السبت 23 نوفمبر 2024 الموافق 21 جمادي اول 1446 هـ

الفكر المنحرف "تعقيب على جريمة داعش النكراء في غزة يوم الثلاثاء 28/8/2019"

27 ذو الحجة 1440 هـ


عدد الزيارات : 2225
عبد الرحمن زكي حمد

 

لقد آلم قلوبنا الحدث الأليم الذي حصل في غزة بالأمس، حيث قام اثنان من حملة الفكر المنحرف بتفجير نفسيهما في نقطتين لشرطة المرور، فاستُشهد ثلاثة من المجاهدين، وجُرح آخرون، وليست هذه هي المرة الأولى التي يتجرّأ فيها خوارج العصر على الدماء والأرواح، فقد فعلوا قبل ذلك بعض الحوادث الفردية في بلادنا، وفعلوا في سورية من الإجرام ما لم يتخيّله عقل بشر، ولكنّ الجديد في الحادثة الأخيرة هو زمانها ومكانها والمقصود منها، وعند النظر في هذه المعطيات يتبيّن لنا حجم المؤامرة والضلال الذي وقعوا فيه.

إنّ هذا الفكر وأتباعه هم أداة في أيدي أعداء الأمّة ومخابراتها العفنة، يشوّهون بها الإسلام في كل أرض يبزغ فيها نور الحق، والآن تتوجه أنظارهم لغزّة العزّة، وفي هذا الظرف الصعب من الحصار والتضييق، ولكن هيهات، خابوا وخسئوا، فالصغير قبل الكبير في غزة يرفض هذا الفكر العفن، ويعلم أنّهم خدم للصهيونية واليهود، ولا ينخدع بهؤلاء وفكرهم إلا من طُمس على بصيرته، فالصغير قبل الكبير في غزة يثق برجال أمنها ومقاومتها ومجاهديها ويلتفون حولهم ويعتبرونهم صمام الأمان، والأمل المنشود في استعادة الأرض والمقدّسات، والصغير قبل الكبير في غزة مستعدّ أن يفدي المجاهدين بكل ما يملك، فلا تحلموا وتتوهموا كثيرًا يا دواعش، أنتم ومن يقف خلفكم، فوالله لقد افتضح أمركم يا خوارج العصر ويا دواعش الغدر، أتقتلون رجالًا مسلمين يعملون في شرطة المرور ويسهرون على راحتكم وراحة الناس، وترمونهم بالردّة، وتستحلون دمائهم، وتفجرون أنفسكم فيهم؟! أين عقولكم؟! أين دينكم؟! أين إنسانيتكم؟! لقد تجرّدتم من كل شيء وأسلمتكم حبالكم لأهوائكم وأعدائكم؛ يحركونكم كيفما شاؤوا، ويطعنون بكم جسد الوطن والأمة.

إنّ هذه الأفعال الصبيانية التي يفعلونها لتنمّ عن جهلهم العميق بدين الإسلام وأحكامه، وعندما يرى الإنسان أفعالهم ويسمع تخبيصاتهم يتذكر وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- لهم قبل أكثر من 1400 سنة عندما قال: (يَأْتِي فِي آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ، حُدَثَاءُ الأَسْنَانِ، سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ البَرِيَّةِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الإِسْلاَمِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، لاَ يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ)رواه البخاري، حديث رقم (3611)..

ولقد صدق فيهم وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما قال عن زعيمهم الأوّل ذي الخويصرة الذي اعترض على قسمة النبي صلى الله عليه وسلم، وقال للنبي صلى الله عليه وسلم: اعدل يا محمد، فقال له صلى الله عليه وسلم: ويحك ومن يعدل إن لم أعدل أنا؟ ثم قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا، أَوْ: فِي عَقِبِ هَذَا قَوْمًا يَقْرَءُونَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يَقْتُلُونَ أَهْلَ الإِسْلاَمِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ، لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ)رواه البخاري، حديث رقم (3344). ، وتأمل في قوله صلى الله عليه وسلم: (يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ) تجده واقعًا سلوكيًّا في منهجهم وأفعالهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

فيا شباب غزة، يا أهل الجهاد والرباط، اثبتوا فإنّكم على الحق بإذن الله، واستمروا فيما أنتم فيه من جهاد وعلم ودعوة وإصلاح، ولا يغرّنكم هؤلاء المنحرفين، فقد بانت سوأتهم للجميع، وفُضحوا على الملأ، وغدًا نراهم في صفوف العدوّ صراحة كما رأينا من سبقهم.

ورسالتي لمن انخدع بهؤلاء وأفكارهم من الشباب، أقول له: ما بقي لأحد عذر بعد اليوم، فقد بان الأمر ورُفع الغطاء وكُشف الستار، فأدرك نفسك وتُب إلى الله توبة نصوحًا، وارجع إلى إخوانك وشاركهم مشروع الجهاد والإعداد ليكون لك شرف المشاركة في أجر الجهاد ودفع الأعداء وتحرير المقدسات.

والمطلوب منا جميعًا أن ننشر الوعي في المجتمع، وأن نحصّنه من هذه الأفكار المنحرفة، وأن نتعلم ديننا ونفهمه بفهم وسطي كما أمرنا الله عز وجل، بعيدًا عن التشدّد والغلو والتمييع والتفريط، لأنّه بالعلم الصحيح والفكر الصحيح نحارب ونواجه هذا الفكر الدخيل، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

1 - رواه البخاري، حديث رقم (3611).
2 - رواه البخاري، حديث رقم (3344).

إضافة تعليق جديد