة والإعانة، فالاستعانة هي طلب النجدة والإغاثة لصالح المستعين، أما الإعانة فتطلق على تقديم العون للكافر في حربه ضد المسلم.
ولكلٍ من هذين النوعين مبحثهما الخاص وأحكامهما، والمسألة المبحوثة هنا هي من باب استعانة بعض المسلمين في حربهم التي يخوضونها ضد مسلمين آخرين ببعض الكفار، وليست من قبيل الإعانة.
2. كما أنَّ هناك فرقًا بين مسألتي الاستعانة والموالاة، فلكلٍّ منهما معنىً مستقلٌّ، ولا تلازمَ بينهما، وقد ثبتت استعانةُ النّبي صلى الله عله وسلم بكفّارٍ في أعمالٍ مختلفة، فقد استعان النبي صلى الله عله وسلم بالـمُطْعِم بن عَدي في حمايته مِن المشركين، وبعبد الله بن أُريقط في الدّلالة على الطّريقِ في الهجرة ، وورد أنّه استعان بناسٍ مِن اليهود في خيبرَ للقتال ، ولم يكن في جميع هذه الأعمال مواليًا لهم، ولا متّخذًا لهم بطانة، وإنّما فعل ذلك لحاجة المسلمين إلى تلك الاستعانة في أمورٍ تحقّق مصالحهم.
ولو كانت الاستعانة مِن الموالاةِ لكانت محرّمةً على كلّ حالٍ، كما أنّ الموالاةَ محرّمةٌ دائمًا!
3. الدّخول في حلفٍ على تحقيقِ هدفٍ معيّن لا يقتضي موالاةَ الحليف، ولا الموافقةَ على كل ّأحواله، إذ الحلفُ يقتضي الاتفاقَ أو التّعاقد بين المتحالفين على تحقيق المصالح المشتركة، أو دفع العدو المشترك.
وقد قال النبي صلى الله عله وسلم في مشركي قريش: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لاَ يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا)أخرجه البخاري (3/193، برقم 2731).، فلا يصحّ والحالة هذه القولُ بأنّ التحالفَ يستلزم الانضمام تحت لواء الحليف، أو التبعية له، أو موالاته.
4. تصوير مسألة الاستعانة بالحلف الدولي ضد تنظيم (الدّولة) على أنّها استعانةٌ (بكافرٍ) على (طرفٍ مسلمٍ) غيرُ صحيحةٍ، وخروجٌ عن حقيقةِ المسألة، فتنظيمُ (الدّولة) لا يحقّق إنجازاته منفردًا، بل هو مستفيدٌ مِن خدمات وتسهيلات كفّارٍ آخرين محليين وعالميين، واختراقهما، وهو راضٍ بذلك مستغلٌّ له أبشع استغلال.
بالإضافة إلى أنَّه طرفٌ خارجيُّ المعتقد معتدٍ، لم يكن أحدٌ أشدَّ ضررًا على الثّورة السّورية منه، ولا حتّى النّظام السّوري الطّائفي في كثيرٍ مِن الأحيان، لشدّة إجرامه في حقّ المسلمين والمجاهدين.
فحقيقةُ استعانةَ المجاهدين بالتّحالف ضدّ تنظيم (الدّولة) -على فرض حصولها- هي (استعانةُ مسلمٍ بكافر) على (مسلمٍ معتدٍ متحالفٍ مع كافرٍ آخر)، فهي أقرب إلى مقاومة حلفٍ بحلفٍ آخرمن شؤم الغلاة: أنَّهم ما إن يظهروا في مجتمع حتى يسارعوا إلى اتهام مخالفيهم بالتواصل مع الكفّار حتى قبل أنْ يقوموا بأيّ تواصل أو اتفاق، بسبب نظرة الشك والاتهام لكل من يخالفهم، ثمّ رميهم بالخيانة والعمالة بذلك، بناءً على منهجهم في أنَّ أيّ اتفاق أو تواصل هو خيانةٌ وردّة، ويستبيحون دماءهم بذلك، ثمّ ما إن يحصل هذا التّواصل على أرض الواقع، وهو حاصل لا محالةَ كما هي طبيعة الدول والعلاقات بين القوى المختلفة، حتى يسارعوا إلى القول: أرأيتم؟ هذا ما كنّا نقوله ونحذّر منه! ويجعلونه دليلًا على صحة تكفيرهم المسبق..
5. لا بدّ في هذه الحالات مِن التّفريق بين حال السَّعة وحال الضّرورة، ففي حال السّعة تتوافر القدرة على الاختيار، أمّا في حال الضرورة فلا توجدُ تلك القدرة، بل يكون الشّخصُ مضطرًّا لسلوك سبيل واحدٍ وإلا هلك.
والحالُ في سوريةَ اليومَ يُعدُّ مِن أشدّ حالات الاضطرار، مِن حصارٍ، وتهجيرٍ، وتجويعٍ، ومنعِ سلاحٍ، وقتلٍ لمئات الآلاف ، وأضعافهم مِن الجرحى والمعاقين، والمعتقلين، وملايين المهجرين.
وبابُ الضّرورة الشّرعية لا يكون في أبواب العبادات والأمور الفقهية فحسب، بل يقع في الأمور العقدية كذلك، على فرض أنَّ مسألة الاستعانة هذه تمسّ الأمور العقدية، ومِن الأمثلة على ذلك:والأمثلة على الاضطرار والاستضعاف كثيرة، ينظر كتاب: الاستضعاف وأحكامه في الفقه الإسلامي، زياد المشوخي.:
الاضطرار إلى النّطق بالكفر:
عن محمّد بن عمار بن ياسر قال: (أخذ المشركون عمّارَ بنَ ياسرٍ، فلم يتركوه حتى سبّ النّبي صلى الله عله وسلم، وذكر آلهتَهم بخيرٍ، ثمّ تركوه، فلمّا أتى رسولَ الله صلى الله عله وسلم قال: ما وراءَك؟ قال: شرٌّ يا رسول الله، ما تُركت حتى نلتُ منكَ، وذكرتُ آلهتهم بخيرٍ، قال: كيف تجد قلبَك؟ قال: مطمئنٌّ بالإيمان، قال: إن عادوا فعُدْ)أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (8/362، برقم 16896)، والحاكم في المستدرك (2/389، برقم 3362)..
وذكر المفسرون أنَّ ذلك كان سببَ نزول قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ}[النحل: 106]ينظر: تفسير الطبري (14/373)، تفسير البغوي (5/45)..
الاضطرار إلى البقاء في البلاد التي يحكمها الكفّار،
أو التي لا يستطيع الشّخصُ إظهارَ شعائر دينه فيها، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا}[النساء: 97-99].
مع تشديده صلى الله عله وسلم في الإقامة في بلاد الكفر، كقوله: (أنا بريءٌ مِن كلِّ مسلمٍ يُقيمُ بين أظهُرِ المشركينَ. قالوا : يا رسول الله، ولمَ؟ قال : لا تراءى ناراهما)أخرجه الترمذي (4/155، برقم 1604)، على أنَّ الإقامة في بلاد الكفار لها أحكام مختلفة كما هو مبسوط في كتب أهل العلم وفتاواهم..
الاضطرار إلى التدرج في الحكم بالشرع،
للعجز وعدم القدرة، كما سيأتيص ()، ويراجع للأهمية.. وليس صحيحًا أنَّ الاضطرار لا يكون إلا في الأمور الفقهية فحسب!
-
رابعًا: حكم الاستعانة بالكفار في قتال (المسلمين):
بحث أهلُ العلم مسألةَ الاستعانة بغير المسلمين في قتال البغاة، فذهب جمهورُهم إلى عدم جواز الاستعانة بالكفّار على البغاة، وذهب بعضُ أهل العلم إلى جواز ذلك في حال الضّرورة، وبشروط.
فمِن أقوال الجمهور المانعين مِن ذلك:
قول الإمام الشّافعي رحمه الله: "ولا يجوز لأهلِ العدل عندي أنْ يستعينوا على أهلِ البغي بأحدٍ مِن المشركين، ذمّيٍّ ولا حربيٍّ، ولو كان حكمُ المسلمين الظاهرَ، ولا أجعلُ لمن خالف دينَ الله عزّ وجل الذّريعة إلى قتلِ أهل دين الله"الأم (4/232)..
وقال في نقاش من يجيز هذه الاستعانة: "فكيف أجزتَ أن تجعل المشركَ في منزلةٍ ينال بها مسلمًا حتى يسفكَ بها دمَه، وأنت تمنعه مِن أنْ تسلّطه على شاتِه التي يتقرّب بها إلى ربه؟ قال: حكمُ الإسلام هو الظّاهر. قلتُ: والمشركُ هو القاتلُ، والمقتولُ قد مضى عنه الحكمُ، وصيّرتَ حتْفَه بيدَي مَن خالف دين الله عز وجل، ولعلّه يقتله بعداوة الإسلام وأهلِه في الحال التي لا تستحلُّ أنت فيها قتلَه"الأم (4/242) ..
وقال القَرافي رحمه الله: "يمتاز قتالُ البغاةِ على قتال المشركين بأحدَ عشرَ وجهًا: أنْ يُقصدَ بالقتال ردعُهم القهري، ويُكفَّ عن مُدبرهم، ولا يُجهزَ على جريحِهم، ولا يُقتلَ أسراهم، ولا تُغنم أموالُهم ولا تُسبى ذراريهم، ولا يُستعان عليهم بمشركٍ"الذخيرة (12/9)..
وقال الماوردي رحمه الله: "أمّا الاستعانةُ بأهلِ العهدِ والذّمّة في قتالِ أهلِ البغي فلا يجوزُ بحالٍ، لقول الله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا}[النِّسَاءِ: 141]، ولقول النبي صلى الله عله وسلم: (الإسلامُ يعلو، ولا يُعلى)"الحاوي (13/129)، والحديث علّقه البخاري في صحيحه، باب إذا أسلم الصبي فمات، هل يُصلّى عليه، وهل يعرض على الصبي الإسلام (2/93)، وأخرجه موصولًا الدّارقطني (4/371، برقم3620)..
وقال النّووي رحمه الله: "لا يجوزُ أنْ يُستعانَ عليهم بالكفّارِ، لأنّه لا يجوزُ تسليطِ كافرٍ على مسلمٍ"روضة الطالبين (10/57)..
وقال ابن قدامة رحمه الله: "ولا يَستعينُ على قتالهم بالكفّارِ بحالٍ، ولا بمَن يَرى قتلَهم مدبرين"المغني (8/529)..
وقال ابن تيمية رحمه الله: "ولو قُدّر أنّ المسلمين ظلمةٌ فسقهٌ، ومظهرون لأنواعٍ مِن البدع التي هي أعظمُ مِن سبِّ عليّ وعثمانَ لكان العاقلُ ينظر في خيرِ الخيرينِ، وشرّ الشّرّين، ألا ترى أنّ أهل السّنّة وإن كانوا يقولون في الخوارج والرّوافض وغيرّهما مِن أهل البدع ما يقولون، لكن لا يعاونون الكفّارَ على دينِهم، ولا يختارون ظهورَ الكفرِ وأهلِه على ظهورِ بدعةٍ دون ذلك"منهاج السنة (6/375)..
بينما أجاز عددٌ مِن العلماء هذه الاستعانةَ بشروط:
قال السّرخسي رحمه الله: "وإنْ ظَهَرَ أهلُ البغي على أهل العدل حتى ألجؤوهم إلى دار الشّرك، فلا يحلُّ لهم أنْ يقاتلوا مع المشركين أهلَ البغي، لأنّ حكمَ أهل الشّرك ظاهرٌ عليهم، أن يستعينوا بأهلِ الشرك على أهل البغي من المسلمينَ إذا كان حكمُ أهل الشرك هو الظاهر"المبسوط (10/133)..
وقال النّووي رحمه الله: "ولا يستعين في قتالهم بالكفّارِ، ولا بمَن يَرى قتلَهم مدبرين، لأنّ القصدَ كفُّهم وردُّهم إلى الطّاعة دون قتلِهم، وهؤلاء يقَصدون قتلَهم، فإنْ دعت الحاجةُ إلى الاستعانة بهم فإنْ كان يقدر على منعهم مِن اتّباع المدبرين جاز، وإنْ لم يقدرْ لم يجز"المجموع (19/205)..
وقال الماوردي رحمه الله: "فإنْ دعته الضّرورة إلى الاستعانة بهم، لعجز أهلِ العدل عن مقاومتهم جاز أنْ يستعين بهم على ثلاثةِ شروطٍ:
- أحدُها: أن لا يجد عونًا غيرهم، فإن وجد لم يجز.
- والثّاني: أنْ يقدر على ردّهم إن خالفوا، فإن لم يقدرْ على ردّهم لم يجز.
- والثّالث: أنْ يثقَ بما شرطه عليهم أنْ لا يَتبعوا مُدبرًا، ولا يُجهزوا على جريحٍ، فإنْ لم يثقْ بوفائهم لم يجز"الحاوي (13/129)..
وقال ابن حزم رحمه الله: "هذا عندنا -ما دام في أهل العَدْلِ مَنَعَةٌ- فإن أشرفوا على الهَلَكةِ، واضطُرّوا ولم تكن لهم حيلةٌ، فلا بأسَ بأنْ يلجؤوا إلى أهل الحرب، وأنْ يمتنعوا بأهل الذّمّة، ما أيقنوا أنهم في استنصارهم: لا يؤذون مسلمًا ولا ذمّيًا في دم أو مال أو حرمة ممّا لا يحلُّ". برهان ذلك: قولُ الله تعالى {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}[الأنعام: 119] وهذا عمومٌ لكلِّ مَن اضطرّ إليه، إلا ما منع منه نصٌّ، أو إجماع"المحلى (11/355)..
-
ملحوظات على ما سبق:
1. أنَّ القائلين بمنع هذه الاستعانة جعلوه مِن باب الحلال والحرام، ولم يجعلوه مِن باب الكفر والإيمان، مع أنهم صرّحوا أنّ مِن أسباب المنع عدمَ الظّهور على الإسلام، وأنّهم نصّوا في مواطنَ أخرى على الحكم بالكفر والرّدّة في حال وجود ما يستدعي ذلك، ممّا يدلّ على أنّ الاستعانة هنا لا يدخل فيها الحكم بالرّدّة والكفر، كما يثير ذلك الغلاةُ، إلا إنْ كان قصدُ المستعين إظهارَ دين الكفّار، أو كرهًا لدين المسلمين، ونحو ذلك ممّا لا خلاف في كونه كفرًا.
2. مِن أهم أسباب المنع: أنّ في الاستعانة بالكافر إخلالًا بالمقصود مِن القتال، وهو: (دفع الصّائل، وكفّ أذاه، وعدم قتل مدبر أو جريح أو أسير البغاة ...)، وجميع هذه صفات تكون في قتال أهل البغي، وليس قتال الخوارج، كما سبق.
3. كما أنَّ مِن أهم أسباب منعهم للاستعانة: (عدم قَتلِ أَهلِ دِينِ اللَّه، وأنَّ الله أعز بالإسلام أهله، وعدم إعانة الكفار على المسلمين ودينهم، وَلا يَجوزُ تَسليطُ كافرٍ على مُسلمٍ)، وجميع هذه الأمور غير متحقّقة في الخوارج عمومًا، وفي تنظيم (الدّولة) خصوصًا، بل إنّ وجودَه وتصرفاته هي طعنٌ في الإسلام وأهله، وإضعافٌ لصفّ المسلمين، وإعانةٌ للكفّار على المسلمين، وتدميرٌ لمشروع ثورتهم وجهادهم ودولتهم، ولا سبيلَ إلى استعادة الثّورة إلا بالقضاء على شرّ هذا التّنظيم.
4. أمّا شرط (الغلبة) والقوّة للمسلمين: فحقيقةُ الغلبة والقوّة ليس لها تصوّرٌ واحدٌ، بل يختلف باختلاف الأحوال والأزمان، وقد يضعف وقد يقوى، ومع ضعف الفصائل الحالية إلا أنَّ الجهاد قائم، والمجاهدون متوافرون، والشّعب ثائرٌ، وهناك عهودٌ ومواثيق، وها هي الدّول الإسلامية مع تعرّضها للاستعمار الحديث لم ترضخ ولم ترضَ، وقاومت بكلّ طاقاتها إلى أنْ طردت المستعمرَ، وهي تعيش ثورةً على أذناب المستعمرين، وتمسك بدفّة الكثير مِن جوانب التّأثير في المجتمعات، ولو ضعفت هذه الشعوب أو فقدت جزءًا من سيادتها فلا يعني هذا الحكم عليها بالموت أو فقدان المبادرة.
وبذلك يتَّضح: أنَّ هذه المسألة نازلةٌ تحتاج لاجتهادٍ وفتوى معاصرة.
الفتاوى المعاصرة:
صدرت عدةُ فتاوى مِن جهاتٍ شرعيّة سورية في هذه المسألة في عدّة مناسبات:
1. الدّخول في التّحالف الدولي ضدّ تنظيم (الدّولة):
فعند بداية الحديث عن تحالف دولي ضدّ النّظام أو ضد تنظيم (الدّولة)، صدرت عدّة دراسات متفرقة ركّزت على الّتفصيل في المسألة المطروحة، وأنّها مسالة تحتمل الاجتهاد والنّظر، وخاصّة في حالة الاضطرار والحاجة، وأنّها ليست مِن باب الكفر والرّدّة، مع الاستدلال بنحو ما سبق مِن أقوال الفقهاءينظر: الأجوبة الشامية، د. أبو عبد الرحمن الشامي، و تحذير المتبع الحر من تكفير الجيش الحر، د. مظهر الويس، والانتصار بالكافر على دفع ظلم وبغي المسلم، لأبي بصير الطرطوسي http://altartosi.net/ar/?p=4501. .
2. الاستفادة مِن الدّعم العسكري الدّولي:
ثمّ صدرت عدّة فتاوى في الاستفادة مِن الدعم العسكري الذي يمكن أنْ يأخذه المسلمُ مِن الدّول الكافرةفتوى الشرعي العام للأحرار الشيخ أبو محمد الصادق ينظر: رؤية شرعية واقعية حول "الدّعم غير المشروط" http://syrianoor.net/revto/12865، و: غرفة الموك ..؟ لأبي بصير الطرطوسي http://altartosi.net/ar/?p=6088.، وتتلّخص في:
- أنّ أخذ الدّعم العسكري وغيره مِن الكافر ليس مِن باب الموالاة أو الكفر، وأغلبُ ما يُقال مِن تهمٍ إنّما هو مِن باب الظّنون والشّبهات.
- الحكم في هذه النّازلة مِن باب السّياسة الشّرعية والمصالح والمفاسد.
- تقاطع المصالح ليس مِن باب الشّروط أو الاملاءات والضّغوط.
- الحصول على أسلحة أو استشارات أو عقد لقاءات مع دولٍ أو منظّماتٍ لا يعني العمالةَ، أو تنفيذ مخطّطاتٍ خبيثة.
- لا بدّ مِن مراعاة حال الضّرورة التي يعيشها الشّعب السّوري.
- في حال وجود شروطٍ ليس فيها مخالفة ٌشرعيةٌ فلا مانع منها، وفي حالِ وجود شروطٍ غير صحيحة أو غير شرعية فيمكن رفضُها، أو التّعامل معها حسب الممكن.
- لا وجودَ في سورية لفصائل تقبل شروطَ محاربة الإسلام، وظهور الكفر وأهله.
وخلاصة الفتاوى:
جواز الحصول على الدّعم مِن الدّول الكافرة، مع الحذر وعدم التّسرع، والتّعامل وفق رؤية وخطّة واضحة. بل إنَّ الحصولَ على الدعم بالسلاح -وإنْ كان بطريقٍ غير مباشر- لأجل قتال العدوّ قد حصل في تجارب سابقة يزعم تنظيم (الدولة) أنها سلف له، فقد جاء في مقابلة الجزيرة مع ابن لادن بعد سؤاله عن دعم أمريكا للجهاد الأفغاني، حيث قال في جواب طويل:
"أمّا أنّهم دعموا الجهاد أو دعموا القتالَ فهذا الدعم عندما تبين لنا، في الحقيقة هو دعمٌ من دول عربية، وخاصة الدّول الخليجية لباكستان حتى تدعم الجهاد، وهو لم يكن لوجه الله سبحانه وتعالى، وإنّما كان خوفًا على عروشهم مِن الزّحف الروسي...".
والغلاةُ اليوم يخوّنون كلَّ مَن تلقّى دعمًا مِن أيِّ دولةٍ عربية أو مسلمة مهما كانت، مع أنَّ ظروفَ الحرب في سورية والعراق أشدُّ وأكثرُ حاجة مِن ظروف الحرب في أفغانستان، لذا فإنَّهم يبالغون في نفي تهمة تلقي أي دعم، ويجعلون ذلك من العلامات التي تميزهم عن غيرهم مِن الجماعات، وجعل هذا الدعم مناطًا للتكفيرِ، ومقياسًا لامتحان الجماعات الأخرى والحكم عليهم، مع أنَّه لا تخلو منه جماعة منهم، بطريقٍ أو آخر.
3. التّنسيق والتّعاون مع التّدخل التّركي في سورية:
ثمّ عند ظهور الحديث عن الّتنسيق أو التّعاون مع التّدخل التّركي ضدّ تنظيم (الدّولة) والميليشيات الكردية، وإنشاء منطقة آمنة داخلَ سورية، خرجت عدّةُ فتاوى في النّازلة، ومِن أهمها:
-
فتوى المجلس الإسلامي السوري فتوى: فتوى حول حكم التنسيق مع الحكومة التركية في القضاء على تنظيم داعش http://sy-sic.com/?p=1929..
-
بيان للجناح السّياسي في حركة أحرار الشّام بيان بشأن مشروع المنطقة الآمنة في شمال سورية http://ahraralsham.net/?p=9381..
-
فتوى الجبهة الشّامية فتوى في التعامل الدولي ضد داعش https://www.facebook.com/ShaamNetwork.Arabic/photos/a.170186573031925.48.....
ويمكن تلخيص هذه الفتاوى والبيانات في:
-
بيان حقيقة تنظيم (الدّولة) وأثره على الثّورة السورية، والواجب تجاهه.
-
ما قدّمته الحكومة الترّكية مِن مساعدات وإعانات كبيرة للشعب والسوري وثورته يبين حقيقة موقفها.
-
التّعاون للقضاء على تنظيم (الدّولة) والميليشيات الكردية مِن أعظم البر والتقوى.
-
على فرض توقّع مفسدةٍ مِن التّدخل الترّكي فإنّه لن يصل إلى درجة المفسدة التي ترتّبت على أقوال وأفعال تنظيم (الدّولة).
-
حال الاضطرار الكبيرة التي وصلت إليها الثّورة.
-
وعلى فرض كفر هذه الحكومات فقد قررت الفتوى جوازَ الاستعانة بالكفّار في حال الضّرورة كما سبق.
-
التّفريق بين الاستعانة والموالاة، وبين أقوال الفقهاء في الاستعانة بالكافر ضدّ البغاة، والاستعانة بهم ضدّ الخوارج.
- وخلاصة الفتاوى:
جواز التعاون مع الحكومة التركية، إن لم يكن واجبًا.
ويُستخلص مِن جميع ما سبق:
أنَّ التّعاون مع الأحلاف الدّولية لأجل الحصول على سلاحٍ، أو أيِّ عمل عسكري في سورية ضدّ النّظام، أو تنظيم (الدّولة) ليس مِن باب الكفر والرّدّة، وإنّما هو مِن باب السّياسة الشّرعية، والمصلحة التي تُقدّر بقدرها عند الحاجة إليها.
وأنَّ الفتوى في هذا الأمر تُعدُّ مِن باب الاجتهاد والنّظر ممّن يحق لهم الاجتهاد والفتوى، ومثلُ هذا لا يلحقه الكفر ولا التّكفير، فضلًا عن أنْ يعارض بفتاوى الغلاة وشبهاتهم وأما الحكم بتكفير تركيا، فسيأتي الحديث عن الحكم على مَن لم يحكم بكامل الشرع ص (). .
-
سادسًا:
أشارت الشُّبهةُ إلى التّكفير بالموالاة، وفي حال وجود موالاة للكفّار حقيقةً فلا يصحّ إطلاق القول فيها بالكفر الأكبر، بل الواجبُ التّفصيل، ويتّضح ذلك مِن خلال جمع النّصوص الشّرعية الواردة في المسألة، وضمّ كلامِ أهل العلم بعضه إلى بعض.
فالموالاةُ إمّا أن تكون على الدّين، وهذه كفرٌ أكبرُ، وردّةٌ عن الدّين باتفاق أهل العلم. وإمّا أن تكون على غير الدّين مِن الأمور الماديّة والدّنيوية المختلفة، وهي محلّ خلافٍ بين أهل العلم وخاصّة المتأخرين منهم.
فمن أقوال أهل العلم في ذلك:
قال الإمام الطبري رحمه الله عند تفسيره لقوله تعالى: {لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً}[آل عمران: 28]: "لا تتخذوا أيها المؤمنون الكفارَ ظهرًا وأنصارًا توالونهم على دينِهم، وتظاهرونهم على المسلمين مِن دون المؤمنين، وتدلّونهم على عوراتهم , فإنّه مَن يفعل ذلك، فليس مِن الله في شيءٍ، يعني بذلك: فقد برئ مِن الله، وبرئ اللهُ منه بارتداده عن دينه، ودخوله في الكفر"تفسير الطبري (6/313)..
وقال الماوردي رحمه الله: "{وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنْكُمْ فِإِنَّهُ مِنْهُم} يحتمل وجهين:
أحدهما: موالاتهم في العهد فإنّه منهم في مخالفةِ الأمر. والثاني: موالاتهم في الدّين فإنّه منهم في حكم الكفر، وهذا قول ابن عباس"تفسير الماوردي (2/46)..
وقال أبو حيان الأندلسي رحمه الله: "مَن تولّاهم بأفعالِه دونَ معتقدِه، ولا إخلالٍ بإيمانٍ فهو منهم في المقتِ والمذمّة، ومَن تولّاهم في المعتقد فهو منهم في الكفرِ"البحر المحيط (4/291)..
وقال ابنُ تيمية فيمَن يقاتل المسلمين مع التتار: "وأيضًا لا يقاتل معهم غير مكرهٍ إلا فاسقٌ، أو مبتدعٌ، أو زنديقٌ"مجموع الفتاوى (28/552).. وقال: "وكلّ مَن قفز إليهم مِن أمراء العسكر وغير الأمراء فحكمُه حكمُهم، وفيهم مِن الردّة عن شرائع الإسلام بقدْرِ ما ارتدَّ عنه مِن شرائع الإسلام"مجموع الفتاوى (28/530)..
وقال ابن الجوزي رحمه الله: "مَن يتولهم في الدّين، فإنه مِنهم في الكفر"زاد المسير (1/558)..
وقال ابن عاشور رحمه الله عن قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ}: "وقد تَأَوَّلَهَا المفسرون بأحد تأويلين: إما بحمل الولاية في قوله: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ} على الولاية الكاملة التي هي الرّضا بدينهم، والطّعن في دين الإسلام، .. وإمّا بتأويل قوله: {فَإِنَّهُ مِنْهُم}على التَّشبيه البليغ، أي فهو كواحدٍ منهم في استحقاق العذاب.... وقد اتّفق علماء السنّة على أنّ ما دون الرّضا بالكفر، ومُمالَأَتِهِم عليه مِن الولاية لا يوجب الخروجَ من الرِّبقةِ الإسلامية، ولكنّه ضلالٌ عظيم، وهو مراتبُ في القوة بحسب قوة الموالاة، وباختلاف أحوال المسلمين"التحرير والتنوير (6/230)، وقد سبقت الإشارة مرارًا لفتوى: (هل موالاة الكفار كفر بإطلاق؟)..
وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله: "مسمّى الموالاة يقع على شعبٍ متفاوتة، منها ما يوجب الرّدّة وذهاب الإسلام بالكليّة، ومنها ما هو دون ذلك مِن الكبائر والمحرّمات"الدرر السنية (8/342)..
وقال السّعدي رحمه الله في تفسيره لقول الله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[الممتحنة: 9]: "إنّ الظّلم يكون بحسب التّولي، فإنْ كان توليًّا تامًّا كان ذلك كفرًا مخرجًا عن الإسلام، وتحت ذلك مِن المراتب ما هو غليظٌ وما هو دونه"تفسير السعدي (1/856).. وقال: "لأنّ التولي التّام يوجب الانتقالَ إلى دينهم، والتولي القليل يدعو إلى الكثير، ثم يتدرّج شيئًا فشيئًا، حتى يكون العبدُ منهم"تفسير السعدي (1/235). وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: "أما ما ذكره الأعداء عني، أني أكفر بالظن وبالموالاة، أو أكفِّر الجاهل الذي لم تقم عليه الحجة، فهذا بهتان عظيم، يريدون به تنفير الناس عن دين الله ورسوله" (مجموع مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب 3/14)..
وجاء في أقوال أهل العلم في الجاسوس، وهو الذي يتجسّس على جيش المسلمين ويوصل أخبارهم للكفار إعانةً لهم على المسلمين، والتجسس نوع مِن الموالاة بنصّ القرآن الكريم: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ}[الممتحنة: 1].
قال الإمام الشافعي رحمه الله: "وليس الدِّلالةُ على عورةِ مُسلمٍ، ولا تأييدُ كافرٍ بِأَن يُحَذّرَ أَنَّ الْمُسلمينَ يُريدونَ مِنهُ غِرَّةً لِيحذرَها، أو يتقدَّمَ فِي نِكايةِ المسلمينَ بِكُفْرٍ بَيِّنٍ"الأم (4/264)..
وقال ابنُ بطّال رحمه الله: "وفيه: أنّ الجاسوس قد يكون مؤمنًا، وليس تجسُّسُه مما يُخرجه مِن الإيمان"شرح البخاري (5/163)..
وقال ابنُ العربي رحمه الله: "مَنْ كَثُرَ تَطَلُّعُهُ على عَوراتِ المسلمينَ، ويُنَبِّهُ عليهم، ويُعَرِّفُ عَدُوَّهُم بِأَخْبارِهِمْ لم يَكُنْ بِذلكَ كافرًا إِذا كانَ فَعَلهُ لِغرَضٍ دُنيويّ، واعتقادُهُ على ذلكَ سَليمٌ، كَما فَعَلَ حاطِبٌ حِينَ قَصَدَ بِذلكَ اتِّخاذَ اليدِ، ولم ينو الرّدةَ عن الدّين"أحكام القرآن (4/225)..
وقال النّووي رحمه الله: "وفيه أنّ الجاسوسَ وغيرَه مِن أصحاب الذّنوب الكبائر لا يَكْفرون بذلك، وهذا الجنس كبيرةٌ قطعًا، لأنه يتضمن إيذاء النبي صلى الله عله وسلم ، وهو كبيرةٌ بلا شك"شرح النووي (16/55) ..
وقال ابن تيمية رحمه الله: "وقد تحصلُ للرّجل موادتهم لرحمٍ أو حاجةٍ فتكون ذنبًا ينقص به إيمانُه، ولا يكون به كافرًا كما حصل مِن حاطب بن أبي بلتعة لما كاتب المشركين ببعض أخبار النبي صلى الله عله وسلم وأنزل الله فيه : {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ}"مجموع الفتاوى (7/522)..
وكلامُ أهل العلم في ذلك كثيرٌ.. فالحُكم بالكفر والرّدّة على مطلق الموالاة أمرٌ غيرُ صحيحليس المقصود مِن هذا العرض السريع التفصيل في المسألة، فإنَّ هناك أقوالًا لأهل العلم تحتاج لنقاش وتحرير، لكن لا بد من ملاحظة التالي: 1- إثبات أنَّ لأهل العلم قولًا آخر في مسالة الموالاة وأنَّ القول بالكفر بمطلق الموالاة ليس هو القول الوحيد في المسألة، فضلاً عن أن يكون هو الأرجح فيها، وما كان كذلك فلا يكون كالأحكام المجمع عليها والمقطوع بها في الكفر والردة. 2- كثيرٌ من الأقوال التي تنقل في المسألة لها توجيهٌ آخر غير ما يذكر، ومن ذلك: - الاستدلال بأقوال ابن حزم رحمه الله على التكفير بمطلق الموالاة وإعانة الكفار، مثل قوله في المحلى (12/33): "وصح أن قول الله تعالى: ﴿ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ﴾ [المائدة: 51] " إنّما هو على ظاهره بأنّه كافرٌ مِن جملة الكفار فقط، وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين". وقوله في المحلى (12/125): "مَن لحق بدار الكفر والحرب مختارًا محاربًا لمن يليه مَن المسلمين، فهو بهذا الفعل مرتدٌّ له أحكام المرتدّ كلُّها مِن وجوب القتل عليه، متى قُدر عليه ومن إباحة ماله، وانفساخ نكاحه، وغير ذلك". وعند تحرير مذهب ابن حزم رحمه الله يلحظ أن مذهبه الحكم بالكفر والردة لمجرد الإقامة في بلاد الكفار، وإن لم يكن معها موالاة أو إعانة، كقوله في المحلى (12/125): "وقد علمنا أنّ مَن خرج عن دار الإسلام إلى دار الحرب فقد أبق عن الله تعالى، وعن إمام المسلمين وجماعتهم، ويبين هذا حديثه صلى الله عله وسلم (أنه بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين)، وهو عليه السلام لا يبرأ إلا مِن كافر، قال الله تعالى {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض}[التوبة: 71] "، ثم ذكر الكلام السابق. وفي موضعٍ آخر يُفصَّل القول بالاستعانة بالكفار إن لم يكن معها لحوقٌ بدار الكفار، فيقول: "وأمّا من حملته الحمية من أهل الثغر من المسلمين فاستعان بالمشركين الحربيين، وأطلق أيديهم على قتل من خالفه من المسلمين، أو على أخذ أموالهم أو سبيهم، فإن كانت يده هي الغالبة وكان الكفار له كأتباع فهو هالك في غاية الفسوق، ولا يكون بذلك كافرًا، لأنه لم يأت شيئًا أوجب به عليه كفرًا: قرآن أو إجماع، وإن كان حكم الكفار جاريًا عليه فهو بذلك كافرٌ، فإن كانا متساويين لا يجري حكم أحدهما على الآخر فما نراه بذلك كافرًا والله أعلم" (المحلى 12/126). 2- أشد فتاوى التّكفير بمطلق الموالاة، ومطلق إعانة الكفار على المسلمين إنما هي للعلماء المعاصرين، ويلحظ أنَّ تلك الفتاوى ترافقت مع فتاوى أخرى في وقائع قريبة منها، مثل: أ- تكفير التجنس بجنسية الدّول الكافرة بإطلاق، واعتبار ذلك مِن الرّدة، بينما الفتوى الحالية على التّفصيل في المسألة. ب- تجريم التعامل مع الدول غير المسلمة، والاستيراد منها، وعدُّ أكثر تلك المعاملات مِن باب الردة والكفر. وبالرجوع إلى تلك الحقبة نجد أنَّها كانت فترة استعمار لمعظم الدّول الإسلامية، وقد رافق ذلك الاستعمار محاولات لتنحية الدّين عن المجتمع، وتغريبه بشتى أنواع الفساد والانحراف، واضطهاد أهل العلم، وتدنيس المساجد وتدميرها، ومحاولات إحلال اللغات الأوربية محل اللغة العربية، وغير ذلك من ممارسات لم يعرف لها التاريخ مثيلًا في تشويه الدّين، ومحاولة إخراج الناس منه، بالإكراه تارة، والترغيب تارة، وبالغزو الفكري تارة أخرى. وقد رضي فريقٌ من أهالي تلك البلاد بالسير في ركاب المستعمر، واعتنقوا فكره وكفره، وعملوا على ترسيخ نفوذه، وتثبيت حكمه، وإعانته على تنفيذ مخططاته. فقام أهلُ العلم بالتّصدي لتلك الموجات الجارفة، وأصدر بعضُهم مثل تلك الفتاوى ممّا يضع الباحث في صورة تلك الفتاوى وظروفها التي صدرت فيها، وأنها لم تكون موجهة لمسألة بحثية عن مجرد (الاستعانة بالكفار)، أو (موالاة الكفار)، وإنما كانت موجهة ضدّ هجمة شرسة تحاول اقتلاع الدّين مِن جذور المجتمع المسلم وإحلاله بعقيدة وفكر آخر، ولتلك المرحلة ظروفها وأحكامها الخاصة بها. .
وممّا ينبغي التّنبُّه له عند البحث في نصوص الموالاة التفريق بين التّحذير والزّجر بقواعد عامة، وبين الحكم الشّرعي. فكثيرٌ مِن النّصوص تطلق التّحذير مِن الموالاة بمثل (فهو منهم)، (فإنه منهم)، (فليس مِن الله في شيء)، وما ورد من إطلاقات أهل العلم بمثل هذه الألفاظ فهو من هذا الباب.
مع أنَّ هذه الأساليب ليست خاصة بالموالاة، بل قد وردت في معاصٍ أخرى، ومن ذلك:
- التحذير من حمل السلاح ضد الأخ المسلم، قال صلى الله عليه وسلم: (مَن حمل علينا السّلاح فليس منّا)أخرجه البخاري (9/4، برقم 6874)، ومسلم (1/98، برقم 161)..
- التحذير من إيذاء الجار، قال صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنّة مَن لا يأمن جارُه بوائقَه)أخرجه مسلم (1/68، برقم 73)..
- التحذير من التّشبه بالكفار، قال صلى الله عليه وسلم: (مَن تَشَبَّه بقومٍ فهو منهم)أخرجه أبو داود (6/144، برقم 4013)..
فمعنى هذه النصوص التحذير الشديد، والزجر الأكيد، وترتيب الإثم الكبير على الفعل، ولا يلزم مِن ذلك أنّ يكون الفعلُ مِن موجبات الكفر والردّة، فضلًا عن تكفير الفاعل وإخراجه من الإسلام.
فمعنى (فليس منا): "ليس مِن المطيعين لنا، ولا مِن المقتدين بنا ولا مِن المحافظين على شرائعنا"الإيمان، لأبي عبيد لقاسم بن سلام (1/85)، وقد خصص جزءًا من كتابه في شرح النصوص التي قد يفهم منها الحكم بالكفر الأكبر على فاعلها، مع توجيه ذلك من كلام أهل العلم..
قال القاضي عياض: "لا حجّةَ فيه لمن يقول: إنّ العاصي خرَج مِن الإيمان، لأنّه يحتمل أنْ يكون أراد مَن فعل ذلك مستحلًا له، أو ليس منّا بمعنى: ليس بمتبعٍ هديَنا ولا سنّتنا، كما يقول القائلُ لولده: لستَ منّي، إذا سلك غير أسلوبه"إكمال المعلم (1/375)..
ومعنى (لا يدخل الجنة):
قال النووي رحمه الله: "وفي معنى (لا يدخل الجنة) جوابان يجريان في كلّ ما أشبه، هذا أحدهما: أنّه محمولٌ على مَن يستحلّ الإيذاء مع علمه بتحريمِه، فهذا كافرٌ لا يدخلها أصلًا. والثّاني معناه جزاؤه أنْ لا يدخلَها وقتَ دخول الفائزين إذا فتحت أبوابها لهم، بل يؤخّرُ، ثم قد يجازى وقد يُعفى عنه فيدخلها أوّلا"شرح النووي (2/17)..
وقال ابن حجر رحمه الله: "وفيه نفيُ الإيمان عمّن يؤذي جاره بالقول أو الفعل، ومرادُه الإيمانُ الكامل، ولا شكّ أنّ العاصي غيرُ كامل الإيمان"فتح الباري (10/444)، فالنفيُ لكمال الإيمان الواجب، لأنّ الشيءَ لا يُنفى إلا لتفويتٍ شيءٍ مِن واجباته..
ومعنى (فهو منهم):
قال المناوي رحمه الله: "مَن تشبّه بالصّالحين وهو مِن أتباعهم يكرم كما يكرمون، ومن تشبه بالفساق يهان ويخذل كَهُم"فيض القدير (6/104)..
أمّا حكم هذه المعاصي السابقة التي ورد التحذير منها فهو دائرٌ بين التّحريم والكفر:
قال ابن تيمية -رحمه الله- في حديث النهي عن التشبيه: "وهذا الحديثُ أقلُّ أحواله أنْ يقتضي تحريمَ التَّشبُّه بهم، وإن كان ظاهرُه يقتضي كُفرَ المتشبِّه بهم، كما في قوله: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}[المائدة: 51]، هو نظير ما سنذكره عن عبد الله بن عمرو أنه قال: (مَن بنى بأرض المشركين، وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت حشر معهم يوم القيامة) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (9/392، برقم18863)..
فقد يُحمل هذا على التّشبّه المطلق فإنّه يوجب الكفرَ، ويقتضي تحريمَ أبعاض ذلك. وقد يُحمل على أنّه منهم في القدرِ المشترك الذي شابههم فيه، فإن كان كفرًا، أو معصية، أو شعارًا لها كان حكمه كذلك"اقتضاء الصراط المستقيم (1/270)..
ومَن فرَّق بين هذه النّصوص في حال ورودها في باب الموالاة، وحال ورودها في ذنوبٍ أخرى فقد فرَّق بين متماثلين دون دليلٍ صحيح.
-
والخلاصةُ:
أنَّ تنظيمَ (الدّولة) قد غالى وخلط بين الأحكام الشّرعية، فلم يُفرِّق بين أحكام (المولاة، والاستعانة) واعتبرها شيئًا واحدًا، ونقلها من باب الحلال والحرام إلى باب الكفر والإيمان، ثمّ غالى في جعل المولاة منزلةً واحدةً، وحكم عليها بالكفر، ثم غالى وافترى على بقية الفصائل باتهامها بالولاء والعمالة للغرب، وكفّرهم بذلك، وجميع ذلك محض افتراء.
كما أنَّه نزَّل القواعد على غير أهلها، فأنزل السياسية الشرعية منزلة الموالاة المحرمة.
المصدر: كتاب "شُبهات تنظيم "الدولة الإسلامية" وأنصاره والرَّد عليها" الشبهة التّاسعة عشرة، د. عماد الدين خيتي
إضافة تعليق جديد